مثلها مثل الصناعات الأخرى، تقوم صناعة المعرفة على ثلاثية مكونة من الآلة والآليات التي تستخدمها هذه الآلة في تصنيع منتجاتها. يتمثل شق الآلة بثلاثية القعول: العقل الإنساني والعقل الآلي والعقل الجمعي، فلم يعد إنتاج المعرفة حكرا على العقل الإنساني، بل يتقاسم معه العقل الآلي هذه المهمة بفضل الذكاء الإصطناعي وهندسة المعرفة، أما العقل الجمعي فيحتشد فيه جماع العقول الإنسانية والآلية مكونة ما يعرف بالذكاء الجمعي الذي يمثل قدرة المجتمع على المنافسة في مجتمع المعرفة، أما شق الآليات فيشمل أطوار التفكير الخلاق أو الإبداعي. أما فيما يتعلق بشق المنتجات فيشمل صنوف المعرفة المختلفة. ووفقا لدراسة أجرتها منظمة اليونسكو، أتاحت تكنولوجيا المعلومات والإتصالات لأول مرة فرصة نادرة أما العالم النامي، ومنه عالمنا العربي، لصياغة نموذجه لمجتمع المعرفة، بما يحقق غاياته ويحافظ على هويته الثقافية، ويقصد بمجتمع المعرفة مجتمع قادر على إنتاج المعرفة واستهلاكها، ويتطلب ذلك، أول ما يتطلب، إنتشال العقل العربي م كبوته الحالية.
ولد الدكتور نبيل علي في مصر عام 1938، حصل على البكالوريوس في هندسة الطيران عام 60، ثم على الماجستير 67 و الدكتوراة في هندسة الطيران عام 71 عمل في الفترة بين عامي 61 و 72 ضابطاً مهندساً بالقوات الجوية المصرية في مجالات الصيانة والتدريب، وفي العام 72 انتقل إلى مجال الكمبيوتر، حيث كان من أوائل العرب الذين احترفوا في هذا المجال. فعمل في الفترة بين عامي 72 و 77 مديراً للحاسب الآلي بشركة مصر للطيران، وكان أول من أدخل نظم الحجز الآلي بشركات الطيران في المنطقة العربية، ثم تقلد بعد ذلك مناصب ومستويات مختلفة في شركات عربية وعالمية في مجال الكمبيوتر في مصر والكويت وأوروبا وكندا والولايات المتحدة الأميركية حتى العام 83 حيث عمل مديراً لمشروع (صخر) للكمبيوتر، كما كان صاحب فكرة إنشائه ثم من العام 85 إلى العام 99 نائباً لرئيس مجلس إدارة شركة (صخر للبحوث والتطوير)، ويعمل الآن باحثاً متفرغاً في بحوث ثقافة المعلومات والذكاء الاصطناعي وتطبيقه على اللغة العربية. --المصدر
ميزة الكتاب ليس في جدته ومواكبته لمتطلبات العصر . . إنما بالرسالة/المفارقة التي يكشفها: كم نحن متخلفين في كل شيء، وتقديمه مقترحات ومخارج للخروج من حالة التخلف الشاملة التي نعيشها.
ولا مخرج لنا إلا بإسقاط هه الأنظمة السياسية المتكلسة كبداية لمشوار النهوض.
كتاب دسم بمعلوماته وبمستوى مفرداته وبالمناحي التي غطاها. الدكتور نبيل علي انتهج نفس منهجه الذي سار فيه في كتابه الثقافة العربية وعصر المعلومات، من حيث طرح السياق العام لما يرد إيضاحه وشرح أهميته ومسيرة تطوره، ومن ثم طرح السياق العربي في ذلك تطبيقياً وإنتاجاً ومواكبة. ربما شعرت بنوع من ثقل حجم المعلومات التي طرحها الدكتور، وخاصة أن هذه المعلومات تبقى حديثاً جداً على عقلنا العربي. وربما كان نمط هذا السرد في شرح علوم ومعارف ومراحل تطورها، يدفع القارئ للمغزى من وراء هذا السرد الكثيف. في الفصل الخامس: فرص إسهام العرب في إنتاج المعرفة، وجدت نفسي محباً أكثر لقراءة الكتاب لأني شعرت بجدوى مايورده الكاتب من مقارنة بين وضع العالم بشقيه الغربي والشرقي ـ الكاتب غير منبهر بالنموذج الغربي،بل يسرد لك المزايا من العالم الآسيوي والافريقي أيضاًـ وبين العالم العربي، ويطرح عدد من النقاط التي يرى فيها فرصة للعرب للتقدم من خلالها. صحيح أن مجرد عرض المجالات الجديدة كلياً والتي يخوضها العالم بأسره ـ بينما العرب شبه غائبين ـ يشعرك بنوع من الضياع أو الحيرة، أو الانبهار، أو حتى اليأس!. لكنّي أرى أن مايقوم به الكاتب أمر مهم جداً لتوسيع مدارك القارئ العربي، وربطه بآخر التطورات العالمية المعرفية والعلمية والتكنولوجية وغيرها من المجالات الكثير. وخاصة أننا في العالم العربي نعاني كثيراً من قصور الرؤية الفردية والجماعية، وتأخر حتى استيراد النظريات والرؤى العالمية. من الأمور التي استفدت منها، أنني علمت توجه لدى البعض للابتعاد عن التخصص الدراسي على حساب الربط بين الكثير من فروع العلم والأدب والمعرفة والفلسفة وغيرها. كذلك علمت فرص كثيرة يمكن للعرب الاسهام بها، بل التعاون مع الكثير من المشاريع الأوروبية والآسيوية. كتاب ممتاز لمن يهتم بالشأن العربي بنظرة شاملة، أو البحث في مواطن ضعف العالم العربي على المستوى العالمي والفرص المتاحة للدخول من خلالها في الركب العالمي، لكن لمن يبحث عن القضايا القطرية أو التخصصية فأظن أن الكتاب سيكون ثقيلاً على قارئه. وبالتأكيد سأقرأ الجزء الثاني.