نبذة النيل والفرات: هذا الكتاب هو أول كتاب عرض لأخطر موضوع في أصول الفقه بطريقة لم يسبقه لها مثيل، فلم يسبقه كتاب ربط بين الأصول التقليدية وبين الأصول الحقيقة، ويتميز الكتاب بعرضه لطائفة في آيات التعليل في القرآن ومثلها من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمثلة من تعليلات فقهاء الصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم.
وبعد تصنيفها في مجموعات حسب الأغراض المختلفة خرج منها بالطريقة المثلى للتعليل ليحكمها في مسلك علماء الأصول بعد أن شرح موقف علماء الكلام من تعليل أحكام الله وأفعاله فناقش الأصوليين وأبان سبب عدولهم عن الطريقة المثلى للسلف الصالح ومن بعدهم من الأئمة أصحاب المذاهب إلى طريقة أخرى، كما كشف القناع عن بعض التواءات متأخري الأصوليين وأتباع المذاهب في تصوير مسائل الخلاف ليوسعوا دائرته.
كما تكلم عن مصلحة ومنزلتها في شريعة الإسلام فأجلى ما غمض من بحوثها وشرح موقف المذاهب الفقهية من العمل بها. ولما وجد المصلحة عنصراً من عناصر الاستحسان تمثل أبرز أنواعه عند القائلين به جعل بحث الاستحسان مسك الختام. فشرح موقف المذاهب الأربعة من العمل به، وصحح مفهومه في مذهب الحنفية، وأكمل أنواعه من واقع فقههم.
كما حقق أن المعارضين للعمل به قد عملوا بمضمونه في بعض فروعهم الفقهية وإن أنكروا تسميته بهذا الاسم فظهر منه أن الذي أنكره هو شيء آخر غير الذي عمل به المؤيدين بهذا أصبح موضوع التعليل مناراً يهدي الباحثين في شريعة الله إلى الطريق السوي.
كتاب الدكتور شلبي بحثت عنه طويلا ، واقتنيته من معرض أبوظبي للكتاب والشيخ شلبي هو شيخ الدكتور العوا والذي تعلم على يديه -أي العوا- أصول الفقه، وكثير من آراء العوا مأخوذة من الشيخ شلبي يشير إلى ذلك أحيانا و أخرى لا يشير إلي ذلك ..
الكتاب هو عبارة عن رسالة الشيخ شلبي لنيل الدكتوراه من الأزهر سنة 1944 وحصل على أول امتياز في تاريخ الأزهر ، وكان مناقشي هذه الرسالة قد رفضوا أن يمنحوه الدرجة لمدة سنة حتى تدخل الشيخ شلتوت فمنحوه إياها .. اعتراضا على بعض ما جاء فيها - كما حكى ذلك الدكتور العوا- ، وهنا سأنقل بعض المسائل التى تناولها الكتاب على شكل نقاط لتكون لي مرجعا في المستقبل ..
1- مسلك التعليل والعمل بالمصلحة في الكتاب و السنة و في عصر الصحابة و التابعين و في عصر التأليف . ومسلك التعليل في عصر الصحابة كان أروع هذه الفصول وفيه تحرير دقيق لبعض المسائل كمسألة "قسمة أرض السواد"
2- تناول الكتاب مسألة العلة ومدى جواز التعليل بالحكمة ، وانتهى إلى أن الأصل هو التعليل بالحكم فإن كانت خفية أو مضطربة صرنا إلي التعليل "بالوصف الظاهر المنضبط" أو ما يسميه الأصوليون "العلة" .. ودلل على هذا الأمر بما لا مزيد عليه.
3- ثم تناول مسألة المصلحة وتوسع فيها كثيرا حتى أنها كادت تكون نصف الكتاب ، فيرى الكتاب أن الأصل في العبادات أننا لاندرك مصلحتها واما المعاملات فنحن ندرك مصلحتها و عليها تبنى الاحكام .. وعليه بنى موقفه من إذا ما عارضت المصلحة -في مسائل المعاملات- نصا أو اجماعا او قياسا .. الخ ، ورأيه يستحق الدراسة و إن كنت أظنه بالغ في هذا الجانب وفي هذا الموضوع ناقش مخالفينه ورد عليهم بحجج قوية .. ثم وكامتداد للعمل بالمصلحة تناول موضوع الاستحسان وأصله وموقف المذاهب منه وفيه كلام قاس على المتأخرين ^^ ،
هذا بعض مافي الكتاب .. وما نسيته أكثر :) ، إلا أنني أشير هنا إلي أن الكاتب قد بين في المقدمة قصة طبع الكتاب بعد أن فُقد من السوق وانتحله البعض .. وأنه غير رأيه في بعض المسائل و لكنه لم يبينها لأسباب ذكرها في المقدمة ، وهذا أمر محزن ، فإني وددت لو أعرف رأيه الأخير في بعض المسائل الشائكة -وبالخصوص مسألة تعارض المصلحة مع النص- إلا أن الاستماع إلي العوا - وبالذات دروسه التى تكلم فيها عن الاستحسان ، فإنه حضرها من الكتاب وأشار في عدة مواضع على آراء الشيخ الأخيرة- بعد قراءة الكتاب ستكون مفيدة بلا شك ..
الكتاب قيم جدا لا سيما في منهج المعالجة، ولعله د. شلبي رائد المعالجة التاريخية لمسائل الأصول وقد أفصح عن منهجه هذا في المقدمة، وأكثر من كتب في التعليل أو في المصالح من بعده اعتمد على هذا الكتاب إن ظاهرا أو باطنا، ولأن الكتاب يعد باكورة الكتب المعاصرة في التعليل (1945) في وقت لم تكن الكثير من الكتب مطبوعة ففيه هنات لا تخفى ومعالجات غير تامة ونتائج غير محققة، لكن منهج الطرح والنقاش إبداعي بلا شك، مع ما يتضمنه من الجرأة العلمية.
بالمناسبة هذا الكتاب غير نافع لمن ارتاض التقليد والتسليم للأوائل وتعظيمهم، ولا يفيد منه حق الإفادة إلا من قطع شوطا في الأصول لا سيما مباحث العلة، فهو كتاب للمتقدمين في الأصول لا للمبتدئين أو المتوسطين، وإن كانت فيه بعض المواد التي تصلح للجميع
يناقش المؤلف في هذا الكتاب مسألة العلة والتعليل في الشريعة، فيبدأ بذكر ورود التعليل القرآن، والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين، ثم يدرس التعليل ومسالك العلة وشروطها عند الأصوليين، ويخصص باباً هاماً لمناقش مبحث المصلحة، وتعارضها مع الإجماع أو القياس، ثم يختم بالحديث عن الاستحسان. وعموم هذه الأبواب لا تخلو من غموض وتعقيد وتداخل شديد، وقد حاول الباحث أن يعيد تركيب هذه المسائل كما يراه صواباً، مؤكداً أن تعليل الأحكام أي ربط الأحكام بعلل وحكم ومصالح ثابت في الشريعة، وهو عمل السلف الأول، فقد يدعون النص ولا يعملون به لمصلحة راجحة، ثم جاء المتأخرون لاسيما أصل الأصول فضيقوا هذا الباب جداً وتعنتوا –بحسب المؤلف- وخالفوا طريقة القرآن والسنة والسلف، وأشار إلى أن هذا أساء للشريعة، ومنع من رقيّ أهلها. والحقيقة أن الكتاب -مع إحسانه العرض والشرح لمسألة التعليل- إلا أن فكرة الكتاب المركزية التي تتبنى تصوراً جديداً عن الافتراق الجوهري بين عمل السلف المتقدمين وعمل الأصوليين والمتأخرين في أبواب القياس والمصلحة وأن عمل الأصوليين في ذلك محكوم بنوازع مذهبية وصراعات عصبية = تبدو مبالغة غير مبرهنة بما يكفي. والأخطر أن المؤلف بعد كل هذا الموقف المتطرف لم يذكر ضوابطاً أو شروطاً واحتياطات لإعمال المصالح في مقابل النص أو الإجماع، وتعليل إهدارهما، فالأمر عظيم ولا يمكن أن يترك لمجرد تصرف المجتهد، كما لم يذكر مسألة واحدة من تلك التي يدعي أن تحريمها من قبل الفقهاء لعدم إعمالهم لقاعدة المصالح منع الأمة من الرقي، بدلاً من الخطابيات والإنشائيات المتكررة في الكتاب. وتميّز الكتاب يعود لأصالة مادته وحسن عرضة وجودة لغته البحثية في الجملة، لا سيما إذا وضعنا بالاعتبار سنة تأليف الكتاب 1363هـ والشحّ النسبي للمراجع المتاحة، وانعدام تقنيات البحث الآلي. وأصله رسالة لنيل شهادة العالمية/الدكتوراه من كلية الشريعة بجامعة الأزهر.
دراسة هامّة فيها الكثير من التحليل اعتمد في منهجه الى الدارسة التاريخية في عرض الأقوال والآراء. ومهما اختلفنا أو اتفقنا مع آراءه تبقى محاولة جادّة يشكر عليها خاصة مع شح المصادر في وقته.
الكتاب عميق، خصوصاً لما بدأ الكاتب -رحمه الله- الحديث عن شروط العلة وصار يَبْسط الخلافات ثمّ يُـفَـنِّدُها ويقول إنه خلاف لفظي ظهر في مرحلة الجدل والمناقشة بين العلماء.. أعجبني فيه الجرأة العلمية ونبذه للتقليد الأعمى يحتاج فهمه كباقي كتب الأصول لمرشد يقرأه معنا، ولذلك أظنني سأتوقف عن قراءته إلى حين طرح المساق وحضور المادة مع أستاذ متخصص أسأله عن الأسئلة الكثيرة التي صارت تجول فيّ..! اللهم افتح علينا حكمتك وانشر علينا رحمتك ياذا الجلال والإكرام.. آمين🌷📔
هذا كتاب قيم يحتاج التدقيق والتجقيق ، فالرجاء إلى الشباب ان يستجيبوا إلى مثل هذه المنشدات الطيبةالتي لها صولة وجولة في مجال أصول الفقه الإسلامي والله ولي التوفيق ، رحم الله مؤلف هذا الكتاب الذي أجاد في هذا الفن وسبق الأخرين وما ذلك على الله بعزيز