تكمن أهمية كتاب “غاندي والشرق الأوسط” الذي وضعته سيمون بانتربريك في كونه الدراسة الأكاديمية والتاريخية الأولى التي تلقي الضوء على سياسة غاندي تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي منذ بداية الانتداب البريطاني على فلسطين إلى أن أوشك على نهايته بعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. وفي هذا الكتاب تقتحم المؤلفة الأرشيف السري للزعيم الهندي لتلملم شذرات أحلام ظلت مبعثرة في دفاتر التاريخ لسنوات خلت.
تميط الكاتبة سيمون بانتربريك في كتابها “غاندي والشرق الأوسط” اللثام عن العديد من الوثائق والمستندات الهامة التي تكشف الدور الفعال الذي لعبه غاندي في القضية الفلسطينية. وتقول إن الفترة التي انشغل فيها غاندي بالسياسة في الهند تصادفت مع مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين، حيث كان غاندي في بؤرة المشهد السياسي في الهند عندما صدر وعد بلفور 1917، واضطر أن يواجه العديد من الإشكاليات الداخلية في الهند، والتي كانت تتشابه مع مثيلاتها في فلسطين، وهذا التماثل غير المتوقع يجعل من السهل إدراك كيف استحوذ الموقف في فلسطين على اهتمامه.
الكتاب قيّم جداً والترجمة على درجة عالية من الإتقان والحرفية . تسلط الكاتبة الضوء على الفترة إبّان تفكك الحكم العثماني ومايليه من فترة الانتداب البريطاني في فلسطين وماتمخض عنه من وعد بلفور حتى بعد الحرب العالمية الثانية . ومدى اهتمام ودعم غاندي لقضية فلسطين بداية من دعمه للخلافة العثمانية حتى خروج الأمر عن السيطرة ولجوءه الى الصمت بعد الحرب العالمية واصدار الكتاب الابيض . الحقائق المتناولة والمقالات المكتوبة وتذبذب آراء غاندي ظاهرياً ورسوخها ضمنياً يضع القارئ امام امور مخزيه لحال العرب وتخاذلهم في الاهتمام بقضية فلسطين وخصوصاً القادة في فلسطين حيث الفوضى وحال القطيع هي المتحكمة في تلك القضية وقيام الثورة عام ١٩٣٦ ونشوء جيش الهاجانا الذي سيطر على الميناء وضرب بقبضة من حديد وفاجأ الانتداب البريطاني الذي تخلى عنه وحقق الجرائم ضد المدنيين العزل . غاندي كان ذا رأي متمسك بأن القدس وفلسطين للعرب رغم تعاطفه الشديد حيال اليهود وماقد قاسوه في الازمنه الغابرة والتالية . لكن صداقاته مع اليهود واستهجانهم له بُعيد تصريحات عديده له تؤيد سياسة اللاعنف والتي تنادي بأخذ حسن نية العرب . الكتاب ممتاز جداً وغني بالحقائق والوثائق المهمة في تلك الفترة .