يبرزُ لنا الكاتب أحد المذاهب الفكرية السائدة أوائل القرن العشرين، حيث يتناول نظرية الملكية عند كارل ماركس؛ وَفَحْوَاها :أن الإنسان هو المالك الحقيقي لكل المقدرات الصناعية والزراعية والتجارية؛ لأنه الآداة الفاعلة في تحريكها مجسدًا ذلك في صورة مدنٍ ثلاث تجسدُ مرآة النفس الإنسانية في صور الدين والعلم والمال، حيث يُجلِي لنا الكاتب الطابع الخاص لكل مدينةٍ من تلك المدن من خلال التجول بين أرْوِقَتِهَا، ويسْتهلُ رحلته بمدينة المال التي وجد أهلها يرتدون ثيابًا ويسكنون بيوتًا متأنقةً في مظهرها ولكنها تفتقرُ إلى ينابيع نهر السعادة؛ لأنها تُحْكَمُ برنين أصوات المال، ولا ملجأ للإنسانية فيها، ومدينة العلم التي تحمل بساطَةً في المظهر وعِظَمًا في الجوهر؛ لأن العلم كندى السماء ولا يبقى الندى نقيًا إلا إذا وضع في إناءٍ نقيٍ، ومدينة الدين التي تطوِّع المال والعلم لمآربها مرتديةً ثوب الزهد والتصوف، تلك المدن الثلاثة التي يُبقيها الإيثار وتُفنيها الأُثَرَة ورغبة الانفكاكِ من كل قيد يقدس قيم النفس الإنسانية.
فرح أنطون (1291 هـ/1874 - 1340 هـ/1922) من أعلام النهضة العلمانيّة العربية. هاجر من طرابلس لبنان إلى القاهرة عام 1897، اشتهر بدراساته عن حياة وفلسفة الفيلسوف العقلاني ابن رشد، متأثرا في ذلك بأعمال اللغوي والمؤرخ الفرنسي أرنست رينان.
فرح بن أنطون بن الياس أنطون (1874-1922م)، صحافي وروائي ومسرحي وكاتب سياسي واجتماعي. ولد وتعلم في طرابلس لبنان، وانتقل إلى الإسكندرية في مصر هربا من الاضطهاد العثماني عام 1897م، فأصدر مجلة "الجامعة" وتولى تحرير "صدى الأهرام" ستة أشهر، وأنشأ لشقيقته روز أنطون حداد مجلة السيدات وكان يكتب فيها بتواقيع مستعارة. رحل إلى أمريكا سنة 1907م، فأصدر مجلة وجريدة باسم "الجامعة"، وعاد إلى مصر، فشارك في تحرير عدة جرائد، وكتب عدة روايات تمثيلية، وعاود إصدار مجلته، فاستمر إلى أن توفي في القاهرة.
كان هنالك سؤال يؤرق فكر فرح أنطون (١٨٦١_١٩٢٢) ، مفادهُ : ماذا يحدث عندما تتصارع قوى الدين والعلم والمال، وتتحول العلاقة بينها إلى علاقة تنابز وقتال بدل أن تكون علاقة سلام ووئام أو حوار وتفاعل، فتنفي كل قوة منها غيرها، متصورة أنه نقيضها الذي لا بد أن تمحوه من الوجود؟
دفع هذا السؤال فرح أنطون إلى صياغة رؤية فنية متميزة، إستخدم فيها التلميح بدل التصريح، والمجاز بدل الحقيقة، والرمز بدل الاشارة المباشرة، تجسدت هذه الرؤية في روايته "الدين والعلم والمال" التي قال عنها انطون نفسه (إني أطلقت على هذا العمل اسم "رواية" على سبيل التساهل، لأن العمل عبارة عن بحث فلسفي اجتماعي في علائق المال والعلم والدين)، والتي نشرها ضمن مطبوعات مجلة "الجامعة" التي كان يصدرها من مدينة الإسكندرية، في ١ يوليو ١٩٠٣.
تتمحور أحداث الرواية حول رجل يدعى (حليم)، ولهذا الإسم دلالة رمزية، فهو شخص حليم الإسم والصفة، وحلمه مقترن برؤيته الجمالية للعالم من حيث هو فنان. وهو صاحب رؤية فنية، فلسفية، ويفزعه ما يقع بين البشر من صراع يقضي على معنى الحلم. وحين اختار الرحيل إلى المدن الثلاث ، مدينة العلم ومدينة الدين ومدينة المال، فعل ذلك بحثا عن بداية لتحقق حلمه عن جنة أرضية، خاصة بعد أن سمع عن وجود هذه المدن التي حققت الكثير من الإنجاز، ووصلت من التقدم إلى ذروته، وانفردت كل منها بما يضم أهلها، فجمعت مدينة الدين كل من لا يرى شيئا في الكون سواه، وضمت مدينة العلم كل من يرى في العلم مفتاحا وحيداً لحل مشكلات الوجود، ووصلت مدينة المال بين الذين آمنوا بأن الثروة عصب الحياة.
ولكن كان هذا الانقسام بداية الخطر الذي تضاعف شيئا فشيئا إلى أن باعد بين المدن تماما، وانقلب بالعلاقة من بينها من الحوار إلى النزاع، ومن مجاورة الأقرباء إلى منازلة الأعداء. وبعد ذلك انفردت كل مدينة دون غيرها بما يخصها، وضمت إليها من يؤمن بمبدئها، بحثا عن مستقبلها الذاتي، وتأكيدا للاختلاف الذي أفضى إلى الشقاق.
ولقد بدأت كارثة المدن الثلاثة التي تجوَّل بينها حليم الفنان حين أنكرت (هذه المدن) مبدأ التسامح، واستغرقت في التعصب، فباعدت كل مدينة ما بينها وبين غيرها، وتسلحت كل طائفة بعتادها في مواجهة الطائفة المقابلة، على النحو الذي اقترن بالنفور من الاختلاف، والإلحاح على المشابهة، واستبدال التسلط بالمرونة، وبدل الوحدة السمحة للتنوع الذي لم يفرق بين أبناء المدن الثلاثة، في بداية حياتها الواعدة، وانفردت كل مدينة بما لديها، واسرفت في التعصب له، ونظرت إلى المختلف نظرة الريبة، فكانت بذرة الدمار التي أودت بالمدن جميعها.
وكالعادة كانت الثروة هي أصل الفساد، وكان عناد المستغلين من أصحاب رأس المال في تجاهل المطالب العادلة لعمالهم الشرارة الأولى في ازدياد السخط الذي تحول إلى بركان. وأضاف إلى هذه الشرارة ما اهاجها تحالف تجار الأديان مع كبار المستغفلين، على النحو الذي أفضى إلى تزايد النار التي تحولت الى بركان عصف بالجميع.
سبحان الله لولا أني قرأت في البداية أنها كتبت عام 1903 كنت قلت انها كتبت لعصرنا الحالي و تقريبا هذا هو الحاصل فالتاريخ يعيد تكرار نفسه صراع المال و السلطة مع الدين مع العلم و التقدم المغالون من كل الاطراف يسهمون دائما في خراب المجتمع أهل المال يطغون على العمال بلا مبرر و العمال يريدون مشاركة اصحاب الاعمال بغير و جه حق . اهل الدين يتهمون اهل العلم بالالحاد و إفساد القيم المجتمعية و طبعا هم أهل المال و اهل العلم يتهمون أهل الدين بالتحكم في البشر بإسم الدين و بالبعد عن مبادئ الدين السامية "من الاخر كله بيضرب كله " و في النهاية المنصفون من كل جانب هم من أعجبني أعطيها 5 نجوم للفلسفة و ليس كرواية
هذه قصة يجب أن تدرس لتلاميذ المدارس ليتعلموا منها الحوار وأهمية التسامح وقبول الأخر والتعايش بين الجميع وأن التعصب الديني أو الفكري لا يؤدي إلا إلى دمار الجميع
Spoiler Alert 🔔 من خلال قصه بسيطه بريئة كحكايات قبل النوم يأخذنا فرح أنطون فى رحلة إلى المدن الثلاث التى كانت فى الأصل مدينه واحده ثم زاد عدد الأبناء و معه زادت و تنوعت الإهتمامات و الأهواء فأنقسمت المدينه إلى ثلاث مدن تحتل السهل الفسيح و تعيش فى رغد و هناء حتى اندلعت فيما بينها القلاقل و الصراعات . مدننا الثلاث هم مدينة المال و مدينة العلم و مدينة الدين بطلنا هو "حليم" الرسام المشهور الباحث عن العصر الفردوسى فى زمنه الحاضر و الذى يجوب البلاد فى سياحه مع صديقه "صادق" حتى يصلوا إلى سهل المدن الثلاث التى طالما سمع عنها حليم و أنبهر بها و حلم أن يجد أهلها يعيشون ذلك العصر الذهبى . يشتعل الصراع فى مدينة المال بين أصحاب الأعمال و العمال و تنعقد جلسات الصلح التى تشمل كذلك رجال الدين الذين يوالون أصحاب المال و الحكام ، و رجال العلم الذين يوالون العمال البسطاء من خلال الجلسات و الاراء المطروحه نتعرف على المذاهب التى لا تتآلف و لا تنتهى صراعاتها الأبديه الرأسماليه ، الإشتراكيه ، العلمانيه و الدين .. يتابع حليم و صديقه صادق من ركن مظلم الأراء المختلفه و المناقشات التى تشتعل أثناء الجلسات عن كثب .. بالطبع لا تفلح جلسات الصلح و لا المبادئ التى وضعها الحاكم الأمين فى حسم الخلاف و لا فى إنهاء الجدل . و السبب كما ذكره الحاكم " الأثره و الشراهه و الطمع" و المغالاة التى تصل حد التطرف و العصبيه التى لا يبرأ منها أى حزب من الأحزاب . و النتيجه النهائيه الحتميه التى تصل إليها المدن الثلاث هى نهاية كنهايات سدوم و عمورى و نينوى . نكمل بعدها لنكتشف هل ينجح حليم و حبيبته أبنة الحاكم الناجيه من نهاية قومها فى إرساء مدينه جديده تقوم على مبادئ والدها التى تنادى بالرفق و الإخاء بين البشر أم لا .. الرواية تتميز بلغتها الراقيه الحالمة و بالرمزية واضحة الدلالة
عمل أدبى هو أقرب لبحث اجتماعى فلسفى منه للرواية وهو ما يذكره المؤلف فرح أنطون نفسه فى مقدمته .. تدور الرواية القصيرة التى كتبت عام 1903 عن موضوع لطالما شغل المفكرين عبر الزمن والى الآن عن الخلاف بين الدين والعلم والمال عندما يغالى كل منهم فى تطرفه، وعن الصراع بين العمال ورجال الأعمال والتنافس بين رجال العلم والدين فيعرض كل فريق حجته وينتهى بخلاصة مفادها أن التسامح هو الضمان الوحيد لاستمرار الحياة والا فالمصير الحتمى هو الدمار والخراب، وأن العالم المثالى سيتحقق بالاعتدال والتوازن بين عناصره.
كاتب الرواية يرى ان فن الرواية لابد وأن يكون أداة لتوجيه الفكر وهو مجرد اطار خارجى لايصال الأفكار العميقة بصورة تجذب القارىء، وبوجه عام فالرواية تعتبر صالحة لوقتنا هذا برغم مرور أكثر من قرن على كتابتها كان حافلا بثورات عمالية وصراعات شرسة بين الرأسمالية والشيوعية وتقدم علمى مذهل وتطرف دينى مؤسف.
من أروع الكتب الفلسفيه التي تطرقت اليها في حياتي ، منذ زمن طويل وانا ابحث عن كتاب كهذا لكاتب ذو عقل خصب ، حيث أنه في ثنايا هذا الكتاب الفلسفي قام بتشبية كل من الدين والمال والعلم باراضي جغرافيه ودول . ف هنالك دولة المال ودولة الدين ودولة العلم وكلا منهم مرتبط بالآخر بشكل وثيق ، وهو من خلال رحلته لكل من البلدان الثلاث يقوم بطرح أفكار وتنوعت بحته لحياة الإنسان في مختلف تلكم الدول ...
أروع الاقتباسات من هذا الكتاب :
* الله يصنع النفوس أنصافا انصافا وان الحب هو عباره عن وجود الفس نصفها الثاني المكمل لها ؟
*الإنسان لا يعيش في الأرض عمرين وان أيامه فيها معدودة ، فلماذا لا يصرف هذه الأيام بما يدعو إلى الراحه بدل أن يصرفها في خصام صبياني.
*يابني ولكن تذكر أن الورد لا ينبت الا من شوك ، والنرجس لا يخرج إلا من بصل.
حوارات قائمة منذ قديم الأزل بين أهل العلم ،المال،الدين ولازالت مستمره.. ..
إقتباس.. إنني أنقل إليك ياسيدي السبب الذي ذكره لي أبي أمس قبل دخولي إلى غرفة النوم ،فإنه أخذ يدي بين يديه وقا�� لي:أتعرفين سبب كل هذه القبائح يابنية ،سببها الشراهة والأثرة والطمع،ولست أبريء منها حزبا دون حزب لأن التبعة واقعة على الجميع ،ولا أستغرب أن تخسف بنا الأرض أو تنقض علينا صواعق السماء مادمنا بعيدين إلى هذا الحد عن مبدأ الرفق والإخاء...
يناقش أستاذ فرح أنطون فكره أنشاء ثلاث مدن كل مدينه لها شيء تختص به بطريقه فلسفيه ويحدث بينهم شجار فيبدائوا في عمل مناقشات وجلسات أستماع لتوضيح الضرر الواقع عليه والفكره التي يعرضها أصحاب هذه المدينه فتشعر كأنك شخص جالس بينهم تناقشهم كلام شيخ مدينه العلم والاقتراحات التي أرسلها كانت حلا موافقا للثلاث المدن وموافقه لحال بلاد كثير وكان الثلاث مدن قد وصلوا الي أتفاق لولا المخربين والمحضريين الذين أشعلوا الفتنه في المدن الثلاث وجعلوها حطاما
- "وأتعس الناس حالًا من تكون لهُ ** نفس المُلوكِ وحالات المساكينِ." - "ولكن يظهر أن العناية الإلهية يا بني، لا تخُصُ بعض هذه النفوس بالشقاء والنقم والعذاب إلا لمقاصد سامية، فإنه إذا كانت المصائب تستحق النفوس الصغيرة، وتفلّ عزائهما، فإنها تشدّد عزائم النفوس الكبيرة، لأنها تُعلّمها بالاختبار مالا تتعلمه بسواه، فهي كالعود الطيب، الذي لا تنتشر رائحته إلا متى مسته النار، أو كالزيت الذي لا يضيء، إلا بالاحتراق." - "لأنه كان يعلم أن النفوس الحسّاسة المُخلصة لا تُطيق المزاح أحيانًا في بعض الأشياء، ذلك أن المزاح سهمٌ، يخدش دائمًا، وإن كان خدشُهُ خفيفًا، والرجل الكريم يغار على ما هو نفيس عنده ومحبوب، أن يُخدش حتى بوردة." - "كيف يمكن أن تحب وتتزوج إذا يقيت بعيدًا عن الناس كما أنت، هل الحبُ هواءٌ يطير ويدخل الأجسام ليأتيك وأنت بعيد عنه بين المحابر والألوان والأقلام، كلا، إذن، فعاشر وساير إن رمت أن تحب." - "إنني من الذين يقرأُون الرسالة من العنوان، ويعرفون الشجرة من الثمرة، فأنا في وادٍ ونساؤُكم وبناتُكم في وادٍ، على أنني لست ألوم النساء، إذا لم يفهمن أخلاقي وعواطفي، مادام الرجال أنفسهم لا يفهمونها، فالانفراد عن هذه الهيئة الباطلة الكاذبة التي نعيش عنها غير مبالين بها، ولا بمسرّاتها، ولا بآمالها، خيرٌ من الانضمام إليها وسريان عدواها إلينا." - "أم ذلك لأن كهربائية "حليم" وكهربائية الفتاة قد اتحدتا لأول نظرة، لأنهما خُلقا ليتحدا معًا طبقًا لاعتقاد بعض المتقدمين، بأن الله يصنع النفوس أنصافًا أنصافًا، وأن الحب هو عبارة عن وجود النفس نصفها الثاني المُكمّل لها". - "أليس عجيبًا أن نكون ببلدةٍ ** كلانا بها ثاوٍ ولا نتكلمُ." - "ولو لم يكن "حليم" ممن ألِفَ هذه الحالات، وأحبها، لداخلته خشيّةٌ منها وعراه نفور عنها، لأن هذا الهدوء هدوء الأموات، وذلك الانقباض البادي في وجوه النفر الذي رآه لمما يبعث في النفس شعورًا رهيبًا، لمعرفتها أن ما يقع في ذلك الحين في وسط الهدوء الشديد مع ذلك الانقباض الأليم، يجب أن يكون أمرًا رهيبًا خطيرًا، تقف عنده النفوس رهبةً وإجلالًا، والنفس غير مخطئةٌ في ذلك الشعور، هذا لأن ذلك الأمر، هو عبارة عن عراك ونضال بين الأرض والسماء، والمعلوم والمجهول، والمادة والروح، والمحدود وما لا حد له، ذلك أن الإنسان الترابي القاصر الضعيف يطلب الوصول بفكرهِ، إلى الذي لا يصل إليه فكر، والعقل المحدود يروم الاستيلاء على العقل الذي لا حد له." - مدينة العلم. - "فإن الناس يضعون عادةً حبهم فوق كل أمر، وقد وضعه الملوك مرات كثيرة فوق تيجانهم، وعروشهم، أما "حليم"، فلم يكن يعرف أحبَّ إليه من أن يعرف." - "فغرض العلم في هذا الزمان تفتيح عيني الشعب، وترقية أحواله والضرب على أيدي المدجّلين، وشكواه من كل من يحاول منعه من الوصول إلى هذا الغرض الشريف." - "وأنتم تعلمون أن الإنسان لا يعيش في الأرض عمرين، وأن أيامه فيها معدودة، فلماذا لا يصرف هذه الأيام بما يدعو إلى الراحة، بدل أن يصرفها في خصام صبياني." - "هل أن حطام الدنيا وخيراتها الزائلة، ومسرّاتُها الفانية، تستحق هذا الاقتتال الشديد؟" - "وذلك لأن هذه الفنون المتشعبة العظيمة، تقتضي وحدة الإرادة، وإطلاق الإرادة، فمتى كان صاحب العمل مقيّدًا بآراء عُمّاله، فقد خرب العمل لا محاله، وخمدت نار النشاط والإقدام الشخصي على الأعمال، لأن الفرد لا يعود يخاطر بماله ووقته وذكائه من أجل غيّره." - "سنة تنازع البقاء معناها أن كل واحد من البشر يسعى لنفسه ويجاهد رفيقه، ليستأثر بالمنافع والخيرات دونه، وتكون ختامة هذا الجهاد، أن الأقوى يكون الفائز، والضعيف يُغلب ولا بأس أن يموت أيضًا، لأن الهيئة الاجتماعية في غنى عنه، وبعض المتقدمين كانوا يقتلون أطفالهم الضعفاء وفقًا لناموس بقاء الأفضل، فهذه الحالة هي حالة الحيوانات تمامًا أيها السادة، كذا تحيا وتعيش وتموت وتنمو أو تنقرض، فهل صار من فخرنا في تمدننا هذا أن نقتدي بالحيوانات في معيشتها الدنيئة." - "فرحماكم لا تخلطوا بين الحالة الطبيعية، والحالة الاجتماعية، إن تنازع البقاء وبقاء الأفضل أمران صحيحان في الحالة الطبيعية، وهنالك لا مرد لهذين الناموسين الهائلين، لذلك يأكل القوي الضعيف، ويسحق الكبير الصغير، كما تصنع الحيوانات الوحشية، أما في الاجتماع، فإن الحالة تختلف كل الاختلاف، ذلك لأن الحكومة قد أخذت على نفسها من حين عزم البشر على الاجتماع والمعيشة معًا في مدينة واحدة، أن ترفع ظلم القوي عن الضعيف، وتمد الضعيف بالقوة ليعيش بأمن وسلام." -"إننا نريد في المستقبل حياة أفضل من حياتنا الآن، فإن أعصاب الإنسانية الآن كلها متوترة متهيجة، كل واحد لا يأتمن أخاه على أقل الأشياء، كل واحد يحذر أخاه حذره من الذئاب الضارية، وما ذلك إلا لذلك المبدأ الذي انبث في نفوسنا، مبدأ تنازع البقاء، مبدأ طلب الفائدة للذات بكل الطرق، وإن أضرَّ ذلك بالغير ضررًا عظيمًا." - "الإنسان لا تهدأ نفسه ويسكن جأشه وتتطلف أخلاقه، إلا إذا صار أمينًا على رزقه، ولا أمن على الرزق ما دام الأقوياء متروكين على الضعفاء يمتصون دماءهم ، والضعفاء يزمجرون ويزبدون في سرّهم حسدًا وطلبًا للنقمة." - "سيأتي يوم يكون في كل غنيٍ يموت يدون أن يفرّق أمواله موصومًا عند الناس بوصمة العار." - "إن الهيئة الاجتماعية تحتاج إلى المال، وليس إلى أهل المال." - "لا يمكن في الاجتماع هدم شيءٍ، إلا متى أمكن وضع شيءْ آخر مكانه، يقوم مقامه." - "إن البشر ثلاثة أطوار: طور الطفولية هو الاعتقاد بأن العالم محكوم بأرواح الآلهة، وطور الشباب، هو البحث في ما وراء الطبيعة، وطور الرجولية، هو طلب الهيئة الاجتماعية، نفع الناس بناءً على الواجب، ومحبة الناس والعقل والمصلحة المتبادلة." - "إن البشر متى وصلوا إلى الطور الأخير، صاروا يعلمون ما يجب عليهم عمله من غير إرهاب ولا تشويق، بل بسائق فطرتهم ومصالحهم المتبادلة المحصورة في تلك العبارة: يجب أن لا أصنع بالناس إلا ما أريد أن يصنع الناس بي." - "فدماء الشهداء أيها السادة، وظلامات المظلومين هي التي نصرت الأديان، وجعلت على هامة الدين إكليلًا من الجماء، والسناء، فاحذروا أن ترفعوا هذا الإكليل عن هامة الدين، وإنكم لترفعونه عنها وتضعونه على هامة قوم غيركم، يوم يصير الشهداء في صفوف غير صفوفكم." - "فإن العلم والدين إذا اختلفا في الطرق، فإنها يتفقان في الغرض، ذلك لأن غرض العلم والدين واحد، وهو تحسين حال الأنسانية، وترقية شئون البشر، فما الموجب لجعل الواحد يناقض الثاني ويحاربه، لا موجب لذلك سوى الأهواء والمصالح أيها السادة." - "فعلى الدين أن يتذكر أن العالم قد تغير وتبدل، ولذلك يجب أن يغير شيئًا من مبادئه وقواعده القديمة، وعلى العلم أيضًا أن يتذكر أن العالم قد تغير، وتبدل، لذلك يجب أن يغير شيئًا من مبادئه وقواعده الماضية أيضًا، نظرًا لأن عدو الدين والعلم المشترك هو الأثرة والشراهة والرغبة في الانفكاك من كل قيد." - "إن العلم كندى السماء، ولا يبقى الندى نقيًا إلا إذا وُضِعَ في إناء نقي." - "ويقول الرجل لهما، إن رمتما الحق فكلاكما باطل، وليس هناك دين صحيح غير ديني، فيسألانه، وما دينك؟ فيجيب: ديني أن أفعل ما أريد كما أريد، وقتما أريد، وما بقي فأوهامٌ وخزعبلات حاكتها التصورات والخيالات وهدمتها كُل الفلسفات
This book was revolutionary and eyes opening in the arabic world considering the time it was written!
فرح أنطون! 💕
- "إن البشر ثلاثة أطوار: طور الطفولية هو الاعتقاد بأن العالم محكوم بأرواح الآلهة، وطور الشباب، هو البحث في ما وراء الطبيعة، وطور الرجولية، هو طلب الهيئة الاجتماعية، نفع الناس بناءً على الواجب، ومحبة الناس والعقل والمصلحة المتبادلة."
الرواية معمولة فقط لمناقشة صراع الدين و العلم و المال .. اسلوبه شيق جدا و مش فلسفي اطلاقا سهل و النقاش سلس للغاية .. اه الحبكة مش زي حبكات نجيب محفوظ طبعا بس خدمت الهدف و هو سرد الصراع الاذلي بين المال و الدين و العلم.
ما سبب اجتماع الدين مع العلم مع المال ؟؟ و لماذا يكتب المؤلف رواية تجمع ثالوث القوى هذا ؟ هذا هو السؤال الذي كان يؤرق فرح انطون و يدفعه لصياغة عمل فنى مميز ليعطى رؤية ظلت تحلم بنوع مغاير من الانسانية اطلق عليه فرح انطون الانسانية الجديدة التى تتحقق فيه احلام البشر بعالم مثالى يقوم على التوازن بين القوى و المصالح و الاتجاهات و المعتقدات فكان دائما ما يسأل نفسه ماذا يحدث حينما تتصارع قوى الدين و العلم و المال و تتحول العلاقة بينهما الى علاقة تنابذ و قتال .. لذا فهذه الرواية بحث فلسفي اجتماعى تعمقي و ليست مجرد رواية للتسلية او للتفكه .. تتحدث الرواية عن ثلاث مدن هما مدينة الدين و مدينة العلم و مدينة المال قد جرى بين سكانهم نزاع و دعاوى كل فريق على خصمه و كيف انتهت مشكلة هذه المدن التى هى اكبر المشاكل عند كل الامم و الحكومات .. رواية ممتازة انصح بقرائتها .. ملحوظة اخيرة .. كنت سأقوم بوضع 5 نجوم للرواية لكنى وضعت اربع فقط لان الجلسة الثانية تلخيصها و تحليلها معقد بعض الشئ حول المشاكل بين اهل العلم و اهل العمال على افكار كارل ماركس و المشاكل بين اهل العلم و اهل الدين حول الايمان و الالحاد لذا رأيت ان الاسلوب هنا ليس بقوة اسلوب بقية الكتاب و لم يكن اكثر انتباه و اشد اقناع من ذى قبل.
جميل جدا و خاصة عندما قال ضرورة خلط المال والدين والعلم مع بعضهم البعض وترك التعصب وانه عرض رؤية المتعصبين لكل طرف وانهم مخطئين جميعا بسبب تعصبهم الشديد انصح الكل بقراءة هذا الكتاب
" فالخراب هو النهاية الحتمية للتعصب الذي لابد أن يقضي علي الجميع و التبعة واقعة علي الجميع بلا استثناء... و التعصب أذا تسلط علي عقول الجميع أفضي الي الدمــار " " و أن التسامح ليس له معني واحد فأبعاد التسامح متعددة... هناك التسامح علي المستوي الديني حيث ضرورة المجادلة بالتي هي أحسن , و عدم التفتيش في ضمائر الناس أو شق صدورهم لا ستخراج ما لم يقولوه, و حيث احترام المخالفة في الاجتهاد, و عدم الخلط بين المخالفة في تأويل الدين و الخروج علي الدين و تقبل الاختلاف " لو لم تكن تلك الرواية قد كتبت في سنة 1903 كنت قلت انها كتبت لعصرنا الحالي و تقريبا هذا هو الحاصل فالتاريخ يعيد تكرار نفسه صراع المال و السلطة مع الدين مع العلم و التقدم المغالون من كل الاطراف يسهمون دائما في خراب المجتمع
إذا صنفناه كرواية فهو نجمتين فقط ، لأن الحبكة الدرامية يتم إيجازها بصورة مخلة وخاصة فى الجزء الأخير أما إذا صنفناه كفكر فهو اربع نجوم يكفى أن أغلب ما به من أفكار وحوارات بين المال والعلم والدين لا تزال قائمة حتى يومنا هذا بالرغم من أن الكتاب إصدار 1903 إذن لماذا أربعة وليس خمسة؟ السبب الجوهرى فى رأيى هو العلم لقد تحاور الكاتب بإسم العلم ولكنه خلط مابين العلوم الفلسفية والعلوم التجريبية فإذا انتبهنا لهذا الخلط لوجدنا ان من يدافع عن العلم يتبنى المنظور الفلسفى كثيرا والمنطق العلمى التجريبى قليلا بل نجد أنه يصف مدينة العلم كمدينة قراء ومتأملين فقط ولم نر أى وصف يوضح الجانب العلمى العملى ..... مقدمة الكاتب لهذا الكتاب هامة جدا لابد من قراءتها بكل إمعان
يتحدث الكتاب عن مدن ثلاث مدينة العلم ومدينة الدين ومدينة المال وكيف ان الخلافات بينهم قائمة وبان ما يحتاجه المجتمع هو التسامح بين هذه المدن الثلاث كان هذا الكتاب أول من غرس اهمية التسامح في فكري اذ قرأته وانا يافع وظلت أفكار التسامح بعد أن تطورت في فكري لاحقا معششة بين حنايا دماغي والحقيقة اني لا ادري الى اي مدى يجب ان تكون متسامحا ومع من يجب التسامح
المال و الدين و العلم عمل أدبي فلسفي رائع بسيط و مهذب الصياغة. تقرأه و كأنك تقرأ شاهد لكل العصور و خاصة عصرنا هذا. تقرأه وأنت تشعر ما الذي فيه و لا يوصف زمننا هذا قلا يوج شئ غير موصوف و غير مدرج. فالإحساس و التوجهات و الأفكار و المشاحنات تحدث بالتفصيل و كأن هئا العمل هو عبارة عن كتالوج أو دليل لإنسان العصر الحالي.
كتاب سلس وشيق ورائع يحكي عن شاب دفعه حبه للمغامرة والعلم ان يزور المدن 3, التي سمع عنهم الكثير وهذه المدن هي مدينة العلم .الدين .المال.واثناء زيارته يحضر مع سكان المدن اجتماعولحل المشاكل فتتطور الاحداث.... يعلمنا الكتاب أهمية الحوار والتسامح والتجاهل لحل المشاكل " الخراب نهاية حتمية للتعصب"