يقع الكتاب الفذ، الإشارات الإلهية، في رسائل تقوم على المناجاة أو الدعاء وعلى مخاطبة شخص ما. ويبدو التوحيدي وكأنه يمد يده إلى شخص مثله، مريد في طريق الهداية والنجاة. نجد نصائح بالأخذ بالفضائل، والخلق التقويم، وتأمل نعم الخالق التي أنعم بها على الإنسان، وبيان كيفية السعي للرضا الإلهي. وتبعا للتفاوت في الحلات النفسية يتراوح حديث التوحيدي بين اللين والشدة، ويقدم لنا تعريفا لبعض القضايا،وإفهاما لبعض الأمور، في سلوكيات طريق المريد والسالك. ويمدنا الكتاب بمفهوم واضح للتصوف حسبما كان يؤمن به التوحيدي، الذي استطاع أن يمزج في إشاراته الصوفية بين كتابة النماذج للرسائل الصوفية وبين التعبير الوجداني الذاتي، فارتفع بأسلوبه غلى درجة عالية لم يبلغها متصوف قبله، ولم يبلغها التوحيدي ذاته في أي من مؤلفاته التي وصلتنا.
أبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي البغدادي، فيلسوف متصوف، وأديب بارع، من أعلام القرن الرابع الهجري، عاش أكثر أيامه في بغداد وإليها ينسب، وقد امتاز بسعة الثقافة وحدة الذكاء وجمال الأسلوب، كما امتازت مؤلفاته بتنوع المادة، وغزارة المحتوى؛ فضلا عما تضمنته من نوادر وإشارات تكشف بجلاء عن الأوضاع الفكرية والاجتماعية والسياسية للحقبة التي عاشها، وهي بعد ذلك مشحونة بآراء المؤلف حول رجال عصره من سياسيين ومفكرين وكتاب، وجدير بالذكر أن ما وصلنا من معلومات عن حياة التوحيدي بشقيها الشخصي والعام- قليل ومضطرب، وأن الأمر لا يعدو أن يكون ظنا وترجيحا؛ أما اليقين فلا يكاد يتجاوز ما ذكره أبو حيان بنفسه عن نفسه في كتبه ورسائله، ولعل هذا راجع إلى تجاهل أدباء عصر التوحيدي ومؤرخيه له؛ ذلك الموقف الذي تعّجب منه ياقوت الحموي في معجمه الشهير معجم الأدباء (كتاب) مما حدا بالحموي إلى التقاط شذرات من مما ورد في كتب التوحيدي عرضا عن نفسه وتضمينها في ترجمة شغلت عدة صفحات من معجمه ذاك، كما لّقبه بشيخ الصوفية وفيلسوف الأدباء؛ كنوع من رد الاعتبار لهذا العالم الفذ ولو بصورة غير مباشرة.
يا هذا! إنك لن تقف على حدود هذه المرامي، وعلى عواقب هذه الأسامي، إلا بعد أن تخلع نفسك من نفسك كما تخلع قميصك من جلدك، وكما تخلع جلدك من لحمك، وكما تخلع لحمك من عظمك.
كتاب خلّاب، آية من آيات سحر البيان وبلاغة الأسلوب، عبارة عن مواعظ وإشارات مباشرة المعنى وغير مباشرة .. إلا أن ألفاظه أكثر من معانيه، وصناعته اللفظية تغلب كثيراً على ما ينبغي أن يكون فيه من رُوحٍ وخشوع
زد على ذلك التكرار والإطناب للمعاني نفسها، بألفاظ أُخر .. إلا إنك لن تعدم منه خيراً، ومواطن وعظ هناك وهنالك تستوقفك وتحركك
وأكثر من نصف الكتاب عبارة عن دعوات رائقة رائعة عجيبة، تتخلل أحاديثه ومواعظه، هي درٌ ولآلئ
للتوحيدي سؤال في هذا الكتاب " حدثني عنك هل هز روحك هذا الكلام ؟ هل حولك من مقام الى مقام ؟ وهل فرق لك بين اليقظة والمنام ؟" بلى يابو حيان وقد هممت بتقييد فوائداك فأذا بي انسخ معظم الكتاب وانا أشعر بالأسى حيال كتبك التي قمت بإحراقها
اللهم اجعل أمارة قبولك لنا ومنا وفينا أن تخرسنا إلا من ذكرك وتعمينا" إلا من النظر اليك, وتبعدنا إلا من النزول بفنائك وتفقرنا الا من الفوز بعطائك وتضعفنا الا من الظفر باعدائك قد وجهنا أمانينا اليك ووقفنا امالنا عليك ووحدناك كما اعلنت ومجدناك كما الهمت وقصدنا في طلب رضوانك فيما بين ذلك فعد بفضلك علينا ونحن سائلون, فقد جدت بفضلك في الاول وما كنا سائلين "ومزيدا بالاحسان تمم
ما هذا العذب من الكلام ومن الدعاء ومن التقرب والتضرع إلى الله, والله إنى لذبت شوقاً ولا اعرف ماذا اقتبس منه من حلاوته ورقة تعبيره, احببت هذا الكتاب جدا
أيها الصاحب بالجنب ، والسامع بالأذن دون القلب ! ها أنا قد أعذرتُ إليكَ فيما أوردتُ عليك ، وإن كنت علي بعض ما لا أرضاه منك ، ولا أحبه لك . فإن علمت أني قد نصحت لك ، وأمكنتك من حظك ، فتقبل قولي ، صرْ إلي رأيي ، وأعمل بمشورتي ، فلعلي أسعد بك إذا سعدت بي !!
هذا من أجل وأروع وأعظم الكتب التي قرأتها ، كتاب يدهشك ، ويأخذ بمجامع عقلبك وقلبك ، ويشغلك عن من حولك .
الجاحظ والتوحيدي أعلامٌ وسادة في الأدب والنثر لا يضاهيهم في ذلك أحد .
رحم الله التوحيدي والدكتور عبدالرحمن بدوي محقق الكتاب .
يعطي الكتاب قلبك جناحين ويمدّ له يدًا بيضاء لينهض به نصوص عليها مسحة من ضياء إذا صادفت نفسًا لوّامة أورثت إيمانًا حوار هامس دقيق بين القارئ وخواطره وابتهالات عذبة، حقّها الجهر بعدها بـ(آمين)
- بلاغة أدبية تزلزل القلوب ، و ثراء لغوي يبهر الألباب ، و مناجات رقيقة تكتسي حلة الزهد و الإيمان ، و كلمات آسرة تخاطب شغاف الفؤاد من أنفاس العارفين ، المسقية من ماء معين . و هي الدليل الحي على استقرار إيمان صاحبه ، و براءته من فرية الزندقة و بهتان الكفر . في هذا الأثر الأدبي النفيس أبان أبو حيان التوحيدي عن اقتدار أدبي مذهل ، و بعد سلوكي رقيق ، و جانب تعبدي رفيع ، و قوة أسلوبية عالية في رصف الألفاظ و توظيف المعاني بعد المباني ، من خلال سلسلة من الرسائل التي امتزجت فيها براعة المناجاة بفن الدعاء ، و سحر الكلمات بروعة الدلالات ، في لغة باذخة منسابة بسلاسة و مهارة ، و اتجه فيها بأسلوب ندائي إلى الذات الإلهية تارة و إلى الرفيق الصاحب تارة أخرى و إلى المريد المبتدئ تارات أخر .
- تصنف هذه التحفة النثرية في إطار أدب المناجاة ، و هو ما يعرف أدبيا بأنه : أسلوب تعبيري يذهب فيه الكاتب أو الشاعر الى مخاطبة شخص أو فكرة أو أشياء يتخيلها و ينصرف فيها عن المخاطب الحقيقي . و من خلال المناجاة يلجأ إلى عملية التجسيد للأشياء و الأفكار و إسقاط الصفات الإنسانية عليها ، فتتسع الدلالات و الرؤى في نصوص مناجاته . و يمتاز هذا الأسلوب أيضا بعاطفته القوية و شاعريته الرقيقة . و غالبا ما يرتبط بالجانب الروحي ، و هو ما يفسر ارتباط المناجاة في أحيان كثيرة بالجانب الديني أيضا ، لكنه غير مقتصر عليه . و هو مظهر أدبي شائع في الشعر العربي و نثره و في الأدبيات الدينية و الصوفية ، و لا تقل المناجاة شيوعا في الأدبيات الغربية و الأجنبية كذلك .
و يعتبر فن المناجاة في اللغة و الأدب العربي من أرقى أشكال الكتابة و الإبداع رغم قلته في مقابل الأنواع الأخرى التي يكتب فيها الأدباء ، و يجدون فيها فضاء صالحا لبث نزعاتهم المختلفة و أفكارهم في الحياة . و قد توجه التوحيدي بخطاب المناجاة في رسائله الموجهة في شكل نداءات إلى ثلاثة أقسام : إلى الله ، و إلى الذات و إلى الآخر . فكلماته هذه كانت أدعية و صلوات لله تعالى ، كما أنها كانت نداء خفيا لنفسه من أجل تطويعها لله و صرفها عن الأهواء النفسية الدنيئة ، و للآخر من خلال أسلوب الوعظ و النصيحة للإنسان عموما بوصفه عاصيا لله و متطلعا لشهوات الدنيا الفانية . و لا شك أن أبا حيان قد وظف قسطا كبيرا من الوصف الأدبي في مناجاته هنا ، إذ هو أديب لامع و ناثر له قدرة هائلة على تنميق الكلمات و تزيين النصوص بجميل المفردات ، إلا أن الجانب الروحي و النفسي يبدو ظاهرا و جليا في فقرات هذا الكتاب ، حيث يبدو التوحيدي فيها و كأنه زاهد قد استشعر عبودية الله تعالى و استحلى دعاءه و التذلل بين يديه ، فتطابق الصدق في المناجاة مع الإخلاص في الدعاء ، ففاض لسانه بما اعتمل في خزائن قلبه من الأسرار و الملابسات . و قد قسم التوحيدي كتابه هذا إلى رسائل و وزعها على فصول ، و هي تعتمد في أساسها الأدبي على بناء متشابه في التركيب الأصلي ، و الرسالة غالباً ما تبدأ بالدعاء و تنتهي بالدعاء ، و تتراوح في ما بين ذلك بين الخطاب و الدعاء و أغراض أخرى ، أبرزها شكوى الحال و الزمان . و لعل مآسي الزمان و بلاوي الحياة التي مني بها التوحيدي قد صرفته بآخرة إلى العزلة و الخلوة و قادته إلى العبادة و التصوف ، فلا يخفى على أحد ما لاقاه الرجل خلال مسيرة حياته من النكسات و الويلات ، ما جعله يشعر بالنبذ و الإنكسار ، فعاش حياة ملؤها الإحساس بالظلم و الإضطهاد . إلا أن تفسير ولوجه إلى عالم التصوف و إقباله على التزهد بالأسباب التي مرت بنا فقط هو تفسير قاصر و غير منصف ، أولا : لأننا نجد أن أبا حيان كان قوي الصلة بالصوفية منذ البدايات الأولى لحياته و تأليفه للكتب ، ففي آثاره ( كالبصائر و الذخائر ، و الإمتاع و المؤانسة ) نجد كما هائلا من أخبار الزهاد و كلام المتصوفين ، مما يدل على أنه كان مخالطا للقوم و متلبسا بأحوالهم . و ثانيا : تدلنا العبارات التي استخدمها في هذا الكتاب على وجود صلة أخرى بهم و هي انتحال أساليب القوم في التعبير عن انطباعاتهم الشعورية في العبادة و الزهد ، مما يقودنا إلى الجزم بأن الرجل قد قرأ الكثير من أدبيات القوم ( و ربما أتيح له ذلك بفضل اشتغاله بمهنة الوراقة ، فقد كانت مهنته الذي غطى به على عورة الفقر الأبدي الذي لازمه حتى الممات ) ، و من ثم تعلقت نفسه بأدبهم و اشرأبت إلى التعبد على منهجهم ، هذا زيادة على أن أغلب المؤرخين و كتاب التراجم قد ذكروا أن التوحيدي كان متصوفا و له قدم صدق في التصوف . و تكمن القيمة المعرفية لهذا الأثر النفيس في أنه يعتبر الأول من نوعه الذي استفاد فيه مثقف من لغة الصوفية أكثر من أساليبهم ، و من تقنيات القول أكثر من القول نفسه . و مع ذلك فإن أبا حيان لم يستطع أن يلغي كل تقنيات أسلوبه الخاص الذي درج على الكتابة به ، فقد استخدم الكثير من التشبيهات و الإستعارات ، و مزجها بعبارات التذلل و إشارات التصوف ، حتى أخرج للقارئ هذه الخلطة الأدبية المحكمة .
و لأن أبا حيان التوحيدي ناثر بارع و لغوي لا يشق له غبار في اللغة و الأدب و علوم اللسان ، فقد جاء كتابه هذا في غاية الروعة و البيان ، مستمدا في إنشائه من حديث الزهاد و لغة القرآن ، مرصعا بالعبارات الحسان ، أو كأنه معزوفة موسيقية من أعذب الألحان . و على الرغم من أن ياقوت الحموي وصف أبا حيان في معجمه بشيخ الصوفية ، و هذا كنوع من رد الإعتبار لهذا الأديب الذي انضم إلى ظلم الحياة له ظلم معاصريه له و انصرافهم عن أدبه و عن التنويه بذكره . و مع ذلك فلا يزال التوحيدي يُحسب في الثقافة العربية الكلاسيكية على أنه واحد من كبار الأدباء بسبب هذا الكتاب و غيره من كتبه الأخرى . و بسبب ذلك أيضا لم يندرج إسمه نهائيا في طبقات الزهاد و المتصوفين . و لعل هذا كان لازما لمثله ، حيث أن شهرته الأدبية قد طبقت الآفاق ، و سجنته في زنازين الأدب بأوثق الوثاق .
كن لنفسك بنفسك تجد أنسك في أنسك وإياك ولو فإنها مزلقة وإياك ولعل فإنها مغلقة وإياك والتمني فإنه مقلقة وإياك والتهمة فإنها مغرقة وعليك بالفكر الصحيح والرأي الصريح والصاحب النصيح
https://youtu.be/KrDsF2-j0oc أول تجربة قراءة كتاب صوتي موفقة بعد عدة تجارب فاشلة ، وهذا راجع للقارئ و صوته الرخيم الهادئ .. الكتاب مجموعة من الرسائل فيها اقتراب من عالم التصوّف تتجه لمخاطَب غير معيّن،(الانسان عامة ) تمت صياغتها في شكل مواعظ وعلامات طريق أثرت فيا و منحتني شيء من البصيرة و النورانية .
"اللهم إليك أشكو ما تُجنُّ ضمائري، ولديك أرفع خفايا همي وسرائري، ومنك أرجو الصفح الجميل عن خطاياي وجرائري"
بمداد الحرقة والاشتياق، والوصال والفراق، كتب أبو حيان ديوانه الصوفي الأعظم، بعدما فاء وألقى عصاه، فجمع رسائله التي كتبها لما بلغت شمسه رأس الحائط ودنا من الموت، فكل إشارة منها تفيض بلَوعات العارف الصوفي المجرب للدنيا النكدة والساخط عليها والنادم فيها، وربما صرخ باكياً في وجه مُخاطبه كأنه يقول: أنا جربت وعثرت، ويلك إن فعلتَ ما فعلت.
في هذا الديوان نُتف من سيرة أبي حيان المُرّة، فتجد أنه كتب الإشارة (23) يحكي عن قوم رآهم منذ أربعين سنة (ص160)، وكتب الإشارة (32) وهو ابن سبعين سنة وقد تحطمت قناته وتكمشت شواته كما يقول(ص217)، والإشارة (4) فريدة وأخاذة، خاطب فيها رفاقه بلسان المشتاق القلق. فربما نعدّه سيرة صوفية فيها العبرة المستمدة من التجربة، عِبَر ومواعظ ونصائح، أما التجربة التي عاشها أبو حيان وأفرزت هذه العبر فقد آثر أن لا يدونها، ولعله يذوب كمداً إن فعل.
بعض الإشارات يخاطب فيها أستاذاً أو شيخاً، وقد يغلو (كعادته في الثناء) فيطير في أوصاف لا يوصف بها المخلوق.
وبعضها إشارات يعبر فيها أبو حيان عن أحواله النفسية والاجتماعية ببيان يحترق أسى، كالإشارة (34) التي كتبها قبيل العيد إلى صاحبه، ووصف فيها غربته.
والقسم الغالب إشارات في مناجاة القارئ(وجائز أنها حديث لنفسه)، تستهل وتختتم بالابتهال، يلين فيها مع القارئ ويشتد، ويلطف ويعنف، آملاً تقويمه وإرشاده، وربما عنف به حتى يصرح بيأسه من هدايته، وقد يغلو في بعض هذا على طريقة الصوفية في انبساط ألفاظهم، كقوله(ص226):"رضيناك عبداً لنا، فارضنا رباً لك…وليس بعد العبودية إلا الربوبية، والربوبية صفتنا"!
عاش أبو حيان غريباً ومات غريباً، ساح في الدنيا بعقله وقلبه وجسده، وسعى صادقاً(نحسبه والله حسيبه) في أن يستقيم مع الراشدين، ولكن نفس الأديب الطموحة بين جنبيه أبت ذلك عليه، فزلّ هنا وعثر هناك وأقذع وانحطّ عن الخلق السامي الذي كان دعا إليه حين تفلسف وتصوف، فغفر الله له وسامحه.
وأقول كما قال أبو حيان غفر الله لي وله: "هذا ما أفضى إليه نظري، ووقف عليه بصري، واحتوى نحوه وِردي وصَدَري، وطاح في عُرضه خطري وغَرَري، بعد الاستخارة المقدمة، والاستشارة المتممة…".
كتاب نثري بديع ، يوقظ بداخلك مناجات ومحاور ولطائف تأخذ بلبك. ــــــــــــ (قراءة مجددة) هذا الكتاب قد جعلته خزانة لنفسي، ومرجعاً لدرسي، فنٌ في النظر إليه، وكاشفٌ لمن أشكل عليه، ولمَن فَهِْمَهُ ثبت، وذهنه نفذ، وحفظه أغزر، وقلبه أذكى، ولكل ما دون من كتب الإمام الفيلسوف المتصوف، مالك زمام القلب والمتصرف فيه، الذي إن غُصت في أعماقه استخرجت الدرر، وإن أبحرت على سطحه أمنت من الغرق، وأدركك مما تقرأ له ما أدركني من أثر، فإذا تيقظتَ تجلَّت جواهر عباراته، وإن سرحت فاض بما في جوفك من محاسنه، وما رأيت أنفس مما قرأت من كتبٍ كنَفَس الإمام التوحيدي ومما استنسخ من فضائله على ذوي الأرواح الطاهرة والجواهر النيرة والطبائع المشحوذة والعقول السليمة والأبصار النافذة.
تبتّل في رحاب الله جل وجلاله ، وبيان عذب منسابٌ في تمجيد الله والثناء عليه .. لعل هذا الكتاب خير شاهد على عقيدة أبي حيان .. فمثل هذا الكلام الذي حواه الكتاب لا يخرج من زنديق ! ربما هناك بعض الهنات في التوسل إلى الله بغير ما شرعه عز وجل .. لكن هذه الهنات لا تخرج قائلها من زمرة الموحدين
"يا هذا عليك بدعاء الله فإن الدعاء من الله بمكان فاجعله ديدنك في متقلبك ، وإياك وملالته ، فما فتح باب الدعاء على أحد إلا دلّ ذلك على أن الله يحب أن يسمع كلامه،
وربما أخّر الإجابة لتدوم الضراعة، والويل لمن ييأس من روح الله مع سعته ، أو يقنط من عفو الله مع اشتماله .
There are no words to describe the beauty of this book. Unique style: It's enough to read half a sentence to know it's Abu Hayyan al-Tawhidi. Abu Hayyan dialectically incorporates the Sufi tradition and reproduces it in another form, different, specific to Abu Hayyan's experience. The result is a book of Sufi thoughts and soliloquies that are far removed from the style of Sufi mystics.
التوحيدي صديق العثرات، لصيق الغربة والسأم، في نهاية حياته انقطع إلى الزهد والورع، لازم مشايخ التصوف حتى دنت نفسه من الموت وانطفأت شعلة الروح، وأثقلت عليه سكرة الموت، رفع رأسه للمستوحشين حوله قائلا: "أترونني أقدم على جندي أو شرطي؟ إنما أقدم على رب غفور".
في كتابه الإشارات الإلهية يغوص التوحيدي في عالم التصوف بطريقته الخاصة مقدّما لقارئه خمسين رسالة هي عبارة عن أدعية ومناجاة لله طالبا منه العون والنجاة والمغفرة، وإظهار الحب الذي يليق بالذات الالهية، يبتعد في كتابه هذا عن الحس الفلسفي الذي ميز مقابساته، فهذا الكتاب رجوع كلي إلى محراب التعبد وطلب المغفرة والرضى، بعد أن ذاق التوحيدي صنوف الألم والخيبة، يقدم النصائح، يحث على الفضائل والأخلاق، يبين سبل العودة إلى كنف الخالق لنيل رضاه والتكفير عن الذنوب. الإشارات الإلهية درة من درر الأدب واللغة العربية الغنية بسحر البيان والبلاغة، بله المعارف والفوائد الجمة التي يزخر بها الكتاب. تتميز بعض الرسائل بالتكرار والإسهاب الذي يمكن التغلب عليه بتجاوز تلك الرسائل، لكن سحر لغة التوحيدي لا تقاوم حتى في تك��ار المواضيع أو الأفكار، وأحيانا كثيرة تشعر أنك تقرأ للجاحظ وليس التوحيدي، فهناك شبه كبير في أسلوبهما.
وكما سبق وأن ذكرت في مراجعتي لكتاب #المقابسات، أكرر أن هذا النوع من الكتب التراثية لم يكتب ليقرأ مرة واحدة كأي كتاب، بل هو يدعوك في كل مرة لتعود إليه لتشحن بطارية لغتك، ومعارفك، فلا تبخل على نفسك بالتزود من هذا المعين الذي لا ينضب. #الإشارات_الإلهية #ابو_حيان_التوحيدي #المقابسات #الامتاع_والمؤانسة #الهوامل_والشوامل #فريدة_إبراهيم
This entire review has been hidden because of spoilers.
قرأت نسخة لدار آفاق مصر ، طبعة 2018 تحقيق: خميس حسن .
( سوء التوقع علة بعض الكتب ) وهذا الكتاب منهم!
لا أذكر من أي زاوية تعرفت على غلافه لأول مرة، وجدت مراجعات جيدة منحتني رغبة في قراءته، شعرت بروحانية عنوانه لكن وجدته كما لم أتوقعه البتة ولا حتى أشك! ...
النصوص عبارة عن .. على سبيل الدقة؛ مناجاة / دعاء/ نصائح / استرسال لموضوع في فضيلة /طلب إلخ.. واضح جدا أني لم أفطن للمراجعات أو لم أبحث أكثر، بل صدقاً لم أقرأ أصلا ما كتب على الغلاف الأخير فقد كنت في عجلة من أمري لحظتها. ما هكذا تورد الإبل أقصد الكتب، يا هذا! .. يا أنا !
أعتذر منك سيد أبو حيان التوحيدي، أعتقد أن قُرّاء عام ٢٠٢٥ -من بينهم أنا- سيظلمونك أيضا لتغير أذواقهم وعسر استيعابهم لعملك الرفيع ... راجية من الله تقبل عملكم هذا ويغفر لكم.
== أنصح به ( الإشارات الإلهية ) للمهتمين في دراسة بلاغة التعبير والساعين لكسب المفردات وأسلوب الكتابة.
== الاقتباسات الكلمة تطلب مقرها الموافق لها فإن صادفت سكتت. وإن لم تصادف جالت في آفاق النفس دائبة إلى أن تجد مكانها اللائق بها ٣٣
يا هذا! انقل كيسك الذي هو دنياك إلى دينك، والتمس به ما أضللته من نفسك، وبادر بطلب حظك، والحادي قريب، والداعي حبيب، والمطاع عطوف، والمسؤول رؤوف ٤١٨