Jump to ratings and reviews
Rate this book

فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا، نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر

Rate this book
يتتبع هذا الكتاب مفهوم مصطلح الهرمنيوطيقا (أو تأويل النصوص) من مهده حيث الاستخدام اليوناني القديم له أي منذ أفلاطون، مرورا بيفاعته مع جهود كل من دلتاي - هسلر- هيدجر- و انتهاءا باستقامة عوده مع جهود كل من جادمير- هابرماس- بول ريكور، و تأتي أهمية هذا الكتاب من كونه يقدم محصلة تاريخية فلسفية لمصطلح بات الحديث عنه مدويا، كما أصبح تطبيقه على النصوص في العلوم الانسانية حتميا، و ذلك قبل أن يظل اهتمام النظرية التأويلية خلال تطورها منذ شلايرخامر حتى جادامر منصبا على عبور الفجوة التاريخية و الثقافية التي تفصل مابين المفسر و النص، حتى ظهور عالم الاجتماع الألماني يورجين هابرماس ثم الفرنسي بول ريكور اللذين شقا للهرمنيوطيقا طريقا جديدا سواء من حيث النظرية أم التطبيق. بعد استلهام الفلسفة الماركسية الى جانب مناهج العلوم الاجتماعية، و جعل النقد غاية ذاته، ثم انصراف الاهتمام إلى نقد الواقع الاجتماعي (السياسي- الاقتصادي)، أو نقد الفكر من حيث هو وثيق الصلة بمواقف اجتماعية.
إننا نقدم هذه الدراسة في هذه المرحلة التي نعيد فيها قراءة ذاتنا كنص عصي ملغز مستغلق، في هذه المرحلة البينية الرمادية، التي تلح فيها دراسة التأويل إلحاحا، و تكاد تكون ضرورة بقاء، علنا نحتفظ ببعض من تنامي بقاءنا.

501 pages, Paperback

First published January 1, 2007

42 people are currently reading
1407 people want to read

About the author

عادل مصطفى

31 books666 followers
الدكتور عادل مصطفى طبيب نفسى مصرى معاصر
تخرج في كلية الطب، جامعة القاهرة، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة في يونيو 1975.
تخرج في كلية الآداب، جامعة القاهرة، قسم الفلسفة، وحصل على درجة الليسانس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وكان الأول على دفعته طوال سنوات الدراسة.
حصل على ماجستير الامراض العصبية والنفسية من كلية الطب، جامعة القاهرة عام 1986.
شارك في ثمانينات القرن الماضي في تحرير مجلة (الانسان والتطور) التي كانت تصدرها دار المقطم للصحة النفسية.
حائز على جائزة أندريه لالاند في الفلسفة، وجائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة عام 2005.
قدم للمكتبة العربية ثلاثين كتابا في الفلسفة والأدب وعلم النفس والطب النفسي

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
57 (30%)
4 stars
78 (42%)
3 stars
30 (16%)
2 stars
14 (7%)
1 star
6 (3%)
Displaying 1 - 30 of 34 reviews
11 reviews20 followers
May 5, 2013
هذا الكتاب مدخل الى عوالم مدهشة.. يجعلك تنظر لنفسك وللعالم بطريقة جديدة.،. يجعلك تصغي لكل شيء ويجعلك تقدس الكلمة.. الكلمة التي سيصبح لها مدلول يعرفك على كل شئ.: القراءة .. الفهم،، الكلام.، اللغة.، الوجود،،الفن.، الجمال،،التاويل.، التاريخ.،الحدس، وغيرها من الكلمات التي ستتعرقل بها أثناء القراءة وكل منها كفيل بسرقة ذهنك واعطﺍﺋﻚ فرصة للتفكير بها من جديد..
ميزة الكتاب انه يتحدث عن الهرمنيوطيقا بطريقة واضحة وسهلة بعيدة عن تعقيدات الكتاب العرب .. انصح كل من يبحث عن الجمال وكل من ينظر بعين التفكر والتأمل أن يقرأ الكتاب
Profile Image for عبدالكريم الخليفي.
127 reviews185 followers
June 29, 2014
من الصعب بالنسبة لي كتابة مراجعة عن هذا الكتاب, فهو كتاب يتضمّن مشاريع فكرية كاملة تحتاج كل واحدة منها إلى مراجعة خاصة بها. ولذلك سأركز على الإجمال وذكر بعضاً من النصوص التي تساهم في فهم موضوع الكتاب ومشاريع من تكلّم عنهم. يقول عادل مصطفى في مقدمة كتاب آخر له "أخذت نفسي دائماً بأن أحاول, جهد ما أستطيع, أن أعلّم القارئ كيف يصطاد بدلاً من أقدّم إليه سمكاً" ,علّني أضيف أنه أعطى الصنارة وقليلاً من السمك بالإضافة إلى تعليم الإصطياد. يبدأ الكتاب بالعودة إلى هرمس وتاريخ التأويل في الحضارات القديمة, فعندها يكون التأويل هو " حل مشكلة تفسيرية ما قد يأتي بتوفيق هرمسي : التأويل ومض مفاجئ, بصيرة مباغتة, والفهم بارقة, والقبض على المغزى حدث خاطف. والتأويل محايد أخلاقيا (كما هرمس), فالفهم عملية عقلية خالصة لا دخل فيها للأخلاق. قد يكون الإستبصار المفاجئ إيقاظا سارا وقد يكون محبطا ومخيبا إذ يجرد المرء من وهم لذيذ, غير أن الفهم ذاته محايد دائما من الوجهه الأخلاقية

ومن بعدها يبدأ الكتاب في عرض أهم النظريات التي أتت في علم الهرمنيوطيقا, والذي برأيي كلها بدأت تأخذ منحى فلسفي أكثر منه لغوي, "فالفلسفة اليوم منكبّة على اللغة أصلاً ومن ثم هي بمعنى ما, هرمنيوطيقا, والتحدي الحقيقي هو أن نجعلها هرمنيوطيقية على مستوى مبدع خلاّق". أولهم كان "شلايرماخر" والذي كان يرى التأويل على أنه إعادة بناء الخبرة الذهنية لمؤلف النص. لقد كان يريد إعادة معايشة ما عايشه المؤلف وألا ينظر في قول من الأقوال بمعزل عن قائله. فالفهم عنده هو فن إعادة بناء التفكير الخاص بشخص آخر. فالهدف هو إعادة تشييد الفكر نفسه الخاص بشخص آخر من خلال تأويل حديثه. هذه هي رؤية شلايرماخر والتي أنتقلت من النص إلى النص كما في عقل المؤلف

بعدها يأتي "دلتاي" صاحب النزعة الأنسنيّة الواضحة – أمتع فصل في الكتاب – والذي أخذ التأويل بمعنى أكثر تاريخيّة, بمعنى أننا يجب أن نفهم بدل أن نفسّر ويجب أن تكون الحياة وخبرتها المعاشة هي أساس التأويل والمدخل لأي فلسفة. عند دلتاي تتحوّل الهرمنيوطيقا إلى أساس الدراسات الإنسانية, يقول دلتاي " هناك إنتقالاً حقيقيّا يمكن أن يحدث عندما يفهم إنسانٌ إنساناً, فتقارب الفكر وعموميته يمكن أن يمتدّا ويشكلا عالماً إجتماعيّا تاريخياً.فمع الفهم من الممكن أن نجد في الشخص الآخر أعمق أعماق خبرتنا نحن, وأن نكتشف من التقائنا به عالماً داخليّا أكثر امتلاءً", من الممكن وفي نقد سريع لدلتاي أنه جعل المركز في الفهم هو فهم الإنسان أكثر من فهم النص, بمعنى أن التأويل أخذ منحى آخر عن فهم النص وذلك عيب في نظرية دلتاي ولكنها فتحت آفاق جديدة في التأويل تأتي واضحة عند هايدغر

في فصل "هسرل" (مؤسس الفينومينولوجيا) كانت الترجمة لنصوص هسرل ضعيفة ولم تكن توضح ما أراد هسرل من نصوصه, لكن مجملاً هو يريد أن نعزل النص على كل شيء دخيل عليه. فينتقل الآن التأويل إلى النص ومايقول ولكن بمعزل عن العوامل الأخرى وهذا ما سيختلف عند هايدغر وجادامر, فهسرل كان علمي أكثر منه فلسفي في تعاطيه مع التأويل

وفي فصل "هايدغر" والذي أعاد تأويل التأويل. فالفهم أصبح عنده ليس شيئا "نمتلكه" بل شيئاً "نكونه" فهو متأصل ومصاحب لوجود المرء وقائم في كل فعل من أفعال التأويل. يختلف هايدغر عن دلتاي بأن الفهم عنده أصبح أنطولوجيّاً, فالفهم ليس عمليّة عقليّة بل وجودية, ليس هو دراسة عمليّات شعورية ولا شعورية بل هو إنكشاف الحقيقة للإنسان وإنبلاجها وتجليها. ومنها إلى "جادامر" والذي أعاد العامل التاريخي في التأويل لكن من منظور الحاضر, فما نسقطه نحن من أسئلة على النص هو من نتاج حاضرنا لا من أفق النص. يشترك جادامر وهايدغر في أمور كثيرة أهمها هو النقد للإستسلام الواضح إلى النزعة التقنية الحديثة

بعدها يتم التطرّق إلى هابرماس والذي أراد من التأويل هو نقد الآيديولوجيات بالتحليل الثلاثي (الصدق, الإخلاص, الملائمة) يمكن للمؤول النقدي أن يعرّي النص ويكشف فعله الإستراتيجي. هابرماس يريد تأويلاً نقدياً يفعل بالنص فعل التعرية ليظهر مايقال في النص لا مايريد أن يقوله صاحبه

تطرق الكاتب إلى مشروع ريكور إيضاً وإلى المعارك التي حدثت حول التأويل, ويحتاج مني الكلام عنها إلى مقام يطول. الكتاب ليس مدخلاً بل أكثر من ذلك بإمتاعه وإثرائه وفي وقوعه في مكانة بين الفلسفة واللسانيّات

ملاحظة خارج المحتوى: طبعة دار رؤية طبعة رديئة جداً, متعبة للعين في كثير من الصفحات
70 reviews176 followers
December 1, 2013
مراجعات القودريدز الأخرى تكفي عنه لفهم فكرته. و أغلب الناس أعطوه أربع أو خمس نجوم، لكنني لم أستطع ذلك لهذه الأسباب:
أولا: أغلب الكتاب غير مرتب، بل إنشائي طويل.
ثانيا: لا مراجع و مصادر أو خاتمة في نهاية الكتاب.
ثالثا: الكتاب ليس بذات البساطة التي توقعتها من مراجعات القودريدز، خاصة في فصل هيدجر، و قد لا تكون مشكلة المترجم نفسه لأن هيدجر معقد.
رابعا: ميله لآراء قاداميرز، و نقده للآخرين بناء على رأي قاداميرز في الغالب.
خامسا: إطالته في بعض الأفكار التي لا علاقة لها بالتأويليات، في الفصول الأخيرة بالذات.

و هذا يكفي.

لكنه هو المقدمة الوحيدة للتأويليات باللغة العربية فيفضل جدا الإطلاع عليه و قراءته. عسى أن يخرج لنا كتاب آخر يقدم للتأويليات باللغة العربية، أكثر بساطة و اختصارا، يساعد على توطين هذا العلم و الفن في المنطقة العربية.


اخيرا، الايطالي بتي اللي شرشح جادامير جاب راسي :))
Profile Image for Sami.
5 reviews9 followers
January 7, 2013
مدخل هرمنوطيقي للهرمنوطيقيا

الدكتور عادل مصطفى الاستشاري النفسي قدم لنا تاريخ سردي فكري لمراحل نشوء الهرمنوطيقيا، من البدايات القديمة في ملاحم هوميروس الى افلاطون انتهاءا بهيبرماس وريكور

ومناقشة مراحل تطورها وقضايا سيكولوجية المؤلف والذات والموضوع والافكار المسبقة وفهم كاتب النص الاصلي ..

كتاب رااائع جدا ويستحق القراءة بامتياز
Profile Image for Anwaar.
35 reviews11 followers
January 2, 2013
مثيرة هي تلك الكتب التي تهديك مفاتيح لأبواب تفتح على تساؤلات لاحصر لها!
Profile Image for Mostafa Nour.
44 reviews47 followers
October 25, 2014
هذا الكتاب فتح لي عالمًا جديدًا ومُثير حقًّأ حول: النص، القارئ، المعنى، اللغة، الوجود، التاريخ، الفن، الزمن، إلخ! ويعطي سيرًا تاريخيًا، حول العملية التأويلية، بدءًا من أفلاطون مرورًا بالقرون الوسطى، ثم عروجًا نحو كلادينيوس في عصر التنوير، ثم إلى التأسيس الحديث للهرومنيوطقيا عبر شلايرماخر ودلتاى وهسرل، ثم بعده تلميذه هايدغر وتلميذه جادامر وكتابه "الحقيقة والمنهج"، وصولًا إلى هابرماس وبول ريكور.

يظهر من د. عادل مصطفى أنه متأثر حقًا بـ "كارل بوبر"، حتى أنه يمتلك نفس لغته السلسة والبسيطة، فقد حاء عرضه للأفكار المطروحة بشكل جميل وممتع، حتى تغدو الفكرة الكبيرة أكثر سلاسة وليونة.

لمن يبحث عن الجمال، أو على الأقل يريد أن يطلّ على الجمال والمعنى، فعليه إذن بقراءة هذا الكتاب.
Profile Image for Abdulaziz Alosaimi.
18 reviews18 followers
February 21, 2014
كتاب جيد به الكثير من النقاط المهمة والتوضيحات المفيدة حول الهرمونيطيقا. مشكلة الأساسية في الهيكلة والترتيب حيث لا تتمايز الأفكار الرئيسة من الأفكار الهامشية كما يعيبه أيضاً نقص التوازن في مناقشة القضايا فمؤلفه يطول حتى يمل في موضع و يختصر حتى يخل في أخر.

Profile Image for أحمد دعدوش.
Author 13 books3,430 followers
February 15, 2019
كتاب ممل وثقيل، ويبدو أن المؤلف يتعمد الإلغاز والتقعر لإبقاء المادة في متناول المتخصصين.
لم أتشجع على إكماله.
Profile Image for Mohamed Albarqi.
Author 7 books180 followers
October 18, 2017
د. عادل مصطفى من الكتاّب القلة اللي بأقيم كتبه 5 نجوم ، رحلته في لفظ هرمونيطيقا ممتعة محشوة بالمعلومات المثيرة و التاريخ اسرني.
Profile Image for Ahmad Badghaish.
615 reviews194 followers
January 17, 2015
الكتاب جميل جدًا، يشرح عملية تكوّن وتشكّل الفهم والهيرمونيطيقا، عبر التاريخ، متتبعًا ذلك بأشهر المؤلفين والكتّاب فيه. أعتقد بأنه يعيبه عدم الترتيب، فكتاب تن��يري يحتاج إلى قدر كبير من التفصيل والتوضيح والشرح المنفصل والمقسّم بصراحة، والعيب الثاني هو أن أفكار الكاتب كانت تتدخل أحيانًا كثيرة، حسب انتماؤه أو عدمه للكاتب الذي يتكلم عنه.
بعيدًا عن ذلك الكتاب كان جميل وعميق جدًا، حتى أننا ناقشناه في مجموعة قراءة على مدار شهور كثيرة، كنا نتكلم في كل لقاء عن أحد الفصول، وكانت تجربة عظيمة جدًا صراحة.
Profile Image for Safaa Zorgan.
47 reviews25 followers
July 2, 2015
كتاب مهم لفهم نظرية التأويل وتطورها. أسلوب سلس في عرض النظريات وتوضيحها. مفيد جدا إيراد المصطلح باللغة العربية وأصله في اﻹنجليزية أو اﻷلمانية و غيرهما؛ بحيث يتمكن المطلع على المبحث بلغة أخرى من الربط بصورة أفضل و اﻹحاطة.
من أهم و امتع ما قرأت
Profile Image for آلاء  بن سلمان.
224 reviews81 followers
February 2, 2014
استمتعت جدًا بأجزاء كبيرة من الكتاب وهو أحد قلة من الكتب التي ملأت هوامشها تعليقاتي ، كتاب جيد ، مثير ، يعيبه الإسهاب والتكرار والخروج عن الموضوع .
Profile Image for  Ahmet Bakir Sbaai.
431 reviews143 followers
December 18, 2025
لفظ هرمنيوطيقا مشتق من اسم الإله اليوناني هرمس (Hermes)، رسول الآلهة، الذي كان يتولى مهمة ترجمة الرسائل الغامضة من عالم الآلهة إلى البشر، شارحا وموضحا ما غمض منها. هذه الصورة الأسطورية لهرمس تجسد جوهر الهرمنيوطيقا: فهي فن الشرح، التفسير، التأويل، وحتى الترجمة. لم تكن الهرمنيوطيقا في بداياتها سوى مجموعة من القواعد والضوابط التي تعين على فهم النصوص الدينية أو القانونية أو الأدبية. لكنها سرعان ما تجاوزت هذا البعد الإجرائي لتصبح نظرية شاملة للمعرفة الإنسانية، تتناول طبيعة الفهم كفعل إنساني جوهري، وكيفية تكون المعنى في العالم.
يرى مصطفى عادل أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الهرمنيوطيقا هو التحدي الوجودي والمعرفي المتمثل في حقيقة أن الفهم ليس مجرد عملية سلبية لاستقبال المعنى، بل هو فعل إيجابي وخلاق. عندما نفهم نصا أو خطابا، فإننا لا نستوعب محتواه فحسب، بل ندخل في حوار معه، ونسقطه على أفق فهمنا الخاص، مما يسهم في إعادة بناء المعنى باستمرار. هذا ما يعرف بـالدائرة الهرمنيوطيقية، والتي تشكل جوهر الفهم الحقيقي. يتتبع عادل هذا المسار منذ أفلاطون وصولا إلى التأويلية المعاصرة.
الفصل الأول: الاستخدامات القديمة للهرمنيوطيقا ودلالتها الحديثة
يرى عادل أن الهرمنيوطيقا لم تكن مصطلحا فلسفيا بالمعنى الحديث، بل كانت ممارسة تطبيقية نشأت في سياقات محددة تطلبت فن التأويل. يمكن تتبع جذورها الأولى في اليونان القديمة، حيث ارتبطت بتأويل نصوص أوراكل دلفي الغامضة، وقصائد هوميروس المعقدة التي كانت تحتاج إلى شرح لطلاب البلاغة. كان أفلاطون من أوائل الفلاسفة الذين أشاروا إلى هرمس كرسول للكلمة الإلهية، مسلطا الضوء على دور الوسيط في فهم الرسائل التي تتجاوز الفهم المباشر.
في السياق الديني، لا سيما في التقليد المسيحي واليهودي، تطورت الهرمنيوطيقا الكتابية لتصبح أداة أساسية لفهم النصوص المقدسة. كانت هذه النصوص تعتبر كلمة الله، وبالتالي، كان تأويلها عملية ذات أهمية قصوى لضمان فهم صحيح للمعنى الإلهي وتطبيقه في حياة المؤمنين. ظهرت مدارس مختلفة للتأويل، منها التأويل الحرفي، والمجازي، والأخلاقي، والمتعالي (Anagogical)، مما أدى إلى نقاشات حادة حول المعنى الصحيح للنص المقدس وكيفية الوصول إليه.
أما في السياق القانوني، فقد كانت الهرمنيوطيقا القضائية ضرورية لتفسير القوانين وتطبيقها على حالات فردية. كانت هذه العملية تتطلب ليس فقط فهما حرفيا للنص القانوني، بل أيضا فهما لروح القانون، ومقاصد المشرع، والسياق الاجتماعي الذي وضع فيه القانون.
أما في العصر الحديث، فقد بدأت هذه الممارسات التطبيقية في التطور نحو نظرية أعمق. أدرك الفلاسفة والمنظرون أن مبادئ التأويل التي تطبق على النصوص الدينية والقانونية يمكن تعميمها على جميع أشكال الفهم الإنساني. هذا التحول هو ما مهد الطريق لظهور الهرمنيوطيقا كفلسفة مستقلة، تسائل طبيعة الفهم ذاته، وتعالج مشكلة المعنى في أوسع صورها، متجاوزة بذلك حدود النص لتشمل العالم بأسره كتجربة تأويلية.
الفصل الثاني: الهرمنيوطيقا الحديثة من التنوير إلى شلايرماخر
مع عصر التنوير، شهدت الهرمنيوطيقا تحولا نوعيا، حيث بدأت في التحرر من قيود اللاهوت والقانون، لتصبح أداة للفهم في سياق أوسع يشمل العلوم الإنسانية. كان الهدف هو إيجاد قواعد عامة للفهم يمكن تطبيقها على أي نص، بغض النظر عن محتواه.
يعتبر يوهان مارتين كلادنيوس رائدا في هذه المرحلة. لقد أدرك كلادنيوس أن الفهم يتأثر بـوجهة نظر المؤول. فالمعنى ليس كامنا بالكامل في النص، بل يتشكل جزئيا من خلال أفق المؤول وخلفيته الثقافية والتاريخية. هذا التمييز بين المعنى الحرفي والمعنى الذي يفهم في سياق معين كان خطوة مهمة نحو التحرر من التأويل الحرفي الصارم.
لكن التحول الأبرز جاء مع فريدريك شلايرماخر، الذي يعتبر أبو الهرمنيوطيقا الرومانسية. لقد نقل شلايرماخر الهرمنيوطيقا من كونها مجموعة قواعد إلى فن يستهدف فهم المؤلف أفضل مما فهم المؤلف نفسه. كانت رؤيته ثورية لأنها وضعت المؤلف ونيته في صلب عملية التأويل. بالنسبة لشلايرماخر، الهدف النهائي للتأويل هو إعادة بناء العملية الذهنية للمؤلف، للوصول إلى النية الأصلية وراء النص.
وقد قسم شلايرماخر الهرمنيوطيقا إلى قسمين:
1. الهرمنيوطيقا النحوية: التي تعنى بفهم النص من خلال قواعد اللغة، والمفردات، والتراكيب النحوية، مع الأخذ في الاعتبار السياق اللغوي العام للمؤلف وعصره.
2. الهرمنيوطيقا الفنية/النفسية: وهي الأكثر أهمية بالنسبة لشلايرماخر، حيث تعنى بفهم النص كعمل فريد نابع من عبقرية المؤلف وشخصيته الفردية. تتطلب هذه الهرمنيوطيقا نوعا من التقمص الوجداني أو إعادة بناء الحالة النفسية للمؤلف.
وبهذا، أدخل شلايرماخر مفهوم الدائرة الهرمنيوطيقية بشكل صريح، موضحا أن فهم الجزء يعتمد على فهم الكل، وفهم الكل يعتمد على فهم الأجزاء. هذا يعني أن الفهم ليس عملية خطية، بل هو حركة دائرية تتطلب التناوب بين الكل والجزء.
الفصل الثالث: فيلهلم دلتاي وفينومينولوجيا الهرمنيوطيقا
تعتبر مثل أعمال فيلهلم دلتاي قفزة نوعية في تاريخ الهرمنيوطيقا، حيث نقلها من مجرد نظرية للتأويل إلى منهج لعلوم الروح أو العلوم الإنسانية، مقترحا أنها تقدم أساسا معرفيا مستقلا عن العلوم الطبيعية. لقد كان دلتاي مهتما بتمييز العلوم الإنسانية عن العلوم الطبيعية، معتبرا أن العلوم الطبيعية تفسر الظواهر، بينما العلوم الإنسانية تفهم التعبيرات الإنسانية عن الحياة.
كما أكد دلتاي على تاريخية الوعي (Historicity of Consciousness). فالبشر كائنات تاريخية، فهمهم للعالم يتشكل من خلال تاريخهم الخاص والتاريخ الذي ينتمون إليه. هذا يعني أن الفهم ليس عملية مجردة أو محايدة، بل هو دائما فهم مشروط تاريخيا.
الفصل الرابع: هسرل وهيدجر: الهرمنيوطيقا الفينومينولوجية والوجودية
يمثل دخول الفينومينولوجيا على خط الهرمنيوطيقا نقلة نوعية وجذرية في فهم طبيعة التأويل. مع إدموند هوسرل، مؤسس الفينومينولوجيا، لم تعد الهرمنيوطيقا مجرد منهج لفهم النصوص، بل أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بطبيعة الوعي والقصدية. بالنسبة لهسرل، الفينومينولوجيا هي علم الظواهر الذي يسعى إلى وصف الخبرة المعيشة كما هي معطاة للوعي، دون افتراضات مسبقة أو اختزال للظواهر إلى مسبباتها.
لقد أسس هسرل لمفهوم القصدية (Intentionality)، مبينا أن الوعي هو دائما وعي بشيء ما. تصبح الهرمنيوطيقا، بهذا المعنى، محاولة لوصف هذه الخبرة القصدية للمعنى، وكيف تتكون الظواهر في الوعي. ورغم أن هسرل لم يطور هرمنيوطيقا مكتملة بحد ذاتها، إلا أن تركيزه على العودة إلى الأشياء ذاتها والوصف الفينومينولوجي قد وفر الأساس الفلسفي للهرمنيوطيقا الفينومينولوجية.
لكن التحول الأكبر جاء مع تلميذه مارتن هايدجر، الذي أحدث ثورة في الفكر الفلسفي بأسره، بما في ذلك الهرمنيوطيقا. لقد قام هايدجر بـتأصيل الهرمنيوطيقا في الوجود الإنساني، مبينا أن الفهم ليس مجرد وظيفة معرفية، بل هو بنية وجودية أساسية للدازاين.
بالنسبة لهايدجر، الهرمنيوطيقا ليست منهج للتأويل، بل هي طريقة وجود الدازاين في العالم. إنه دائما في العالم ويعنى بهذا العالم. هذا القلق الوجودي هو الذي يشكل أساس الفهم. لقد قلب هايدجر الدائرة الهرمينوطيقية رأسا على عقب، فبدلا من أن تكون مشكلة يجب حلها، أصبحت البنية الأساسية للفهم. الفهم ليس إدراكا لشيء ما، بل هو نفسه طريقة لكينونة الإنسان.
أكد هايدجر أن اللغة هي مسكن الوجود، مما يعني أن اللغة ليست مجرد أداة للتعبير عن الفهم، بل هي شرط إمكانية الفهم ذاته، وهي التي تكشف عن الوجود. هذا التحول الوجودي في الهرمنيوطيقا ألقى بظلاله على كل ما جاء بعدها من فكر.
الفصل الخامس: هانز جورج جادامير: الحقيقة والمنهج
يعد هانز جورج جادامير (Hans-Georg Gadamer) الوريث الشرعي لفلسفة هايدجر الهرمنيوطيقية، وهو الذي قام ببلورتها في عمله الضخم الحقيقة والمنهج (الذي قدمنا مراجعة له ضمن هذا التقرير)، حيث سعى جادامير إلى إثبات أن الحقيقة لا تقتصر على النطاق المنهجي للعلوم التجريبية، وأن الفهم في العلوم الإنسانية يمتلك حقيقته الخاصة التي تتجاوز أي منهجية صارمة.
بالنسبة لجادامير، الهرمنيوطيقا ليست منهجا، بل هي الفلسفة الأساسية للعلوم الإنسانية (Fundamental Philosophy of the Humanities). إن الفهم هو الحدث الوجودي الذي يتجاوز المؤول والنص، ويمكنهما من الدخول في حوار. لقد عمق جادامير مفهوم أفق الفهم، مبينا أن كل مؤول يمتلك أفقا خاصا به، يتشكل من تاريخه، ثقافته، ولغته. الفهم الحقيقي لا يتم بمن خلال إزالة هذا الأفق، بل بـدمج الآفاق بين أفق المؤول وأفق النص.
مفهوم التاريخانية المؤثرة (Effective History) هو أحد أهم مساهمات جادامير. هذا المفهوم يعني أننا ل�� نستطيع أبدا أن ندرك نصا أو حدثا بمعزل عن تاريخ تأثيره علينا. وبالتالي، لا توجد قراءة محايدة أو موضوعية للنص، بل كل قراءة هي مشروطة تاريخيا.
كما أكد جادامير على الدور المحوري لـاللغة في الفهم. فاللغة ليست مجرد أداة للتعبير عن المعنى، بل هي واسطة يتكون فيها المعنى ذاته. إنها ليست مجرد نظام للعلامات، بل هي نسيج الوجود الذي ندرك من خلاله العالم. الفهم، بهذا المعنى، هو دائما فهم لغوي.
كما أعاد جادامير الاعتبار لـلتقاليد، مبينا أنها ليست قيدا على الفهم، بل هي الشرط الذي يمكننا من الفهم. نحن ننتمي إلى تقاليد معينة، وهي التي تشكل أفق فهمنا المسبق.

ا��فصل السادس: معارك حول التأويل: هابرماس ومدرسة الارتياب
شهدت الهرمنيوطيقا، بعد جادامير، معارك فكرية حول حدودها وإمكانياتها. كان من أبرز هذه المعارك تلك التي خاضها يورغن هابرماس، الذي انتقد هرمنيوطيقا جادامير لتركيزها المفرط على التقاليد والسلطة، متهما إياها بـالتبرير المحافظ للواقع القائم.
أراد هابرماس أن يعيد الهرمنيوطيقا إلى بعدها النقدي والتحرري. بالنسبة له، الفهم لا يقتصر على دمج الآفاق، بل يجب أن يكشف عن التشوهات المنهجية التي تخفي العلاقات الاجتماعية غير المتكافئة، وتعيق التواصل الحقيقي. لقد اقترح هابرماس هرمنيوطيقا نقدية تدمج بين الفهم التأويلي والتحليل النقدي للمجتمع. فبالإضافة إلى فهم المعنى، يجب أن نسائل كيف أن هذا المعنى قد يكون مشوها بفعل الأيديولوجيا، أو السلطة، أو المصالح الاقتصادية. هذا يعني أن الهرمنيوطيقا يجب أن تصبح أداة لـتحرير الإنسان من الأوهام والقيود غير المرئية.
الفصل السابع: بول ريكور: جدل الهرمنيوطيقا والرمزية
يعد بول ريكور أحد أهم الفلاسفة التأويليين المعاصرين، والذي سعى إلى التوفيق بين هرمنيوطيقا جادامير التأويلية وبين مدرسة الارتياب النقدية (نيتشه، ماركس وفرويد). لقد حاول ريكور بناء هرمنيوطيقا شاملة تدرك تعقيد اللغة والرمز، وتجمع بين فن الفهم وفن الشك.
بالنسبة لريكور، فإن الرمز هو نقطة الانطلاق الأساسية. فالرمز هو الذي يعطي للتفكير أن يفكر (gives food for thought). إنه تعبير يحمل معنى مزدوجا، يتطلب كشفا وتأويلا. لقد ركز ريكور على تحليل اللغة في مستوياتها المختلفة، من الكلمة إلى النص، مبينا كيف يتشكل المعنى في هذه المستويات.
مساهمته الأبرز كانت في مفهوم الصراع بين التأويلات. فبينما يرى جادامير أن الفهم هو دمج للآفاق، يدرك ريكور أن النصوص غالبا ما تكون غنية بالمعاني المتعددة، وأن هناك صراعا بين التأويلات المختلفة. هذا الصراع ليس سلبيا، بل هو الذي يمكننا من تعميق فهمنا للنص واكتشاف أبعاده المتعددة.
كما قام ريكور بدمج الهرمنيوطيقا مع الفينومينولوجية، التحليل النفسي واللسانيات .فعلى سبيل المثال، قام بتطبيق أدوات التحليل النفسي (مفهوم اللاوعي، الرمزية الحلمية) على تفسير النصوص، مبينا كيف أن النصوص الأدبية، مثل الأحلام، تقدم رموزا مكثفة تحتاج إلى كشف طبقاتها الخفية. كما قدمنا في مراجعتنا لكتابه عن فرويد ضمن هذا التقرير.
كما ركز ريكور في ثلاثيته عن السرد، على الزمانية السردية (Narrative Temporality)، مبينا كيف أن القصص والسرديات تشكل فهمنا للزمن وللخبرة الإنسانية. نحن نعبر عن حياتنا من خلال السرد، والسرد هو الذي يعطي معنى لأحداثنا. الهرمنيوطيقا عنده تصبح محاولة لفهم الذات من خلال النص الذي تروى فيه حياتها. إنه يرى أن الفهم الذاتي لا يتم بمعزل عن فهم العالم والنصوص التي تشكله.
وكما أوضحنا في مراجعتنا لكتابه من النص إلى الفعل، فإنه في جوهر فلسفة ريكور، تكمن فكرة أن الهرمنيوطيقا لا تعنى فقط بـما قيل، بل بـما فعل النص بنا (what the text does to us). أي أن التأويل ليس مجرد كشف للمعنى، بل هو تحويل للذات، حيث يعيد النص تشكيل فهمنا لأنفسنا وللعالم. إن ريكور، بهذا المعنى، يمثل جسرا بين مختلف التيارات الهرمنيوطيقية، مقدما رؤية متكاملة تدرك عمق التعقيد في عملية الفهم والتأويل.
Profile Image for Ghala Anas.
339 reviews61 followers
June 5, 2022

يقدم د. عادل مصطفى في هذا الكتاب ملخصاً لسير تطور مفهوم الهرمنيوطيقا منذ نشأتها كمنهج لفهم وتفسير النصوص الدينية وحتى ارتباطها بالعديد من مجالات العلوم الإنسانية، على رأسها: السيكولوجيا، الفنومنولوجيا، الأنطولوجيا وعلم الاجتماع، محاولةً منه في رسم الخطوط العامة لتطور المفهوم، تاركاً للقارئ مهمة القراءة التفصيلية والحفر تحت تلك الخطوط، حيث عناوين الكتب وتفاصيل النظريات التي لم يتسع لها الكتاب.

بدأت بوادر التأويل بالظهور منذ وجود الكتب المقدسة والتي احتاجت دائماً – بطبيعة الحال – لمن يفسرها ويؤول كلماتها كي تناسب أهل العصور المختلفة، نجد هذا لدى كلادينيوس الذي دعا لقراءة النصوص وتأويلها وفقاً للحس المجتمعي المشترك، والأحوال السائدة، وغرض النص ومقصده، محاولة منه لحمل النص الديني الحمل المناسب له عبر العصور المختلفة في حسها المشترك وأحوالها السائدة ونظرتها الخاصة بمقاصد النص! تبع ذلك نظرية شلايخر في التأويل، والذي اعتقد أن للنص مهمته في إعادة تشكيل الفهم المسبق لدى القارئ، بالتالي إعادة بناء وعيه في كل مرة، لذلك، كان لمقصد النص أهميته في التأويل، لأن القارئ حسب شلايخر سيقوم بتصور الاتجاه الفكري لصاحب النص والمبادئ التي تهمه والقضايا التي تؤرقه كي يخرج بالفهم الصحيح الذي أراده فعلاً المؤلف.

انطلق دلتاي من هنا ليقول بأن مهمة التأويل تقع في معظمها على عاتق الخبرة البشرية المشتركة، حيث يؤول القارئ النصوص بناء على تجاربه وخبرته السابقة، فيضيف عليها أو ينقص منها حسبما يأخذ من النص أو يترك، غير مهملٍ لتطور الدوالّ التاريخي والمعاني التي تحملها، كلٌّ في أفقها الخاص، من هنا، وجدت الفنومنولوجيا الباب الذي ستدخل منه إلى الهرمنيوطيقا، حيث ظهر هوسريل وسط أزمة تأويل النصوص بين النظرية التاريخية والنظرية الاجتماعية والنظرية السيكولوجية ليقول بأن فهم النص يقوم على استقلالية عناصره من أي تسلط بمنهج علمي أو فرضيات مسبقة عليه، بل هو التأويل وفقاً لخبرات البشرية، حيث يسير النص مع وعي القارئ جنباً إلى جنب، كلٌ يضيف على الآخر ويعدّله.

إلى الآن ظلت الهرمنيوطيقا تعتبر النص موجوداً مسبقاً وعلينا التعامل معه، الأمر الذي قاد هيدجر بأن يتساءل عن طبيعة الوجود الفلسفي المهمل منذ أفلاطون، فلم يهتم بنتاج الوجود (النص) بقدر ما اهتم بمنبعه (الوعي الإنساني)، والذي ستقوم بينه وبين خبرة القارئ المحاورة والإضافة والتبادل المعرفي والتساؤلات في عملية بناء مستمر بينهما، تضمن استمراريته اللغة بفضائها المتسع، يغدو فيه الفهم حالة يكونها الإنسان وليس فِعلاً يقوم به، والحقيقة هي طبيعة وجود الأشياء وتمظهراتها لنا، أما الحقيقة التطابقية التي يسعى إليها العلم، فقد أبعدها هيدجر تماماً عن مجال التأويل.

تبع هيدجر تلميذه جادامر الذي عُني بدمج أفق القارئ بأفق النص في عملية ترعاها اللغة بخصائصها الوجودية والدلالية، كما ربط نظريته في الهرمنيوطيقا: تجلي الوعي الإنساني بالمعرفة الذاتية لدى سقراط، حيث تهدف كلتاهما إلى الوصول لذلك المكان الذي يصبو إليه كل وعي إنساني: التحقق والوجود المؤثر.

استمر تطور الهرمنيوطيقا لدى بلتمان الذي فهم نزع الأسطورة بالمعنى الحرفي، ولدى بيتي الذي اعترض على اعتبار الخبرة البشرية منطلقاً لتأويل النصوص، لأنها لن تفضي إلى فهم موضوعي للنص، بل نادى بأن يُفهم النص بناء على سياقه اللغوي وأفق الكلمات الدلالي، بهذا يكون لكل نص معانيه وأفكاره الثابتة عبر العصور، فلا هو يبني الوعي ولا الوعي يبنيه، بل يسيطر الإنسان على النص ويحلله وفق معاني العصر الذي كُتب فيه، أما هابرماس فقد انتقد ثقة جادامر باللغة التي سيتم في فضاءها التحاور بين الفهم المسبق للقارئ وبين أفق النص، فهو يرى بأن اللغة قد تكون مؤدلجة ومسيّسة، فتنتج فهماً وتأويلاً مؤدلجين ومسيَّسين، لذلك قام بتقسيم الفعل الإنساني إلى فعل عقلاني يهدف إلى النجاح والانتاج بلغته المؤدلجة ونزعته التنافسية، وفعل تواصلي يهدف إلى الفهم بلغته موضوعية، وقد وضع معاييراً لفهم النص اللغوي وتنقيته من الأيديولوجيات مستخدماً البراجماطيا العامة، فكان الصدق معيار اللغة المعتمدة أفعالاً خبرية، وكانت سلامة النية معياراً للغة الحاملة أفعالاً إشهارية، والملاءمة والسداد معياراً للغة الحاملة أفعالاً تنظيمية.

اتخذت الهرمنيوطيقا منحى آخر لدى رواد مدرسة الارتياب الذين أظهروا زيف الوعي الظاهر، بالتالي التأويل المعتمد عليه، وأخذوا يكشفون عن الوعي الأكثر حقيقة وصدقاً، والمرتبط بحقيقة وجودهم، والمتمثل بإرادة القوة لدى نيتشه، الوجود الاجتماعي لدى ماركس، واللاشعور لدى فرويد، والذي سيبنون عليه تأويليتهم الجديدة للنصوص الحاملة معاني أكثر حقيقية وصدقاً من تلك الناتجة عن الوعي السطحي الزائف، وقد اعتمد بول ريكور على نظرياتهم في تقديم أطروحته حول فهم النص بعيداً عن الفهم المسبق أو الخبرة البشرية المشتركة، حيث يؤخذ بالاعتبار لغة النص ودلالتها السيميولوجية، وتأويلات القارئ المفتوحة للرموز، أي أنه أبعد التصورات المسبقة للنص للخروج بفهم موضوعي، ولكنه ترك الباب مفتوحاً لتأويلات القارئ للرموز، أراد للهرمنيوطيقا أن تكون علماً وفناً، فانتهى المطاف بها عنده فناً فحسب، حسب قول د. مصطفى.

يتضح لدينا أن الكتاب في اختصاره للعديد من نظريات الهرمنيوطيقا مفيد لأولئك المقدمين على دراسة مناهج تحليل النص وتأويله، على أن يكون مقدمة لهم لأجل فهم كل نظرية على حدة بدوافعها وتفاصيلها وتطبيقاتها، غير ناسين أن مسيرة تطور الهرمنيوطيقا لم تنته بعد، بل هي في تعدد دائم، في كل مرة تُرسم لها خطوط جديدة وطرق أخرها لتسلكها، تبعاً لاختلاف التفكير الذي يصبغنا كبشر ويميزنا عن بعضنا.
24 reviews
June 7, 2024
عالمنا الرمزي ، يتيح لنا امكانية تفعيل " الدلالة " التي تمثل لنا من خلال الخبرة ، " الخبرة " هي الامكانية التي تحققت لأقصاها ،وتعني مجال أوسع من الدلالة ، وبها يفيض معنى ما ، الفائض هو الخبرة ، التي تحثنا على الحياة ، انها التي تحيينا. " أن العالم يرجأ لا يستنفذه ترميزه ، ثمة دائما فائضا في المعنى ، يهب بك أن تطاله، أن تقوله. "الدلالة بهذا المعنى هي جلب ثقافي للخبرة في سياق" النص " فهو مسرح الخبرة الانسانية الفائضة ، والمعنى - المعاني - والقراءات التي تتوالد هي سياق ، يجري داخله" الفهم ". هناك فرق بين التفسير والفهم والتأويل يختلط علينا في اثناء تناولنا لنص ما ، هذة العلاقة بوصف الفهم قدرة على المعرفة من الداخل - من الولوج الى مكامن النص ، لما قيل ولما لم يقال ، وبالمثل على التفاعل الانساني ، الفهم في صميمه هو درجة عميقة من التعاطف ، وبتقريب النصوص للحياة بما تحمله من تناقضات وخبايا ، وبالكشف عن حقيقة رسالتها او موقفها ، وبالتفاعل الصادق ( بتعبير آخر الموضوعي ) الذي لا نقع فيه ضحايا لاسقاطات اطرنا المعرفية واحكامنا المسبقة ، والذي ايضا لا نشيئه ونستخدمه لغرض نزع معرفة ما منه ، الف��م ينطوي على تواصل تم تفعيل خبرة كبرى بالوجود ، وبالنظر الى النصوص على انها اكبر بكثير مما نكنه لها ، النص له ألف قراءة ، كل قراءة تكشف عن بعد ، ليس فقط في تاريخ ما ، في قصة ما ، في تراث ما ، بل ايضا وبصورة أولية في انفسنا ، وبقدر هذا الانفتاح على مناهج قراءة مغايرة ومتنوعة بقدر ما نضيف للحدث التاريخي حدثا جديدا هو حدث قراءتنا في تلك اللحظة ، وقف شروط سيكولوجية وانسانية تتيح لنا ان نتسامح مع القدر الكبير من جهلنا بانفسنا وبالعالم، أي تتيح لنا " أن نفهم " وهذا الانسجام الكينوني الذي يخلقه الفهم فينا ، هذا الجموح الحيوي الذي يعيد تأسيس علاقتنا بحقيقتنا ، هذا الذي نصيره بفهمنا ، ذاتنا التي لو تحررنا من تعاملنا معها كبناء مسبق او كنموذج تم تصميمه وانتهى ، لو تملك وعينا مفتاح النص كعالم ندخله ونكونه ونصيره او كعالم نحمله داخلنا ينمو ويحوي اكوانا ، تصاغ تلك الذات قطعة قطعة ، فلا كوجيتو نصفها، ولا بنى اجتماعية احتوتها ، لا انا ترنستندالية هدأت صراعها ولا تحليل نفسي كشف اوهامها فعالجها ، باختلاف نماذج تصورنا عن منشأ الوعي بالذات وباختلاف مناهج البحث الفلسفية، تنطوي علىى الفهم ، والفهم لا يحدث وحده داخل عزلة الفكر ، الفهم هو انفتاح على عزلة اكبر من عزلتنا ، وهو شكل من الغيرية التي تنفتح فيها على الآخر ( النص - الانسان ) ، حيث ينصهر فيه أفقنا الذاتي مع آفاق النص، وهذا الانصهار ليس صدفة ، انه "حدثا" مكتملا في ذاته ، الهيرمونطيقا هي مبحث التأويل، اي اعادة تحرير النص ليستوعب احتمالات الحياة التي يخفيها، أي اعادة فك شفرات النص، واعادة ترميزه الهيرمونطيقا هي مبحث التأويل، اي فهم كيف يحدث الفهم نفسه ، وقف اي اطر معرفية ، وتحت اي شروط ، والى اي درجة يتحقق الفهم ، او الى اي مدى يتنزع من سياقه وينحرف ويموت ، واكثر بكثير انه مبحث التساؤل الذي يتقصى عمليات الفهم داخل كل انواع النصوص ، فهو قرين للميتافيزيقيا وللتاريخ والقصص ، هو جوهر عمليات القراءة بشكل الاعم للانسان ، داخل النص وخارجه " فالفهم هو ليس شيئا يفعله الانسان بل شيء يكونه.".

كتاب رائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى، واعتبر قراءته افضل قراءات العام الى الآن ، وهو من الكتب التي تمنحك آفاقا اكبر للبحث، فهو بحث كبير يتجاوز ما اختزلت شرح جزء منه في الفقرة السابقة ، والتي تعتبر محور واحد على هامش معالجاتي للكتاب، اكثر ما اثار اعجابي من دكتور عادل مصطفى هو التنوع الغزير في اطلاعه وربطه لمنظور ومناهج الفلاسفة بدأ من اليونان، الى لغة هيدجر و فينمولوجيا هوسرل، ودلتاي وجادمار، وحتى هابرماس وماركس وصولا الى بول ريكور، بجانب تناول العديد من الفلاسفة الاخرين، ومعالجته تقوم على شرح بسيط ممتع وافي يصب في مغزى البحث ، يبدأ بعرض وتفسير المنهج ثم يعرض النقد ثم ينتهي بالاحالة والربط بالفصل الذي يليه ، هذا القدر من النظام بجانب البساطة في شرح مفاهيم فلسفية معقدة ، ينم عن ثقافة وخبرة عميقيتن ، وشغف كبير ايضا ، فلم يأتي الكتاب بأي قدر من الصعوبه وفي رأي ان قراءة هذا الكتاب كمدخل ضرورية لأي انسان يقرأ، في بعض الاحيان انتظرت معالجات اقوى ، واحالات اكثر عمقا وذكاء ، لكن لم يقلل ذلك من جمال هذا البحث ، لانه مختزل الى اقصى حد ، وهذا هو غرضه الرئيسي الوصول الى فهم ما يعنيه الفهم خلال تقصي لتاريخ الفكر ، وقد اوفى بهذا الهدف بجانب الكثير من الزخم القيم الذي تثبت بحق ان الهيرمونيطقيا التي يعرضها دكتور عادل صادق تحققت غرضها.
شكرا!!!!
Profile Image for Ayman Radwan.
28 reviews19 followers
January 1, 2021
كتاب ثقيل لا ينصح به لقارئ مبتدئ اطلاقا وهو للمتوسط على أقل تقدير أو للمبتدئ فى مجموعة قراءة وتفسير
فهذا الكتاب الفخم لا يقرأ كما تقرأ القصص أو تتصفح الجرائد
هو فيما أتوهم خير مدخل كتب بالعربية يصلح لفهم القضية وصلة أجزائها وتطور مفاهيمها
ومما يعين على الفهم تمكن الكاتب من اللغة العربية وحسن تعبيره عن الألفاظ الأجنبية مع شرح يوحى بمعرفة عميقة بظلال المعانى وشبكة الدلالات
لكن يعيبه أن الكاتب فى بعض المواضع لم يقرأ الأصل لكنه لخص ما كتب غيره (بالمر مثلا) فتجد تلك المواضع غائمة المعانى فاسدة التأويل
والمؤلف قادر على تنقيح كتابه و تطوير مادته ولو فعل لكان كتابه أصلا ضروريا لا غنى عنه لفهم القضية
تنبيه : لا تجد فى الكتاب وعيا بالاشتغال العربى بقضية التأويل وأثره ولعل ذلك لأن شرط المؤلف الانتقال من اليونانى القديم باعتباره الاصل إلى الأوروبى
مع إهمال ما سواه مما قد تجده أولى وأنضج سواء مساهمة عربية أوشرقية
Profile Image for Alexand.
220 reviews8 followers
June 24, 2025
الكتاب لا اعرف يجمع بين اللغة صعبة بنفس الوقت لا يعطي مساحة من التعمق او الفهم الجيد مرات شعرت اني اقرا لشات جي بتي لا اعرف ليه بس كني سمعت اسلوبه اعتقد اسلوب حيادية و يعرض الوجهات بس بصراحة ما اشوفه مدخل او ممكن ما اشبع عقلي

او هرمنيوطيقا صعبة بطريقة هي نفسه ما وجد حل للذاتية و النص , لكن طلعت فيه في النهاية ان النص عليه ان يجمد الذاتية و افتراضات عند القارئ عن طريق لغة النص و نسقيته بمعنى ما ينفع يكون تفسير يوم ارجع للنص اجد هل تفسير يفسر جزء من النص و يترك جزء من النص علية ان استخرج تفسير للنص يناسب الكل و هي مهمة صعبة و تصبح قابلة للحوار و القبول و الرفض داخل هل الشرطية التأويلية
Profile Image for Zidan  Abdullah .
1 review
May 16, 2024
العنوان جذاب و المواضيع المتناولة و المتطرق إليها اكثر جاذبية؛ لكن المصطلحات غامضة (ليس في ذاتها إنما في نظمها) ليس لصعوبتها إنما لضعف في الترجمة او في تبيئة هذه المصطلحات (والذي يحتاج إلى جهد مضاعف و جهود مشتركة) خصوصا فصل هوسرل في الفينومونولوجيا و الذي قد توقفت عنده عن القراءة
Profile Image for Majed.
64 reviews23 followers
January 11, 2020
قراءة ممتعة حقيقة ، لكن ما اعيبه على هذا الكتاب هو ان اكثر اجزاءه هي ترجمة من كتاب بالمر في علم التأويل ومصادر اخرى ، لدرجة انه صار من غير الواضح ما هي الاجزء التي هي من تأليف عادل مصطفى
35 reviews4 followers
May 27, 2020
أنصح بقراءة كتاب المرايا المحدبة للدكتور عبد العزيز حمودة، وكتاب مناهج التأويل الأصولي قبل قراءة هذا الكتاب
Profile Image for طارق حميدة.
371 reviews98 followers
January 26, 2021
رحلة ممتعة جدا وكتاب يشكل مقدمة باذخة للهرمنيوطيقا الحديثة
استمتعت جدا في فصل هايدغر وجادمار

وأعجبني تلخيص دكتور عادل لأطروحات الفلاسفة المختلفين في مباحث التأويل والفهم بشكل سلس وملخص

Profile Image for Khitam.
132 reviews3 followers
December 16, 2025
مقدمة فلسفية رائعة للنظرية الهرمنيوطيقية على وجه التحديد، وللفلسفة بشكل عام.
Profile Image for Kinda.
89 reviews198 followers
March 25, 2014
تتراوح الفقرات من وجهة نظري بين ما يستحق أكثر من تقييم النجمتين وما هو أقل من تقييم النجمتين ولكن في المجمل أظن أن تقييمي الحالي له على الأقل هو بين النجمتين و الثلاث .

الكتاب يتناول موضوع الهرمنيوطيقا ( نظرية التأويل ) المبحث الخاص بدراسة عمليات الفهم, مصدره , الاستخدام القديم و دلالته الحديثة ورحلته مع مجموعة من الفلاسفة, أدخلني الكتاب نوعا" ما إلى عالم التفسير و التأويل لدى الفلسفات الغريبة .
Profile Image for Hussam Alkaabi.
30 reviews5 followers
Read
July 29, 2019
"الموضوع العام الذي ينغمس فيه المرء في حالة الحوار التأويلي هو التراث او الموروث. إلا ان الطرف الآخر في الحوار هو "النص"، ذلك الكيان المثبت تثبيتاً عنيداً في الشكل المكتوب.
لابد إذن ان تُرد الصبغة الثابتة الى حركة الحوار، تلك الحركة التي بمقتضاها يحدث الأخذ والرد: فالنص يسأل المفسر والمفسر يسأل النص.
هذه هي مهمة الهرمنوطيقيا: ان تُخرج النص من غربته، من حيث هو شكل مكتوب ثابت، وترده الى الحاضر الحي للحوار الذي يتقوّم بالسوال والجواب."
Profile Image for Adel عادل فضل.
17 reviews1 follower
November 30, 2014
أتعجب من أن كتابا كاملا من 500 صفحة يدور حول تعاريف مصطلح !
عموما الكتاب ويستطرد كثيرا في مواضيع بعيدة نوعا ما ..
لا يبذل جهدا لإسقاط المفاهيم الواردة على تراثنا ولغتنا وثقافتنا مما تفقده أي فائدة واقعية..
ولكن العيب الكبير في نظري يبقى هو الترجمة ! ..
طبعة الكتاب رديئة ومتعبة في القراءة ..
أخيرا أعجبني التسلسل الزمني للمواضيع والترتيب بين الفصول ..
Profile Image for Aboalhish.
34 reviews9 followers
May 14, 2015
قرأت الكتاب مرتين .. قرأته المرة الاولى وحيدا و عدت و قرأته مرة أخرى ضمن مجموعة قراءة ودراسة مكثفة خلال عدة أشهر ... يبدو لي أنه من الكتب التي لا تستطيع الاستفادة منها ان لم تقرأها بتأن شديد جدا .. كتاب عظيم جدا لكنه لا يقرأ دفعة واحدة
1 review
May 11, 2013
كتاب جيد جدا وهذا ليس بجديد من ادكتور عادل مصطفي
Displaying 1 - 30 of 34 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.