ولد في الحجاز قرب مكة سنة 581 هـ، نزحت أسرته وهو صغير إلى مصر بمدينة قوص مجتمع بعض الأمراء والعلماء والفقهاء وتلقى تعليمه فيها وتنقل بين القاهرة وغيرها في مصر. ولما ظهر نبوغه وشاعريته التفت إليه الحكام بقوص فأسبغوا عليه النعماء وأسبغ عليهم القصائد. وطار ذكره في البلاد وإلى بني أيوب فخصوه بعينايتهم وخصهم بكثير من مدائحه. توثقت صلة بينه وبين الملك الصالح أيوب ويذكر أنه استصحبه معه في رحلاته إلى الشام وأرمينية وبلاد العرب. مات البهاء زهير في ذي القعدة 656 هـ.
يقول ابن خلكان في ترجمته:
من فضلاء عصره وأحسنهم نظما ونثرا وخطا ومن أكبرهم مروءة كان قد اتصل بخدمة السلطان الملك الصالح نجم الدين أبي الفتح أيوب بن الملك الكامل بالديار المصرية وتوجه في خدمته إلى البلاد الشرقية وأقام بها إلى أن ملك الملك الصالح مدينة دمشق فانتقل إليها في خدمته وأقام كذلك إلى أن جرت الكائنة المشهورة على الملك الصالح وخرجت عنه في دمش وخانه عسكره وهو على نابلس وتفرق عنه وقبض عليه ابن عمه الملك الناصر داود صاحب الكرك واعتقله بقلعة الكرك فأقام بهاء الدين زهير المذكور بنابلس محافظة لصاحبه ولم يتصل بغيره ولم يزل على ذلك حتى خرج الملك الصالح وملك الديار المصرية وقدم إليها في خدمته وذلك في أواخر ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة. وكنت يومئذ مقيما بالقاهرة وأود لو اجتمعت به لما كنت أسمع عنه فلما وصل اجتمعت به ورأيته فوق ما سمعت عنه من مكارم الأخلاق وكثرة الرياضة ودماثة السجايا وكان متمكنا من صاحبه كبير القدر عنده لا يطلع على سره الخفي غيره ومع هذا كله فإنه كان لا يتوسط عنده إلا بالخير ونفع خلقا كثيرا بحسن وساطته وجميل سفارته. وأنشدني شيئا كثيرا وشعره كله لطيف وهو كما يقال السهل الممتنع وأجازني رواية ديوانه وهو كثير الوجود بأيدي الناس فلا حاجة إلى الإكثار من ذكر مقاطيعه. ثم حصل بمصر والقاهرة مرض عظيم لم يكد يسلم منه أحد وكان بهاء الدين المذكور ممن مسه ألم فأقام به أيام ثم توفي قبل المغرب يوم الأحد رابع ذي القعدة من السنة المذكورة
عن شعره وهو يأتي بهذه الأوزان الخفيفة ليطالعنا بقدرته الفنية في إخراج أوزان تنساب فيها النغمات العذبـة في جوها الموسيقي الحافل بالألحان الشجية فصارت بهذه الأوزان قصائده شعراً غنائياً جميلاً، وقد علق على هذه الأوزان المرحوم مصطفى عبد الرزاق حين قال: "انتشرت في عهد البهاء زهير أوزان التواشيح الآتية من الأندلس وذلك لا بدّ أن يكون نبه الشعراء إلى فن من الألحان الشعرية جديد، فاهتدت الفطر الموسيقية إلى اختيار البحور اللطيفة والأوزان الموفورة الحظ من الموسيقى ومن التأثير، وهذا شأن البهاء زهير، فإننا نجده في غير شعر المديح قلما يركن إلى غيره من الأوزان الخفيفة.
أنهيت الديوان, قفلت الكتاب,, أغمضت عيناي ومضيت استرجع ما علق في الذهن وما ادركه العقل وتذوقه القلب من معان ورسالات لا شيء في لحظتها قد بزغ معي ليصيبني الاحباط... وادخل في دوامة الاسئلة ما الفائدة من قراءة الشعر لتتذوقينه ولماذا لا تأتي قراءته الا في مزاج وحال معينه؟! تعبت وانا اقول ما الفائدة ما الفائدة ومع ذلك تراني ارجع للشعر بين حين وآخر هذا حالي مع القصائد والشعراء وهذا حالي مع ديوان زهير
أنا ذا زهيرك ليس الا وجود كفك لي مزينة أهوى جميل الذكر عنك كأنما هو لي بثينة فاسأل ضميرك عن ودادي إنه في جهينة
كنت اقرأ القصيدة واقول ما اجمل الشاعر وهو يصف حاله واحواله مع نفسه ومع الحياة ومع الاصدقاء ويصور مجتمعه وحاله ... ويبدو ان زهير قد مر عليه الكثير من الواشون والخداعون
بالأمس وأنا اتصفح بصفحة الفيس قرأت شعراً قفزت وقلت هذه القصيدة لبهاء وحينما وجدت بنهاية القصيدة اسم بهاء الدين زهير ضحكت ضحكة لا اعرف أين تصنف ومن أين أتت تذكرت بهذه الضحكة سؤالي لأحدهم يوماً على قصيدته القلب يضحك أولاً أم العقل؟!!
مما أعجبني من الديوان
لا تعتب الدهر في خطب رماك به إن استرد فقدماً طالمـا وهـبـا حاسب زمانك في حالي تصرفـه تجده أعطاك أضعاف الذي سلبـا والـلـه قـد جـعـل الأيام دائرة فلا ترى راحة تبقى ولا تـعـبـا ورأس مالك وهي الروح قد سلمت لا تأسفن لشيء بعـدهـا ذهـبـا ما كنت أول مـفـدوح بـحـادثة كذا مضى الدهر لا بدعاً ولا عجبا ورب مال نما من بـعـد مـرزئة أما ترى الشمع بعد القط ملتهبـا
مطل الزمان به زماناً أنفساً أنفت وعاد لها الى عاداته والغيث لا يسم البلاد بنفعه الا اذا اشتاقت لوسمياته يا معجز الأيام قرع صفاته ومجمّل الدنيا بحسن صفاته
بعيشك
بعيشك خبرني عن اسم مدينة يكون رباعياً اذا ما ذكرته على أنه حرفان حين تقوله ومعناه حرف واحد ان قلبته (يافا)
أين ذاك التودد!!
عفا الله عنكم أين ذاك التودد وأين جميل منكم كنت أعهد بما بيننا لا تنقضو العهد بيننا فيسمع واش أو يقول مفند ويا أيها الأحباب ماذا أرى بكم واني بحمد الله أهدى وأرشد تعالوا نخل العتب عنا ونصطلح وعودو بنا للوصل والعود احمد ولا تخدشوا بالعتب وجه محبة له بهجة أنوارها تتوقد ولا نتحمل منه الرسل بيننا ولا غرر الكتب التي تتردد اذا ماتعاتبنا وعدنا الى الرضى فذلك ود بيننا يتجدد عتبتم علينا واعتذرنا اليكم وقلتم وقلنا والهوى يتأكد عتبتم فلم نعلم لطيب حديثكم أذلك عتب أم رضى وتودد وقد كان ذاك العتب عن فرط غيرة ويا طيب عتب بالمحبة يشهد وبتنا كما نهوى حبيبين بيننا عتاب كما انحل الجمان المنضد وأضحى نسيم الروض يروي حديثنا فيا رب لاتسمع وشاة وحسد
المعروف المنكر
لي حَبيبٌ لا يُسَمَّى وحَديثٌ لا يُفَسَّرْ تعِبَ العاذِلُ في قِصَّةِ حُبي وتحيَّرْ لسْتُ أرْضَى لِحَبيبي أنَّه لِلْنَّاسِ يُذْكَرْ فترى دَمْعيَ يَجْري ولِسَاني يَتَعَثَّرْ لي حَبيبٌ لا يُسَمَّى وحَديثٌ لا يُفَسَّرْ سيِّدي لا تصغِ للواشي وإن قالَ فَأكْثَرْ! فحديثٌ غَيْرَه قد ظلَّه الوَاشي وقدَّرْ فترى دَمْعيَ يَجْري ولِسَاني يَتَعَثَّرْ لي حَبيبٌ لا يُسَمَّى وحَديثٌ لا يُفَسَّرْ
الناس للناس
ما أصعب الحاجة للناس فالغنم منهم راحة الياس لم يبق في الناس مواس لمن يظهر شكواه ولا آس وبعد ذا ما لك عنهم غنى لا بدّ للناس من الناس
حَدّثُهُ إذا غَفَلَ الرّقيبُ
وأسألهُ الجوابَ فلا يجيبُ وَأطمَعُ حينَ أعطِفهُ عَساهُ
يلينُ لأنهُ غصنٌ رطيبُ
أذوبُ إذا سمعتُ لهُ حديثاً
تكادُ حَلاوَة ٌ فيه تَذوبُ وَيَخفِقُ حينَ يُبصِرُهُ فؤادي
وَلا عجبٌ إذا رَقَصَ الطّرُوبُ لقد أضحى من الدنيا نصيبي
ومَا ليَ منهُ في الدّنْيا نَصِيبُ فيا مولايَ قلْ لي أيُّ ذنبٍ
أيها الغائبُ عني قربَ اللهُ مزاركْ قد سكنتَ القلبَ حتى صارَ مأواكَ وداركْ
وكم غاية من دونها الموت حاسراً سما نحوها والموت ينظر خسران بحيث لسان السيف بالضرب ناطق فصيح وطرف الرمح للطعن يقظان وكم شاقه خد أسيل مورّد وما ذاك الا مرهفات ومران جزى الله بالاحسان سفنا حملنه لقد حل معروف لهن واحسان حوين جميع الحسن حتى كأنما يلوح بها في وجنة اليم خيلان وما هاج ذاك البحر لما سرى به ولكن غدا من خوفه وهو حيران لقد كان ذاك الموج يرعد خيفة ويخفق قلب منه بالرعب ملآن
ويشرق وجه الأرض حين تحلها كأنك توحيد حوته وايمان لأنك قد برئت من كل مأثم وأنك في الدين الحنيفي غيران فقدت اليه الخيل بالخير كله وطارت بأسد الغاب منهن عقبان بعزم تخاف الارض شدّة وقعه ويرتاع ثهلان له وهو ثهلان وتملأ أحشاء البلاد مخافة وترتج بغداد له وخراسان فأمنّت تلك الأرض من كل روعة وقد عمها ظلم كثير وطغيان وكان بها من أهل شعبة شعبة من الجور والعدوان بغي وعدوان فسكّنتها حتى متى هبت الصبا بنعمان لم يهتز بالأيك نعمان فلم يك فيها مقلة تعرف الكرى فلو زارها طيف مضى وهو غضبان تقبل فيك الله بالحرمين ما دعا لك حجاج هناك وقطان
بهاء الدين زهير : ٥٨١ - ٦٥٦ هـ ( ١١٨٥ - ١٢٥٨ م ) هو أبو الفضل زهير بن محمد بن علي المهلبي، المعروف ببهاء الدين . ينتهي بنسبه إلى المهلب بن أبي صفرة . ولد بمكة ولما شبّ توجه إلى مصر . . من فترة وانا أقتبس لكم من أشعار بهاء الدين ، قصائد عذبة وخفيفة تلامس القلب بسيطة المعنى جميلة اللحن ،، وأغلب القصائد في الغزل ، طبعًا لا يخلو من قصائد المدح والهجاء وبعض المرثيات . والكثير من القصائد أعجبتني مثل : • جاءت تودعني والدمع يغلبها… • وقائلة لما أردت وداعها… • حبيبي على الدنيا ��ذا غبت وحشة… • تعيش أنت وتبقى… والمرثية الموجعة التي كتبها لابنه والتي كانت السبب لقراءة ديوانه • نهاك عن الغواية ما نهاكا • لعلك تصغي ساعة وأقول… • دعوا الوشاة وما قالوا وما فعلوا… وغيرها الكثير . . . إقرأ سلامي على من لا أسميه ومن بروحي من الأسواء أفديه ومن أعرض عنه حين أذكره فإن ذكرت سواه كنت أعنيه أشر بذكري في ضمن الحديث له إن الإشارة في معناي تكفيه واسأله إن كان يرضيه ضنى جسدي فحبذا كل شيء كان يرضيه فليت عين حبيبي في البعاد ترى حالي وما بي من ضر أقاسيه هل كنت من قوم موسى في محبته حتى أطال عذابي منه بالتيه أحببت كل سميّ في الأنام له وكل من فيه معنى من معانيه يغيب عني وأفكاري تُمثله حتى يخيل لي أني أناجيه لا ضيم يخشاه قلبي والحبيب به فإن ساكن ذاك البيت يحميه من مثل قلبي أو من مثل ساكنه الله يحفظ قلبي والذي فيه يا أحسن الناس يا من لا أبوح به يا من تجنى وما أحلى تجنيه قد أتعس الله عينًا صرت توحشها وأسعد الله قلبًا صرت تأويه مولاي أصبح وجدي فيك مشتهرًا فكيف أستره أم كيف أخفيه وصار ذكري للواشي به ولعٌ لقد تكلف أمرًا ليس يعنيه فمن أذاع حديثًا كنت أكتمه حتى وجدت نسيم الروض يرويه فيا رسولي تضرع في السؤال له عساك تعطفه نحوي وتثنيه إذا سألت فسل من فيه مكرمة لا تطلب الماء إلا من مجاريه . . ديوان جميل وانصح بقراءته
صديقك البليغ الذي لا يفارق تفاصيل يومك الصغيرة ولا مشاعرك النبيلة
عاتبته مرة أنه لم يعد يذكرني ويذكر غيري في شعره، فقال أفدي حبيبا لساني ليس يذكره // خوف الوشاة وقلبي ليس ينساه أسميتُ غيرك محبوبي مغالطة // لمعشر فيك قد فاهوا بما فاهوا أقول زيد وزيد لست أعرفه // إنما هو لفظ أنت معناه وكم ذكرت مسمى لا اكتراث به // حتى يجر إلى ذكراك ذكراه عندي حديث أريد اليوم أذكره // وأنت تعلم دون الناس فحواه
:وقال لرسوله اقرأ سلامي على من لا أسميه // ومن بروحي من الأسواء أفديه ومن أعرض عنه حين أذكره // فإن ذكرت سواه كنت أعنيه أشر بذكري في ضمن الحديث له // إن الإشارة في معناي تكفيه واسأله إن كان يرضيه ضنى جسدي // فحبذا كل شيء كان يرضيه أَحبَبتُ كُلَّ سَمِيٍّ في الأَنامِ له // وَكُلَّ مَن فيهِ مَعنىً مِن مَعانيه يَغيبُ عَنّي وَأَفكاري تُمَثِّلُهُ // حَتّى يُخَيَّلَ لي أَنّي أُناجيهِ فَيارَسولي تَضَرَّع في السُؤالِ لَهُ // عَساكَ تَعطِفُهُ نَحوي وَتَثنيهِ إِذا سَأَلتَ فَسَل مَن فيهِ مَكرُمَةٌ // لا تَطلِبِ الماءَ إِلّا مِن مَجاريهِ
السهــــــل الممتنــــــــع
:سألته مرة سؤالا عاديا جدا.. كيف حالك يا زهير؟ فقال يا سائلا عن زهير // وكيف حال زهير والله إني بخير // ما دمتَ أنت بخير
:وحين مرضت، واساني، ووافاني بمكتوب رقيق سلمتَ من كلِّ ألم // ودمت موفور النعم في صحة لا ينتهي// شبابها إلى الهرم وبعد ذا قل لي ما // كان من الأمر وتم وذلك كما نقول بالعامية المصرية: ها احكيلي بأه عن اللي حصل
إنه معنا دائما، فكان يجب أن نكون معه في أشد لحظات حزنه وأوهج لحظات إبداعه في الوقت نفسه في رثاء ولده بروحي مَن تذوب عليه روحي // وذق يا قلب ما صنعت يداكا لقد حَكمتْ بفرقتنا الليالي // ولم يك عن رضاي ولا رضاكا يعزُّ علي حين أديرُ عيني // أفتشُ في مكانك لا أراكا ختمتُ على ودادك في ضميري // وليس يزال مختوما هناك أرى الباكين فيك معي كثيرا // وليس كمن بكى مَن قد تباكى
أبديتُ له إعجابي الشديد ببيته الفريد (يعز على حين أدير عيني أفتش في مكانك لا أراكا) فقال لي إنه ليس لرثاء المتوفى فقط إنه مرثية الروح على كل غياب وفَقد لا نشتهيه كغيابك عني الاربعة أيام الماضية، ثم أنشد عينيته الجميلة حبيبي على الدنيا إذا غبت وحشة // فيا قمري قل لي متى أنت طالع سروري أن تبقى بخير ونعمة // وإني من الدنيا بذلك قانع فما الحب إن ضاعفته لك باطل // ولا الدمع إن أفنيته فيك ضائع وغيرك إن وافى فما أنا ناظر // إليه وإن نادى فما أنا سامع أظن حبيبي حال عمّا عهدته // وإلا فما عذر عن الوصل مانع فقد راح غضبانا ولي ما رأيته // ثلاثة أيام واليوم رابع
أتى العيد.. ولكني لاحظت أنه فيه غير سعيد فأجابني دون أن أسأل قد أتى العيد وما عنـ // دي له ما يقتضيه غاب عني فيه // كل شيء أشتهيه ليت شعري كيف أنتم// أيها الأحباب فيه
:ولكني حين سألت ما كان منه سوى أن قال يا سائلي عما تجد لي // الحال لم ينقص ولم يزد وكما علمتَ فإنني رجل // أفنى ولا أشكو إلى أحد
أصف كلماته بكلماته حين رسمَت لوحة الفجر رقّ في الجو النسيم فتفضّل يا نديم وكأن الفجر نهر غرقت فيه النجوم واسبق الشمس بشمس لا تواريها الغيوم قهوة رقت فما في كأسها إلا نسيم
مما دفعني لقراءة الديوان هي مرثيته التي قالها في ابنه لما فيها من توجع وتفجع ولهفة.. لقد حكمتْ بفرقتنا الليالي ولم يكُ عن رضايَ ولا رضاكا فلَيتَكَ لوْ بَقيتَ لضُعْفِ حالي وكانَ الناسُ كلهمُ فداكا يعزّ عليّ حينَ أديرُ عيني أفتشُ في مكانكَ لا أراكا وَلم أرَ في سِوَاكَ وَلا أرَاهُ شمائلكَ المليحة َ أو حلاكا خَتَمْتُ على وَدادِكَ في ضَميري وليسَ يزالُ مختوماً هناكا لقد عجلتْ عليكَ يدُ المنايا وما استوفيتَ حظك من صباكا فواأسَفي لجِسمِكَ كَيفَ يَبلى ويذهبُ بعدَ بهجتهِ سناكا إلى آخرها..
الكثير من الأدباء يغضبه وجود تصنيف للأدب يقع بين العصر العباسي ربين عصر النهضة وهو ما يعرّفه بعض النقاد بـ(عصر الإنحطاط) لكن قراءة ديوان البهاء زهير دليل فعلي على وجود على الأقل أدباء يستحقون زن يمثلوا مثل هذا العصر رغم أن هذا العصر تاريخيًا ضم أدباء ولغويين ومؤلفات قوتها توازي ننتاج عصر القوة والعصر الإسلامي والأموي والعباسي الأول والثاني.. لكن مثل شعر البهاء دليل في مجمله علي إنحطاط الشعر فترة العصر الأيوبي والمملوكي حتى ظهور الكبار الذين أعادوا للشعر توهجه بقيادة محمود سامي البارودي وشوقي وحافظ وأدباء مثل الشدياق واليازجي وجبران وغيرهم. لم أحكم هنا إلا بعد أن قرأت دواوين من أصطلح على تسميتهم بشعراء عصر الإنحطاط بمن فيهم البهاء زهير والشاعر ابن نباته والبوصيري صاحب المدائح وغيرهم ، ولا أقول بسوء أدب كل هؤلاء لكن كان فعًلا بعض هؤلاء وبعض أصحاب هذا العصر يستحق هذه التسمية علمًا أن لديهم قصائد شهيرة وجميلة لكن ماذا عن كل نتاج الشاعر
في هذ ا الديوان ثمة شعر جميل ورائع ولكن لن يصدق أحد أن هذا الشاعر يفصل بين جيل أبي تمام والمتنبي والحمداني والمعري مجرد قرنين علي أقل تقديرو وهي أى فترة عصر الإنحطاط يوثق ما بين (1258 - 1798) أى منحصرة خلال هذه السنوات قبل ظهور حركة عصر النهضة. رغم علمي بقسوة هذه التسمية ناهيك عن أن ابن خلدون ولد ومات في هذه العصر وكذلك ابن منضور وغيرهم
وفيما بعد نسأل أنفسنا لماذا كان بعض النقاد يغضبون على هذه التسمية مثل عمر فروخ وغيره
عندما أقرأ لأي شاعر,أصب جام انتباهي على ما أقرأه,لكن اذا ذكر البهاء تراني أقرأ تحت طقوس عده من لوعة وانجذاب خارقين للعاده,لما عهدته عند شيخي البهاء من المفاجآت الثرة بحكمها والثرية بألطف المعاني جزاك الله عنا كل خير يا بهاء
بهاء الدين زهير .. شاعر قدير جدًا وله من الفطنة والحكمة الكثير, احببت تدينه ومجمل ديوانه واحببت نقده كثيرًا . يعيبه فقط كثرة التذلل بالحب لدرجة رفع المحبوب منزلة الألوهية وهذا ما اعتب به عليه .
واخيرًا علي أن اشيد بأني لم أقرأ ديوانًا لشاعر سليط اللسان حتى هذه اللحظة بقدر بهاء الدين, ولكن سلاطة لسانه ناقدة ولا تأتي إلا بحق مما أعجبني وطربت له جدًا ..
بهاء الدين زهير هو شاعر عربي من العصر الأيوبي. ولد في وادي نخلة قرب مكة المكرمة سنة ٥٨١ للهجرة. انتقل الى مصر ومدح الملك الأيوبي نجم الدين أبي الفتح أيوب ابن الملك الكامل والملقب بِ "الملك الصالح". يصحُّ أن نَصف شعره بالسهل الممتنع. وأغلبه شعره غزلي. برأي أغلب شعره ضعيف ولا يعدو أن يكون نظماً ما عدا بعض القصائد الجميلة وربما أبلغها قصيدته في رثاء ابنه التي يقول في مطلعها:
نَهاكَ عَنِ الغَوايَةَ ما نَهاكا وَذُقتَ مِنَ الصَبابَةِ ما كَفاكا
فَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي وَقُل لي إِن جَزِعتَ فَما عَساكا
رغم أني احببت شعره لكونه لغته سهلة تُتيح لقارىء الشعر الاعتيادي قراءته الا انني وجدت موضوعات والحان القصائد في اغلب الاحيان متشابهة، وربما اغلبها غزلية، الا انه في الوقت ذاته قراءة ديوانه ممتعة.
يعجز تقييمي أن يكتب بعض من جمال هذا الديوان ، وكأن الشاعر بهاء الدين زهير يعي ما في صدور المحبين ثم ينسجها شعراً ، لا زلت أقرأ قصيدته المليئة بالحزن لرثاء ابنه وهي بعنوان الهجر الطويل ، الديوان يقطر جمالاً وعذوبة
١٨ شوال ١٤٤٣ حتى ٢٧ محرم ١٤٤٥ رحلتي مع بهاء الدين استغرقت حوالي سنة كاملة وياله من شاعر ورفيق ادركت خلالها ان قراءة الدواوين تحدي ، فتارة امله واتركه ، واعود اليه مرة اخرى مشتاقة. شعر بهاء الدين سهل و رقيق ، لا يشوبه الغموض و الالفاظ المستغربة ، بل هو على قدر من الوضوح والجمال، كاسم قائله.
ملياااان كلام عن الحب، الديوان كله عن الحب والشوق وكلام زي كدا، إلا صفحات معدودة. ودا كان سبب اني أمل من أشعار الحب وقتها وأعدي صفحات كتيره من النص التاني من غير قراءة
This entire review has been hidden because of spoilers.
ديوان عذب ولذيذ، تعبت في البحث عن نسخة ورقية له حتى وجدته صدفة في مكتبة للكتب المستعملة، نعمة هي أن يكون هنالك من لا يقدر هذا الكتاب :)
هذه أمثله على ديوانه اللذيذ وبعض قصائده مما أعجبني:
- يواسي بعض أصحابه
لا تعتب الدهر في خطب رماك به ،، إن استرد فقدما طالما وهبا حاسب زمانك في حالي تصرفه ،، تجده أعطاك أضعاف الذي سلبا والله قد جعل الأيام دائرة ،، فلا ترى راحة تبقى ولا تعبا ورأس مالك وهي الروح قد سلمت ،، لا تأسفن لشيء بعدها ذهبا
- يا غائبا وجميله ،، ما غاب في بعد وقرب أشكو لك الشوق الذي ،، لا قيته والذنب ذنبي
-لو كنت لم أعرف سوا،،ك من الأنام لكان حسبي إني ادخرتك للزما،،ن وما عرا من كل خطب قلبي لديك فكيف أنت على البعاد وكيف قلبي
-يا كليل الطرف الا ،، في فؤادي ما أحده
-وكذاك قالوا الغصن يشبه قده ،، يا قده كل الغصون لك الفدا يا راميا قلبي بأسهم لحظه ،،أحسبه قلبي مثل قلبك جلمدا
-يا من كلفت به عشقا ولم أره ،، والعشق للقلب ليس العشق للبصر سمعت أوصافهم الحسنى فهمت بها ،،فكيف إن نلت ما أرجو من النظر
-وأنزه اسمك أن تمر حروفه ،، من غيرتي بمسامع الجلاس فأقول بعض الناس عنك كناية ،، خوف الوشاة وأنت كل الناس
-لحى الله قلبي هكذا هو لم يزل ،، يحن ويصبو لا يفيق ولا يعي لئن كان للعشاق قلب مصرع ،، فما كان فيهم مصرع مثل مصرعي
-حبيبي على الدنيا إذا غبت وحشة فيا قمري قل لي متى أنت طالع لقد فنيت روحي عليك صبابة فما أنت يا روحي العزيزة صانع
- قصيدة مدح فيها صلاح الدين مطلعها
وعد الزيارة طرفه المتملق ،، وتلاف قلبي من جفون تنطق أبدا أزيد مع الوصال تلفها ،، كالعقد في جيد المليحة يقلق
يقول مادحا صلاح الدين سجدت له حتى العيون مهابة ،، أومأ تراهما حين يقبل تطرق
-أحتال في النوم كي ألقى خيالكم ،،إن المحب لمحتاج إلى الحيل
-أمسي وأصبح والأشواق تلعب بي ،، كأنما أنا منها شارب نهم وأستلذ نسيما من دياركم ،، كأن أنفاسه من نشركم قبل إن المليحة تغنيها ملاحتها ،، لاسيما وعليها الحلي والحلل دع التواني في أمر تهم به ،، فإن صرف الليالي سابق عجل ضيعت عمرك فاحزن إن فطنت له ،، فالعمر لا عوض عنه ولا بدل سابق زمانك خوفا من تقلبه ،، فكم تقلبت الأيام والدول لا ترقب النجم في أمر تحاوله ،، فالله يفعل لا جدي ولا حمل
-وهذا من أروع التشبيهات في شعر زهير
وقفت على ما جائني من كتابكم ،، وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه
-هجا أحدهم فقال
تكلفت أمرا لم تكن من رجاله ،، لك الويل من هذا التكلف والعنا تميل إلى الدنيا وتبدي تزهدا ،، ولا أنت معدود هناك ولا هنا
-أستخدم الريح في نقل السلام لكم ،، كأنما أنا في عصري سليمان
-يرثي صاحبا له
لقد خنته في الود إذ عشت بعده ،، وما كنت في ود الصديق بخوان وواروه والذكرى تمثل شخصه ،، كأنهم واروه ما بين أجفاني
-قصيدة كلها جميلة مطلعها لعلك تصغي ساعة وأقول ،، لقد غاب واشٍ بيننا وعذول وما كل مخضوب البنان بثينة ،، وما كل مسلوب الفؤادِ جميل
-قصيدة يرثي ابنه يعز علي حين أدير عيني ،، أفتش في مكانك لا أراكا
-قصيده مطلعها إقرأ سلامي على من لا أسميه ،، ومن بروحي من الأسواء أفديه قدأتعس الله عينا صرت توحشها ،، وأسعد الله قلبا صرت تأويه
هذا بعض ما أذكره من الديوان ولو كان بيدي لوضعت جل ما فيه هنا، حتما سأعود زيارة هذا الديوان مرات عديدة.