«الشاعر يحسد الموسيقيّ لأنّ أصابعه حين تمرّ على الأوتار تصنع نشيداً بلا حروف- الشاعر يحسد الرسام لأنّ ريشته تصنع من الألوان سماءً وبحراً، بيتاً، وأناساً يمرّون أمام البيت.../ الشاعر لا يحسد نفسه لأنّه المجروح أبداً- المطعون بزهرة الضوء- المنتظر انقشاع السماء- الساهر على باب الموت/ الشاعر لا يحسد نفسه لأنّه الأرق دوماً- المضطرب دوماً- المنتظر دوماً...». هذا ما كتبه عبده وازن في ديوانه السابق «حياة معطلّة»، إلاّ أنّ الشاعر في كتابه الجديد «قلب مفتوح» بدّل المقاييس وناقض مقولته عن غير قصد ربما، وصار فعل «الحسد» واقعاً على الشاعر نفسه بعدما أدهش الجميع بقدرته الإبداعية على أن يحوّل تجربته الذاتية الأكثر قسوة وإيلاماً إلى أداة فنية تستحوذ عقل القارئ وقلبه لتُدخله عالماً مليئاً بالسحر والإبداع والجمال. فغدا الشاعر أشبه بالخيميائي الذي يعرف كيف يجعل من التراب ذهباً. وكما أنّ الذهب والفضة يُختبران بالنار، فإنّ طاقة الشاعر الإبداعية تُختبر بالآلام. هكذا جاء «قلب مفتوح»، وليد عملية جراحية خطيرة أجريت لعبده وازن بعدما خبُر الموت وخرج منه بشعور «المولود الجديد». وهذه الولادة الجديدة التي بدأت منذ الصفحة الأولى وامتدّت على صفحات الكتاب حتى نهايته «أكتب الآن، لقد عدت إلى الحياة حقاً. ما أجملك أيتها الحياة عندما تشرقين من وراء سور الليل» (ص208)، لم تنفصل عن المعنى الديني. فالكاتب يصف نفسه بأنّه «كائن ديني بالفطرة». إنّ هذه «الولادة الجديدة» أوجدت مسافة بينه وبين نفسه، وكأنّ الكاتب قد انسحب من الحياة التي عاشها: «أنظر إلى جسد ليس جسدي»، ومن ثمّ يسترجع طفولته بعقل الناضج فيقول: «هذا الطفل الذي كنته». ولكن تدوين التجربة الذاتية المُعاشة لم يكن كافياً لوضع الكتاب تحت عنوان «السيرة الذاتية» أو «المذكرّات»، لأنّ التقنية التي كتب بها عبده وازن تجربته جعلت كتاب «قلب مفتوح» عصياً على التوصيف. فالأساليب تتداخل بين التذكّر والتخيّل والحلم، الأمر الذي يجعل من الكتاب أقرب إلى الرواية الذاتية التي تعتمد في أحداثها ومواقفها على الحياة الخاصة لكاتبها. وهذا ما يقوله وازن نفسه ص 205: «أنا الذي يكتب وأنا الذي يُكتب عنه أو يُكتب»... وارتأى الكاتب أن يعرض حياته وفق سرد محوري Thematique وليس كرونولوجي Chronologique، فهو لم يتّبع تسلسلاً زمنياً وإنما بدأ السرد من لحظة «الذروة» أي الخروج من العملية واستفاقته من نومه الطويل على إثر المخدّر، إلاّ أنّ الأشياء المتناثرة حوله والألوان التي يراها والأحاسيس التي تنتابه كلّها هي التي حرّكت ذاكرته وجلبت المراحل السابقة من الماضي إلى الحاضر. فاللون الأبيض الذي كان يُغرِق الغرفة ذكّره بحبّه الأوّل الطاهر والبريء. أمّا الجروح في صدره فأعادت إلى مخيلته صورة الجرح الذي سكنه منذ كان طفلاً، عندما دخلت الرصاصة في كتفه ومرّت بمحاذاة القلب دون أن تخترقه. وظلمة ليله الموجوع يُذكرّه بصور الحداد التي عرفها في طفولته المبكرة بعد رحيل أبيه وكذلك بالملابس السوداء التي ارتدتها جارتهم حتى آخر يوم في حياتها بعد وفاة وحيدها غرقاً في البحر. ومن ثمّ نقله سواد الليل إلى القارّة السوداء ليُعيد مشاهدة جزء من شريط حياته في البلد الذي هاجر إليه بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية «كنشاسا»، حيث عاشر للمرّة الأولى فتيات سوداوات البشرة وشعر معهنّ بمعنى الحب والدفء والأمان، ومنها إلى السواد الذي يصعد من «حفرة الداخل» نتيجة حالة الإكتئاب التي عرفها عند عتبة الثلاثين من عمره. وهذا النوع من السرد يُقرّب المراحل المتباعدة ويلغي الفواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل. وأعتقد أنّ «السرد المحوري هو الأكثر ملائمة للمذكرّات الداخلية الذي ينضوي تحتها كتاب «قلب مفتوح». وهذا ما يتقاطع مع مقدّمة أحد أعلام كتابة السيرة الأديب الفرنسي المعروف فرنسوا مورياك في مذكرّاته الداخلية الجديدة Les Nouveaux Mémoires Intérieurs لقوله: «هذه المذكرّات، لأنّها داخلية، هي تسخر من التسلسل الزمني». إنّ الكاتب يتوجّه في سيرته إلى قارئ غائب دون أن يُسميّه أو يُخاطبه أو يأتي على ذكره، وكأنّه يريد من خلال خطابه المونولوغي الداخلي الطويل التأكيد على أنّ فعل الكتابة هذا موجّه أولاً لنفسه ومن خلالها إلى الآخرين. وهذه «الأنا» في انكفائها وغرقها في ذاتها الحميمة إنما هي تغوص أيضاً في «الأنا» الواسعة المتآلفة التي ينتسب إليها كلّنا. وهذا ما يستشعره المتلقّي عندما يفرغ من الكتاب بإحساس «الكاتب أو المكتوب عنه»، فالشبه الذي يلحظه قارئ «قلب مفتوح» بينه وبين الكاتب، بالرغم من اختلاف التجربة، ليس سوى نتيجة حتمية لتغلغل «الأنا» في ذاتها ووصولها إلى أعماقها ونجاحها في سبر أغوار نفسها بشفافية ومصداقية وعمق. في الصفحة 27 يطرح الكاتب سؤالاً جوهرياً على نفسه من دون المطالبة بإيجاد الجواب: «لا أدري لماذا أسترجع طفولتي الآن، أو لماذا تسترجعني هي نفسها»، ولكن علم النفس يُجيب عن السؤال باعتبار أنّ الإنسان الناجي من أزمة صعبة تشبه أزمة الكاتب التي جعلته قاب قوسين من الموت هي كفيلة بأن توجد لديه حالة من القلق الفنّي الذي يفتك به ولا يخرج منه إلاّ عندما يكتب. من هنا يكتب وازن في نهاية سيرته: «لا أعلم لماذا كتبت وما كتبت ولا كيف. لا أعلم أيضاً ماذا كتبت...» (ص204)، «لا أكتب لأواجه ولا لأتحرّر ولا لأنتفض ولا لأهرب ولا لأغيّر العالم ولا ولا... أكتب لأكون أنا نفسي، لألقي ضوءاً على نفسي...» (ص207). وعلى شاكلة نتالي سارّوت في مذكرّاتها المعروفة «طفولة»، يسرد عبده وازن طفولته بطريقة مزدوجة فيُصيب «الأنا» انشطاراً بين «أنا» (الكاتب) و«أنا» (الطفل)، ما يؤدّي إلى ما يُعرف ب«تعدّد الوجدان» بحيث يستعيد الكاتب طفولته بعقل الناضج ويرويها وكأنّها طفولة شخص آخر فيقول عن نفسه: «هذا الطفل الذي كنته». أمّا على مستوى اللغة التي استخدمها وازن في كتابه، فإنّها جاءت شعرية أكثر من أي قصيدة أخرى كتبها. وربما يعود ذلك إلى مخزون العاطفة في قلب عبده الذي خضع لعملية «...
عمل أدبي يقترب من السيرة الذاتية.. بعد عملية قلب مفتوح يحكي عبده وازن عما مضى من حياته ارتحال في الزمن واستعادة للذكريات.. يكتب ما يجول في ذهنه من خواطر وأفكار, أحداث وتجارب وكأنه بفعل الكتابة يتحرر من قيود الخوف والألم ويتخفف من ثقل الماضي استعدادا للعودة للحياة
3,5/5 كتاب جميل تخيّلته مناسبًا للقراءة في كراسي الطائرات، تحدث فيه الكاتب عن ذكريات تعبر خاطره بشكل عشوائي و (ملحّ) كم ذكر.. تحدث عن عمليته، عن الموت و الحياة، عن النساء الافريقيات، عن الملائكة، عن المسيحية والملحدين.. الانتحار و الكثير من المواضيع المتفرقة.. كان يتسائل في كل مرة لماذا تحدث عن هذا الامر، وهذا ماكان نوعًا ما مملًا قليلًا، كأول كتاب اقرأه لعبده وازن.. احببته :)
شفايفية أحببتها وارتحال في الذاكرة غاية في الرقة تبقى الأسئلة الحائرة عن الموت والليل والجنس والاحلام والايمان والضعف والألم والانتحار والحب والحرب والكينونة والوجود ربما كانت اللغة أبسط مما كنت أتوقع لكنها كانت صادقة وعفوية
أذكر هذا الكتاب جيداً رغم طول عهدي به . فقد كانت أول " مائة صفحة مطالعة " في جلسة واحدة معه ! ومن بعدها تتابعت جلسات المطالعة المطولة مع غيره من كتب . و اظن أن سبب الألفة التي نشأت بيني و بين الكتاب -و عبده وازن- أننا نملك الكثير من الشبه في الشخصية و الذكريات .
اليتم، الملائكة، اللون الأبيض، الانتحار، الاحتضار ... ستأخذ معان مختلفة لدى قراءة سيرة عبده وازن، ذاكرته الدقيقة أعادت لي ذكرياتي كطفلة، صدقه وعمقه في طرحه لتساؤلات عديدة وعديدة تجعلني أستطيع رؤيتي نفسي فيه، كم كان وصفه للملائكة جميل وعذب.
هنا عبده وازن كان مثل غريب التقيتُهُ على سفر ، بالقطار ، أفضى إليّ بكلّ مكنونات قلبه ، تجاربه ، ثم مضى ، و مضيتُ أنا بعده .. أحببتُ هذا النص ، و سأفتقدُه .
بحثت عن الكتاب طويلًا ولمّا أجده! كنت قد اعتقدت أنه مذكرات مريض اكتئاب، وذلك لأنني قرأت تغريدة إحدى المغردات الفاضلات يومًا وقد اقتبست منه. فركت رأسي بما يكفي وحاولت استقصاء كل ما أذكره لأجد الكتاب. ولم أجده إلا بالاستعانة بواسطة أوصلتني لتلك المغردة لأسألها عن عنوانه. هذه القصة لعبت دورًا مهمًا في حماسي لإنهاء الكتاب في أقل من يوم، وخاب أملي فيه للأسف! سأذكر أولًا الملاحظات التي وجدتها خلال قراءتي للكتاب: 1- ليس هناك مقدمة ولا خاتمة ولا تقسيم للكلام ولا فهرس. وهذا يؤثر سلبًا في قراءة الكتاب. ماذا لو أردت الرجوع لموضع ما من الكتاب؟ سيكون ذلك صعبًا والحال كذلك. ماذا عن تسلسل القصص؟ ستقرأ في البداية عن قصته مع عملية القلب ثم تتفاجأ بقفزة إلى موضوع آخر وتسلسل لا ينتهي إلا بانتهاء الكتاب. 2- نصرانية الكاتب ومعتقداته الدينية أثرت كثيرًا في نظرته للحياة وكذلك استنتاجاته وتفسيراته التي لا أتفق معه فيها بحكم اختلاف العقيدة والمبدأ. وقد كانت هذه الاستنتاجات والتفسيرات كثيرة وكبيرة بما يكفي لتؤثر في تقييمي للكتاب. 3- اتسمت بعض مواضع الكتاب بالتكرار الذي لا داعي له والذي يحفز ملل القارئ للظهور! بالنسبة لي: كان النصف الأول من الكتاب شائقًا وجيدًا وواضحًا أكثر من النصف الثاني منه، وتحديدًا الصفحات الأخيرة التي شعرت أنها كانت مجرد حشو لتضخيم الكتاب. 4- صحيح أن الكتاب لم يعده المؤلف ليكون مذكرات شخصية أو سيرة ذاتية، وإنما هو في أحسن الأحوال خواطر فلسفية أو نثرات من عبق الذاكرة. ولكنني أعتقد أن وجود سردية مختصرة لحياة الكاتب كانت ستجعل القارئ أكثر استيعابًا لحديثه عن طفولته ومراهقته. وفي المقابل فهذه بعض الأسباب التي جعلتني أرفع تقييم الكتاب لثلاث نجمات: 1- كان وصف الكاتب لنفسه في مراحل حياته معبرًا وعميقًا. 2- وصف الكاتب لمجتمعه الصغير يساعدنا في تكوين جزء من صورة المجتمع اللبناني سابقًا. 3- حديث المؤلف عن الانتحار وكذلك الاضطراب النفسي من ص89-ص122 هو أقوى جزء في الكتاب تقريبًا. 4- عفوية الكاتب وبساطته في التعبير عن بعض فترات حياته. ورغم أنه توغل قليلًا في الحديث عن الجنس إلا أن حديثه لم يكن مبتذلًا برأيي. 5- يمكن أن يستفاد من الكتاب لمعرفة نمط حياة نصارى لبنان تحديدًا. 6- لدى الكاتب ثقافة أدبية والتزام ديني ظاهر في كتابته ومؤثر كذلك.
حصولي عليه بتاريخ 11-11-31 يعني حالة فرح \---------------------- اخلص من (زمن الخيول البيضاء)ثم اسوي قرعه بينه وبين (رآيت رام الله) هههه \--------------------- 27 -11-31 قلب مفتوح=> انشوده مسيحيه...يفتح فيها عبده قلبه
تكلم بإستفاضه في اي موضوع تطرق له..في رحلة الحلم او رحلة الماضي