دراسة لتصورات الفناء الإنسانى فى التراث الدينى والفلسفى العالمى يدور الكتاب حول حقيقة لا خلاف عليها في اى تراث أو فكر وهى حقيقة مايسببه الموت من حزن لمن يعايش تجربة موت الاخرين: إذ ليس لأحد منا ان يعايش تجربة موته. إننا قد نمتلئ انشغالاً بحتمية فنائنا البشري، وقد يؤثر هذا على سلوكنا في الحاضر وعلى نظرتنا للمستقبل، وقد يجردنا من الاحساس بجدوى الحياة ومشروعاتها الفكرية والعلمية، ولكن حزننا على فنائنا البشري هو غير حزننا على موت من نحب ونعرف من أحبائنا وأقربائنا ومعارفنا ومن نعز من أفراد إخواننا في البشرية.
James P. Carse taught at New York University for thirty years as the Professor of the History and Literature of Religion, and Director of the Religious Studies Program. He retired from the University in 1996. He is a writer and an artist, and lives in New York City and Massachusetts.
James Carse was the Director of Religious Studies at New York University for thirty years. He was a member of the Department of Middle Eastern Studies, and the recipient of numerous teaching awards. He is retired and living in New York City.
أخيرا انتهيت من هذا الكتاب الصعب، وكان ما جذبني إلي شرائه موضوعه وأيضا إسم المترجم الأديب القدير "بدر الديب". أما الذي دفعني لقراءته هذا العام فهو تجربة شخصية محزنة وضعتني وجها لوجه أمام مشكلة الموت والألم الذي يسببه للأحياء. كما جاء في مقال قرأته عن الكتاب، فإن فصول الكتاب رغم أنها تعرض تصورات الموت والفناء في ديانات وفلسفات مختلفة، فإنه لا يُفضَّل قراءته كموسوعة أكاديمية مثلا عن الفلسفات المختلفة. إذ أن المؤلف إختار فلسفات معينة ونظر إليها من وجهة نظر معينة، أي أنه باختياراته هذه أضاف إليها فكره الشخصي، حيث تتبع فكرة الوجود والزمن والحرية وعلاقتها بالموت في الفلسفات والديانات التي اختارها. وكما قال نيتشه في أحد كتاباته، ما معناه إن من يعرض للفلسفة أو لتاريخ الفلسفة فهو في الحقيقة يعرض فلسفته الشخصية. وبالمناسبة فإن عنصر الإختيار مهم في هذه الدراسة حيث أن له دخل كبير في الكيفية التي يعيش بها كل شخص.
وكما لاحظ المترجم وكما سيلاحظ أي قاريء للكتاب، لم يتطرق المؤلف إلى نظرة المصريين القدماء ولا سكان ما بين النهرين القدماء للوجود والموت. والأعجب من ذلك أنه لم يتطرق أيضا إلى نظرة الإسلام لهذا الموضوع، رغم أنه أشار عدة مرات إلى نظرة المتصوفين المسلمين وأقوالهم في الفصل الذي خصصه للتصوف. وعلى العكس من ذلك فقد خصص أطول فصول الكتاب لنظرة الديانة اليهودية للموت، وفي رأي المترجم - وأوافقه على ذلك - أن هذا الفصل كان أطول من اللازم، حيث أن المؤلف أخذ يتوسع في فكرة بسيطة بأكثر مما تحتمل، وهي فكرة أن الصلة بالخالق تعطي الإنسان الحق في المستقبل، وبهذا المعنى تجعل التاريخ مفتوحا، وهي فكرة موجودة لدى كل مؤمن بالألوهية وليست مقتصرة على الديانة اليهودية
:وأنقل هنا فقرة من مقدمة المؤلف لأن فيها التوضيح الكافي لفكرة الكتاب "أما خطة الكتاب فهي.. تشمل النظر على التوالي في عشر تصورات رئيسية للموت. وسيتطلب منا هذا أن نعرف أولا ما هو عامل الموت لكل من هذه التيارات والمفكرين، أي كيف يصفون الطريقة التي يهددنا فيها الموت بعدم الاتصال. وينقلنا هذا إلى تصورهم للحزن ومحاولة علاجه بتحقيق حياة جديدة وحرية أكبر لإقامة اتصال أكثر شمولا. وإذا كانت إحدى علامات فاعلية هذه الحرية هي مدى قدرة المرء على أن يقوم بأفعال على نحو يجعل هذه الأفعال تؤدي إلى أن ينتج عنها شيئا ما، فإنه يمكننا في كل حالة أن نبحث فيما يترتب على هذه الحرية، وبمعنى آخر أن ننظر إلى علاقة الشخص بالتاريخ. وعلى هذا فإن محوري هذه الدراسة هما الموت والحرية. [...] ولذلك فإن عنوان كل فصل سيتضمن إشارة إلى التشخيص السائد لعامل الموت أي للطريقة التي ندرك بها أو نستشعر قوة الموت، والاستجابة المناسبة التي تتخذها الحرية وهي تصطرع مع عدم الاتصال الثابت المستمر للموت أو الصيرورة [..] وسيتركز الاهتمام على الفوارق بين الاتجاهات أكثر مما يتركز على ما بينها من مشابهات
والتصورات التي بحث فيها المؤلف (وهي في الوقت نفسه فهرس موضوعات الكتاب) هي كالتالي 1- الموت من حيث هو تغير >> المعرفة - أفلاطون والأفلاطونية
2- الموت من حيث هو تشتت>> الإغفال - الأبيقورية والعلم الحديث
3- الموت من حيث هو انفصال >> الحب - التصوف - فرويد والتحليل النفسي
4- الموت من حيث هو وهم >> الوجود - الهندوكية
5- الموت من حيث هو تخيل >> الصيرورة - البوذية
6- الموت من حيث هو محتوم >> التاريخ - اليهودية
7- الموت من حيث هو تحول >> الإيمان - المسيحية
8- الموت من حيث هو عتبة >> الرؤى - يونج وعلم النفس التحليلي - الأفلاطونية الحديثة والهرمسية - تايار دى شاردان
9- الموت من حيث هو إمكانية >> السلطان - هيجل - جان بول سارتر - فريدريش نيتشه - مارتن هيدجر
كل هذه الفلسفات لا تسمن ولا تغنى من جوع عند موت شخص قريبا منك، هذا ما ادركته اثناء القراءة الطويلة لهذا العمل.
ربما ما يعيبب القارئ بالاخص ليس الكتاب هو قلة الاطلاع على بعض الفلسفات المطروحة هنا وهو ما يجعلها صعب المراس، لكنه في المجمل كتاب قيم للغاية فلطالما اعتقدت أن الموت هو مشكلة الانسان الازلية، هذا المجهول القابع في الوجود - اذا جاز لنا التعبير كما عند هايدجر - الذي حاولنا ترويضه قدر الامكان لكنه يفلت في كل مرة من بين ايدينا.
"لم يعد أحد من الموتى ليخبرنا الحقيقة" هكذا قال درويش وهكذا يصبح الموت أكثر التجارب ذاتية، التجربة الاخيرة التى لا نعرف نتاجها