إنَّ تحليل شخصيات الصحابة وأشخاصها وأصولهم ومنابتهم ومكانة كل منهم والبيئات الاجتماعية التي نشأوا فيها وعقائدهم السابقة وأماكن تربيتهم من بدو أو حضر وثقافاتهم والنظم والقيم والأنساق الاجتماعية التي قضوا ردحاً طويلاً من عمرهم فيها قبل أن يلاقوا محمداً ويدخلوا دينه والحرف التي مارسوها والأساطير التي ظلوا شطراً عن أعمارهم يؤمنون بها… إلخ وتأثير ذلك في كيفية روايتهم لأحاديث محمد، خاصة وأن جانباً كثيراً من هذه الأحاديث اعتمد على الرواية الشفاهية مع تسليمنا أن بعضاً منها كان يكتب حتى في حياة محمد نفسه، ولكن لا شك أن الغالبية العظمى من الأحاديث كان طريق نقلها من الشفاه إلى الآذان، وتأثير تلك الأحوال التي ذكرناها في علاقاتهم مع محمد ثم في علاقاتهم مع بعضهم البعض، ثم الأفعال التي ارتكبها البعض خاصة في الغزوات حتى أن محمداً نفسه كان يغضب منها ويرفع ذراعيه حتى يرى بياض إبطيه ويقول في حسرة وألم (اللهم إني أبرأ إليك مما فعل فلان) أو يدعو على آخر أو يعنّف الثالث وقلنا (في الغزوات) على وجه التخصيص لأنهم تعوَّدوا على تلك الأفعال في الغزوات التي كانوا يشنونها على بعضهم البعض وفيها كانوا يفعلون الأفاعيل حتى صارت لهم إلفاً وعادة، وعلم النفس يخبرنا أن التخلص من العادات من أعسر الأمور وأشقها على النفس.
كاتب مصري ليبرالي. ألف كتب كثيرة حول تاريخ الإسلام وخاصة الفترات الأولى منه.. ولد خليل عبد الكريم وتوفي في محافظة أسوان في جنوب مصر، ودرس القانون في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) وتخرج منها سنة 1951.عمل عبد الكريم محامياً وقضي أغلب حياته في القاهرة في حي بولاق الدكرور. كان خليل محامياً مشهوداً له بالكفاءة، كان قد قام بالدفاع عن زميله نصر حامد أبو زيد عندما أتهم بالكفر واضطر أن يدافع عن كتبه و أفكاره أمام المحكمة.
في هذا الكتاب لخص الكاتب ما رآه من أفعال الصحاب واستند إلى الروايات ليس فقط كتب السير والتاريخ، بل كان يرى أنه من المهم أن ننظر لأسباب الفتوى والأحكام الفقهيه إذ أنها تدل على المشاكل التي كانت تواجه ناس ذلك الزمان، إذ أنها تدل على مشاكل ذاك العصر. والأمر الآخر بحث نفسية الصحاب، وحاول أن يدخل في جوف قلوبهم لكي يرى أنهم كانوا كالملائكة أم ناس عاديون، كتاب جريء في طرحه وفي فكره ومهم لجميع القراء، لكي يأخذ فكرة عن ذلك المجتمع، والآمر الآخر لكي يسوي بينه وبين نفسه وأن لا يشعر وكأن وجوده في هذا الوقت يسبب الحسرة، لأنه من عاصر شخص محمد ليس بالشرط تأثر به، ولكي يتضح أن ذلك الزمان ليس فعلاً كما يصفه فقهاء التبجيل حسب رأي الكاتب، وإنما هو زمان انطبقت عليه قوانين سير الطبيعة والكون. إذ قسم الأصحاب إلى أصحاب يسار وأصحاب يمين، وفضل الكاتب أصحاب اليسار. واعتبر حركة الرسول ثورة تنطبق عليها قوانين أي ثورة، وأن المبادئ السامية التي نادى بها الرسول لا يمكن أن ينتهجها كل أبناء ذاك الزمان إذ أنه ليس من الطبيعي والمعقول أن يتغير الشخص في غمضة عين ويصبح شخص آخر، ونحن نعلم أن الطبع غلاب. ولكن الحق أنه لا نعرف منهج الكاتب في انتقاء الأقوال والروايات، ولسنا بمحل تقيم ذلك، ولكن هي وجهة نظره ونحن حاولنا أن نصف ما يقول. أم كل ما قاله صحيح ومطابق للواقع لا علم لنا بذلك.
- 6 - فيه شيء من - العمق والقوة -(يفجر العقل) في مجال الفكر والدراسات الاسلامية 420 صفحة . دار سيناء + الانتشار سعره .....
خليل عبدالكريم هو /
خليل عبد الكريم (1930 - 14 أبريل 2002) كان كاتباً مصرياً , يوصف بأنه كاتب إسلامي مستنير .. و قد ألف كتب كثيرة حول تاريخ الإسلام وخاصة الفترات الأولى منه. درس القانون في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) وتخرج منها سنة 1951. عمل عبد الكريم محامياً وقضي أغلب حياته في القاهرة في حي بولاق الدكرور. كان خليل محامياً مشهوداً له بالكفاءة، كان قد قام بالدفاع عن زميله نصر حامد أبو زيد عندما أتهم بالكفر , واضطر أن يدافع عن كتبه و أفكاره أمام المحكمة. خليل عبد الكريم كان أيضا ناشطًا وعضوًا في حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي اليساري لكن كانت خلفيته ليست شيوعية مثل أغلب أعضاء الحزب، على العكس من ذلك، كانت لخليل خلفية إسلامية وكان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين وسجن مرتين بسبب انتمائه لها. كان عبد الكريم يدعي أنه يمثل الروح الحقيقية للجماعة حينما يمزج بين الإسلام الليبرالي والعدالة الاجتماعية على العكس من القادة الحاليين الذين يصبون همهم على تطبيق الشريعة على حد تعبيره. كثيرا ما يلقب بـ(الشيخ الأحمر)
كتب خليل عبد الكريم أكثر من 13 كتاباً ومما ألف شدو الربابة بأحوال الصحابة - السفر الثاني التلخيص بشكل أسئلة / ما الثورة التي شكلها الرسول ..؟!! وما تبعاتها بشكل عام ..؟! وهل كل الصحابة ثاروا ..؟! أم ان هناك من استغلها ..؟!
هل كان الصحابة يسبون بعضهم سبا مهينا جارحا ..؟! وهل كان ذلك شائعا ..؟! وهل كبار الصحابة كانوا يسبون ..؟!
هل يقتل الصحابي الآخر ..؟! وماذا عن أحداث مالك بن النويرة ..؟!! وهل هل تقاتل الصحابة ..؟!! وهل اقتتالهم كان واضح فيه الحض في النفس ..؟! وتعريض على مقتل عثمان وبعض الاستشكالات حول القصة المعروفة ..؟!! من قتلة عثمان , وهل فيهم صحابة (وتعريض حول سيرة الصحابة منهم وتوضيح وتبيين أمرهم)
ما قصة قتل الصحابي (حجر بن عدي وجماعته) ..؟! وماذا عن تسميم الحسن بن علي ..؟!! وكذلك تسميم عبدالرحمن بن خالد بن الوليد ..؟!!
ماذا عن الصحابي الذي قتل صحابة ؟ وابناء صحابة ؟ وهدم عيهم دورهم , واستحيا نساءهم ..؟! بل واسرهم ومن ثم باعهم كجوار في سوق النخاسة ..؟!!
كيف كان حال الصحابة مع المال – مع محمد وبعده - ..؟!! ما هي عطاءات الرسول للصحابة في المال ..؟! كيف تصرف الصحابة بالمال , وشيء من اختلافهم عليه ..؟!
كم ثروة الصحابة ..؟!! وذكر بعض الأغنياء من الصحابة , وشيء من حالهم (عبدالله بن عمر – عمر بن الخطاب , عمرو بن العاص , علي بن أبي طالب , ابن مسعود , زيد بن ثابت , ابن العباس , سعد بن أبي وقاص , يعلى بن منية أو أمية , خباب بن الأرت , أنس , سعيد بن زيد) أما بالغوا الثراء المليارديرات فهم (ابن عوف , الزبير , طلحة) ..؟!!
هل كان جابر محقا عند وصفه لعمر بالزهد ..؟!! وهل عمر كان فقيرا فعلا ..؟!! وماذا عن وصف وجهه من التعب والتحليل الحقيقي لذلك ..؟! من عمر قبل الخلافة ..؟! وكيف ازداد ثروة على ما لديه بعدها ..؟! كم عدد من تزوج ..؟! وكم عدد الاماء ..؟! (ذكر ثروته ..!!)
كيف ازدهرت يثرب ..؟! وما هي المغانم للبلاد الموطوءة ..؟! هل كان في الصحابة إقطاعيون ..؟! وماذا عن معاملة الصحابة لمن تحتهم في الاقطاعات ..؟!! وهل صحيح ان الصحابة هم من سبق أوربا في القطاعات (التي كانوا عليها في القرون الوسطى)..؟!!
كيف كان حال الصحابة مع النساء ..؟!! وكم كان عدد أزواجهم ..؟!! وماذا عن النساء (المخمسات) (المربعات) (المثلثات) ..؟!! كيف كان حال (العشرة المبشرين بالجنة) مع النساء والزواج ؛ على أنهم أعلى الهرم ..؟!! (أبو بكر(4) , عمر (9) , عثمان (9) , علي (9)+(14) أم ولد , طلحة (9) , الزبير (6) , عبدالرحمن بن عوف (20) , سعد بن مالك –ابن أبي وقاص- (11) , سعيد بن زيد (لا يوجد ذكر لهن لكن عدد أولاده -31-) , أبو عبيدة (من القلة الذين لم تغرهم الدنيا – لم يتزوج سوى واحدة – وأبت أنه فعلا أمين هذه الأمة )
كيف كان الصحابة يلتزمون بقيد (الأربع نساء) وزوجاتهم أكثر ..؟! كيف كانت حالة النساء في الزواج ..؟!! وهل كن بنفس شبق الرجال ..؟!! ما الملابس المشهورة لدى النساء في ذلك الزمان ..؟!! وماذا عن حليهن ..؟!! وطريقة لبسهن له ..؟!
هذا الكتاب / يحلل سلوكيات الصحابة تحليلا موضوعيا صارما لا مجال فيه للعواطف الفجة , أو المشاعر المسبقة (من نواح مختلفة وبصراحة قد نطلق عليها بشكل أو بآخر – فاضحة - ) يضع لنا المؤلف تلك الحقبة الزمنية , تحت المجهر بدون تهوين أو تهويل (معتمدا على أوثق المصادر) مما يجعل التشكيك فيها , أمرا متعبا ..!! كما أنه ينقل لنا (مواقف كبار الصحابة وليس عوامهم) مما يجعل نقد تعميمه , أمرا صعبا ..!!
ينقلنا المؤلف إلى عالم الصحابة , بطريقة عبقرية وفريدة , ليجعلنا نصدر الحكم المناسب والعادل , بعد أن يغير تلك الصورة المصطنعة والممزقة التي يرسمها لنا البعض ..!!
هذا الكتاب : هو خطوة أولى يرسمها المؤلف للمنصفين .. ليتم على إثرها كتابة التاريخ العربي والإسلامي بشكل علمي رصين , بعيد عن الخرافات والتقديس والافتراءات ..
مما يؤخذ على الكتاب / *بعض الاستدلالات الغير منطقية , والتي هي بنفسها تحتاج إلى برهان .. *بناء بعض الأحكام , على ظنيات وأمور غير يقينية .. بل قد يجعل حكما على نية ومن ثم يصدره ليكون دليلا ..!!
إن اختصرنا حديثنا عن الكتاب فسنقول (هذا الكتاب قنبلة دقيقة ؛ تقوم بتفجير وإزاحة كل ما علق حول الصحابة (من التقديس والتبجيل والعصمة المبالغ فيها , والمسببة لأغلب التصورات الخاطئة اليوم ) لترجعهم بشرا , لا يستطيعوا أن يتخلوا عن واقعهم الاجتماعي بطريقة سريعة , كما أن الواقع يؤثر فيهم ويتقلبوا معه كباقي البشر)
هذا الكتاب "الصدمة" هو الثاني من ثلاثية خليل عبدالكريم لإعادة قراءة تراث الصحابة بنظرة متجردة ليؤكد على نظريته أن الصحابة مع كامل احترامنا لهم ولدورهم المحوري في تأسيس دعائم الدين الإسلامي ومد حدود الدولة الإسلامية إلا أنهم في النهاية كانوا بشرا يصيبون ويخطئون وهو يعزي ذلك بنظرته الموضوعية إلى الصدمة الحضارية التي حدثت لهذا المجتمع القبلي بعد تدفق الثروات الهائلة من المجتمعات "المتحضرة" المحيطة بهم، وبقدر ما يوجه لهم سهام انتقاده إلا أنه لا يلوم عليهم سوى انحرافهم عن تعاليم وتوجيهات السنة النبوية بل يلتمس لهم العذر في بعض الأفعال التي كانت من العرف المجتمعي السائد في زمانهم، وهو يخلص إلى استحالة تبني أو تطبيق "نصوص" السنة بالمفهوم السلفي على مجتمعنا المعاصر تماما كما يستحيل تقييم مواقف الصحابة بمعايير زمننا الحالي. بالطبع الكتاب صادم لأنه يدخل "عش الدبابير" ويلقي حجرا في مياه ركدت قرونا كثيرة وهو بالتالي سيكون محل هجوم الذين يتبنون منهج "النقل" لا "العقل".
الكاتب لا يسرد تاريخ ، هي محاولة بحثية انسانية لانثروبولجيا الصحابة والرسول السفر الاول والصحابة والصحابة السفر الثاني والصحابة والمجتمع السفر الثالث ، من المعروف عن الكاتب توجهة اليساري ، بين حين وأخر يحاول البحث عن الاسلام اليساري الذي اختطفة اليمين ، ليس بنفس منهجية الكتاب الاسلاميين اليساريين المعروفين ولكن القاريء سيلمسها ، اسلوب سهل وشيق لعالم ما وراء النصوص والاحكام والحديث !