تتناول الكاتبة مارسي شيموف الأسباب الكامنة وراء الاكتئاب والتي يمكن تغيّيرها من خلال تعلّم كيفيّة البحث عن السعادة الدائمة التي تتخطّى كلّ الأسباب"... وتضع الكاتبة 21 عادة للشعور بالسعادة الداخلية، والتي استنبطتها من 100 مقابلة أجرتها مع أشخاص سعداء بالفعل، من بينهم كتّاب وممثّلين. كما أن الكاتبة ذكرت بعضاً من النوادر التي تحدّد مبادئ ومعنى أن تكون "سعيداً من دون أيّ سبب".
يقدّم هذا الكتاب تصورًا هادئًا وعميقًا للسعادة، بعيدًا عن الخطاب التحفيزي الصاخب أو الوعود السطحية. فكرته الجوهرية أن السعادة ليست نتاج الظروف بقدر ما هي نتاج عادات يومية وقرارات داخلية تتعلق بطريقة تفكيرنا، وعلاقتنا بقلوبنا وأجسادنا وأرواحنا، وبالمعنى الذي نمنحه لحياتنا.
يمتاز الكتاب ببنائه الواضح؛ إذ يؤسس أولًا لقاعدة أساسية: تحمّل مسؤولية سعادتك، ثم ينتقل إلى أربع ركائز داخلية (الفكر، القلب، الجسد، الروح)، ويُتوجها بالهدف والعلاقات الإنسانية. هذا التسلسل يمنح القارئ خريطة متكاملة للسعادة، لا وصفة سريعة أو حلولًا مؤقتة.
من نقاط القوة في الكتاب: • التركيز على الوعي بالأفكار وعدم تصديق كل ما يدور في الذهن. • إبراز دور الشكر، العفو، والمحبة كطاقات داخلية تغيّر تجربة الحياة. • الربط الذكي بين الجسد والسعادة عبر الغذاء والحركة والراحة. • التأكيد على أن الحياة الهادفة والعلاقات الصحية شرط للاستمرار في السعادة، لا مجرد إضافات.
الكتاب غني بالاقتباسات من فلاسفة ومفكرين ومعلمين روحيين من ثقافات مختلفة، ما يمنحه بعدًا إنسانيًا واسعًا، لكنه في المقابل قد يبدو لبعض القرّاء مكرر الفكرة أو بطيئ الإيقاع، خاصة لمن اعتادوا على الكتب العملية السريعة أو العلمية الصارمة.
بشكل عام، هذا كتاب يُقرأ بهدوء وعلى مهل، ويفيد من يبحث عن إعادة ترتيب الداخل، لا عن تغيير الخارج. قوته الحقيقية تظهر عند تطبيق عاداته الصغيرة باستمرار، لا عند الاكتفاء بقراءته فقط.
كتاب مناسب لمن يريد أن يعيش السعادة كمسار يومي، لا كهدف بعيد