عرفت مصر في الخمسين عاما ًالماضية (1952 - 2002)، والتي انقضت على ثورة يوليو، ما يسميه المؤلف "عصر الجماهير الغفيرة". وهو عصر جلب تغيرات عميقة ومثيرة في شتى نواحي الحياة الإجتماعية والثقافية في مصر، لم تعرف مصر لها مثيلاً في تاريخها الطويل. ويتناول هذا الكتاب شرح كثير من هذه التغيرات فيفرد لكل منها فصلا مستقلا: الصحافة، الإقتصاد، الثقافة، التليفزيون، التليفون، السوبرماركت، الأزياء، أعياد الميلاد، الحب، السياحة، العلاقة بين الدين والدنيا... إلخ. كل هذا يتناوله د. جلال أمين بأسلوب سهل وسلس، يجعل من هذا الكتاب إضافة ممتعة لكتابه السابق "ماذا حدث للمصريين؟" الذي حقق نجاحاً وشيوعاً كبيرين
Galal Ahmad Amin is an Egyptian economist and commentator. He has criticized the economic and cultural dependency of Egypt upon the West .
He is the son of judge and academic Ahmad Amin. He studied at Cairo University, graduating LL.B. in 1955 before studying for diplomas in economics and public law. Receiving a government grant to study in Britain, Amin gained a M.S. (1961) and Ph.D. (1964) in economics from London School of Economics. From 1964 to 1974 he taught economics at Ain Shams University, also working as economic advisor for the Kuwait Fund for Economic Development from 1969 to 1974. After a year's teaching at UCLA in 1978–1979. now he is professor of economics at the American University in Cairo.
ربما علي أن أكتب هذه المراجعة قبل أن أنسى للمرة الثالثة! قرأت هذا الكتاب منذ ما يقرب للأربعة أعوام وها أنا أعود إليه من جديد باختصار،جلال أمين من الكتاب الذين يجب أن تقرأ لهم وربما أكثر من مرة .
حينما قرأت الكتاب منذ أعوام كنت منبهرة تمامًا بالأفكار واستطعت تكوين وجهات نظر منها بعد قراءة الكتاب وحينما عدت للكتاب مرة أخرى تذكرت معظمه وإن كنت قد بدأت أكون قناعات جديدة تناقش الأفكار المطروحة. جلال أمين هو من أفضل الكتاب الذين وصفوا وأرخوا للشعب المصري في القرن العشرين والواحد والعشرين وهذا الكتاب مبهر ويعطيك تأريخًا حقيقيـًا وقويـًا لهذه الفترة من حياتنا. من أقوى مقالات الكتاب : مقال الثقافة والذي يحتل معظم صفحات الكتاب المئتين وأيضًا مقالات السياحة وإن كنت أرى عودة السياحة إلى مصر ضرورة حتى لو خففنا من اقتراحات جلال أمين في الكتاب. كما أرى أن انتشار الحجاب بين الفتيات ليس نتيجة خروج المرأة للتعليم الجامعي بشكل أكبر وللعمل فحسب بل وأيضا بسبب انتشار التيارات الدينية الوهابية وتأثيرها في المواطن المصري البسيط وتراخي الدولة عن هذه التيارات مع نبرة ذكورية استعلائية عن جسد المرأة والعمل مع المرأة..إلخ مقالة قطار الصعيد مؤلمة جدًا وأيضًا مقال السيرك.
بعد ان حدثنا الدكتور جلال امين في كتابه ""ماذا حدث للمصريين"" عن أهم التغيرات الطارئه والملحوظه على الشعب المصري يستعرض بشئ من التفاصيل ما حدث للعالم من تغير خلال الخمسين سنه الاخيرة...لم يبخس تلك العقود الخمسه حقها ولكنه وضع ما قدمت في الميزان مقابل ما أخذت ...
يشرح لنا الدكتور جلال امين في الفصل الاول مفهوم ومعني كلمة (عصر الجماهير الغفيره) و اهميتها كظاهره وأرتباطها بعصر الامركه ..و أورد في هذا الفصل ثلاث ملحوظات ليلفت نظر القارئ للرابط بين الظاهرتين حول العلاقة بين بزوغ الجماهير الغفيرة والتقدم التكنولوجي ضاربا بالأتحاد السوفيتي كقوة أشتراكيه عجزت عن توفير الرفاهيه لشعوبها وتطبيق سياستها وافكارها على أرض الواقع لعجزها عن زياده الانتاج ... والملوحظه الثانيه كانت تفاوت أحراز خطوات نحو مجتمع الجماهير الغفيره معتمدا على التفاوت في التقدم التكنولوجي _كل من الاتحاد السوفيتي و الدول الاسكندنافيه خرج منتصرا من الحرب العالميه الثانيه لكن الدول الاسكندنافيه حققت تقدم أفضل لانها استطاعت زياده نسبه الانتاج بشكل اسرع_و الملحوظه الثالثه تنصب على مقارنة بين رفاهية الفرد الامريكي الذي مُرست عليه أقتصاديات عصر الجماهير الغفيرة حتى قبل نهاية الحرب العالمية الثانيه و رفاهيه التي يتمتع بها أي مواطن في اي دولة في العالم تأخرت قطعا عن أمريكا في تطبيق النظرية ...
يقف جلال أمين بالمرصاد للرأسماليه ويراها عدو للثقافه و يشرح وجه نظره بأستفاضه مبينا ان في عصر الجماهير الغفيره تضاءل الكيف أمام الكم ...فأختفت طبقة الصفوه و الطبقات الذواقه الراقيه ...التي من طبيعتها ان تكون محدوده في أي مجتمع ..وفرض عصر السوق على الصناع زيادة الانتاج فأختفى التفرد ..
اما في الفصل الثالث فيستعرض الكاتب دخول مصر في عصر الجماهير الغفيرة بعد ثورة يوليو و التي كان داعمها أزدياد في عدد السكان وبالتالي حجم السوق و ايضا تغيرات اجتماعيه أدت الي زياده الحجم الفعال للسكان كذلك النمط الاستهلاكي للأفراد الذي أخذ في التحول والتغير. وفي الفصول التاليه يناقش الكاتب التغيرات في الانماط الاستهلاكيه كل على حده من الصحافه للتليفون مرورا بالملبس حتى أعياد الميلاد والحب و السياحه ... و لم يفته التغيير الحادث في مكانه ومعنى ومغزى الدرجات العلميه وماطرأ على الخطاب الاصلاحي من تغيرات ..
و استخلص في النهايه ..ان الخمسين سنه الاخيره أعطت أنتشار في الكم في كل شئ مع انحطاط في الكيف ... زاد المتعلمين عددا لكن قلت جودة التعليم ...زادت الصحف لكن قل منها من يؤدي دوره الاعلامي السليم و هكذا ... أدرك ان الخمسين سنه الاخيرة كونت ثقافة السوق حيث يضع الصانع المستهلك نصب أعينه و يغازل رغبته في الصعود الطبقي او التميز ...
كان جدي يرى الأصلاح في حكم المستحيل ,ورأه أبي ممكن والمطلوب أصلاحه في نظره هو حال المسلمين, ورأيته انا ايضا ممكنا وكان في نظري اصلاح مصر وعلى احسن الاحوال حال العرب , ورأه أبني مستحيل ..............يبدو الامر للوهله الاولى وكأن ابني قد عاد الي النقطة التي بدأ منها جدي وهي الاعتقاد بأن الفرد منا أتفه و أعجز من ان يحدث تغيير مهم في نظام المجتمع ناهيك عن نظام الكون
اللقاء الثاني لي مع د. جلال أمين، ولن يكون الأخير بإذن الله.
يُعَد هذا الكتاب بمثابة الجزء الثاني لأشهر كتب جلال أمين وأكثرها شيوعاً ألا وهو "ماذا حدث للمصريين". حيث تناول الكاتب في هذا الجزء تأثير ما أسماه "عصر الجماهير الغفيرة" على مصر إقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً.
يتنقل الكاتب برشاقة ومرونة بين الفصول، فيتحدث أولاً عن المقصود ب"عصر الجماهير الغفيرة" والعلاقة بينه وبين ما يسمى ثورة يوليو في مصر. ثم يفصل تأثير هذا العصر على شتى جوانب الحياة في مصر، من الصحافة والتليفزيون والتليفون، مروراً بالسوبر ماركت والأزياء وأعياد الميلاد والحب والسيرك، وعطفاً على السياحة والثقافة والاقتصاد، وانتهاء بعلاقة الدين بالدنيا وقطار الصعيد وحالة الطبقات الدنيا.
كتاب لابد أن يُقرأ لكل من يرغب في معرفة أسباب الحالة التى وصلت إليها مصر الآن وجذور التدهر الذي لحق بالمصريين في كافة جوانب الحياة.
يعرض المراحل والأسباب التي ادت الى تحول ثقافات أجزاء كبيرة من الشعوب من الاهتمام بالمضمون والسعي له إلى ثقافات سطحية تهتم بالمظاهر أدت إلى نشأة شعوب ركيكة تفتقر أيّ هوية ثقافية وطرحه لاحدها لا يعني أن باقِ الشعوب لم تنهج النهج نفسه
هل استوقفتك تلك اللافتات المكتوبة بالإنجليزية فى بلد يتحدث العربية كلغة أولى ؟ منذ اسبوع ضقت ذرعاً اثناء تجولى فى احد الاسواق التجارية الكبرى فى القاهرة و هالنى نمط حياة المصريين و العرب عموماً .. نمط حياة امريكى دهس كل ما تبقى من ثقافة المصريين .. وكله فى سبيل العولمة .. اتذكر تلك العبارة التى كتبت فى مدستى : *العالم صار قرية صغيرة* ، لكن لم اع حينها ما المقصود بالعالم .. والآن قد فهمته ولكن لم اشاهده ، فما اراه هو قرى صغيرة تسيطر عليها دولة كبرى .. امريكا .. امريكا التى اصطلحت العولمة و صارت تنادى بها فى كل مكان ، دمج الثقافات ، توحيد كل ما هو مختلف امريكا التى صنعت الرجل العادى و المرأة العادية بإهتماماتهم المتدنية حول الملبس و الطعام والافلام المثيرة .. ذكر عبدالوهاب المسيرى ان فكرة الموضة جاءت نتيجة عدم توقع من يريدون احتكار- صناعة معينة كالملابس مثلا لتوجهات الناس ، فصاروا يوجهون الناس بطريقة غير مباشرة عن طريق الموضة .. وبذلك ضمنوا تجارتهم و كذا ترويج سعادة مزيفة لمتبعى الموضة.- امريكا التى طمست كل ما يميز ثقافة عن آخرى .. حتى تستطيع ان تغزو العالم بفكرها دون مقاومة .. فالثقافة تعنى : هى كل ما يميز حضارة عن آخرى حتى لو كان بسيطاً .. ملبسك ، لغتك .. موضة البلو جينز ، موضة صناعة افلام العنف ، موضة افلام الاثارة ، موضة الصحف الصفراء.
ينتقل جلال امين ف كتابه الى توضيح مظاهر عصر الجماهير الغفيرة ففى الصحافة مثلا كانت الصحف "تصدر عند الحاجة" وكان هذا المبدأ الذى يتصدر الصفحة الاولى فى اى جريدة فى اوائل القرن السابع عشر .. ثم فكر البعض فى اصدارها يوميا اشباعا لرغبات القراء فى المعرفة طوال الوقت .. او قل خلق رغبة جديدة فى القراء ثم التظاهر بإنها تشبعها بتلك الطريقة! العجيب انه ف تلك الفترة لم يك هناك شريحة واسعة من المثقفين المقبلين على قراءة الكتب ، إذن فلم اندفع الناس إلى قراءة الصحف؟ الإجابة هى ان الصحف تتميز بأمور عدة : الصور ، تبسيط المقالات حتى تصل الى الطبقات متوسطة المعرفة ،اخبار مثيرة عن الفضائح و الجرائم وبذلك زاد عدد القرَّاء. قد يبدو لك ان عدد المثقفين زاد ، ولكن الحقيقة ان الحجم الفعال من المثقفين ظل ثابتا امام زيادة مطردة من الصحف الصفراء و القراء المتوسطين الغير باحثين عن العلم و المعرفة بمعناهما الحقيقى.. بالطبع لن يتوقف رئيسو التحرير عند عرض مواضيع غير هامة لبيع اكبر عدد من النسخ فحسب بل طمعوا ف بيع قرئها للمعلنين لتجد جريدة مثل الأهرام عبارة عن جريدة إعلانية فى عدد الجمعة يتخللها بعض المقالات ..
Tell lie vision! it is my name and also my job. كما قامت العديد من وسائل التواصل على زيادة غرور الانسان عن طريق الانتشار الواسع و غيرها قام التليفزيون على تضخيم ك شئ و معنى تضخيمه اى الكذب على المشاهد حتى يزداد فضوله فيشاهد ذلك الممثل الذى سب ذاك و الرئيس فى خطابه المؤثر للجمهور و لامانع من اضافة بعض المؤثرات الصوتية حتى يكتمل المشهد .. فيكفيك تلك الكلمة من الكتاب حتى تصف لك كيف اننا موجهين كقطيع فلماذا اذن تزداد معدلات الاكتئاب و الانتحار رغم المامك -بالطبع اقصد ما يريده الكبار ان تلم به- بما يحدث فى قارات آخرى تفصلك عنها الآف الاميال؟
"عند قيامك بشراء علبتين سوف تكون قد وفرت خمسة جنيهات" ترى تلك الجملة مدلاة من سقوف السوبر ماركت او الهايبر ماركت حتى تظن ان شرائك لسلعة ما تحول من "انفاق" إلى "توفير" .. آه والله! عربة السلع التى تفرح بامتلائها بسلع تحتاجها او حتى لا تحتاجها -وكإنك قد ملأتها حسنات- حجمها مخصص لكى تشترى عدد معين من السلع فإذا اشتريت اقل من حجمها تبدو كشخص من كوكب اخر ، تلك الشيكولاتة الموجودة عندما تحاسب هل اوصلت لك رسالتها بأنك قد اشتريت الكثير فلما لا تشترى تلك العلكة او الشيكولاتة؟ حتى نمتص اخر ورقة نقود من جيبك. هل قضيت حاجتك من ذاك المتجر ام هو من قضى حاجته عن طريقك؟ حاجة بيعه لكل سلعه سواء احتجت لها ام لا. و تجد آيضا حملات لتنشيط الشراء و المعارض الكبرى ذات الخصومات كل ذلك حتى يتحسن اقتصاد البلد محققين بذلك تلك النكتة الغبية : I am not a shopaholic i am helping the Economy! ص 60
فكرة الكتاب الرئيسية هو أن نسبة الأشخاص المؤثرة إقتصادياً و إجتماعياً في العالم كله و مصر بالأخص قد زادت بعد الحرب العالمية الثانية. زاد عدد المتعلمين الذين يمكنهم قراءة الصحف، زاد عدد من يمتلكون القدرة المادية علي شراء التليفزيون بسبب إرتفاع المستوي الإقتصادي من جهة و تقدم التكنولوجيا التي تسببت في رخص سعر التليفزيون، ظهر الدش الذي مكن الإعلاميين من إستهداف عدد ضخم من المشاهدين خارج حدود الدول و القارات، الخ. يرصد الكتاب تأثير هذه الظاهرة علي جوانب الحياة المختلفة، كيف كانت البرامج، الصحف، وسائل الإتصال، الخ حين حين كانت تستهدف شريحة ضيقة من المجتمع و كيف أصبحت حين إستهدفت شريحة واسعة من المجتمع.
أحد النقاط الرائعة في هذا الكتاب هو فكرة أنه لكي تستهدف كل الناس فلابد أن تختار شيئاً يروق لهم جميعاً و هذا شيء صعب و هي الحقيقة التي علمها جحا لإبنه من قديم الزمان، و بالتالي فإن الشيء الذي يرضي كل الأذواق هو غالباً شيء خالي من أي محتوي فكري أو ثقافي، و غالباً سيركز علي التسلية السطحية و أحياناً القائمة علي إثارة الغرائز مثل الجنس و الرغبة في سماع اخبار الفضائح و الحوادث البشعة. إن كنت تقدم سلعة فلابد أن تثير في الناس الرغبة في الشراء بغض النظر عن نوعية المنتج و ما إذا كان يمثل إضافة حقيقية للمشتري. نفس المبدأ ينطبق علي كل مجالات الحياة تقريباً، لكي ترضي كل الناس لابد أن تقدم لهم شيئاً لا فائدة منه إن لم يكن ضاراً.
الكتاب يؤكد علي الحقيقة المؤسفة التي يقوم عليها الإعلام الأمريكي و هي أن الجمهور أغلبيته حمقي ينقادون لمن يقودهم. لكي تقدم شيئاً (برنامج - جريدة - منتج ما) ذو قيمة فغالباً لابد من أن تستهدف عدداً بسيطاً من الصفوة المتميزة فكرياً أو تستهدف أن ترتقي بمستوي المحدودين فكرياً، و هو ما يعني أنك ستضحي بالمكسب الفاحش و ترضي بمكسب بسيط نسبياً و هو ما لا يقبله معظم الناس لأن المال هو أول و آخر ما يسعي إليه معظم الناس بغض النظر عن الإعتبارات الأخلاقية و الدينية.
لي مأخذ واحد علي الكتاب هو أنه عند تفسيره لظاهرة إنتشار الحجاب وسط الفتيات في الستينات و ظاهرة الفتيات المحجبات الاتي يسيرن علي كورنيش النيل و أيديهن متشابكة في ايدي فتيان ، في تفسيره للظاهرتين أرجعهما لعوامل إجتماعية و إقتصادية من نوعية زيادة عدد الفتيات الاتي يدخلن الجامعة. هناك عوامل أخري لم يشر إليها من قريب أو من بعيد مثل زيادة الوعي الديني، و فكرة أن الحجاب فرض من الله ( أو علي الأقل هذا ما تؤمن به شريحة لا بأس بنسبتها في المجتمع) و أن الناس تتفاوت في مدي إيمانها و مدي إلتزامها و رغبتها في طاعة الله . بالطبع لا يمكن إهمال العوامل الإجتماعية و الإقتصادية و لكن لا يمكن أن نرجع ظواهر مثل إنتشار الحجاب أو الإلتزام بالحجاب كزي دون سلوك إلي هذه العوامل فقط، مثل العلماء الغربيين الذين يرجعون الدين إلي عوامل إجتماعية و إقتصادية في تطور الأمم و المجتمعات و يهملوا فكرة تنزيل الأديان من السماء و أن الإنسان بالفطرة يبحث عن دين و عن خالقه.
بإستثناء هذه النقطة فالتحليلات الإجتماعية و الإقتصادية في الكتاب ممتازة و سلسة كعادة معظم كتابات د. جلال أمين.
أنت ليه مش عايز تقول إن سياسة عبد الناصر في توزيع المال كانت كويسة ولا عايز تدين سياسة الانفتاح رغم إنك بتتكلم عن أثرهم ؟
قرأت لجلال أمين من قبل ؟ لا لم يحدث لي الشرف .. هل تعرفت على فكر جلال أمين .. لا الحقيقة لم يتسن لي التعرف إلى هذا المفكر العظيم ..
ثم ؟
لا شيء .. أفتح هذا الكتاب فأجده في مقدمته ينسب ماحدث للعولمة .. مطلقًا اسم " العصر الأمريكي " على الخمسون عامًا الاخيرة أو النصف الثاني من القرن العشرين .. و أسمًا آخر بعنوان ..
عصر الجماهير الغفيرة ..
يبدأ الكتاب بالمقارنة بين حال ركوب الطائرات في النصف الأول من القرن العشرين والمعاملة المحترمة التي كان يلقاها راكبو الطائرات .. مقارنة بما حدث عندما أصبحت وسيلة مواصلات للجماهير الغفيرة مما أثر بالسلب عليه هو وهو ابن الطبقة المتوسطة الراقية ..
بالإيغال في فصول الكتاب :
التليفون ، التلفزيون ، الصحافة ، ... إلخ .. ـ
يعزي أسباب الانهيار .. إلى الصعود الاجتماعي للطبقات الدنيا واحتلالها أماكن في الطبقة المتوسطة مما أثر بالسلب على مستوى الثقافة والأزياء والتلفزيون والصحافة والثقافة في مصر ..
ولكنه لا يقول ذلك بشكل نقدي أكاديمي بحيث يكون كتابه رصدًا للأوضاع المتدنية المضمحلة ..
وإنما يقله على طريقة رجل جالس على مقهى المعاشات مع أصدقاؤه المسنين ويتحدث بلهجة متحسرة :
" فاكر زمان يا أخي لما كنا بنروح نجيب الجبنة بالكيلو من كذا "
" فاكر زمان لما كانت الشوارع فاضية والبلد مش زحمة "
" فاكر زمان لما كانت الطبقة المتوسطة هي اللي متسيدة الوضع والباقيين دول كلهم شغالين خدامين وحافيين ومش لاقيين هدمة يلبسوها "
===
رأيت في هذا الكتاب نبرة استعلائية غريبة لا يمكن أن يوحي بها مفكر .. فالدكتور يتحسر على طبقته الوسطى .. ويبكي أطلال هذه الفئة من الناس وكيف صعد إليها من لا يلمون بمفرداتها .. و يسيئون استخدام أدواتها ..
فعندما سافر الفقراء إلى الخليج وعادوا محملين بالنقود أشتروا التلفزيون فأصبحت المسلسلات الهابطة والإعلانات الكثيرة تلبية لحاجة هؤلاء الهمج ، الذين لديهم نقودًا وليس لديهم درجة عالية من الثقافة تجعلهم يميزون جيد الفن والثقافة من رديئها ..
وعندما أتت ثورة يوليو وأتاحت مجانية التعليم وسنت قانون الإصلاح الزراعي .. ارتقى الأجراء إلى درجة ملاك .. مما أثر على الصحافة .. والتي لن تجد إلا الصحافة الصفراء وحكايات الجنس والفضائح والكلام التافه الهزلي الرديء لتلبية احتياجات هؤلاء الحوش ..
=========
ينظر الدكتور للطبقة الوسطى كأنهم شعب الله المختار وهؤلاء الذي من المفترض بهم أن يتم وضعهم في محمية طبيعية حماية لهم من الهمج والدهماء والأوباش ..
ويجب أولاً أن أعرف الطبقات من وجهة نظري .. حتى لا أقع في مشكلة كبيرة ..
فالطبقات الراقية هي تلك التي تملك درجة علمية وتملك أيضًا الثراء والمال ..
والطبقة الوسطى هي التي تملك درجة علمية عالية .. ولكنها ليست ثرية .. وإنما ميسورة الحال ..
أما الطبقة الدنيا .. هي تلك التي لا تملك مالًا ، وبناءًا على ذلك لا تملك علمًا فبالتالي لا يمكن بالطبع أن تتساوى مع الطبقتين السابقتين
ويرى الدكتور إن توفر المال لتلك الطبقة الثالثة .. من خلال قانون الإصلاح الزراعي ، ونمو متوسط مستوى الدخل ،.. وأيضًا من خلال ( هجرتهم ) إلى الخليج .. وثورة يوليو ومايستتبعها من مجانية التعليم والتي أتاحت لتلك الطبقة أن ترتفع إلى مستوى _ حاشا لله _ الطبقة المتوسطة .. فبالتالي أفسدت عليها معيشتها ..
وألحقت بالصحافة والتلفزيون والمستوى الثقافي والمجتمعي قدر كبير من الاضمحلال ..
حسنًا ..
إذا قلنا أن هذا حقيقي .. ( وأعتقد أنه أيضًا يحتمل جزءًا من الصواب ) لكن الدكتور لم يتحدث عن كيف نتعامل مع الفقراء ؟؟
يبدو أن الدكتور قانع بما هم فيه .. فهو لا يرى أن الأزمة هي في الوعي لا في الصعود الاجتماعي ..
فترقي هؤلاء اجتماعيًا بسبب ارتقائهم ماديًا دون الوعي اللازم لذلك هو ما أحدث تلك الأزمة ..
أما أن تعيب على الصعود الاجتماعي .. لا على افتقارهم للوعي ..
أما أن تعيب على مجانية التعليم .. لا على مستوى التعليم ذاته ..
أما أن تعيب على قانون الإصلاح الزراعي .. ولا تعيب على الإقطاع واسترقاق الإنسان وتكوّم هؤلاء تحت خط الفقر ..
فأعتقد هذا ليس بفكر أبدًا .. وليست بثقافة .. فأنا أيقن أن الشخص المفكرأو المثقف هو من ينحاز دائمًا للإنسان بغض النظر عن طبقية أو عنصرية ..
أما حضرتك ..
أن تعيب على هؤلاء : الهجرة للخليج طلبًا للمال .. وتقول أن هذا هو سبب التدني والانهيار القيمي والمجتمعي ..
فاسألهم أولاً لماذا ذهبتم إلى الخليج .. لماذا اخترتم الغربة عن أهاليكم وذويكم ؟؟
دلع ؟؟ صياعة ؟؟ خطة ماسونية للتساوي بالطبقة الوسطى ( المنزهة المقدسة ) ياحوش يارعاع ؟
أم أن الحاجة والفقر .. والمستوى المادي المتدني هو الذي دفع هؤلاء إلى ذلك ؟
إن كنت تعيب على الإنسان أنه يريد أن يحسن مستواه المعيشي .. فعب على نفسك أولاً أنك تريد أن يظل هؤلاء في مستواهم المعيشي حتى يتسنى لحضرتك الاستقرار اللازم في طبقتك المتوسطة المحترمة .. دون الاحتكاك بهؤلاء الذين أصابوا الثقافة والصحافة والفن في مقتل ..
هل ترى أن جـُل مشاكلنا سببها الهجرة للخليج ؟؟؟
كما أشرت ؟؟
نعم أريد أن اقول أن تلوث المجتمع المصري ( مجتمعكم بالطبع ) كان السبب فيه صعود تلك الطبقات الفقيرة ..
لكنني أريد أن أبحث في لب المشكلة ..
مالذي دفع هؤلاء للسفر للخليج ؟؟
ومالذي جعل المجتمع يتأثر بسفرهم إلى هذا الحد ؟؟
عمومًا :
وفي النهاية ..
يشير الكاتب إلى أن الطبقة المتوسطة هي تلك دائمًا المؤثرة تأثيرًا فعليًا في الثقافة .. وهي الفكر والفن والآداب
بحيث إنها هي التي تحمل على كاهلها مسئولية الثقافة إنتاجًا واستهلاكًا
بينما ( نادرًا ) _هكذا يرى الكاتب .. _ ماتكون الطبقة الدنيا ذات تأثير فعلي في المسار الثقافي
تنظيم لحالة المشهد المجتمعي وللرؤية العامة والعلامة الفارقة...مصر على مرأى قبل الحرب العالمية الثانية وبعدثورة يوليو والتدفق المكثف للعصر الأمريكي بشكل عام.
هذا الكتاب يُجيب عن سؤال " ماذا حدث للمجتمع المصري في الخمسين سنة الأخيرة"، أي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، والدكتور يُسجِّل ملاحظاته كمفكر اقتصادي أولًا، وكباحث ومواطن مصري من الطبقة الوسطى ثانيًا، وكيف شاهد ما حدث من تقلُّبات مستمرة ومتغيّرة لهذه الطبقة، هو ليس كتابًا اقتصاديًا لكن النفس التحليلي الماركسي كان حاضرًا عند الدكتور جلال، ومع ذلك أزعم أن الدكتور كان موضوعيًا بشكل كبير، لم يشتط ويذهب بعيدًا في المهاجمة، وأحيانًا كان يقف عند حدود رصد الظاهرة المستجدَّة تاركًا للقاريء مهمة المقارنة بين ما "كان" وما "حدث بالفعل" .
الجماهير الغفيرة أو الطبقة الوسطى= هي المحدد المعياري عند جلال أمين لسرعة ومقدار التغير، وأنَّ إشباع حاجة تلك الجماهير حتى ولو كانت حاجات وأشياء من قبيل الترف، هو أهم ما حدث من تطورات بعد الحرب العالمية الثانية، وهي الفترة التي وصفها جلال أمين بالعصر الأمريكي الذي تسيَّدت فيه أمريكا؛ فقد كانت هي الدولة الوحيدة التي ظهرت فيها سمات عصر الجماهير الغفيرة، عن طريق اغراق الجماهير في مستنقع الاستهلاكية المفرطة، صاحب هذا ما يصفه بنمط الثقافة الأمريكي، من أفلام ومسلسلات ومأكولات وملابس، وهي مثال صارخ للغزو الثقافي، فعند جلال أمين وقوع الجماهير تحت سطوة آليات إنتاج السوق، أفسد الذائقة العامة من ناحية، وأنتج نوعًا من الانتقاء لما يجب أن يستمر وما يجب أن ينتهي، وهو انتقاء ليس بالضرورة انتقاءً موضوعيًا عقلانيًا.
ويرى أن ثورة يوليو ساهمت في بروز ظاهرة الجماهير الغفيرة، حيث يحصر الكتاب مفهوم الجماهير الغفيرة في الحجم الفعّال للسكان القادرين على التأثير في الحياة الاجتماعية، وأهم ما فعله الكتاب- بتصوري- عند تتبعه لظاهرة الجماهير الغفيرة= هو ربطه بين النمط الأمريكي وثورة يوليو، فعلي سبيل المثال يوضح تأثير العصر الأمريكي على إنتاج ثورة يوليو ظاهرة الجماهير الغفيرة، فهو بداية انقلاب حظى بموافقة أمريكية، حتى نمط الإصلاح المفضَّل عند الأمريكيين هو ما قام به ثوار يوليو مثل الإصلاح الزراعي، كما أن ضباط يوليو هم الذين اعتمدوا على المعونات الأمريكية لتحقيق التنمية التي يصفها الكتاب بأن لها سمات أمريكية واضحة، إذن هناك تشابك مع العصر الأمريكي الذي أنتجت من خلاله ثورة يوليو عصر الجماهير الغفيرة.
يدرس جلال أمين تأثير هذه الظاهرة على الصحافة والتليفزيون والسوبرماركت و الأزياء والحب والاقتصاد وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية المختلفة، فأهم ملاحظة يقدّٓمها الكتاب= أن ذائقة الجماهير الغفيرة هي التي لعبت دورًا في النمط الاستهلاكي والثقافي في مصر، هذه الذائقة لم تكن حرة الاختيار كما يبدو ظاهريًا، بل هي خاضعة لتأثير طاغٕ مصدره العصر الأمريكي نفسه، لم يكن هذا التأثير يمتد فقط لنوع الملابس و الأكل، بل نمط حياة بأكمله، صاغ رؤية الطبقة الوسطى للحياة، مثلًا يرصد كيف لعبت الذائقة الجماهيرية على رواج مثقفين تافهين، وكيف ساهم دخول التليفزيون في إنتاج ظاهرة القطيع، وكيف تحول الإنسان إلى ألة استهلاكية دعّمتها فكرة السوبر ماركت، وكيف بظاهرة مثل ظاهرة التليفون قامت بسحب استقلالية الإنسان، قد لا تكون المشكلة الحقيقة في التطور من حيث كونه تطورًا، المشكلة الحقيقية تكمن أن الذي صدّر لك هذا التطور بيمينه، سلب روحك وإنسانيتك بشماله، ومع حدوث انفتاح غير مسبوق، وجدت الطبقة الوسطى نفسها أمام بحر هائج من التطورات المدهشة، والمفارقة أن هذه التطورات كانت تُتاح للطبقة الوسطى بأقل التكاليف، مثل التليفزيون والتليفون، وغير ذلك، وبدون عقلية واعية ترشيدية في الاستهلاك، ومع طغيان نمط الاستهلاك الأمريكي، تم سحب روح الإنسان.
قراءة جديدة ممتعة لدكتور جلال امين يعتبر الكتاب إمتداداً لكتابي ماذا حدث للمصريين؟: تطور المجتمع المصري في نصف قرن 1945 - 1995 و وصف مصر في نهاية القرن العشرين والمقصود بالجماهير الغفيرة هي الطبقة الوسطى التى زاد عددها في مصر وفي العالم كله أيضاً فتغير بسببها تقريباً كل شئ في الحياة الدعم الحكومي، الصحافة، الثقافة، الأزياء، التعليم، التسوق، أعياد الميلاد، السياسات الإقتصادية ... إلخ بداية رائعة بمقال عن أمركة العالم والنمط الأمريكي في الحياة الي تغلغل في كل مناحي حياتنا أيضاً مقالات السوبر ماركت والأغنياء والفقراء والدكتوراة مميزة للغاية
الكتاب هذا يحمل القليل من سخرية علي الوردي وتأملات المسيري وتحليلات مالك بن نبي، ووضوح مصطفى حجازي، مع قليل من مالكوم جلادويل، وتشارلز دويج، كتاب يستحق القراءة ويثير تساؤل لماذا نقوم بما نقوم به هل لأن غيرنا فعل ذلك أو لأنهم وصموا من يقوم بهذا الفعل بالنجاح.
أفضل من كتب عن التغييرات التي حدثت في المجتمع - سواء في هذا الكتاب أو في سابقه ماذا حدث للمصريين
بخلاف الكتاب الأخر حيث أرجع الكاتب التغييرات الحادثة في المجتمع لظاهرة "الحراك الإجتماعي" ففي هذا الكتاب يتحدث جلال أمين عن ظاهرة "الجماهير الغفيرة" وأنها أهم أسباب التغيير في المجتمع
American University of Cairo book - primarily focusing on economic and social change in Egypt since 1952. Since it was published in 2004, it isn't entirely up-to-date, but a useful summary of many aspects of what has changed in the last ~fifty years in Egypt.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
OK, I have finished reading this.
Years ago I read "The Russians" by Hedrick Smith as a way of better understanding (Soviet) Russian society. That of course was an American journalist's understanding of the situation then (in the early-to-mid 70s). And we have books like "Ciao, America!" that was written by an Italian about America and originally intended for an Italian audience but then translated for an American one. This is something else - a book written by an Egyptian about Egypt but intended to provide an orientation for the English-speaking westerner. Of course, this means that the Egyptian writing about Egypt must be sufficiently westernized to know what will interesting and noteworthy for the outsider audience. In that sense I think this book mostly works.
An Egyptian writing about Egypt will be willing to be hard on his country in certain ways and not in others, but for the outsider it's hard to know what those are and why. So while reading this book is interesting and illuminating, it's got a point of view, I'm pretty sure. I just don't know exactly what significance that has since I'm hardly an expert on Egypt.
Otherwise ... it's certainly very easy and gives plenty of context to what is said. It's a little out of date, since a lot has happened in the last six years here, I think, but with that in mind, still a good orientation to the country for Americans.
واحد من امتع الكتب التى قرأتها، حيادية من الدكتور جلال امين اتمنى ان أصل لها يوماً ليس في محاولات الكتابة الخاصة بي فحسب و لكن في حياتى الانسانية ايضاً عيب الكتاب الوحيد - و هو عيب الدكتور جلال دائما - هو التناقض في بعض الرؤي بدأ الكتاب بالقول انه ليس كل ظاهرة اقتصادية تحدث تنسب الى الأنفتاح أو الرأسمالية و العولمة .. لاننا اليوم نعيش حضارة السوق .. كل دا جميل .. بعد كدا قام نسب كل الظواهر الاقتصادية الى العولمة بدأب شديد .. لم يكن مقنع بالنسبة لى على الاقل في بعض الاجزاء
استفدت منه كتير جدا في معرفة خلفيات سياسية واجتماعية للتغيرات الفظيعة ووالتحولات الطبقية التي طرأت على المجتمع المصري .. وأهم ما عرفته من هذا الكتاب أن تهميش دور كتاب كبار في الحياة الثقافية وممارسة القهر والتعذيب عليهم كان هو السبب الرئيسي للانحدار الثقافي والفكري الذي وصلنا إليه الآن كنتاج لاستمرار هذا النهج عبر العقود الأربعة الماضية ومن أهم الكتاب الذين كممت أفواههم يوسف إدريس ونجيب محفوظ والسعدني،والشعراء مثل نجم وفؤاد حداد وغيرهم
لا أقتنع بجلال أمين كمفكر-اللهم إلا فى تخصصه (الإقتصاد) و حسب-و فى هذا الكتاب يسعى لعرض نظرية له (الجماهير الغفيرة) و عرض تطور الحالة المصرية فى هذا العصر الذى هو أيضاً العصر الأمريكى بكل ما صاحبه من تغول و توحش للرأسمالية. لكن هذا الطرح يشغل ربع الكتاب فقط تقريباً و لا ينطبق العنوان برأيى على بقية الكتاب و إنما يستحق فقط العنوان الأول للسلسلة(ماذا حدث للمصريين؟).
أنبهرت بالمقدمة ..فى هذا الكتاب يطرح جلال أمين فكرة تحول الشعوب الى قطعان احلامها محددة سلفا من قبل صانعى القرار السياسى و الاقتصادى ..اعجبتنى فصول الثقافة و الا قتصاد و ان كان باقى الفصول شعرت بانها لم تأت بجديد عن الجزء الاول " ماذا حدث للمصريين "
* زي ما مكتوب في تصويف الكتاب و اللي بردو هتقدر تكتشفوا من مقدمة الكتاب إن هذا الكتاب ممكن ينظر ليه بوصفه جزء تاني لكتاب ماذا حدث للمصريين لنفس الكاتب و اللي صدر قبلها بعدة سنوات و كان الكاتب بيرصد فيه التغيير اللي حصل في المجتمع المصري علي مدار 50 سنة من 1945 لسنة 1995. في الكتاب ده بقي الكاتب لا زال بيحاول يرصد التغيير اللي حصل للمجتمع المصري بس المرة دي بيركز علي الأعوام ما بين 1952 و 2002.
* قبل ما نتكلم عن تفاصيل الكتاب محتاج أخد قفزة سريعة للفصول الأخيرة من الكتاب تقريباً آخر 3 أو 4 فصول و خاصة الفصل اللي الكاتب بيتناول فيه حادثة قطار الصعيد. في الفصول دي، و بالذات فصل قطار الصعيد، الكاتب انجرف شوية وراء المشاعر والغضب سيطر عليه وكان واضح بشكل كبير في أسلوب الكتابة و في الزاوية اللي بيتناول منها الموضوع. و ده خلي هذه الفصول ما تخرجش بنفس الموضوعية و درجة الحياد اللي الكاتب تبناها في باقي الفصول.
* نرجع بقي للكتاب من بدايته علشان نقول إن الكاتب في هذا العمل عاوز يركز علي نقطة معينة و هي ما يعرف باسم عصر الجماهير الغفيرة و بالرغم من إن نقطة البداية لهذا العصر و ثقافته و انتشارها في المجتمع المصري و سيطرتها عليه بترجع للسبعينيات إلا إن الكاتب أغفلها في الكتاب الأول، و قرر إنه يتناولها في هذا الكتاب. و بالرغم من إن ده شيء قد يُحسب علي الكتاب و الكاتب إلا إن لا يزال المنظور اللي هو بيتبناه في هذا الكتاب منظور فيه بعض الوجاهة و ينفع إننا ننظر للموضوع المثار في الكتاب في ضوءه.
* هذا الكتاب بيطرح علينا فكرة إن مستوي ما يقدمه المجتمع مرتبط بمستوي الطبقي الوسطي في هذا المجتمع. و كل ما زادت الطبقي الوسطي كماً و أنخفضت كيفاً أصبح المقدم لهذا المجتمع أسوأ. ببساطة و بالبلدي الكاتب بيحاول يوصل فكرة إن كل ما حاولت توسع الشريحة اللي بتستقبل كلامك أو المنتج بتاعك علشان تزود مبيعاتك أو انتشارك هتلاقي نفسك مضطر تدور علي المساحة المشتركة أو النقاط المشتركة بين كل المستهدفين علشان هي دي المساحة اللي هيقدر كل دول يبقوا فاهمينك فيها و مهتمين باللي بتقدمه و بالتالي ده في أحيان كتير بيعني انخفاض مستوي الشيء اللي بيتم تقديمه علشان يكون مناسب لكل دول. طبق بقي المفهوم ده علي كل حاجة من أول الأدب و الفن و الثقافة لغاية الأكل و الهدوم.
* نركز بقي شوية مع حتة الثقافة دي شوية و ده لأن الكاتب أتكلم عنها بتفصيل كبير جوة العمل و الحقيقة إن من خلالها انا قدرت أحط إيدي علي نقطة خلافية أو اعتراضية ما بين تصور الكاتب و التصور الشخصي بتاعي. في الكتاب الكاتب اعتبر الفترة من سنة 1952 لغاية 1970 كأنها فترة واحدة و حاول يقنع القارئ إن دي كانت إحدي فترات الصعود والازدهار، خاصة علي المستيو الثقافي، و إن من بعدها في من منتصف السبعينيات تقريباً بيبدأ الانحدار. و الحقيقة إن أنا معترض تماماً و جملة وتفصيلاً علي الكلام ده، صحيح أنا متفق إن السبعينيات و الثمانينيات كانت فترة سيئة بشكل أو بآخر و ظهر فيها الانحدار و لكن البداية الحقيقية كانت في الفترة السابقة و اللي ما ينفعش يتم اعتبارها كتلة واحدة. الفترة من 1952 لغاية 1970 يجب أن يتم تقسيمها علي الأقل لفترتين و تكون نقطة الفصل بينهم هي نكسة 1967، و ده حتي علي الصعيد الأدبي.
* الكاتب بنفسه ييذكر إن في فترة السيتنيات اتجه نجيب محفوظ للكتابات الرمزية و لكن الكاتب تجاهل تفسير ده علي إنه يكون نوع من التحايل علي الوضع اللي كان حاصل في البلد من تضييق علي الناس. من منتصف الخمسينيات لمنتصف السيتنيات كانت فترة سيئة علي المصريين عموماً و المثقفين خصوصاً، من لم يكن في ركب يوليو 1952 فهو موصوم و الموضوع كان بيوصل لكتابة التقارير ضده و تعرضه لخطر الاعتقال، و بالتالي بيحكل معاه إن مافيش حرية تعبير، ده حتي مافيش مساحة للتعبير الحقيقي عن اللي بيحصل في البلد و المجتمع و بالتالي كيف لهذا المجتمع إنه يكون في لحظة صعود و ازدهار؟! و من هنا و مع الاخذ في الاعتبار إن ده مثال وليس حصر هيظهر إن الكاتب عنده نزعة ناصرية و مش هقول مهووس أو محب لعبد الناصر لدرجة تجاهل الكثير من الأخطاء و الفساد اللي حصلوا في عهده و اللي كان سبب في تدهور أحوال البلد، ده لا يعني إن عبد الناصر كان شيطان ولكن كان له ما له و عليه ما عليه، له مميزات و عنده عيوب بس الأكيد إنه لم يكن ملاكاً كما يحاول محبيه و أنصاره أن يصوروه.
* من النقاط الأخري الموجودة في الكتاب إن الكاتب ظل أسير الانتقال من الخمسينيات والستينيات إلي السبعينيات و الثمانينيات مع إنه قدم الكثير عن الفترة دي في كتاب ماذا حدث للمصريين؟! و كان نفسي أشوف منه تركيز أكبر علي الفترة الأحدث خاصة التسعينيات و مطلع الألفينات، ولكن للأسف الكاتب فضل أسير الماضي الأبعد شوية. أعتقد إن إحنا محتاجين كتاب آخر من نفس النوعية يصدر في الوقت الحالي 2024 يحاول يرصد التسعينيات و مطلع الألفينات و يحللها كما فعل الكاتب في هذا العمل.
* الكتاب مهم و لطيف و بسيط – و إن كان موضوع البساطة و السهولة ده موضوع نسبي – و بيلقي الضوء علي ظواهر و مظاهر كتير و بيحاول يحللها بتساعد علي فهم أعمق للتغيرات اللي احنا قد نرصدها أو نلحظ بعضها في المجتمع مع عدم معرفتنا للحظات بدايتها أو أسباب حدوثها.
->الرجل العادي و المرأة العادية يمثلون غالبية سكان العالم ->نجحت الحضارة الأمريكية في الوصول إليه و إشباع تطلعاته ->اتساع السوق الأمريكية سمح لها بابتداع فنون الإنتاج الكبير الذي يقوم على إنتاج كميات هائلة من السلع ->من نتائج هذا الابتداع الأمريكي : التماثل الرهيب في أنماط السلوك والتفكير ، انتشار الموضات ، خضوع المستهلك باستمرار لحملات الدعاية و الاعلان و الهالات التي تحيط بنجوم السينما ->المستهلك المستهدف يجب ان يكون شخصا عاديا ، محدود الثقافة والذكاء ، اذ هنا تكمن فرصة التسويق ->الثقافة الرفيعة تتراجع على استحياء ->وسائل الإعلام تخاطب ابسط غرائز الإنسان ونوازعه ->البرنامج الإعلامي الجاد اصبح ثقيل الظل ->المثقفون هم أكثر الناس عداء لغزو الحضارة الأمريكية لبلادهم ->بسطاء الناس و صغار السن يتلقفون هذه الحضارة بالترحيب ->الجمهور الواسع أصبح لا يطلب الا ما يستجيب للغرائز ->فنون الإنتاج الكبير أسس لها آدم سميث في كتابه ثروة الأمم ->حضارة السوق تنفي التميز و التفرد الثقافي للمجتمعات ->مثال غزو “ البلوجينز” للعالم بأسره فأصبح ملبس الجميع حتى انه اسقط التميز بين الذكر والأنثى -> أصل تسمية “ الصحافة الصفراء” هي قصة مصورة نشرت في الصحافة الأمريكية في السنوات الأخيرة من القرن ١٩ “الطفل الاصفر” ، ترتكز على معايير جديدة في جذب القارئ البسيط (الجماهير تحب الصور اكثر من الكلام ، و الاخبار يجب ان تتعلق بالفضائح أما القصص فأفضلها قصص الحب و الجنس) -> القارئ البسيط يحب كل ماهو مثير وسهل و سريع
يناقش الكتابُ المتغيراتِ الواقعة في مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية نتيجة لزيادة الحجم المؤثر من السكان أو "الحجم الفعال للسكان" بما أسماه الكاتب نظرية "عصر الجماهير الغفيرة" وذلك بتحليل إمكانية إعادة توجيه هذا الحجم الفعال من السكان لمختلف هذه المجالات بما يتوافق مع متطلباته. النظرية هامة في تحليل التغيرات المختلفة الطارئة على مصر وعلى غيرها من دول العالم من منتصف القرن العشرين أو قبله بقليل بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية "العصر الأمريكي" وسطوع النموذج الأمريكي في الحياة كمثل أعلى للدول وللأفراد سواء. فكما يعيد هذا الحجم الهائل الفعال من السكان "الجماهير الغفيرة" ترتيب أولويات السوق والاقتصاد، كانت أيضا هذه الجماهير الغفيرة نفسها أداء طيعة القياد في يد من يريد أن يتحكم بالتوجه العالمي الإستهلاكي أو الثقافي بإقناع هذه الملايين بأهمية هذا المنتج أو هذه الفلسفة أو الثقافة ... بما يحقق أهدافه الإقتصادية أو السياسية أو كلاهما في معظم الأحيان. كان عام 1952 في مصر هو مفتاح دخولها هذا العصر الجديد، بدخول شرائح كبيرة من الطبقة الدنيا إلى نطاق الطبقة الوسطى المحركة الحقيقية للسوق وللثقافة بحكم إتساع نطاقها وعدم قدرة الطبقات أو الثقافات الأخرى من الثبات أمامها. ففي الثقافة على سبيل المثال، بعد أن كانت تعنى المجلات الثقافية قبل ذلك بذوق عال في الثقافة لأنها كانت تخاطب طبقة صغيرة ذات ذائقة متميزة بحكم تعليمها وإطلاعها على مختلف الثقافات الأخرى، دخلت الجماهير الغفيرة في نطاق الحجم الفعال للسكان فأنتجت معها ما يلاقي احتياجتها وذائقتها الثقافية، بحكم التعليم السطحي السريع البسيط الشائع، من مجلات وصحف تتهم بالتوزيع لهذه الأعداد الكبيرة لتحقيق الربح المادي فتوجهت لما تريده من تشويق إثارة في حوادث القتل والسرقة والفضائح الاجتماعية والجنس، وبالتأكيد لم تستطع المجلات التي تقدم ذوقا أرقى من الصمود أمام هذا الزحف الجديد فإما توجهت إليه رغم عنها لتلاقي متطلبات السوق أو أغلقت أبوابها متمنعة الاشتراك في هذه المهزلة الثقافية. في هذه الحالة تحاول المؤسسات الثقافية التي لا تهدف للربح وعلى رأسها المؤسسات المملوكة للدولة تشجيع التيارات لنشر ثقافة أرفع وتساندها للصمود وسط هذا الزخم الذي لا يهمه إلا تحقيق ا��ربح المادي بإشباع الرغبات الشعبية مهما كانت منافية للذوق وللثقافة، كما فعلت روسيا الإتحادية، ولكن في مصر كانت الدولة تساند الإعلام والثقافة لكن في اتجاه إنتاج ما يساندها هي سياسيا وليس هناك ما يمنع من تسطيح ثقافي طالما يصب ذلك بشكل غير مباشر في مصلحتها السياسية. *** قدم الكتاب هذه النظرية بتحليل جيد في الفصل الأول ثم تلته بعد ذلك فصولا كثيرة تحاول تطبيق النظرية على مختلف المجالات كالصحافة والثقافة والاقتصاد والسياحة والأزياء وغيرها، منها الفصول التميزة كالثقافة والإقتصاد والصحافة ومنها ما ابتعد تماما عن النظرية موضع الدراسة "نظرية الجماهير الغفيرة" فكانت تحليلاتها تُدرج تحت نظرية "الحراك الإجتماعي" التي ناقشها الكاتب في كتابه "ماذا حدث للمصريين ؟" كفصل الأزياء الذي يحلل فيه الأزياء في المجتمع المصري وخاصة في الجامعة والمواصلات العامة وما طرأ عليه من تغيير ناتج عن الحراك الإجتماعي السريع بين الطبقات، وغيره من بعض الفصول. بعض الفصول الأخرى أبتعدت أكثر فوقع فيها الكاتب نفسه في النموذج الذي يقدمه في الكتاب فكانت الفصول ممتدة ومطولة بشكل مترهل دون أن تقدم شيئا جديدا أو مهما، كالفصل المسمى بقطار الصعيد؛ أعاد فيه الكاتب نفس الفكرة عشرات المرات وأسهب في تشبيهات وتحليلات أحالت النص لتقرير صحفي لمحرر مبتدئ في جريدة محلية، و امتدت بعض الفصول الأخرى بطرائف وإسقاطات أقرب للتهكم والتسلية منها للتحليل العلمي أو الاقتصادي أو الفلسفي، فكانت النتيجة بعض الصفحات التي تزيد من حجم الكتاب فأضرت به أكثر مما نفعته ووقع في نموذج تقديم ما تريده هذه الجماهير الغفيرة التي يتوقع أنها ستقرأ الكتاب وما يلاقي متطلباتها من طرفة لا علاقة لها بالموضوع وضغط على مشاعر سطحية للتعاطف مع الطبقات المقهورة في المجتمع وما يريده الناشر من عدد أكبر للصفحات يسمح له برفع سعره في المكتبات. *** لا أقلل بذلك من أهمية الكتاب لكن بقدر أهميته، وأهمية الكاتب، يلاقي من النقد.
أتعرف حالتك من الارهاق الجسدي عندما تنتهي من العدو في ماراثون هذا بالتحديد ما شعرت به عندما انتهيت من هذا الجزء الثاني من كتاب ماذا حدث للمصريين فى نصف قرن.. طوفان من المعلومات والتحليلات الموفقه لتبلور لنا بشكل نهائي كيف تغير الناس بشكل عام ... اما فى هذا الكتاب على وجة الخصوص فتبرز فكرة الجماهير الغفيره ويعني الكاتب بهذا المصطلح رضوخ الدوله والمجتمع والمؤسسات لرغبات الغالبيه من الجماهير بل والانحدار بهذه الرغبات والمتطلبات الى منحدر لم يخطر على بال الجماهير ارضاءا لهم ...ولكي ترضي الجماهير يجب ان تنزل الى العامل المشترك الاكبر بينهم اي تنزل ثقافيا مثلا الى اقل الجماهير ثقافه حتي تحصل على رضاءه ومدام الدوله اعتمدت سياسه ان يكون التعليم كما وليس كيفا... وان يخرج المتعلم الى الجهل هو اقرب فيجب ان توفر له الصحف والاعلام التي تناسب هذا المقدار الضئيل من التعليم اي تنزل صحفيا واعلاميا الى مستوي عقله والا تحاول رفع مستواه العقلي او الثقافي خوفا من ملله السريع وبالتالي فراره منها مما يؤدي الي خساره التوزيع (في حالة الجرائد والمجلات) وخساره نسبة المشاهده في حاله التليفزيون... اذن فالحل هو تقديم ثقافه تلائم تعايمه ....فلا مانع ان نقدم له ثقافه ضحله حاي يشعر بذاته ولكن على الا تتعدي نسب معينه ولكن الاهم ان نقدم له مواد تحظي بقبول اغلب المشاهدين فالجنس لا بأس به والعتف ايضا فهو يناسب ذوق شريحه كبيره من الناسب واخبار الفضائح فى الصحف ماده جيده للغايه ...... ويتعمق الكاتب فى رصد هذه الظاهره فى معظم جوانب حياتنا (فرض ذوق الاغابيه على حياتنا) الصحافه والتليفزيون والثقافه والاثتصاد والحب والازياء.... كتاب ان اعيد قراءته لافهم ما استغلق علي فهمه
يمثل كتاب مصر فى عصر الجماهير الغفيرة إمتدادا لكتاب ماذا حدث للمصريين؟ و هو كتاب من سلسلة كتب د. جلال أمين. الكتاب يمثل نظرة رائعة للمجتمع المصرى فهو يرى المجتمع بنظرة مختلفة ويصل لتفسيرات جميلة لما وصل إليه المجتمع من أفكار وسلوكيات وأهداف حتى الآن.
يبدأ الكتاب بتعريف ظاهرة الجماهير الغفيرة وكيف تغيرت الشرائح الاجتماعية فى مصر وتحركت صعودا وهبوطا مما أثر على ثقافة ووعى تلك الطبقات. ويصف أيضا كيفية تأثير تلك الطبقات على بعضها البعض وعلى المجتمع ككل ويوضح العلاقة بين حجم الطبقة وفعاليتها فى المجتمع. ويتحدث من خلال الكتاب عن مرحلة ثورة يوليو وإدارة عبد الناصر لمصر والسياسة الخارجية. ثم ينتقل للحديث عن الصحافة وعن دور الدولة فيها ودور الصحافة الخاصة وظهور الجرائد والمجلات اليومية وما حدث من تطورات على حالة الصحافة من ناحية كميات التوزيع، عدد الجرائد والمجلات، الموضوعات المطروحة، عدد الكتاب و أخيرا القراء. و فى فصل أخر يحدثنا د. جلال أمين عن أحد أهم العوامل المؤثرة فى عصر الجماهير الغفيرة ألا وهو التليفزيون. كيف استقبل الناس هذا الصندوق فى مصر وكيف تأثرت برامج التليفزيون بالجماهير. وأيضا يتطرق إلى السوبر ماركت، هذه الظاهرة التى انتشرت انتشارا سريعا جدا فى بلادنا ويضرب مثلا على أن الشخص أصبح لا يستطيع التمييز بين السلع من كثرة المعروض. كما إنه يتعرض من خلال الكتاب إلى التليفون والأزياء والعولمة والحب وأعياد الميلاد والسياحة والثقافة المصرية والاقتصاد.
يأتي هذا الكتاب تكملة لكتاب: ما الذي حدث للمصريين؟ يلخص جلال امين بطريقة بسيطة اقتصادية اجتماعية ما الذي حدث في المجتمع المصري ياريت الناس تقرأ عشان تعرف ليه وصلنا للخارورة دي، وإن مينفعش نقول ياااه أيام مبارك وأيام خرا ويلعن الفترة الي احنا عيشينها دلوقت وبيحصل فينا
أول تجاربي مع جلال أمين وأعتقد أنها لن تكون الأخيرة. أسلوبه عكس ما توقعت شيق وسلس، والكتاب مهم ومفيد، كنت أتمني فقط لو امتد ليتحدث عن العشرين سنة من ٢٠٠٢ ل ٢٠٢١ ... والتي حدث فيها في رأيي من التغييرات ما يفوق ما حدث في الخمسين سنة التي رصدها الكتاب
يحاول جلال أمين رصد المتغيرات والتطورات التي طرأت على الواقع الاجتماعي المصري خلال فترة ٥٠ عامًا(١٩٥٢-٢٠٠٢م)، وذلك بسرد شيء من ذاكرته أو إسقاط جزء من علمه على ظاهرة من الظواهر التي تسمُّ المجتمع المصري. يسمي جلال أمين هذه الفترة-موضع النقاش- بـ"عصر الجماهير الغفيرة" أو "العصر الأمريكي"... هذا العصر يتسم بعدة سمات جعلت الحدود والفوارق الثقافية والاجتماعية بين الأمم تزول وتُلغى، وتزول ليس لأن تحل محلها سمات مشتركة تحقق الرضا والأمن والعدل والمساواة والاستقرار بين البشر في قارات الأرض، وإنما حلَّت سمات "أمريكية" توعِدُ بالرفاهية والاستمتاع ونيل الملذات، تمثلت في شيوع استهلاك الموضات الأمريكية في اللبس، وفي السيارات وتأثيث المنازل، وانتشار الأفلام والمسلسلات الأمريكية، وأنواع البرامج التلفزيونية القائمة على الجوائز والمسابقات، ونشر الأخبار المليئة بالعنف والجريمة... ألخ. لقد طُبِعَ عصرُنا هذا بطابع أمريكي مادي، على خلاف العصر الذي سبقنا، وهذا ما يحاول جلال أمين أن يكشفه من استعراضه لعدد من الظواهر والمفاهيم والعادات في المجتمع المصري. فمثلاً النظرة تجاه التكنولوجيا: ماذا طرأ على التكنولوجيا وأثرها في حياة المصريين، ليس فقط خلال جيل أو اثنين، وإنما عبر أكثر من جيل.. يقول جلال أمين عن "الهاتف": "لقد تغيرت النظرة التي كان يُنظَر فيها لأداة تكنولوجية كالهاتف مثلاً، وتغيرت معها أهداف الاستعمال، كلما طرأَ تغير على هذه الأداة".
إذًا فجلال أمين يستهدف استعراض ما نتج من العلاقة التبادلية التي نشأت ما بين التكنولوجيا والمجتمع المصري، وأيضًا يستعرض أهم المتغيرات والظواهر الاجتماعية التي واكبت هذه العلاقة..يقول جلال أمين: "من المشكوك فيه جدًا أنها-التكنولوجيا الحديثة- جعلتنا أكثر سعادة أو رقيًّا، إنها فقط جعلتنا [أكثر]"!.
أسلوب جلال أمين بسيط، وعبارته فيها طرافة، وهو يقوم بسرد ما تختزنه ذاكرته من مواقف أو قصص أو انطباعات، لذلك فالكتاب من ناحية أخرى يمكن اعتباره سيرة ذاتية للدكتور جلال أمين، وخصوصًا حينما يتحدث عن الاختلافات بين جيل والديه وجيل أبنائه(فصلا: "أعياد الميلاد" و" الدين والدنيا").
قد يبدو عيبًا للبعض، لكنني أراه ميزة للكتاب الآن.. وهو أن المؤلف لم يغرقنا بالدراسات والاحصائيات والأرقام والجداول التي تبين حجم المجتمع الاستهلاكي في مصر، أو حجم التغيرات الاقتصادية والمالية، هذه الميزة تصب للقارئ غير المتخصص في الشؤون الاقتصادية والمالية والاحصائية، ولربما لو أورد جلال أمبن هذه الاحصائيات والأرقام لنفرتُ من قراءة الكتاب كلية. بالنسبة لي؛ الكتاب يعتبر من مفاتيح فهم المجتمع المصري، وبالفعل فيه الكثير من الاشياء التي طابقت-على الأقل تقاربت مع- انطباعاتي عن بعض المصريين وخصوصًا من خلال احتكاكي بهم.