شاعر مصري ولد بحى شبرا بمحافظة بالقاهرة.. وقد تخصص الشاعر في مجال الطب ومن بعدها عيّن مراقباً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف.
قام إبراهيم ناجي بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن الإنكليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة، كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت ، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وغيرهما
ومن دواوينه الشعرية :
وراء الغمام (1934) ، ليالي القاهرة (1944)، في معبد الليل (1948)، الطائر الجريح (1953) ، وغيرها . كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن المجلس الأعلى للثقافة.
يارقة حروفه وعذوبتها في قوالب تمتاز بين الحداثة والعصرية وبين التقليدية والحفاظ على محاور الأصالة
هذا الديوان نسبة رقته عالية والقارئ الغير مُغرم بالشعر قد يخدش هذه الرقة المتسللة في زوايا الحروف
في البادئة بُهرت بتنوع القافية ثمّ توحيدها لكن هذا لم يبتر البتّة من جمالية الأشعار والإحساس الملازم أثناء قراءتها
ما يُلفت في هذا الديوان أنه عام ومنوّع من حيث الأفكار الغير ضحلة فوجدته لم يدع أمراً إلّا وقد كتب فيه ولم تفلت من قبضةِ شعره أي مناسبة ومحفل
وهذا ما زاد جمالية الديوان بأنّه لا يسير على وتيرة واحدة ف بين صخب الحب والبكاء على الشهداء وتهنئة الزملاء والتغزّل جاهداً بكل ما هو حوله، نجده يخرج لنا بلوحة مكتملة
التشبيهات وآه من تشبيهات ابراهيم التي وحدها تعتبر حكاية جمال منفصلة والترابط بين المفردات ومحور القصيدة خلق سيمفونية لاتمت للنشاز بصلة بل كلّها رصانة وإحكام كوحدة متكاملة بين قلب وأطراف القصيدة وهذه النقطة أضافت حميمية بأعلى مستوياتها لشعر ابراهيم
هذا الشاعر عبقري جداً ففي الوقت الذي تقوم بادئة قصائده بتشريح المفردة والفكرة والمعنى يعاود قبل انهائها بلملمة ذاك الشتات وضم الجوارح لقلب القصيدة لتتحرّر من كل قصي وتصبح دانية وموحدة الجزء والكل
وهنا أود فقط إضافة معلومة لمن لا يعرف ابراهيم ناجي بأنه مواليد عام ١٨٩٩ وهو طبيب بإمتياز كان يدفع للفقراء ثمن الدواء من جيبه الخاص أي مارس مهنة الطب بكل إنسانية وشاعرية وأول إصدار له كان "وراء الغمام" عام ١٩٣٤ وهو من أرق دواوينه وأشعاره
من يقرأ لناجي يجد نفسه مرغماً على قراءة سيرته الذاتية ك واقعة الإنتقاد اللاذع التي تعرّض لها من العقّاد والدكتور طه حسين والتي كان لها أثراً سلباً على روحه الشعرية لدرجة التأرجح والتذبذب بين الإستمرار أو التوقف وغيرها الكثير من المواقف
بإختصار يستحق هذا الشاعر التقدير الأبدي لما قدّمه على المستوى الأدبي والعلمي وإصراره بالإستمرار رغم الصعوبات والإنتقادات التي واجهها
عن الكتاب: _ ديوان شعري يقع ضمن ٣٦٦ صفحة _ منوّع القصائد والأفكار والمحتوى _ رقيق رغم قوته وقوي جداً رغم رقته _ فيه تبحر بعالم آخر من الحس والفكرة وتتفاجأ بأنّ أجمل أغنيات الجيل القديم بعضها من قصائده ك رائعة أم كلثوم (الأطلال)
ياحبيباً زرت يوماً أيكه طائر الشوق يغني ألمي لك ابطاءُ الدلال المُنعمِ وتجني القادر المحتكمِ
وهكذا نجد ناجي دون أي شك يراود أنفسنا هو محل إعجاب وثقة لتناول دواوينه وأشعاره بكل الحب واللهفة لقراءتها وتغذية الحواس
أزكيه؟! من أنا لأزكيه أصلاً!!! حتماً لمحبي وعشّاق الشعر لكل حس مرهف ورقيق لكل عاشق مغرم بتفاصيل اللغة والمفردة
إن عدت أو أخلفت لم تعدِ أنا إلف روحك آخرَ الأبدِ..
ظمأٌ على ظمأٍ على ظمأِ ومواردٌ كُثرٌ ولم أرِدِ..
لعل ما جعل لشعر ناجي كل هذه السلاسة والعذوبة أن الرجل يطلب لمعانيه وزنًا يتأتى فيه إيرادها دون عناء وكُلفة، كذلك يلتمس من القوافي ما يحتملها، لأن "من المعاني ما تتمكن من نظمه في قافية ولا تتمكن منه في أخرى، أو تكون هذه أقرب طريقًا وأيسر كلفة منه في تلك."
فالرجل علا الكلام فأخذه من فوق، فجاء سهلًا سلسًا كثير الماء، ولم يجعل للقافية اليد العليا، تُجَر لها أعناق المعاني جرًّا، فلا تنال إلا بمشقه، أو لا تُنال.
أحببت مرثياته في شوقي، غاية في الجمال، وحفظت قصيدة الميعاد.
موسيقى كلاسيكية وتصوير سينمائي رقيق ورائع ينقلك الى داخل مشهد الحدث الشعري من الكتب التي كانت تلازم سريري مع القرآن الكريم منذ بداية الكتابة وكانت تستفز الدموع المختبئة مع كل مرة أقرأبه قصيدتي الكعبة و قلب راقصة
كان في طليعة شعراء المدرسة الحديثة. قصائده بعضها جميل، وبعضها عبثية أو شعر لأجل الشعر فقط ، بلا معنى. انتقده مجموعة من الأدباء الكبار حتى أنه عزم على أن يتوقف عن الكتابة، كان نقدهم يتركز على فكرة الشعر الحديث مجملة ولعلّهم صبوا غضبهم في شخصه. مزعج أن كثيرا من قصائده تدور حول اتهام الدهر أو سبه، من المعلوم أن سب الدهر لايجوز. تعليق الخيبات الشخصية بالدهر بدا لي صراعا عابثا، كتجني طفل مدلل..
أعتقدُ أنني بدأتُ قراءة هذا الديوان - وهو فعليًّا يمثّل الأعمال الشِّعرية الكاملة للمرحوم إبراهيم ناجي - منذ ما قبل التاريخ الذي دوَّنتُه هنا. اشتريتُه من سور الأزبكية بمعرض القاهرة للكتاب منذ أعوامٍ طِوالٍ بثلاثة عشر جنيهًا بالضبط! كلُّ مَن يمتهن الطبّ ويكتُب الشِّعر مُبتَلىً بسماع هذه الجملة كثيرًا كثيرا: "على كده انت زي الدكتور ابراهيم ناجي بقى!" نسمعُها من الأطبّاء الذين لا يقرأون الشِّعر، ومِن غير الأطبّاء الذين لا يقرأون الشِّعر، على حدٍّ سواء! أصبح (ناجي) علَمًا على الطبيب الشاعر لأسبابٍ تتعدّى موهبتَه إلى اختيار القدَر لقصيدتِه الهجينة (الأطلال) كي يلحِّنها (رياض السنباطي) لحنًا عظيمًا وتغنيها أم كلثوم. في الحقيقة، لا تروقُني رومانسيّةُ الشعراء الرومانسيين العرَب كثيرًا، ولا ألتقي وِجدانيًّا بطرائقهم في التعبير إلاّ فيما نَدَر. لكنني رغم هذا أعترف بكثيرٍ من الجمال مبثوثٍ في أعطاف قصائد ناجي ومقطوعاته (وهذا التعبيرُ قريبٌ من الذائقة الرومانسية!). تجيء صُوَرُه الشِّعريةُ عارمةَ الإبداع أحيانًا، وتهبطُ إلى العاديّة أحايينَ كثيرة، وهو أمرٌ عاديٌّ لدى كُلِّ من تتسلّط عليه الكتابة الأدبية في كل حقولِها. لكنَّ فرادة تجربتِه تتمثل - في وجهة نظري - في إخلاصِه لهذا التأرجُح الملحوظ بين سمات القصيدة الكلاسيكية الإحيائية الطنّانة وسمات القصيدة الرومانسيّة الهامسة. كان مفتونًا بتحدّي العَرُوضِ فخرجت قصائده في معظم بحور الشِّعر العربي، وهو تَحَدٍ يَصعُبُ أن يُفلِتَ من قبضتِه العموديُّون في كلِّ زمان! مضمونيًّا، استكنَّ ناجي في المقام الدفيء والمغامرة المحسوبة في أغلب قصائده، فلا نجدُ العبقرية المجنونة تُطلُّ مِن بين سطوره، أو هكذا بدا لي. إلاّ أنَّ الجَمال لا يُنكَرُ رغم هذا. ولأنه رضي لنفسه أن يكون الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي، ولأنَّ هذا ما ارتضاهُ له الناس في مجتمعِه، قارئُهم وغيرُ قارئهم، طبيبُهم ومريضُهم، فإنني انتهاءً أُوصي مَن يهتمُّون للشِّعر العربي المعاصر ألاّ يتجاهلوا ديوان الدكتور إبراهيم ناجي.
لم أعتقد أن الديوان يحتوي على هذا الكم الهائل من الجمال المطبب على الأرواح ، صدق العقاد حينما قال عن إبراهيم ناجي أنه " شاعر الرقة العاطفية " ، يتضح لي حالة الشد والجذب بين الروح والمادة ، بين الخيال والتجرد الذي يعيشه الشاعر وبين كونه طبيبا يرزح تحت ثقل المادة والجسد ، نزعاته الإنسانية ، تأملاته الفلسفية في الكون والحياة كلها مدعاة للتأمل ، محاولاته للخروج من شرنقة الشعر التقليدي إلى فضاء أوسع حيث التأمل في الذات والطبيعة والبعد الإنساني الأعمق .
في شعر ابراهيم ناجي عرجة حزينة كعرجته التي في قدمه، كيف يؤثر الشعور على كياننا الخارجي وعلى كلماتنا.. ديوان جميل، برع ابراهيم في وصف مشاعر لحب لم يسبق إليها فأبدع في ذلك حين قل المبدعون..
إنّهُ السُّكْر المعتَّقُ من المعاني ،الراشفُ منه لا يَسأمُهُ ولا يمِلُه، وهو الإيقاعُ القديمُ الجديد، الذي يطارحُهُ الشهيدُ المتوراي بين الضلوع كما يَصفهُ في أبياتِه ،ولا أعلمُ حقاً هلْ هو الذي كانَ يسرقُ منِ أبي القاسم الشابي أم أنَّ الشابي كان يَسرقُ منهُ سِحرَ القريض !، أمْ إنَّ روحَ الشابي التي غادرتْهُ مُبكراً،حلَّتْ وسكنتْ في جَسدِه ؟!، وربمَّا كان التشابهُ الفضيعِ في إسلوب الكتابة الربيعية، شاهداً على هذهِ الجريمةِ الرائِعة ! وإبراهيم ناجي هو الشاعرُ الطبيب، ويَندرُ من يَجمعُ هذهِ الصفتينِ الرائعتين، فهو الطبيبُ المنشغلُ بالمادة ،والباحثُ عن بُرءِ أسقامِها،وهوالشاعرُ الميتافيزيقي المنشغلُ بالرَوحانيات.وبهذه الصفتين الإنسانيتين خطَّ شعرَه، وزخرفَ محتواه، وأبدعَ أيّما إبداع فيه، ونجدهُ ايضاً في عددٍ ليس بقليلٍ من قصائده ، مصوِراً محترفاً وقاصاً مُجيداً ينسجُ أحداثَ قصيدتهِ بإسلوب ورقةٍ أخّاذة، تشدُّ القارئ كما تشدُّ القصةُ قارئيها. وأقول بعد أن أسر هذا الديوانُ مُخيلتي، وأخذَ بلّبي، وأيقضَ رميمَ شُعوري: مَنْ شاءَ سماءً لامتناهيةً يُحلقُ فيها بِخيالِه، ونديماً ومُسامراً في ديجورِ ليلِه، ومَنْ شاءَ عيناً تُعارُ لشجوهِ وحزنِه، وخدَّاً أسيلاً لدموعِه، فعليهِ بقراءةِ ديوانِ إبراهيم ناجي...
بعيدًا عن المواضيع الغالبة على شعره (المديح والغزل) أسلوب هذا الشاعر كله رشاقة وانسيابية، وكلماته ومعانيها تقطر عذوبة ورقة، وتشبيهاته وتصويراته جزلة وجميلة.
مما قاله في رثاء الشاعر الهمشري: "كان فراشًا حائرًا في الدُنى* في نورها أو نارها يرتمي/ فإن نجا من نارها مرة* فمن لهيب النفس لم يسلمِ".
حتى أنك لو هذيت له قصيدة هذًّا بلا إدراك وتركيز منك للمعاني الموسيقى العذبة فيها تكفيك.