فى هذا الكتاب لمحة عن التيارات الرئيسية فى الأدب الألمانى المعاصر فى الفترة ما بين عامى 1875 و1930 [وهى : الواقعية والطبيعية والتعبيرية والرمزية الصوفية], وكانت تعبيرا صادقا عن الإنقلابات الهائلة فى ميادين الحياة الإجتماعية والسياسية والعلمية والصناعية, وما واكب ذلك من طموحات إنسانية إلى المزيد من التقدم الروحى والإنتصار للقيم الرفيعة والتعاون العالمى وتجديد القيم. ومن هنا تعددت محاولات التجارب الفنية فى الشعر والقصة والمسرحيات, وكان للحرب العالمية الأولى أثر بالغ فى توجيه المبدعين من الأدباء الألمان نحو آفاق لم يتطلع إليها أسلافهم من قبل, مما جعل هذه الفترة ثانى أخصب فترة فى تاريخ الأدب الألمانى كله وأكثر عمقا وثراء من سائر الآداب الأوربية فى الفترة نفسها.
وكنموذج ممتاز لهذه المنظومة من الأدباء قمنا بدراسة متعمقة للشاعر راينر ماريا ريلكه, الذى زار مصر وتونس والأندلس وتغنى بالحضارتين المصرية والعربية ومجد الإسلام على نحو قلما نجده عند الشعراء الأوربيين
أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجا، إذ شملت أعماله أكثر من 150 كتابا تتوزع ما بين تحقيق وترجمة وتأليف، ويعتبره بعض المهتمين بالفلسفة من العرب أول فيلسوف وجودي مصري، وذلك لشده تأثره ببعض الوجوديين الأوروبيين وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر. أنهى شهادته الابتدائية في 1929 من مدرسة فارسكور ثم شهادته في الكفاءة عام 1932 من المدرسة السعيدية في الجيزة. وفي عام 1934 أنهى دراسة البكالوريا (صورة شهادة البكالوريا)، حيث حصل على الترتيب الثاني على مستوى مصر، من مدرسة السعيدية، وهي مدرسة إشتهر بأنها لأبناء الأثرياء والوجهاء. إلتحق بعدها بجامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم الفلسفة، سنة 1934، وتم إبتعاثه إلى ألمانيا والنمسا أثناء دراسته، وعاد عام 1937 إلى القاهرة، ليحصل في مايو 1938 على الليسانس الممتازة من قسم الفلسفة. بعد إنهائه الدراسة تم تعينه في الجامعة كمعيد ولينهي بعد ذلك دراسة الماجستير ثم الدكتوراه عام 1944 من جامعة القاهرة، والتي كانت تسمى جامعة الملك فؤاد في ذلك الوقت. عنوان رسالة الدكتوراة الخاصة به كان: "الزمن الوجودي" التي علق عليها طه حسين أثناء مناقشته لها في 29 مايو 1944 قائلا: "أشاهد فيلسوفا مصريا للمرة الأولى". وناقش بها بدوي مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية والزمان الوجودي. [عدل] عمله الجامعي عين بعد حصوله على الدكتوراه مدرسا بقسم الفلسفة بكلية الاداب جامعة فؤاد في ابريل 1945 ثم صار أستاذا مساعدا في نفس القسم والكلية في يوليو سنة 1949. ترك جامعة القاهرة (فؤاد) في 19 سبتمبر 1950، ليقوم بإنشاء قسم الفلسفة في كلية الآداب في جامعة عين شمس، جامعة إبراهيم باشا سابقا، وفي يناير 1959 أصبح أستاذ كرسى. عمل مستشارا ثقافيا ومدير البعثة التعليمية في بيرن في سويسرا مارس 1956 - نوفمبر 1958 غادر إلى فرنسا 1962 بعد أن جردت ثورة 23 يوليو عائلته من أملاكها. وكان قد عمل كأستاذ زائر في العديد من الجامعات، (1947-1949) في الجامعات اللبنانية، (فبراير 1967 - مايو 1967) في معهد الدراسات الاسلامية في كلية الاداب، السوربون، بجامعة باريس، (1967 - 1973) في بالجامعة الليبية في بنغازى، ليبيا، (1973-1974) في كلية "الالهيات والعلوم الاسلامية" بجامعة طهران، طهران و(سبتمبر سنة 1974-1982) أستاذا للفلسفة المعاصرة والمنطق والاخلاق والتصوف في كلية الاداب، جامعة الكويت، الكويت. أستقر في نهاية الأمر في باريس
للتو انتهيت من قراءة هذا الكتاب. للتو علمت أنّه من أكثر الكتب التي شاطرتني جدال أفكاري. كنت أقول: بدوي هنا مستفزّ! لكنّي كنتُ متحجرة في رأيي هذا! كان بدوي يقص الحكاية بطريقته التي لم أعرفها من قبل. كان يحادث أفكاره بفوضوية تحت "عشرة" فصول. كان في بداية حدّيثه يلوم ريلكه على طبيعته لكن في الفصول الأخيرة يبادر بالدفاع عنه على نحو لا يصدق! أستطيع أن أقول: حضرت أفكار بدوي هنا مرتين وهو يتعارك مع الجميع دفاعًا عن ماجدا ودفاعًا ريلكه. واعترف أن هذا النوع من الكتب، جديد عليّ، لذا لم أتفهّم حقيقة شعوري وأنا أقرأ، إذ إنّي كنتُ أميل إليه ساعة وأتجنبه ساعات أخرى. بدوي "معلوماتي" درجة أولى، يفيض عليك بكلّ مايعرف دون أن يكترث لترتيبه، كان يأتي بالحضارة والدين والآراء ويتجنب المواضيع التي كنت أرى أنها تهمني أكثر من غيرها مثل لقاء ريلكه مع تولستوي، أو قصّة ريلكه مع لوسالوميه وكثير من الأشياء التي كنت أراها مهمّة، كان يتطرق إليها بملمح بسيط لا يزيدني إلاّ فضولاً! وهذا أيضًا مستفزّ! لكنّي ممتنّة لمن دعاني لقراءته. لاشك إني ما كنت سأفهم ريلكه كما أفهمه الآن، لولا هذا الكتاب، وإن ضَنِي الجميع بشكواي عنه.
صدقًا، الكلمة المؤثرة التي مازالت تموج في صدري كلمة نعمت علوي بعد وفاة ريلكه وهي تترجى فوندرلي بإن تبعث لها صورة أخرى لريلكه وتقول: أنا واثقة بأنك ستفعلين، إذا علمت ما تجلبه على نفسي من خير. هذه الجملة قاتلة! يبرر بدوي ضياع نعمت بأنها فقدت عقلها عندما تطلقت من زوجها "علوي بك" لكنّي لا أرى هذا وأسند ظني هذا إلى آخر رسالتين بعثت بهما إلى فوندرلي وعلى ما قاله جالو ازاء ما أصابها بعد موت ريلكه. لا يمكن تجاوز رسائل نعمت هذه دون أن تخرج بالانطباع نفسه: ما عرفته نعمت في ثلاثة أشهر وأيام كفاها الحياة بأسرها! من يعود بعد حب كالذي قدمه ريلكه؟!
بعيدًا عن هذا كلّه، اهتمام ريلكه بالحضارة الإسلامية في إسبانيا، تحديدًا مسجد قرطبة، هذا الجانب في ريلكه لن أنساه ما حييت. كانت لحظة استثنائية عندما قرأت تلك السطور التي تحدث عنه فيها، لحظة غدت بعقلي بعيدًا إلى حيث الأمجاد كلّها. كان لا يخيفه قول أن المسيحية تأكل الله كما الكعك الشهي والدين الحقّ هو إله المسلمين. كان يشجب المسيحية وينعتها بالقشرة التي آن لمن ينتمي إليها أن ينفثها عن صدره! قيل: زيارته لمصر أثرت في مسيرته لكن الحقيقة التي أراها أن معرفته للأسلام واللغة العربية كانا من فعل ذلك. وذاك الجانب الذي غص في ريلكه ولم يعد من بعده للانتاج إلاّ بصعوبة بالغة - الحرب العالمية الأولى - كانت سببًا كما أعتقد في قوله في آخر أيامه: الموت أعرفه معرفة جيّدة.
هذا الكاتب نفسه الذي توجّه للمرض: تعال أنت، يا آخر من أتعرّف إليه، أنت أيها الألم، الذي لايمكن برؤه، في نسيج الجسم، تعال.
هذا الكتاب جيد لفشل المثل القائل أن الكتاب يعرف بعنوانه!
يبدا الكتاب بمقدمة قصيرة و شاملة و سريعة عن الحركة الادبية الالمانية منذ الربع الاخير من القرن التاسع عشر و حتى نهاية الربع الاول من القرن العشرين (الفترة ما بين الحربين العالميتين).
محور الكتاب هو الشاعر الالماني راينر ريلكه( كتب معظم ادبه باللغة الالمانية و كان من رعايا الامبراطورية النمساوية قبل سقوطها بعد الحرب العالمية الأولى)، والكتاب تتبع صبور و شغوف لحياة هذا الشاعر التي كانت هي ذاتها قصيدة في تعشق الفن و الجمال كما كانت اعماله التي تنضح بهذه الحياة التي كرسها صاحبها لي الفن و الجمال بمعناهو الاوسع.
يتتبع عبد الرحمن بدوي حياة الشاعر و يحدثنا عن مواضع الهامه و الاحداث التي صاحبت تأليفه لمعظم أعماله، بي الاضافة الى تتبع زمني رائع و متفامي مرتب لي اسفاره و رحلاته الكثيرة، بالاضافة على علاقاته الاجتماعية و العاطفية مع تغطية جيدة و ايراد قدر معتبر من مراسلاته الكثيرة( نشرت المراسلات بعد موته) بما يحعل الكتاب توثيقيا و تحليليا لحياة الشاعر و لميلاد شعره و فنه.
كذلك يورد عبد الرحمن بدوي عدة نماذج من سوناتات (قصائد) ريلكة، في ثنايا الكتاب، وهذا أمر رائع اذا لا معنى لي الحديث عن سبرة الشاعر دون التعرض لبعض قصائده وأعماله التي كرس لها أشراقات روحه و إضاءات وجدانه
هذا الكتاب مكتوب بمحبة عظيمة و تقدير جليل من عبد الرحمن بدوي لهذا المبدع، ولا عجب في ذلك، فلطالما الهمتنا حياة المبدعين و كذلك موتهم! يتجلى هذا التقدير في القصيدة التي يوردها عبد الرحمن بدوي بي كل تواضع في نهاية كتابه، وهي قصيدة يرثي فيها ريلكه بعد أن وقف على قبره.
فى هذا الكتاب لمحة عن التيارات الرئيسية فى الأدب الألمانى المعاصر فى الفترة ما بين عامى 1875 و1930 [وهى : الواقعية والطبيعية والتعبيرية والرمزية الصوفية], وكانت تعبيرا صادقا عن الإنقلابات الهائلة فى ميادين الحياة الإجتماعية والسياسية والعلمية والصناعية, وما واكب ذلك من طموحات إنسانية إلى المزيد من التقدم الروحى والإنتصار للقيم الرفيعة والتعاون العالمى وتجديد القيم. ومن هنا تعددت محاولات التجارب الفنية فى الشعر والقصة والمسرحيات, وكان للحرب العالمية الأولى أثر بالغ فى توجيه المبدعين من الأدباء الألمان نحو آفاق لم يتطلع إليها أسلافهم من قبل, مما جعل هذه الفترة ثانى أخصب فترة فى تاريخ الأدب الألماني كله وأكثر عمقا وثراء من سائر الآداب الأوربية فى الفترة نفسها.وكنموذج ممتاز لهذه المنظومة من الأدباء قمنا بدراسة متعمقة للشاعر راينر ماريا ريلكه, الذى زار مصر وتونس والأندلس وتغنى بالحضارتين المصرية والعربية ومجد الإسلام على نحو قلما نجده عند الشعراء الأوربيين.