مفكر وباحث مصري متخصص في الفلسفة والعلوم الإنسانية، درس بجامعة عين شمس وعمل في العديد من الجامعات المصرية والعربية وله مؤلفات وترجمات غزيرة. هو أبرز تلاميذ الفيلسوف المصري زكي نجيب محمود، وأحد من تولوا التعليق على فكره في الفكر العربي المعاصر. له مساهمات فكرية ذات أثر واسع في الأوساط الثقافية المصرية، وقدَّم إلى المجتمع الثقافي عدد كبير من المترجمين والباحثين. الأستاذ الدكتور إمام عبد الفتاح إمام صاحب مواقف فلسفية-سياسية بارزة. ويمكن القول إجمالا بأنه يتبنى منهجاً وسطيا في السياسة، إلا أن هذا الموقف يميل كثيرا تجاه اليسار عندما يتعلق الأمر بالأوضاع السياسية في العالم العربي. ويمكن أن إيجاز أهم آرائه السياسية على النحو التالي:
* أن الحكم لا يستقيم أبدا طالما تداخلت معه أمور من قبيل (الدولة الدينية، والمستبد العادل...الخ) * ضرورة الفصل التام بين السياسة والأخلاق، فلكل منهما مضماره (راجع في ذلك كتابه "الأخلاق والسلطة") * أن التاريخ الإسلامي قد حفل بمفارقات فساد السلطة (راجع في ذلك كتابه "الطاغية"، وقد أثار الكتاب اهتماما واسعاً في الأوساط الثقافية العربية لما يحتويه من تحليل متعمق وموضوعي لتجارب الطغيان في العالم العربي.) * أن مناقب الحكم في الوطن العربي أساسها هو عزوف الشعوب عن المطالبة بحقوقها إما عن جهل (ومنشأ ذلك عدم شيوع التفكير لدى غالبية أفراد الأمة) أو عن يأس (ومنشأ ذلك أيضا هو عدم تدبر الشعوب العربية للتاريخ السياسي للأمة ذاتها أو لأمم العالم الغربي). * لا سبيل للتقدم العلمي أو الاجتماعي أو الإنساني في الوطن العربي سوي بتربية أجيال قادرة على التفكير النقدي ومتمكنة من أدوات العقل. (راجع في ذلك كتابه "مدخل إلى الفلسفة" وكتيب "الفلسفة".)
لازلت لا أجرؤ على القراءة في الفلسفات من مصادرها ومن كتب الفلاسفة أصحابها، لازلت أتحسس طريقي في القراءة عن تاريخ الفلسفة حينًا وعن حياة الفلاسفة أنفسهم حينًا آخر؛ مؤلفاتهم، أفكارهم، حياتهم الشخصية وكيف أثرت في تكوين شخصيتهم ومن ثم تكوين فلسفتهم.
بعض المقدمات والكُتب التمهيدية لا تُطفئ الشغف ولا تُعطي المرء المعلومات الكافية التي تشعره وكأنه تشبّع بما قرأ وعما قرأ، لذا حين وجدت دراسة إمام عبد الفتاح هذه في مجلدين عن كيركجارد وعلى الرغم من أن كيركجارد ليس من بين الفلاسفة الذين تجذبني القراءة عنهم أو عن فلسفتهم إلا أنني وجدت أنه لا بأس من تكوين قليل من المعرفة عن كيركجارد.
هذا الجزء عن كيركجارد، عن حياته الخاصة، علاقته بأبيه التي شكلت شخصيته المنعزلة والمتدينة أيضًا منذ صغره، معاناته الشخصية بسبب بعض تشوهات جسده (ساق أطول من الأخرى)، صفات شخصيته؛ خفة دمه وذكاؤه الحاد وعلاقته العاطفية وخطبته لريجينا أولسن ثم فسخ هذه الخطبة، حروبه الصغيرة مع الكنيسة ونقده وهجومه على الهيجلية وهجوم صحيفة القرصان عليه.
وعلى الرغم أن هذا الجزء عن حياته ومؤلفاته إلا أن إمام عبد الفتاح كان يتطرق من حين لآخر لفلسفة كيركجارد الخاصة كانت تبدو كنبذات تمهيدية استعدادًا للجزء الثانِ لكن تلك المعلومات البسيطة عن حياته وأبيه وخطيبته ريجينا أولسن التي كان الكاتب يكررها أكثر من مرة على مدار الكتاب كانت تشعرني بالملل وأعتقد أن التكرار كان سيكون أفضل وذا فائدة إذا كان ذلك في الجزء الخاص بالفلسفة عن الجزء الخاص بالحياة الخاصة.
الفيلسوف الدنماركي سرن كيركجور (1813-1855) يعتبر بإجماع مؤرخي الفلسفة أول الفلاسفة الذين أطلق عليهم فيما بعد اسم "الوجوديين". وهو شخصية غريبة الأطوار، ومثير للجدل، بل ربما يبدو لنا مثل المصاب باضطراب نفسي او اضطراب في الشخصية، ويرجع ذلك أساسا إلى الأسلوب غير المألوف الذي رباه عليه والده، ومع ذلك فإنه كان غزير الانتاج الفكري، وقد تمكن من صياغة الكثير من الكتابات والأفكار المهمة: أدبية وجمالية وفلسفية ودينية، نسب الكثير منها إلى أسماء رمزية مستعارة وفي نفس الوقت لم ينكر أنه هو مؤلفها. كما أنه ترك الكثير من الكتابات عن حياته الشخصية، خاصة عن علاقته بوالده وبخطيبته ريجينا أولسن التي كان لعلاقته بها - ولانفصاله عنها أيضا - دخل كبير في أفكاره وكتاباته وفلسفته.
في هذا الجزء الأول من الكتاب: - هل كان كيركجور فيلسوفا أم مصلحا دينيا ؟ - تعريف بسيرة حياة والده وسيرة حياته وعلاقته المعقدة مع والده التي أثرت بشدة عليه وعلى فلسفته. - خطوبته لريجينا أولسن وعلاقته المعقدة بها، وهي أيضا التجربة التي أثرت كثيرا على أفكاره وكتاباته. - فكرة عامة عن معاركه الفكرية ضد فلسفة هيجل التي كان يراها فلسفة مجردة جامدة تمجد المجموع على حساب الفرد، وضد الكنيسة البروتستانتية الرسمية في الدنمارك، وضد صحيفة القرصان التي كانت تنشر أفكارا ليبرالية على عكس اتجاه كيركجور المحافظ. - فكرة عامة عن أفكاره الدينية (هجومه على رجال الدين في بلده على اعتبار أنهم يقدمون صورة شديدة الزيف للمسيحية، إذ كان ناقدا شديد القسوة للكنيسة الرسمية في الدنمارك وناقدا للتدين الشكلي المظهري، ويدعو إلى علاقة حية فردية مع الله)... وعن أفكاره الفلسفية (تمجيد للفرد الاستثنائي ضد المنساقين مع القطيع، ضد التفكير الموضوعي المجرد الذي يلغي الفرد وتركيز على الخبرة الذاتية والفردية والفعل الإنساني) وبعض هذه الأفكار نجد صداها فيما بعد لدى فريدريك يتشه... وعن أفكاره السياسية التي كانت تعتبر محافظة و"رجعية" إلى حد بعيد بسبب تمجيده للأفراد الاستثنائيين، وبالتالي رفضه لفكرة المساواة والديمقراطية، لأن الحق في رأيه لا يمكن أن يكون مع القطيع الذي ينساق وراء غيره بل مع الفرد الذي يفكر لنفسه ويصل إلى الحقيقة بمجهوده الذاتي. - قائمة مفصلة بكل مؤلفاته ونبذة مفصلة عن كل منها - وفي نهاية الجزء الأول نصوص مختارة من كتاباته.
دراسة عميقة في فكر وحياة الفيلسوف الدنماركي سورين كيركغارد، الذي يعد أحد أكثر الشخصيات الفلسفية تفردًا وتأثيرًا في الفكر الحديث.
ولد كيركغارد عام 1813 في كوبنهاغن لعائلة ثرية، لكن طفولته لم تكن سعيدة. كان والده، مايكل كيركغارد، رجلاً متدينًا لكنه يعاني من شعور دائم بالذنب، إذ كان مقتنعًا بأن خطاياه قد جلبت اللعنة على أسرته. انعكس هذا الإحساس بالخطيئة على سورين، الذي نشأ في جو كئيب، حيث كان التأمل في الموت والخطيئة حاضرًا بقوة. منذ طفولته، أظهر ذكاءً حادًا وميولًا فلسفية، لكنه كان يشعر بالانفصال عن أقرانه، وكأنه يعيش في عالم مختلف، مليء بالأسئلة الوجودية التي لم يكن يجد لها إجابة في التعاليم الدينية التقليدية.
لم تكن أعمال كيركغارد فلسفية فقط، بل كانت أيضًا نقدًا لاذعًا للواقع الديني والسياسي في الدنمارك. كان يرى أن الكنيسة قد تحولت إلى مؤسسة شكلية، تقدم إيمانًا سطحيًا خاليًا من الروح. بدأ في كتابة سلسلة مقالات بعنوان "اللحظة", هاجم فيها الكنيسة الدنماركية، واصفًا إياها بأنها لا تمثل المسيحية الحقيقية. لم يكن نقده نظريًا فقط، بل كان مليئًا بالسخرية، مستخدمًا أسلوبًا حادًا جعله منبوذًا من رجال الدين والمجتمع.
كيركغارد لم يكن فيلسوفًا تقليديًا، بل كان كاتبًا يعيش كل كلمة يكتبها. لم يكن يسعى إلى بناء منظومة فكرية شاملة، بل كان يحاول التعبير عن التجربة الإنسانية بكل تعقيداتها. كان أسلوبه غير مألوف، حيث استخدم شخصيات خيالية في كتاباته، واستعارات أدبية، وحتى أحيانًا أسلوبًا تهكميًا يذكرنا بالأدب أكثر من الفلسفة.
في عام 1855، أصيب بمرض خطير وتوفي عن عمر ناهز 42 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فلسفيًا لم يُفهم تمامًا في زمنه، لكنه أصبح في القرن العشرين أحد الركائز الأساسية للفكر الوجودي. تأثيره على فلاسفة مثل هايدغر، سارتر، وكامو كان هائلًا، حيث أخذوا منه مفهوم القلق الوجودي، الحرية الفردية، والبحث عن المعنى وسط العبث.
عمل عظيم ومتزن ومهم للمكتبة العربية التي تنقصها كتب كيركجور ترجمة وشرحاً او دراسات. احببت تفنيده في الفصل الأول لإعتراضات كاوفمان التي نفى فيها صفة الفيلسوف عن كيركجور. الفصل الثاني والثالث هما البؤس عارياً. وددت لو تعاطفت مع هذا الشاب المضطرب ومسحت شعره تعاطفاً. والفصول الاخرى المتبقية من هذا الكتاب تعرض كيركجور الإنسان لا الفيلسوف ، حياته ، علاقته بوالده وبريجينا ، اضطرابه وسوداويته وصراعه مع الدهماء/القطيع ، وصحيفة القرصان والكنيسة القائمة. مهم جداً للدخول الى الكتاب الثاني الذي يعرض فلسفته المرتبطة بحياته ونشأته منذ الطفولة. سبب لي هذا الكتاب كمية لا بأس بها من الإضطراب واللاتوازن والسوداوية أنا أيضاً خصوصاً الشذرات المترجمة من كتابه " إما .. أو " في الفصل الآخير. لن أعود الى الكتاب الثاني مبكراً.
أحب أن أعتبر الوجودية نظرة فلسفية للحياة قد تتخذ اشكالاً مختلفة لما لها من بُعد نفسي عميق قد يكون هو الركيزة الأساسية لهذه النظرة لهذا أرى أن الإلمام السريع لمراحل حياة الوجوديون - والعدميون كذلك - هى ضرورية لتفهم وجهة نظرهم وما قد يكونوا أرادوا التعبير عنه من أعمق خبايا أنفسهم وأرواحهم حتى وأحياناً دون أن يعوا ذلك وعياً تاماً . فى حين أن هذه المعرفة بحياة الفلاسفة العقلانيين بمختلف توجهاتهم ليست ضرورية لفهم فلسفتهم او مناهجهم من امثال لايبنتز وكانط وهيجل فعندهم يجب فصل العقل عن النفس الخاصة عند التفكير الفلسفى وهى وجهة نظر لا تخلو من صحة ولا من خطأ وهى لذلك أقل فردانية فى طابعها العام على عكس الفلسفات الوجودية التى تفقد جوهرها وبريقها اى مضمونها وظاهرها اذا جردناها من طابع الفردية ولذلك يكون الخلاف الفكرى على المسائل الوجودية والفلاسفة الوجوديون اوسع مجالا وأشد جدلا و أكثر تجزءاً من الخلاف الفلسفى فى مجالات المنطق والأخلاق والأنطولوجيا او حتى فى مجال فلسفة الروح الهيجلية لأنها ترتكز على وجهة نظر الفرد من حيث هى فكر وشعور على عكس العقلانية المحضة التى ترتكز على المنطق والمقولات المجردة . لذا نجد الوجودية تتخذ صورة شعرية اكثر مما هى علمية فى حين يحاول العقلانيون إقامة صروحهم الفكرية فى صورة منهج او نسق فكرى مثل لايبنتز وفيشته وهيجل أو على نمط الإثبات الرياضى أو الهندسي كديكارت وسبينوزا . لهذا كان دكتور امام عبد الفتاح موفقاً فى التعرض لحياة كيركيجور وأهم أحداثها واهم علاقاته فى رحلة تطوره وأثرها على فكره ومشاعره اى على كتاباته فى هذا الجزء الأول الذى يسبق جزءاً ثانياً يتناول مضمون فلسفته وأفكاره ذات الطابع الوجودى كالإيمان وعلاقته بالأخلاق والقلق واليأس ودور التكرار فى الوجود وكذلك يتناول بعض المسائل الدينية التى ابتذلها الناس دون أن يفهموها ويتناول مسألة التدين والديموقراطية وهو يبغض الحشود وكل صور الجماهير التى يتساوى فيها الأفراد ويكون المجموع هو السيد فالفرد عنده اعلى من المجموع بشرط أن يحقق شخصيته أى ان يحقق وجوده الخاص وهذه الصورة الموجزة لموضوعاته موجودة فى صورة مقتطفات من كتاباته فى اخر هذا الجزء كتمهيد لتفصيل وشرح هذه الاراء وعلاقتها بالفلسفات الاخرى وخصوصا الهيجلية فى الجزء التالى .