من هنا أقف بينكم يا طلابي كمعلم متألم، إذ نهضت من أعماق آلام التاريخ وتجاربه، ومن صميم أهلي، وأنا آمل أن يصل المثقف إلى إيمان جديد، وأن تصل الجماهير إلى وعي مترقي، لأن الجماهير في حاجة إلى الوعي، وأما المثقف عندنا فهو في حاجة إلى الإيمان.
Ali Shariati was an Iranian revolutionary and sociologist who focused on the sociology of religion. He is held as one of the most influential Iranian intellectuals of the 20th century and has been called the ideologue of the Iranian Revolution. He was born in 1933 in Kahak (a village in Mazinan), a suburb of Sabzevar, found in northeastern Iran, to a family of clerics.
Shariati developed fully novice approach to Shi'ism and interpreted the religion in a revolutionary manner. His interpretation of Shi'ism encouraged revolution in the world and promised salvation after death. Shariati referred to his brand of Shi'ism as "Red Shi'ism" which he contrasted with clerical-dominated, unrevolutionary "Black Shi'ism" or Safavid Shi'ism. Shariati's works were highly influenced by the Third Worldism that he encountered as a student in Paris — ideas that class war and revolution would bring about a just and classless society. He believed Shia should not merely await the return of the 12th Imam but should actively work to hasten his return by fighting for social justice, "even to the point of embracing martyrdom", saying "everyday is Ashoura, every place is Karbala." Shariati had a dynamic view about Islam: his ideology about Islam is closely related to Allama Iqbal's ideology as according to both intellectuals, change is the greatest law of nature and Islam.
Persian:
دکتر شریعتی در سال ۱۳۱۲ در خانواده ای مذهبی چشم به جهان گشود پدر او استاد محمد تقی شریعتی مردی پاک و پارسا و عالم به علوم .نقلی و عقلی و استاد دانشگاه مشهد بود علی پس از گذراندن دوران کودکی وارد دبستان شد و پس از شش سال وارد دانشسرای مقدماتی در مشهد شد. علاوه بر خواندن دروس دانشسرا در کلاسهای پدرش به کسب علم می پرداخت. معلم شهید پس از پایان تحصیلات در دانشسرا به آموزگاری پرداخت و کاری را شروع کرد که در تمامی دوران زندگی کوتاهش سخت به آن شوق داشت و با ایمانی خالص با تمامی وجود آنرا دنبال کرد.
در سال۱۳۵۲، رژیم، حسینیهء ارشاد که پایگاه هدایت و ارشاد مردم بود را تعطیل نمود، و معلم مبارز را بمدت ۱۸ماه روانه زندان میکند و درخ خلوت و تنها ئی است که علی نگاهی به گذشته خویش میافکند و .استراتژی مبارزه را بار دیگر ورق زده و با خدای خویش خلوت میکند از این به بعد تا سال ۱۳۵۶ و هجرت ، دکتر زندگی سختی را پشت سرخ گذاشت . ساواک نقشه داشت که دکتر را به هر صورت ممکن از پا در آورد، ولی شریعتی که از این برنامه آگاه میشود ، آنرا لوث میکند. در این زمان استاد محمد تقی شریعتی را دستگیر و تحت فشار و شکنجه قرار داده بودند تا پسرش را تکذیب و محکوم کند. اما این مسلمان راستینخ سر باز زد، دکتر شریعتی در همان روزها و ساعات خود را در اختیار آنها میگذارد تا اگر خواستند، وی را از بین ببرند و پدر را رها کنند
كلمة هامة حول المثقف ودور المثقف في المجتمع بحث في معنى الثقافة وكيفية تغلغلها في المجتمع الإسلامي..
من خلال رحلتي في هذا الكتاب وجدت هوية الثقافة الإسلامية في العصر الحديث لايكاد يتجزأ عن مفهوم الثقافة في الغرب وكأنها نسخة طبق الأصل، بل وربما تكون نسخة ردئية إذا ماقورنت بتلك الموجودة هناك وخاصة فيما يتعلق بالسياق التاريخي في تشكل بدن الثقافة ..
أي ثقافة سواء كانت قديمة أو حديثة لابد وأن تكون ناشئة من ظروف معينة تؤدي الى تفتح نظرة جديدة إجتماعياً وسياسياً وعلمياً، تلك الظروف تغير المسار التاريخي لأي أمة أو حضارة بإنكماش الثقافة السابقة وظهور أخرى كثيراً ما تقوم على الأولى ولكن بوسائل جديدة ومعطيات أكثر عمقاً، يحدث ذلك من خلال قيام أشخاص يحملون على عاتقهم تثقيف -أي تقشير- المفاهيم السابقة لأستبدالها بأخرى أكثر وعياً وأكثر نضجاً فيما يتعلق بحالة تلك الأمة أو الحضارة، المثقف هناك يكون الحجر الأساس الذي تقوم عليه أعمدة التغيير، مهمة المثقف تكمن بالدرجة الأساس كما يقول شريعتي في مشاركة المثقف نفسه في الحياة العامة لا كقائد فحسب بل كمشارك فعال في كل مسار إجتماعي جديد..
نعود إلى واقعنا الثقافي في العالم الاسلامي فلاشك لا أحد يغامر بالقول بأن لدينا هذه الايام ثقافة متفردة ولا حتى وليدة ، بل لا نكاد نرى أي قوة ثقافية حقيقية نابعة من صلب مجتمعنا وحضارتنا، إن هي إلا ثقافة مستوردة من إجهاضات ثقافات أخرى ومن إرهاصات ومشاكل تاريخية من العالم الغربي، ثم تحمل تلك الثقافة الغريبة التي نضجت خلال قرون وكانت بسبب ظروف دينية وأجتماعية لا علاقة لنا بها لتكون ثقافة بديلة وشاملة لكل مناحي حياتنا، وهنا يحدث حالة الأرتباك في ثقافتنا وتصير كأداة هدم بدل أن تكون أداة بناء وتقذف بالمزيد من الظلام حول واقعنا المعاصر..
كتاب جميل جداً، وثري بالأفكار واللغة فيه سهلة وواضحة ولا مجال للتعقيد فيها رغم صعوبة وأهمية الموضوع المطروح هنا .. بالتأكيد سيكون لي لقاءات أخرى مع أفكار وكتب هذا الرجل ..
سيدي علي شريعتي . الأستاذ المفكر المبدع علي شريعتي في أي محبرة غطست قلمك لتُخرج لنا هذا الجمال و الاصالة الفكرية. الكتاب تحفة كما نقول يالتونسي 😊 لا أجد ما أكتب عنه سوى :
أصدقائي عيشكم عيشكم اطلعوا عليه لكي يساهم كل واحد منكم في نشر وعي في مجتمعه بطريقة صحيحة و بطرق واضحة ففي هذا الكتاب سيأخذ بيدك شريعتي ليريك خارطة الطريق مع التمييز الواضح و الدقيق بين المثقف المقلد و المثقف الاصيل و المصدر الذي سوف تستمد منه نمطك الثقافي.
أستاذ شريعتي اللقاء بك السنة الماضية كان من أجمل اللقاءات و أحبها الى قلبي و هذه السنة ايضا كان لقائي بك قصة جمال متجددة.
شريعتي انضممت الى قائمة المفكرين المفضلين لدي 💞
▪ التقييم : 4.5 كما عهدته دائما عقيدته تذوب فيه مثل ذوبان السكر في الشاي و هذه مرة ظهرت في نقده لدولة السلجوقية في حواره ( القسم ثاني من كتاب) و في بعض متفرقات دون المس بثوابت بنسبة لعقيدتي😊
من أهم كُتُب الشهيد شريعتي رحمه الله، والذي كان مهموماً بمسئوليّة المثقف، وكان هو نفسهُ نموذجاً حيّاً للمثقف المسئول ... ترجمة الدكتور ابراهيم الدسوقي شتا جيّدة ولمن أراد فهم هذا الكتاب جيّداً، ومركزيّته في فكر شريعتي، فليقرأ قبلهُ بناء الذات الثوريّة ... ولمن أراد تكوين تصوّر عن مسئوليّة المثقف أن يقرأ الكتب التالية بعد كتاب شريعتي: المثقف والسلطة لإدوارد سعيد (ترجمة محمد عناني) والمثقفون في الحضار العربيّة لمحمد عابد الجابري، وطرفاً من آراء فوكو في دور المثقف
ماهي مسؤولية المثقف في بناء المجتمع ودوره في نهضتها؟ وكيف ظهرت هذه الشريحة في أوروبا وساعدة على تطورها وتقدمها؟ يقدم شريعتي رؤاه كعالم اجتماعي في البحث عن سمات المثقف الذي يزرع غرسا فيحصد نباتا وهذه السمات وهي نقاط مستخلصة من كلامة: 1- المثقف يعمل على تثبيت الهوية لدى مجتمعه 2- المثقف يراعي الفروقات البيئية والثقافية للأحداث والأفكار فليس ما ينجح في أوروبا ضروري النجاح في الوطن العربي كون النمط الثقافي قد يكون مختلفاً. 3- المثقف يفرق بين الحضارة الأصلية والحضارة المقلدة فهو يعرف أن الحضارة ليست الراديو والتلفزيون إنما نتاج لأختيار الأرض الصالحة والبذرة الطيبة والتعهد برعايتها بعد ذلك. فتكون الحضارة حقيقة لا حضارة شكلية كاذبة. ويؤكد بأن نمط ثقافتنا هو نمط ديني إسلامي خلافا لنمط اليونان أو الرومان أو الصين أو الهند والنمط الثقافي هو الروح الغالبة على مجموعة معارف مجتمع ما وخصائصه وإحساساته وتقاليده ونظراته ومثله. فالمثقف يجب أن يكون متواجدا في عمق ضمير السواد الأعظم من مجتمعه وفهما لنمط ثقافة مجتمعه.
يبدأ الكتاب بلمحات من حياة الدكتور علي شريعتي ثم ينتقل بعض الفروقات الجوهرية بين المفكر والعالم والمثقف متنقلا في حديثه للفروقات بين الحضارات والمثقفين ويخلص في النهاية إلى ست نقاط تلخص مسؤولية المثقف وهي: 1- استخرج الكنوز الثقافية العظيمة للمجتمع وتنقيتها 2- نقل التناقضات الاجتماعية والطبقية من باطن المجتمع إلى ضميره ووعيه. 3- جعل الدين الذي نزل في الأصل للحياة والحركة في خدمة المجتمع. 4- نزع سلاح الدين من أيدي السلطة القاهرة. 5- القيام ببعث ونهضة دينية بشل القوى الرجعية 6- تأسيس حركة احتجاجية توقد الجماهير وتبعث في المجتمع الحركة. أخيراً في نهاية الكتاب هناك رسالة مضافة عن رسالة المثقف في بناء المجتمع وهي لقاء أجري مع الدكتور.
دا أول تجربة لي مع كتابات علي شريعتي (الله يرحمه) وكانت تجربة موفقة للغاية , تحفز على الاهتمام بكتاباته وقراءة العديد منها .
المهم : نحن أمام مثقف مهموم بقضايا الوطن مشغول بها , مؤمن بأهمية دور المثقف والمفكر في حلها , فبلور هذا الاهتمام في كتاب يقدمه لبيان الفرق بين المثقف والمفكر , وبين مثقفي الوطن ومثقفي أوروبا , وما حدث من خلل في فهم هذين المفهومين .
ومن يعرف حياة علي شريعتي , يعرف أنه من القلائل الذين دمجوا القول بالعمل , ولم يكتفوا بنشر كتب و حديث بالٍ , علي شريعتي ممن أحيوا أمة , ممن لم يسكتوا على باطل و صرخوا في وجهه, فدفع الثمن حياته .
بلوتنا فعلا في مثقفينا ونخبتنا.. لأنهم (إلا من رحم ربي) نسخة مشوهة من مثقفي الغرب.. والذين لا تتناسب أصلا ثقافتهم مع ثقافتنا فبدلا من أن نحدد مشكلاتنا بدقة.. ونخرج لها حلولا تتناسب مع واقعتنا وتاريخنا وهويتنا.. نأخذ ما وصل إليه الغرب (الذي كان يعاني مشكلة حقيقة مع رجال الدين والكنيسة).. وبالتالي وصلنا لوضع مأزوم.. وكل الجهات أصبحت متناحرة لإثبات وجهة نظرها.. بدلا من الإتحاد للنهوض والنمو ومواجهة مشكلتنا الأهم.. وهي الاستبداد والفساد الكتاب بالطبع جميل جدا وعظيم.. والأجمل هو أن الدكتور على شريعتي هو نموذج حي على المثقف الذي نتمناه.. رحمه الله رحمة واسعة
الكاتب : علي شريعتي ، مفكّر إيراني شيعي المذهب كانت محاضراته وأفكاره من أهم المعاوِل التي هزّت نظام الشاه وتسببت بالثورة الإيرانية المعروفة أعتبره نموذجا رائعا للمفكر الإسلامي الإنساني المُنصِف الواقعي والفعّال الذي يجمع بين التنظير والتطبيق ، بين الدعوة والفاعلية ، للمناضل الذي يجب أن نكونَه في مجتمعاتنا ومذاهبنا وأعراقنا على إختلافها خدمةً لمشروعنا الأكبر ورؤيتنا البعيدة التي تعلو فوق التقسيمات والتحزّبات والطائفية والسفاسف والتفاصيل المُملّة ..
الكِتاب : كعادة شريعتي في جميع كتبه وإسهاماته كان بعيدا جدا عن تعقيد المصطلحات وتفخيم العبارات والإتيان بشواذ الألفاظ وغريب ِ العبارات طلباً لإبهار القارئ وإثبات الموسوعية والتمكّن ، بل يتمكن شريعتي منكَ كلما غصت في بحر أفكاره ولمست عمقها الحقيقي وما ترمي إليه ،فذلك ما آمن به وتبعه في أسلوب كتابته وقد أشر له في هذا الكتاب أيضا .. والذي ألخص قراءتي له فيما يلي : ا
في هذا الكتاب تجد رؤية خاطفة لشريعتي عن معنى الثقافة وإجابة عن أسئلة كثيرة ،أهمها ( من هو ا��مثقّف) و (ما الفرق بين الثقافة الحقيقية والمزيّفة ) وأخيرا (ما هي مسؤولية المثقف الحقيقي) ؟
أقتبس هنا من مقالٍ بسيط كتبته سابقا على هامش قراءتي لهذا الكتاب فأوردت بعض ما أراده علي شريعتي :
في معجم مقاييس اللغة لابن فارس والصحاح للجوهري" ثَقـُِفَ الرجل فهو ثقيف أي حَذق وفهِم وضبط ما يمتلككه ماهر فيما يجيده فطن ذكي ' ثابت المعرفة بما يحتاج إليه ' .. المُثقّف عند العرب صفة تطلق على الغصن اللين الرطب من الشجرة يؤطر بعود يُسمى عود الثِقاف حتى يجف ويستطيل ويثمر #مستقيما فيصبح الغصن مثقّفا ' فقط وفقط إذا' أصبحَ مستقيما ..
أما تسمية المُثقِّف فكان يشار بِها للقائم على #تسوية الرِماح .. فالرمح المُثقّف إذن هو الحاد السوي القاطع المتقن .. أي أننا بانسحاب بسيط إلى مصطلح المثقف المعاصر لا نجد فرقا جوهريا بالمعنى والغاية من التسمية بل تشترك كلها في جزئية التفوق مع شرط الفاعلية والتأثير إذ أن قدامى العرب عندما اشترطوا استواء الرمح واتقانه حتى يسمى صانعهُ مثقفا غير بعيدين أبدا عما اعتقده معاصروهم كبرهان غليون 'المثقف هو الذي يشارك في الصراع الاجتماعي من أجل دفع الواقع نحو #الأفضل '، 'وشخصا يتعاطى الأفكار خلقا واستهلاكا واقتباسا وترويجا وتأثيرا في الآخرين ' عند إيليا حريق .
بينما يقول الغربيون أمثال لويس فوير "أن المثقف هو الشخص الذي تمتد أفكاره إلى نطاق أبعد من مهنته أو تخصصه #ويهتم بالقضايا والمشكلات الحقيقية " - أما إدوارد شيلر فيرى أن المثقفين " هم قطاع من بين المتعلمين يسعون إلى صياغة ضمير مجتمعهم ليتجه اتجاها راشدا " .. فالمثقف إذن باتفاق التعريفات جميعها على اختلاف خلفياتها ومصادرها هو الذي يعنى بقضايا مجتمعه ويسعى ويتحرك ويعمل لأجل إضفاء التغيير عليها وترك أثره وبصمته فيها ما يسبب لاحقا اختلاف مواصفات المثقف الدقيقة لاختلاف المجتمع الذي أنتجه وأبرز فكره وثقافته ورسالته . تماما كما يعبر عن ذلك إدوارد سعيد في تعريفه المجمل للمثقف بأنه فرد يتمتع بموهبة خاصة تمكنه من حمل رسالة أو تمثيل وجهة نظر أو موقف أو فلسفة أو رأي وتجسيد ذلك والإفصاح عنه .. فيكون الإنسان بذلك أقرب إلى الكمال من غيره غير أن كمال الشيئ يقاس بأدائه للفعل الذي خُلِق من أجله فلشجرة البرتقال عند زكي نجيب محمود 'كمالٌ يختلف عن كمال شجرة الورد وكمال النمر أن يكون نمرا وكمال القط أن يكون قطا .. ولا يجوز أن يُحاسَبَ نوع بكمال آخر ' .. وقياسا على ذلك لا يمكن أن يحاسب كمال إنسان على آخر فكما تختلف الأنواع من حيث غاية خلقها تختلف ُ غايات الناس حسب رسائلهم في الحياة وما رهنوا أنفسهم لتحقيقه وكذا المحيط والظروف التي أفرزتهم و حددت وأطرت منطلقاتهم وخلفياتهم ثم آفاقهم و مفاهيمهم .
وعن هذا يتحدث علي شريعتي فيقول 'بالنسبة للثقافة علينا أن نعرف نمطنا الثقافي أولا ،فالنمط الثقافي لليونان نمط فلسفي والنمط الثقافي للرومان نمط فني وعسكري والنمط الثقافي للصين نمط صوفي والهند ذات نمط ثقافي ديني .. والمقصود بالنمط الثقافي عند شريعتي الروح الغالبة على مجموعة معارف مجتمع ما وخصائصه وإحساساته وتقاليده ونظراته ومُثُله لأنها تحتوي على روح مشتركة يؤلف بينها شكل يسمى الثقافة وكل إنسان يتنفس ويتغذى في هذا الجو الثقافي ومن هنا فإن معرفة ثقافة مجتمع ما هي بمثابة معرفة حقيقة بواطن ذلك المجتمع ونقاطه الحساسة وعواطفه ..
'وليس من الممكن أن يقول أحد أنه لا يعرف الفلسفة اليونانية وليست لديه رؤية فلسفية لكنه يعرف اليونان ، أو يدعي أنه عالم بالمجتمع الهندي ' دون أن يعرف ما هي البوذية وما هي الويداوية .. ينبغي للمثقف أن يكون متواجدا في عمق ضمير السواد الأعظم من مجتمعه فإذا كان في الهند عليه أن يعلم البوذية جيدا لأن ذلك نمط الهند الثقافي ومن هنا لا يستطيع عالم اجتماع معاصر متعلم #مثقف في أوروبا أن يفعل شيئا في الهند' (فلا يكونون مثقفين في الهند)
بمعنى أن مجتمعا يمتهن الرعي بأعلى جبال الأطلس سيعتبر أكثر المثقفين الأمريكان الضالعين بالحواسيب والمعلوماتية أكثرهم غباء وجهلا ونطقا بالتفاهات كذلك الذي يتقن فنون زراعة الأرز بالمدرجات اليابانية عندما يتحدث مع منتجي التمور في صحراء بسكرة الجزائرية أو الفتاة البدوية الضليعة بتقنيات الطبخ في فرنسا البرجوازية أو روسيا القيصرية بينما تشتغل يمينها على حلب معزتين أو ثلاث في حين تقلب شمالها خبزة المل تحضيرا لوجبة الغداء ..
أن تكون مثقّفا لا يعني أن تستورد مقاييس الثقافة عند غيرك ، كما لا يعني استهلاكُك للكوكا كولا والهبرغر ومشاهدتك للهوليوود وسماعك للرُوك أنك أمريكي ،قد تنجح في أن تكون أمريكيا مستنسخا مقلَّدا ولكنك لن تكون أمريكيا أبدا ، كأن تستوردَ أشكال الحضارة من سيارات وأبراجٍ شاهقة وفنادق فاخرة ومولات بأحدث المنتجات وتدّعي بذلك أنك دولة أو شعب متحضر فتلك الأمور مجرد مظاهر لا تحملُ معها مورّثات الثقافة والحضارة حتى تنتجَ من ذاتها هي ومٌكوناتها الأصلية ولا يُمنع في ذلك الاستعانة بأدوات تلحيم أجنبية في سياق التكامل الإنساني بين الشعوب والحضارات غير أنها استعانةٌ فقط لا ذوبان
حتى تكون مثقفاً في مُحيط ما يجب أن تكون ضليعا في علومه عارفا بتراثه وتاريخه وعُرفِه وطبائعه ومشكلاته وتحدياته وأزماته حتى تنبري لحلها ومساعدته في تجاوزها ، لا أن تعتقد أن الثقافة هي الجرأة في تسليط الضوء على عواره لتثبت بذلك أنك أبصر من غيرك به وقد يَسَّرَت لك ثقافتك أن ترى وتحلّل وتشخّص الخلل فالطبيب الحقيقي ليس الذي ينجح في تشخيصِ المشكلة فقط ، فقد يأتي المريض بجُرحٍ بارزٍ لا يحتاج تنقيبا عنه لكنه الذي ينجح ويبدع في إيجاد حل له وفي مواساة وفهمِ المُصاب به لا بإزدرائه والشماتة فيه والسخرية منه =) ..
المثقف هو واسع الإطلاع بما ينفع ويفيد ويدفع العجلة إلى الأمام ويساعدُ بالحركَة القويمة للفرد والجماعة والمُجتمع
المثقف الحقيقي هو المُستقيم الذي ينتجُ شيئا مُستقيما ، كعود المسك
وإلا فلا تصبح استقامته تلك ( بمعنى الوعي والإطِّلاع الواسع ) إلا عالةً وضرراً على غيره فيصبحُ الفرقُ أنهُ سكّين آخر فقط يقطّع أوصال الأمة كما يفعل الجاهل ٌغير أن هذا حادّ يقصم الظهر ويصيبها في مقتل لأنه حسن المنطق فصيحٌ مُبهِر بمصطلحاتِه مِمّن ( يُعجِبُكَ قَولُهُم ) ، أو يكونون عالةً بتصديع رؤوس غيرهم وبشغل مجتمعاتهم بمعارك وهمية ومسائل ثانوية لا تهمه ولا تغيٍّر من واقعه ولا ترفعُ من مستواه ولا تحل مشاكله الحقيقية
مسؤولية المثقف هي أن يفهم حقيقة المشكلة ولا ينشغل بالأعراض ، أن يحمل الرسالة ولا يكترث بالمعارضين والمثبطين ،أن يفهم مجتمعه ويساعده على النهوض أن يقدّم حلولا ، أن يكون أول قدوة يكون جهدها ووقتها قُربانا للتغيير والإصلاح أن يكون فعّالا وواقعيا وذا أثر ملموس ،ولأن ذلك لا يكون إلا بالقراءة والبحث والتطلّع والتوسّع فالقاعدة أن ما لا يكون الواجب إلا به فهو واجِب لِذا كانت هذه المراحلُ ضمن ملامِح المثقف غير أنها ليست غايته بل مجرّد وسيلة يستعين بها على تحقيق رسالته ..
أصر على الرجوع لهذا الإنسان كلما أكملت عددًا من الكتب، لأنه لا زال رغم رحيله ورغم أن كلماته مكتوبة فحسب، لا زال يجيد ممارسة دوره ك"معلم" لطالما منحني دفعة كبيرة للتفكير، ولطالما أثار ذهني بتحليلاته الدقيقة، ولم يكن كتاب مسؤولية المثقف مختلف عن سابقيه، لقد أضاف لي ومنذ الفقرات الأولى منه الكثير من العلم والمعرفة والأهم انه دفعني للتفكير..
يبدأ شريعتي كتابه بمقدمة في غاية الأهمية، إذ أنه لا يمكن أن يتحدث عن مسؤولية المثقف دون أن يعرف ..من هو هذا المثقف؟
يفرق شريعتي بين المشتغلين بالفكر وبين المثقفين، فهو يقول أن كل عامل يدوي لا بد أنه يستخدم عقله، وكل مشتغل بالفكر سواء أكان معلم او عالم او شاعر او غيره يستخدم يداه، فليس المشتغل بالفكر هو المثقف انما ذلك الإنسان القادر على فهم وتحليل ومعرفة مجتمعه ومحيطه، أكان مشتغلا بالفكر أو بيديه!
وبطريقة العودة للبداية يعرج شريعتي على بداية تكون طبقة المثقفين في القرن السابع العشر في أوروبا، ويعتبر أن أول نشوء لها كان هناك ثم انتشرت لبقية المجتمعات، ولمحاولة فهم المثقف الآسيوي والايراني والامريكي لاتيني لا بد أولا من معرفة المثقف الأوروبي ليخلص لنتيجة بعد عدة توضيحات تاريخية وهي أن طبقة المثقفين الاوروبيين هي طبقة معادية للدين لماذا؟ (لأنها تواصل حياتها كعدو للدين، وكمنافس للجهاز الكنسي، وكسجين هارب من سجن المذهب الكاثوليكي الذي دام ألف عام وفي ظل هذه الروح أخذت تكتمل وكان ينبغي لها تلقائيا ومنطقيا ان تكون معادية للدين وهكذا كان لأن الهروب من الدين عند طبقة المثقفين في أوروبا هروبا منطقيا كما كان ايجابيا وتجربة التاريخ تقف إلى جوارهم)
وهو ما يعتبره امرا طبيعيا، إذ بحسب شريعتي فقد كانت أوروبا تعيش حضارة مزدهرة قبل أن تسيطر عليها المسيحية الكاثوليكية التي أطبقت على التعليم والفكر وخنقت أوروبا حتى أعادت طبقة المثقفين الدين للكنيسة لتزدهر أوروبا من جديد.
(لقد فضلوا الحرية على القيود لا الفكر على الدين)
يتهم شريعتي النظام البابوي بأنه نظام قيصري لا علاقة لعيسى عليه السلام ولا للدين به ويستدل بذلك على مجموعة استدلالات من ضمنها اعتبار اللاتينية لغة رسمية للدين لا العبرية لغة الانجيل! وإلى ذلك يعزو شريعتي اقتران قومية المثقف الأوروبي بلا دينيته، حيث كان البابا يدعي ان على كل امم العالم وشعوبه وعلى كل اللغات أن تذوب في مجد الامبراطورية الرومانية واللغة اللاتينية محاولا التخلص من تلك السيطرة ولذات السبب رفض المثقف الاوروبي الاقطاعية والارستقراطية.
يتهم شريعتي - وهو اتهام منطقي جدا- طبقة المثقفين في المجتمعات الإسلامية بأنها نسخت سمات المثقفين الاوروبيين، تلك السمات المنطقية في مجتمعاتهم، والتي لا تتناسب ابدا مع مجتمعات الاسلام ففي حين ازدهرت أوروبا بمقاومة الدين الا ان اولى ثمار مقاومة الدين في المجتمعات الاسلامية وغير الاسلامية وافدحها (تحطيم السد الذي كان يقف حائلًا في وجه نفوذ الاستعمار الاقتصادي ونغوذ فلسفة الاستهلاك وغلبتها والانحطاط الفكري والانحراف وما اليه من انواع الغزو الذي ابتليت به المجتمعات الشرقية)
لقد تعلمت في هذا الكتاب المكون من ٢٠٠ صغحة فقط، ما لم يعلمني اياه علم الاجتماع في أربع سنوات دراسية، تعلمت معه معنى المثقف والحضارة، لتتعزز عندي قناعات سابقة عن حماقة اسقاط التاريخ والفكر والمشكلات والحلول في المجتمع الأوروبي أو أي مجتمع على انفسنا حتى عجزنا تماما عن انتاج الحلول، فقد اختصرت عبارة شريعتي "إن الحضارة والثقافة بضاعة لا تُصدَّر ولا تُستَورد" خارطة الطريق لنتحول بمجتمعاتنا من التمزق والعشوائية والتبعية للتطور والنماء والاستقلالية
أكثر ما كان يخشاه شريعتي يختصر في عبارته:(لو أننا قمنا بمقاومة الدين بنفس تلك الطريقة التي كان مفكرو القرن السادس عشر والسابع عشر في أوروبا يقاومون بها دينهم، لكنا بذلك نرتكب أفدح الأخطاء، ذلك لأن الحس الديني والثقافة الدينية في إيران وسائر البلدان الإسلامية مغايران تمامًا لما كان موجودًا في الفرب باسم الدين في العصور الوسطى)
لقد كان شريعتي يعتقد أن تخلي المثقف عن المعرفة بالإسلام كأساس تاريخي وثقافي واجتماعي يشكل مجتمعاتنا، وكدين باعث على الحركة والنجاح والتغيير وفق اسس العدل والرشاد، سيخلق حالة من الغربة بين المثقف والمجتمع..والواقع لو ان شريعتي موجود اليوم لذهل لانقياد كثيرين لأشباه المثقفين الذين يدعون لتلبس التجربة الغربية كاملة وللتخلي عن الهوية تماما تحت دعاوى "التحرر والعقلنة والعلم" ليقذفونا أكثر في بئر ضياع لا نقوى على الخروج منه ولا كسر جدرانه محاصر بداخله كل طامح للتغيير بين عادات لا بد ان تتغير وبين دعوات لا بد ان تتوقف ولا من مجيب!
يطرح شريعتي الديالكتك في التغيير الاجتماعي، لكن بشكل أكثر واقعية، فهو يقول ان (الديالكتك/التضاد) في المجتمع في حد ذاته ليس هو العامل الدافع لتغيير المجتمعات، بل مدى وعي أفراد المجتمع بذلك الديالكتك، ويعتبر دور المثقف يكون بتحويل "التضاد" الموجود في المجتمع من الوجود الاجتماعي الى الوجود الشعوري، فالإنسان الأسود في القرون السابقة كان محتقرا راض عن رقه بل يعتبر نفسه مستحقا له فبقي لسنوات عديدة يسترق، لكنه حين شعر بهذا الرق والاحتقار رفضه وتمرد عليه، فمتى ما انتقل التضاد في المجتمع لشعور الافراد تحول لعامل دافع للتغيير.
من ضمن ما أُورد في الكتاب، كان لقاء مع شريعتي قال فيه: (أنا أنظر للحاضر فإذا تمكنا سيكون لنا سنة ٢٠٠٠ بلد آخر)
هكذا تحدث شريعتي الذي قتل سنة 1977م مكررا ومؤكدا ضرورة وجود استقلال ثقافي وحضاري للمجتمع الإيراني وعموم المجتمعات الإسلامية للخروج من حالة الركود والجمود، منطلقا من دور يجب أن يؤديه المثقف في المجتمع المسلم.
المثقف الحقيقي لا المستنسخ عن المثقف الغربي لا لعيب في مثقفي الغرب انما لكونهم مثقفين انتجتهم ظروف مجتمعهم وخصائصه فتكونوا واعين بحاجة مجتمعهم للتغير الاجتماعي مدركين اتجاهه بحسب مقتضيات ذلك المجتمع ..
مثقف حقيقي يعي حاجة مجتمعه للتغيير ويساهم في نقل ذلك الوعي لاحساس وشعور افراد المجتمع محدثا حركة اجتماعية تدفع باتجاه التغيير
لم يكن ما قاله شريعتي تنبئًا كان ادراكًا لحاجة مجتمعه ناتج عن معرفة واطلاع ووعي
ايران اليوم أو لنقل ايران عام ٢٠٠٠ ليست ايران ماقبل ١٩٧٧م ك، انها كيان قائم بذاته اتفقت او اختلفت معه، احببته او كرهته.. كيان يقارع أمريكا واسرائيل أقوى القوى العالمية والمتحكمة في مقدرات أمم وشعوب ..
لقد ساهم فكر شريعتي بالدفع اتجاه تغيير اجتماعي عارم .. واظنه لو كان حيًا لما توقف قلمه عن الدراسة والتشخيص والنقد والدفع ..
لقد مثّل بفكره المثقف المؤمن المتمسك بأصالة عقيدته فحق له أن يقول
(الناس بحاجة إلى وعي أما المثقف عندنا بحاجة إلى إيمان)
استطيع أن أقول اني اعتبر هذا الكتاب كاتلوج لتغيير اجتماعي في المجتمع الاسلامي وفق اسس صحيحة واهداف نبيلة ومن الظلم بمكان أني مضطرة لتقييمه بخمس نجوم فقط ولا أظن اني بحاجة لأقول أن قرائته ضرورة لكل من يطمح للوقوف على أعتاب قراءة اجتماعية واقعية للتفاعل ما بين الغرب والشرق وتشخيص دقيق لتبعات تفاعل "سلبي" لم ينتهي حتى اليوم الوقت لتداركه وتغييره
كتاب :مسؤولية المثقف اسم الكاتب :علي شريعتي عدد الصفحات :206 صفحة
للتو انتهيت من قراءة هذه الثروة المعلوماتية، من هو المثقف؟ كيف ينشأ المثقف؟ ما هي مسؤولية المثقف؟ هل الثقافة ترتبط بالدين؟ هل الثقافة منحصرة فقط لغير أهل الدين ؟ من هو المثقف الأصيل ومن هو المثقف المقلد؟ كل هذه التساؤلات موجودة في الكتاب وستعرف الإجابة عنها عند إكمال القراءة . بذلك ستعرف ما هي الثقافة ومن اي مجتمع ظهرت اولاً ، إن كانت ثقافة قديمة أو حديثة فهذه الثقافة تأتي من ظروف عينية واقعية واحتياجات حقيقية... الثقافة الإيمان ،الثقافة هي الوعي ،الثقافة هي الفائدة ،الثقافة لا تختص بنوع الألبسة أو الأكل وإنما( الفكر) أن كنت صاحب شهادة جامعية من جامعة مرموقة وحاصل على الشهادات العليا لا يعني انكَ مثقف، ما فائدة الشهادة والعلم أن لم يكن لديك رسالة تفيد فيها مجتمعك، فكرة تغير من طباع البيئة التي تعيش فيها ،حتى وإن كانت البيئة غير متعلمة يجب عليك إكمال رسالتك، وقبل كل هذا وقبل أن تكون مثقف وذو وعي وإدراك يجب أن تكون( إنسان )
"العلم قوة لكن الفكر نور "
💠الكتاب قمة في الإبداع ،مهما كان الكلام قليل بحقهِ
بالنسبةِ لعنوان الكتاب فهو ممَّا لا شكَّ فيه كان لهُ دور في جذب القُرَّاء؛ فهو يستلهم فضول القاريء في تناول الكتاب، وطيُّ صفحاتهِ، والخوضُ في أعماقِه، ومعرفة مضمونه، والغرض منه. وعنوان الكتاب، أصبحَ العنوان الرئيسي للكتاب مِنْ بدايتهِ حتى نهايتهِ وهو لا يتحدث ولا يصف غير المُثقف، ودورهِ في بيئته ومُجتمعهِ، والهدف الأساسي الذي يتحتَّم عليه القيام به.
الكتابُ بمُجمله، يتناول ثلاثة محاور رئيسية هامة:
1_ فالمحور الأوَّلُ، تناول تعريف المُثقف. 2_وثانيها، حاول فيها التفريق بين المُثقف الأصيل والمُقلد. 3_ وآخرها، فكانتْ حول مسؤولية المُثقف ودوره في بناء حضارة فعَّالة.
محاورٌ كانتْ في غاية الأهمية، فقد كان المُثقف في نظر "شريعتي" هو: (ذاكَ الشخصُ الذي يتسمُ برؤية واضحة وسعة الأفقِ، ولا يتصف بجمود فكري عقائدي).
وضربَ لنا "شريعتي" مثالاً حول الفرق بين المُثقف الأصيل والمُقلد؛ حيثُ وصف المُثقف الأصيل على أنه ذلك الذي تحرر مِنْ القيود المفروضة عليه، والتي كانتْ تمنعهُ مِنَ التفوهِ، بلْ حتى مِنَ التفكير فيما يُخالف القواعد التي كانتْ سائدةً، ومفروضة آنذاك. مثال، مُثقفي أوروبا في القرن السادس عشر والسابع عشر، عندما كانت الكنيسة مُسيطرة على الوضعِ؛ وكان البابا آنذاك مُتربع على عرشها. فمُثقفي أوروبا، لمْ ينصاعوا لتلكَ التقاليد المُسيطرة على جوانب الحياة، بلْ خالفوها، وطالبوا بحُرية فكرية، ديموقراطية، وبالفعل نجحوا في ذلك، ووصلوا إلى ما هُم عليه الآن.
أما المُثقف المُقلد، فقد وصفه "شريعتي" بأنه ذاكَ الذي سعى في تطبيق ما قامَ به المُثقف الأصيل في زمانٍ ومكانٍ غير مُلائمينِ بالمرة، كذاكَ الذي رأى جاره يملكُ بُستانًا مليءٌ بالألوانِ؛ فأرادَ أنْ يكونَ لديه مثله، ولكن دون مُراعاة الظروف المناخية، ونوعية التُّربة...إلخ فكانتْ النتيجة موت النباتات. وهذا بالضبط ما قامَ بهِ مُثقفو القرن التاسع عشر في الأمة العربية والإسلامية.
وأخيرًا، يطرحُ "شريعتي" السؤال المُهم في نظري، ما هي مسؤولية المُثقف؟ يرى الدكتور والمُفكر الإيراني "علي شريعتي" أنَّ دور المُثقف يُشبهُ إلى حدٍّ ما دور الأنبياءُ في قومهم؛ فالمُثقف ليسَ كالعوامِ، أسير التقاليد والعاداتِ، وليسَ كالعُلماءِ،والفلاسفة، والرُّهبانِ، والفنانين، ورجال الدين الذين هُم أسْرى مفاهيمهم. بلْ المُثقف أنْ يكونَ واعٍ، مسؤولٍ، مُكلفٌ بنقل الرسالة للجماهير والعوامِ، وتنوير عقولهم، والتقدم والسير بهم إلى الأمام.
وكذلك يرى "شريعتي" أنَّه يُمكنُ بناء حضارة أصيلة بالأُسس الثلاث: 1_ العودة إلى الذات. 2_الاختلاط بالعوامِ، ونشر الفكر بينهم، وتنوير عقولهم. 3_مُواجهة التقاليد والعاداتِ والجمود بالتجديد والاجتهاد.
مسؤولية المثقف . للمؤلف الدكتور علي شريعتي ترجمة الدكتور إبراهيم الدسوقي شتا مراجعة حسين علي شعيب نوع الكتاب: دراسة / علم إجتماع عدد الصفحات :200 صفحة . المراجعة: . انها دراسة تعطي تتناول العديد من التساؤلات منها : هل كل متعلم وحاصل على شهادة عليا يُعد مثقفاً؟! هل كل مُطلع على ثقافة غربية ومتشبه بنمط أو أسلوب حياة دخيل عليه يُعد مثقفاً؟! لماذا تقدم الغرب في الثقافة ولماذا تاخر العرب؟! ما الاختلاف بين المثقف الغربي والمثقف العربي في مواجهة الدين ومتى كان معارضاً ومتى كان مستغلاً؟ من هو المثقف الحقيقي ومن هو المثقف المُقلد ؟! وما هو دور المثقف في المجتمع وما الذي يحتاجه المجتمع لأبراز المثقف؟ . الجميل بالكتاب انه يبسط الشرح والفلسفة الاجتماعية بطريقة مبسطة جداً وينتقل من موضوع لآخر في سلالة وترابط كما ويحقن كل موضوع ببعض الاسئلة التي يجعل القارىء يتوقف ويتساءل او يجيب مما سبق سرده. . التقييم : . تعجبني الكتب التي تتناول مواضيع إجتماعية وفلسفية لمفاهيم سائدة ومغالطة أو مُختلف عليها وبان يكون كاتب هذه الدراسة يتمتع بالمنطقية والشفافية والموضوعية بالطرح بحيث تخرج من تجربة القراءة بحصيلة معلومات أو بأفكار إما تحتاج لتغيير لو لدراسة أكثر وتأمل. . كانت تجربتي الأول مع شريعتي ولن تكون الأخيرة، أمنح تجربتي هذه 4/5. . أنصح بالكتاب للمهتمين بالدراسات للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وإن سبق لك وقرأت للدكتور علي الوردي وأعجبتك مؤلفاته فهناك أحتمال كبير جداً أن يروق لك قلم الكتور علي شريعتي. . #مسؤولية_المثقف #علي_شريعتي #دار_الأمير_للثقافة_والعلوم .
يقول محمد عبده "اولئك نبذوا الدين فنالوا الحرية والسيادة والسيطرة على العالم ونحن نبذناه فمنينا بالذلة والانقسام والتفرقة والانحطاط والاستعداد لقبول كل ما يملى علينا ونجبر عليه ويلقى امامنا". حسنا ماذا عن الانسانية انها خدعة انها صدى اصواتهم على افواهنا لقد نسينا ان الحضارة والثقافة لا تصدر ولا تستورد نسينا ان المثقف لا يمكن ان يظهر بالتقليد ابدا فالمثقف هو انسان يفكر بطريقة جديدة وان لم يكن متعلما انه يفهم عصره ويفهم الناس ويفهم كيف يفكرون ويفهم انه يتحمل مسؤولية التغيير فالمثقف ليس من العوام فاقدي الوعي وليس ايضا من طائفة الرهبان ورجال الدين الذين هم اسرى للماضي ومفاهيمهم الذهنية. يجب على المثقف ان يجد السبب الرئيسي لانحطاط مجتمعه ثم ينبه مجتمعه الغافل اليه ويبدي الحل والهدف واسلوب السير الصحيح والحلول اللازمة على اساس الامكانيات والثروات الموجودة. الانسان بدون هوية وثقافة ودين انسان ممسوخ ولا يمكن لانسان لا يملك شيئا ان يمد يده لانسان راسمالي لم يكتفي بنهبه وقمعه واذلاله لكنه قام بطمس هويته وجعله يتنكر لجذوره ودفعه بسبب الشعور بالنقص الى تقليده. فالشراكة تكون بين طرفين متساويين لا بين سيد وعبد والشجرة التي تعطي ثمارا جيدة في تربة معينة قد لا تعطي ثمارا في تربة اخرى.
"عليّ أنا المثقف أن أقدم التوعية لمجتمعي وأعيده إلى ذاته، وأحيي شخصيته التي سُلبت منه، وأقدم له الوعي الطبقي والشعور الإنساني الذي سُلِب منه وأقدم له الإيمان البشري والتاريخي والقومي، هذه رسالتي، وعليّ أن أختار أفضل السبل وأكثرها منطقية لهذا العمل، لا أقربها، لأنه من المحتمل ألا يكون أقرب السبل أكثرها منطقية."
يعرض لنا على شريعتي في كتابه تحليلًا تاريخيًا لكيفية ظهور طبقة المفكرين في أوروبا في القرن ال 17 وتطورها وتأثير هذه الطبقة على كل مناحي الحياة الأوروبية وبالتبعية على المجتمعات الشرقية في آسيا وإفريقيا. فيبدأ بتعريف ماهية المثقف والذي يرى أنه لا يمكن تعريفه إلا بمعرفة المثقف الأصيل وهو المثقف الأوروبي! حيث إن مثقفي المجتمعات الأخرى ليسوا إلا نسخة طبق الأصل من هذا المثقف الأوروبي!! ثم يقوم بتحليل كيفية نشوء طبقة المثقفين في تلك الفترة والخصائص التي تميزت بها وفقا للظروف الاجتماعية التي نشؤوا فيها… بعد ذلك يحدثنا عن انتقال سمات المثقف الأوروبي إلى مثقفي المجتمعات الشرقية ومفكرينا والغزو الفكر. وأخيرا يحدثنا عن مسئولية المثقف في المجتمع ودوره في بناء الحضارة.
في أحد صفوف الإعدادية سألت المعلمة عن معنى " المثقف " وأجابت هي أنه : الشخص الذي يعرف شيء عن كل شيء .. فتكونت الثقافة كمنازل النوَر مرقعة من كل شيء لون ،والنَوَر يأكلون ما تعطيهم يلبسون ما تتكرم به عليهم ويسكنون على أطراف المدينة . هذا ما قصدته المعلمة ربما! .. أذكر الموقف هنا عرضاً .. علي شريعتي المثقف المسؤول والمعلم الأصيل ، في هذا الكتاب كنبي أقام حجته
كتاب امتعني وحصدت منه الأستفادة واتضحت لي معالم بدايات المثقفين واصحاب الفكر في اوروبا ودول العالم الحديث وعن صورة المطبوعة ف ذهن المجتمع عن المثقف وفرق بين الثقافة والحضارة سعدت ان الكتاب كان عند حسن ظني ب قلم وفكر علي شريعتي
حينما كنت أقرأ ذلك الكتاب كنت أفكر في كتاب آخر وهو كتاب ادوارد سعيد المثقف والسلطة
يكاد موضوع كلاهما واحد مع اختلافات أوليه طفيفة في الرؤية فحين يؤكد شريعتي على الأصول القومية لمثقفه يؤكد سعيد على الأفكار العلمانية والأفكار العالمية الموحدة التي يدافع كل المثقفين عنها فما التعارض وما الشبه ؟
كبداية ليس هناك تعارض او فلنقل ان وجد ذلك التعارض فهو بسيط جدا فشريعتي لا يرفض الافكار الانسانية العامة وانما يرى أن وقتها الآن لم يحن بعد فنحن أمة فاقدة لهويتها كالمسخ علاقتنا بالآخر أي آخر ستكون علاقة ما بين صغير وكبير علاقة العبد بسيده طالما ليس لنا خصائصنا المميزة فنحن في نظره نمثل القرن الرابع عشر الأوروبي!!! لابد من وجود قومية أولا ولكن ليست قومية الفخر والافتخار وانما قومية العمل قومية تشكيل الكيان الخاص بنا لكي نكون على قدم المساواة مع باقي الأمم فحين نعمل بالقيم الانسانية جميعا نكون جميعا متساوون
بينما سعيد يتحدث عن المثقف بصفة عامة هو أكد أيضا على الوجهة القومية لكن ليس بتلك الصورة عند شريعتي وشرط القومية عنده هو ألا تجعلك أعمى عن رؤية الحقائق فيما يتعلق بالآخر بالنسبة لقوميتك. بينما يرى أن الفكر الذي يددافع عنه المثقف هي تلك الأفكار الانسانية العامة لاحظ هنا هو يتحدث عن بعد مرحلة التشكيل فدفاعك يكون قائما على مباديء انسانية بينما شريعتي يتحدث عن تشكيلك كمثقف فقوميتك لازمة لك لتكون لك شخصيتك المستقلة
نقطة أخرى يتحدث عنها شريعتي وأراها جديرة بالاهتمام والصدق وهو جغرافية الأفكار وتاريخيتها فحينما يتناول تاريخ النخبة المثقفة في أوربا يستنبط منها جهد بسيط خصائصها المميزة وهي اللادينية والعلمانية والقومية ويتسائل كيف طبقت تلك الصفات في أوربا فانتجت فكرا وثقافة وعلما وحينما نحاول تطبيقها لا نجد ذلك ؟!!! فيرى ان ذلك للنقل دون فهم لماذا قامت تلك الاساسيات فكل صفة من تلك قامت لعلة واضحة في المجتمع فهي افراز طبيعي للمجتمع لاصلاح خلل بينما يحدث العكس عندنا فقمنا بنقل تلك الصفات فقط دون النظر الي طبيعة المجتمع نفسه وما ينفعه وما يضره
كختاما الكتاب رائع جدا واوضح لي كثيرا من الأشياء التي كان يلتبس علي فيها الأمر واعتقد ان ذلك الكتاب سيكون بدايتي مع شريعتي :)
كتاب متوسط الحجم عظيم المحتوى أبدع الكاتب في ايصال فكرته عن مسؤولية المثقف تحدث الكاتب عن المثقف ومسؤوليته وكيفية بنائه وعن المثقف المزيف كما أبدع في أخذ المثقف والثقافة الغربية كمثال واسقاطها عن دول العالم الثالث في آسيا وافريقيا وتوضيحه بأن الأمر مختلف وفي أنه علينا أخذ فقط ما يليق بنا وبهويتنا وبديننا وما شد انتباهي هو ايمان الكاتب بكون الحل الوحيد للنهوض بالأمة الاسلامية هو الاسلام وقراءتي لهذا الكتاب بعد كتاب مشكلة الثقافة لمالك بن نبي كان له تأثير جيد بحيث من خلال مالك تفهم المعنى الحقيقي للثقافة الكتاب كان سهل يسير مرتب الأفكار واضحها
باختصار .. من أجمل ما قرأت في مجاله, طريقة تلخيصه لموضوع المثقفين ومسؤوليتهم, وكيف تكون طريقة تفكريهم الأمثل .. شيء رائع يرى الكاتب بأن مسؤولية المثقف المسلم تكون بالـ5 نقاط التالية : 1 - استخراج الكنوز الثقافية العظيمة لمجتمعنا وتنقيتها 2 - نقل التناقضات الاجتماعية من باطن المجتمع إلى وعيه, بالفن والكتابة والمحاضرات وغيرها من الوسائل 3 - عقد جسر بين أهل الفكر والعامة 4 - نزع سلاح الدين ممن استخدمه ليمارس سلطانه 5 - تصحيح مفاهيم الدين لدى الناس, والدعوة إلى العمل والحياة والقوة والعدالة
شوف عليوي عنده خوش نقطة وايد مثقفين يتجاهلونها، اللا و هي انه لا تتفلسف وايد عن نفسك و لا عم معرفتك اللي نفس ويهك، حبيبي فيد المجتمع لا بارك الله فيك!! ساعد في إعادة إيجاد شخصية المجتمع يا نايم، يا بتوع المداااارس!!!
الإسلام كائنٌ حيّ...هو كالنبيّ يأكل الطعام ويمشي في الأسواق..لا يرتدي زيّ النُسّاك ليتوارى في علياء المنبر وطُهر المحراب ..بل خُلق ليتحدث بلسان قومه في كل زمان ..يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ..يقاسمهم همهم ويكتسي ماعليهم من ثياب.. يرافقهم من قبل المسجد إلى المحكمة والمدرسة والمصنع والمعمل ...جميل هذا الكلام ! ..ولكن من سيصطحبه ليفعل؟! ..المسلم المثقف المُجدد المستنير!....فبربكم هل أتى علينا حينٌ من الدهر لم ننتظر فيه ذاك الرجل؟؟..حسناً لم يأت هذا السيد المستنير قبلاً ، فإن لم يأت من بعد فما العمل؟؟ ..حيّرني أمر هذا الكتاب لأيام ..أدخلني دوامة من الجدل الذاتي هي لا تنقصني بحال...وقبل أن أفسر الأمر بكونه نقصٌ في الإيمان..صرت أتمتم لنفسي : لا..لا أنا فقط أعاني فقراً في الأمل!...ثم وطنت نفسي على هذه الخطة: أن إذا سؤلت عن هذا الكتاب أحقٌ هو ؟؟ لقلت: إي وربي إنه لحق ...ولكني تركت موقعي من أمام السرداب حيث ينتظر الآخرون.
بادئاً بوضع برزخ فيما بين المعنى الإصطلاحي الجوهري لنخبة المثقفين أو طبقة ( الانتليجنيسيا ) وبين المعنى اللفظي السطحي الزائف لها ..يقول علي شريعتي رحمه الله: " ومن هنا وبناء على هذا التعريف المعترف به في كل أنحاء العالم وهو التعريف الرسمي في علم الاجتماع، فإن شريحة أهل الفكر أو التي نسمي أفرادها بالمثقفين والمؤلفة من مجموعات مختلفة من المجتمع تقوم بأعمال عقلية ومن بينها: المعلمون وأساتذة الجامعات والمحامون والقضاة والسياسيون وقادة الأحزاب والصحفيون والمترجمون والكتاب والشعراء والرسامون والنحاتون والفنانون والموظفون الإداريون والمهندسون والأطباء والمتخصصون في فروع العلم المختلفة ورجال الدين وعلماؤه والفلاسفة والمؤرخون، هؤلاء جميعا هم المثقفون الذين يشكلون شريحة "أهل الفكر"، فهل يجوز وصف كل هذه الجماعات والأفراد بصفة المفكر ؟ ..كلا ..لأن المفكر صفة تُطلق في مجال آخر ، وكلمة مثقف تعني صراحة ذلك الذي يتميز بوضوح الرؤية وسعة الأفق ... ومرادف كلمة مثقف في اللغة الفرنسية معناها بعيد النظر أو مستنير ، وتعني ذلك الذي لا يتصف بالتقيد والتوقف ولا يفكر بجمود عقائدي ، بل يفكر بوضوح وسعة أفق ، ويميز عصره والأرض التي يقف عليها ، وموقع البلد الذي ينتمي إليه والمشاكل التي تطرح في مجتمعه ويستطيع تحليلها وتقديم الأدلة لها وإفهامها الآخرين.".. " ألا نرى أناسا نعرفهم ونلتقي بهم كل يوم تعلموا تعليماً عالياً ونالوا أرقى الشهادات بل ويشغلون مناصب علمية ويقومون بأعمال عقلية لكنهم مع كل ذلك لا يفهمون حوا من لوا ؟ فهؤلاء لا يُعّدون مثقفين لأنهم لا يتميزون بوضوح الرؤية والقرار العقلاني ، ولكن لأنهم يزاولون أعمالا عقلية نحسبهم عفوياً من المثقفين وفي الحقيقة هم ليسوا كذلك فهم ليسوا مستنيرين."
ثم يفصّل من بعد ذلك بإسهاب سمات المثقف الأوروبي ..وليد القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادي ..من حيث كونه النموذج البكر للمثقفين والذي تتم محاكاة سماته من قبل مثقفي العالم بما لا يتفق ومجتمعاتهم من وجه نظر شريعتي ...فالمثقف الأوروبي عانى من قهر الكنيسة التي احتكرت العلم لطائفة الكاثوليك ..بل وقيّدته باللغة اللاتينية فهي لغة البابا الذي يحكم العالم باسم الدين ..ورفضت العلوم الطبيعية وهمّشت الفلسفة ..واسترقت النساء واتخذت العبيد وقتلت البروتستانت ..فكانت النتيجة المنطقية أن : " ظهر المثقف في القرن السابع عشر، في ظروف كانت أوروبا إقطاعية ، وحكومة قيصرية تسيطر على الجميع باسم الدين ، ومن هنا أصبحت هذه الطبقة في أوروبا معادية للدين أو لا دينية ، وذلك من أجل أن تنجو من السيطرة القهرية للاستبداد الديني ومن أجل أن تظفر بحريتها ، فهي تعارض العبادة من وجهة نظر الكنيسة والبابا، لأن الإله الذي كان البابا يتحدث عنه عو أكبر حماة الأرستقراطية يهبها العزة ، ويمنيّ الآخرين بالمذلة ، وهي تعلن الديموقراطية لتضعف حكومة البابا الأرستقراطية، وهي قومية من أجل أن تقضي على عالمية البابا ، وهي تؤمن بالحرية المطلقة للفكر العلمي وتؤمن بمادية العلم ، لأن جهاز الكنيسة صرف قوة العلم والفكر عن خدمة الحياة وكرسها لخدمته هو"
ثم يكمل ليزيد من حيرتي فيقول: " نحن نرى إذن أن هذه السمات والخصائص التي تتشكل بها طبقة المثقفين في أوروبا ، نتيجة منطقية وصحيحة للأحوال التي كانت سائدة في أوروبا ..ومن الطبيعي جدا أن يفكر المثقف الأوروبي على هذا النمط..ولكن المفكر في مجتمعنا ظهرت في ظروف تاريخية أخرى، وفي مواجهة دين آخر، وعلماء دين مختلفين، وظروف اجتماعية تختلف تماما، وخصائص دينية لا تتشابه -حتى بالقرنين الثامن عشر والتاسع عشر وهما عصر الضعف الديني عندنا – بأي حال من الأحوال مع وضع المذهب الكاثوليكي الذي أدى إلى ظهور طبقة المثقفين ، ومع ذلك قام المثقف في مجتمعنا بتقليد هذه الخصائص تماما عن المثقف الأوروبي، وفي علم الاجتماع نلتقي بقضية فحواها: أن حقيقة ما قد تكون في مجتمع ما صادقة ومنطقية تماما، لكنها قد تكون مُضرة وكارثة وقبيحة وباطلة في ظل ظروف اجتماعية أخرى"
بدأ ضباب الحيرة هذا ينقشع شيئا فشيئا حين بدأ في الحديث بما أسماه "جغرافية الكلام" ، حيث أن لكل مجتمع النمط الثقافي الذي يحكمه ، وإتقان لغة ذلك النمط هي إحدى أهم مسؤوليات كل مثقف بمجتمعه..يقول: " إن وسط الناس – في رأي جمهور الناس- هو وسط ريفي فلاحي . هؤلاء هم مورد خطابنا، ولا يمكن الكلام معهم بنفس الأسلوب الذي كلم به مثقف القرن التاسع عشر "جان موريه" مثلا عام 1864 عمال بريطانيا، أو كلم به " هوروزون" عام 1860 عمال ألمانيا ، إذا من الخطأ أن نعيش في القرن التاسع عشر أو العشرين ، ومن الخطأ أن نجعل مثقفي هذين القرنين نموذجا فكريا لنا، بناء على هذا ، يجب علينا أولا أن نتخلص من المفاهيم الموجودة في أذهاننا والتي أخذناها من مصادر القرن التاسع عشر ، ونكتشف –ولأول مرة- مجتمعنا في أي قرن يعيش" "إن المأساة كامنة في أن أؤلئك الذين سيطروا على الدين في القرنين الأخيرين أو القرون الثلاث الأخيرة ، قد جعلوه في صورته الجامدة التي نراه عليها الآن، وأن المفكرين الذين يعلمون عصرنا واحتياجات جيلنا وزماننا لا يعلمون ما هو الدين، ومن هنا لم يستطع مجتمعنا الوصول إلى وعي يمنحه الخلاص بالرغم من أن لديه الإسلام والثقافة والتاريخ يمكن أن يمنحوه النجاة ، وقد أخطأ المثقف لأنه يرى أن تأثير المسيحية في القرون الوسطى والإسلام الموجود الآن في مجتمعه متشابهان بالفعل، ونهض لمقاومته لذلك تماما كمفكري القرن التاسع عشر على أساس أن الإسلام والمسيحية متشابهان..إن القوى الرجعية هي التي أوجدت هذا الخطأ"
تكمن مسؤولية المثقف الأولى بنظر علي شريعتي في استنبات ما أطلق عليه اسم "البروتستانتية الإسلامية" ..على غرار ما قامت به البروتستانتية المسيحية من تعديل في موازين الحضارة الأوروبية تاريخيا ..غير أن دكتورة/ هبة رؤوف عزت في ندوة لمناقشة هذا الكتاب كان لها مأخذا في هذا الشأن ..حيث أوضحت بأن البروتستانتية لم تلق هذا الترحاب العالمي من وجهة النظر الحالمة تلك ..بل كانت إباحتها للتعاطي الربوي أكبر الأثر في تحقيق هذا الانتشار حيث دشنت به عجلة الرأسمالية العالمية على عكس ما كان متاحا من قبل الكنيسة الكاثوليكية..على كلٍ يقول دكتور / علي شريعتي :
" ينبغي على المثقف القيام بحركة بروتستانتية إسلامية حتى يستطيع أن يمنح مجتمعه انعطافة من الفكر الجديد والحركة الجديدة مثلما فعلت البروتستانتية المسيحية التي فجرت أوروبا في العصور الوسطى وقمعت كل قوى الإنحطاط التي أصابت فكر المجتمع بالجمود والركود باسم الدين" " إن ل "ماكس فيبر" جغرافية باسم الجغرافية الفكرية، وبالنظر إلى جغرافية أوروبا ، نرى أن بريطانيا تقع في غرب قارة أوروبا ، ثم فرنسا ثم سويسرا ، بلجيكا ، ألمانيا، إيطاليا ، وأسبانيا في الجنوب، وحين ندرس هذه الدول من الناحية الدينية: نجد أن بعضها بروتستانتية ، وبعضها الآخر كاثوليكية، والبعض بالعكس ، ونرى أكثرية أسبانيا وإيطاليا كاثوليك، وأكثرية بريطانيا بروتستانت، وأكثرية فرنسا كاثوليك وأقلية قليلة بروتستانت، والأكثرية المطلقة في ألمانيا تقريبا بروتستانت، والآن لو درسنا هذه الدول من ناحية الرأسمالية والصناعة والحضارة الحديثة نرى، أن تقدم الصناعة والحضارة في هذه البلدان له صلة مباشرة بالأكثرية البروتستانتية ، مثلا، نرى في ألمانيا وأمريكا ، اللتين فيهما البروتستانت أكثرية مطلقة، إن الصناعة والحضارة الحديثة أرقى من الجميع، وفرنسا التي فيها الكاثوليك أكثرية والقلة القليلة بروتستانت، في الحد الوسط ، وإسبانيا وإيطاليا اللتين أكثريتهما المطلقة كاثوليك ، أقل من الجميع من ناحية الحضارة ومن ناحية التقدم الصناعي، بناء على هذا ، رأينا أن البلدان التي حولت عامل الدين من صورته الرجعية إلى صورة خلاقة راقية وانتقادية قد حصلت على التقدم، وإن البلدان التي لا زالت تحافظ على الكاثوليكية بقيت في حالة القرون الوسطى"
غير أني أوافق على هذه السطور التاليات باعاً وذراعاً ..ولا أرى للمثقف أياً كان دينه سوى تلك المسؤولية ..وهي ليست بالهينة أبدا ..يقول شريعتي: " على المثقف أن يعقد جسرا من القرابة والألفة والتفاهم والمشاركة اللغوية بين "جزيرة أهل الفكر و" شاطئ الناس" اللذين ابتعدا كل عن الآخر، ويزداد ابتعادهما بمرور الوقت، وذلك ليجعل الدين الذي نزل في الأصل للحياة والحركة في خدمة الحياة" .." ولكن إذا ذهبت وجلست في إحدى الزوايا، وخشيت من التحدث مع ذلك الفلاح لأنه ليس له إحساس حتى أتحدث معه، ولم أتكلم مع ذلك الشيخ أساسا لأني أخشى أن يتهمني بالنجاسة ثم يلعن أبي ، وبعدها أهرب من هناك وأنا أردد : ما أوحش هؤلاء ، ما أشدهم خرافة ، ما أكثرهم انحطاطا، سيتضح بأني شخص تافه ولا شئ... علينا أن نرى ذلك الشيخ ماذا يقول وكيف يعمل وما هي علاقته بالناس. علينا أن نبحث عن السبب الذي جعلهم يصغون لكلامه، هل في الواقع أن كلام الشيخ هو الذي جذبهم إلى هذا الحد أو إنه إرث وأصالة أخرى جعلت هذا الفلاح يسير وراء الشيخ. فإذا اكتشفنا تلك الأمور وجلسنا مجلسه وملأنا مكانه بلغة أفضل وأكثر إنسانية ، والتعرف على الفلاح والإخلاص له بشكل أفضل ، كنا قد حصلنا على مكانة المثقف وسط المجتمع، وإلا فلنجلس هنا ونتكلم ، وكلامنا سيكون خداعا وحيلة"
حين أرادت دكتورة/ هبة رؤوف عزت اختصار مسؤولية المثقف التي أرادها شريعتي رحمه الله بهذا الكتاب ..انتقت من سطوره تلك العبارة: " المثقف هو النبي حيث لا نبوة" ...وبناءً على ذاك الانتقاء ..وعلى سيرة خريج السوربون الذي رفض المناصب ليجالس شباب المعاهد والمدارس ..تاركاً بذلك الإرث الضئيل للأبناء ... إذن ومن بين كل المثقفين يا سيدي / عليّ شريعتي عليك السلام.
الرابط أدناه هو تسجيل كامل للندوة التي تم بها مناقشة الكتاب بحضور دكتورة/ هبة رؤوف عزت وأستاذ/ أحمد عبد الفتاح مؤسس دار نشر (مدارات) https://www.youtube.com/watch?v=JlaLL...
عظيم للغاية هذا الكتاب. أتعرف شيئاً فشيئاً لماذا كان وجود شريعتي خطراً على نظام الشاه.. لأنّه شخصيّة حركيّة، لا مجرّد مثقّف يتناول الثقافة بالشوكة والسكّين.. لم يكن يرتديها كسلسلة تحت التي-شيرت ويرتاد المقاهي ليضع رجلاً على رجلٍ ويلعن الناس المغروزين في تراب الجهل والرجعيّة والتخلّف.. لم يكن يتفاخر بأنّه يتحدّث لغةً أجنبيّة. كان قوميّاً لا بمعنى التعصّب الغير منطقي للأرض، بل قوميّة هويّاتيّة من باب معرفة الذات والانطلاق منها إلى التعامل مع إخوته من البشر على قدمِ المساواة.
الجميلُ في الأمر أنّني وجدتُ شريعتي، رحمه الله، يتحدّث عن كيفيّة القيام بمهام المثقّف الحقيقيّة.. أنْ يكونَ حركيّاً. أن يبيّن التناقضات الواقعة في المجتمع ثم يضعها في الوعي المجتمعي لتُصبح محرّكاً فيما بعد لانتفاضته، ومنْ ثَمَّ، نهضته.. فممارسة دور المثقّف دون ما ذُكِرَ آنفاً، هو كزواج لأجل المُتعة لا من أجل الاضطلاع بمسئولية التنشئة للذرّية المفترض وجودها عن هذا الزواج.. أو أنّه قد يُمكنُ تسمية ممارسة الثقافة من هذا الوجه بـ"استمناء فكري" لا يُنتجُ ذرّية لكنّه فحسب يُشعر فاعله بمتعةٍ مؤقتة.
يشير شريعتي، رحمه الله، إلى أنّ مقتضيات الثقافة الغربية من الانسلاخ من الدين والسعي نحو القوميّة والعلمانية وما إلى ذلك مما نتجَ عنها كان ضرورياً زماناً ومكاناً بالنسبة لهم في الغرب ومن الخطأ، حسبما أشار، أن نحذو حذواً متطابقاً معهم حيثُ يختلف زماننا ومكاننا.. فانسلاخهم من الدين انسلاخٌ من وطأة الكاثوليكيّة الخانقة حينها، ثم سعيهم نحو القوميّة كان هروباً من سُلطة البابا العبر قوميّة وكيف أنّ تمرير هذه المبادئ، على الرُّغم من أنّها كانت عوامل نجاح للغرب حينها، إلى الشرق كان سبباً في التفكك والاضمحلال والانهيار.
ينبغي التضحية بجيلين أو ثلاثة أجل أن ننهض أخيراً ونقفُ على قدم المساواة أمام الغرب، وحينها تغدو شعارات المساواة والعدالة وحقوق الإنسان منطقيةً وفعّالةً.
ينبغي أن يكون المثقّف بين الناس لا مترفّعاً عنهم في المقاهي والفنادق والجلسات الخاصّة.. ينبغي أن يكون واحداً منهم.. يتحدّثُ بلسانهم ويشعر بآلامهم، وحينها يضحي كلامه مفهوماً وذا أثر.
الكتاب، وبحقّ، ممتاز ويسير على خطى "فانون" الذي ذكره شريعتي هنا في كتابه هذا. تحيّاتي..
خطابات الدكتور الشهيد علي شريعتي عميقة و قوية و حتى لو كان القارىء لها يختلف معها في بعض النقاط او المنهج او التفصيل فإنها تفتح افكاره على كثير من التأملات الواقعية و الحضارية و الاجتماعية التي تتحرك في الواقع التاريخي المستمر و المتصل بالحاضر و الذي تديره عقول المثقفين و القادة و المسؤولين عن التغيير الاجتماعي
كتاب مسؤولية المثقف يطرح زوايا كثيرة و متنوعة التي تتحدث عن واقع المثقف الاصيل او المزيف و الحضارات الاصيلة التقليدية المنسوخة من الحضارات الاصيلة ,,
يتحدث الكتاب عن موقعية المثقف و رسالته و ايضا في ضرورة وجوده ليدرس حالة مجتمعه و ينصهر به ليصنع حضارته بعيدا عن الاستغراب او التقليد الذي لا يتطابق مع واقع الحضارات الاخرى و مستوى تغييرها بحسب ظروفها ,,
نقد للمثقف و متابعة احواله و تشكيل عقله من خلال النقد و التوجيه فهذا بعض ما طرحه الدكتور شريعتي ,و
الكتاب به اقتباسات هامة و ضرورية للنقاشات حولها في الجو العام بين فئة المثقفين و حتى بين الواعين من العوام ..
كلمات و جمل و اشارات كثيرة اثارتني و لازلت اسعى لقراءة كتبه الاخرى
كتاب جميل جِدّا، عالج موضوع "المثقّف" بطريقة مُنظّمة ، واضِحة ومُمنهجة.
بيّن فِي البداية أنّنا لن نفهَم ونعرِف مسؤوليّة المُثقّف عِندنا إلاّ إذا عرفنا كيفيّة نشأة المُثقّف في البداية والظّروف التّي شكّلته فيبدأ بالبحث عن نشأة هذا المُصطلح "المثقّف" وبأنّه ظهر في أوروبا بداية القرن 17 "intellectuel" ثم يذهب إلى توضيح الخصائص التّي ميّزت "طبقة المثقفين" التّي ظهرت في أوروبا والتي تتمثّل فِي: 1- اللاّدينية: وشدّد على أنّهم لم يكونوا ضدّ الدّين كـ "دين" ولكن على القيود التّي فرضتها الكنيسة المسيحيّة، فيقول: (لقد فضّلوا الحُريّة على القُيود، لا الفِكر على الدّين ) 2-النّزعة القوميّة: فالكنيسة كانت تنتهج العالميّة، فالبابا هو الذي يخضع الجميع لِحكمه، واللغة اللاتينيّة هي التي يجب أن تُستعمل... لذلك اتّخذ المثقّفون لغتهم القوميّة بدل اللاتينيّة. 3-المناهضين للأرستقراطيّة والجنوح للجماهير: فهم كانوا ضدّ الطّبقة الخاصّة التّي تتمثّل في البابا وحاشِيتِه...
بعدها انتقل إلى نُقطة مُهمة والتي تتمثّل في تشكل جيل في الشّرق يُشبه إلى حدّ بعيد مُثقّفي أوروبا والذّين وصفهم بِـ "المثقّفين المُقلّدين" الذّين لم يُؤدّي وُجودهم إلى أيّ تطوّر، وهذا يعود إلى "مُشكلة في علم الإجتماع" -كما أسماها- حيث أنّ ما ينجح في مُجتمع لن يُكتب له النّجاح بالضّرورة في مُجتمع آخر فلِكُلّ خصائصه.
لذلك على المُثقّف أن يفهم نفسه أوّلا ويعود لهُويّته كي يستطيع فهم مُجتمعه، وأنّ المُثقّف ليس هو نفسه في كل مكان وزمان بل مسؤوليّته هي التي تبقى نفسها، والتي يمكن تلخيصها في هذا الإقتباس:
بعد قراءة هذا الكتاب سينحصر لقب "مثقف" على فئة قليلة جدا من الناس، وهذا مهم لأنه في وقتِنا صار كُلّ من هبّ ودبّ يُسمّى مثقفا.
من اجمل الكتب التي قرأتها لـ شرعتي ، يتحدث فيها عن كل ما يخص المثقف و فكره ، و واجبه اتجاه مجتمعه ، و كيفية حل مشاكل المجتمع وكيفية التأقلم مع الفئة العاملة و الاختلاط معهم . استفدت الكثير من هذا الكتاب . -: الاقتباسات -" يقول محمد عبده :( أولئك نبذوا الدين فنالوا الحرية و السيادة و السيطرة على العالم ، و نحن نبذناه فمنينا بالذلة و الانقسام و التفرقة و الانحطاط و الاستعداد لقبول كل ما يملى علينا و نجبر عليه و يلقى امامنا ) . " -" في علم الأجتماع نلتقي بقضية فحواها أن حقيقة ما قد تكون في مجتمع ما صادقة و منطقية تماماً ، لكنها قد تكون مضرة و كارثة و قبيحة و باطلة في ظل ظروف أجتماعية أخرى ." -" و ما لم يعرف المرء نفسه ، و ما لم يعرف المثقف نفسه ، فلن تتيسر له معرفة مجتمعه ، و لن يستطيع أن يقوم بالرسالة التي يدعيها لنفسه ، أي أنه على المفكر - أينما كان- أن يعلم الخصائص التي تميزه ، و في أية ظروف تاريخية و اجتماعية نشأ و إلى أين تمد خصائصه جذورها . " -" لا يمكن أن يظهر المثقف أبداً عن طريق الترجمة و النسخ و التقليد ، يمكن أن يصبح متعلماً أو طبيباً أو مهندساً أو معماراً ، و ليس مثقفاً ، إن المثقف هو إنسان يفكر بطريقة جديدة ، و أن لم يكن متعلماً . " -" لا يجب التفكير بأقصر الطرق في الحلول الاجتماعية ، بل يجب التفكير بأصحها . "