"صوفي بيران" المرأة الفرنسية، المولعة بالسرعة، والكارهة للثبات، حزنها مباغت لكنّه أصيل، ورغباتها مفاجئة ولكنّها نابعة من قلقٍ وجوديّ، وأسئلتها كثيرة لكنها تخفي جروحاً عميقة. و"حنيفة كمال" الفتاة الكردية العنيدة، التي عاشت طفولة شقيّة في حلب، انتهت بعذابٍ أليم حين اضطرّ الأب للاختيار بين زوجتين، وكان القرار طلاق أمّها وابتعادهما إلى قرية بعيدة. ثمة "حبلٌ سرّيّ" يربط الاثنتين، لن يتكشّف إلا مع "باولا" التي تقرّر السفر من باريس إلى حلب. تأخذنا "مها حسن" في روايتها هذه إلى عالم الكُرد في سورية، بكلّ ما فيه من طقوسٍ وعادات وتقاليد، مسلّطة الضوء على معاناتهم في بلدٍ يعيشون فيه، لكنه يقسو عليهم. وتنتقل بين ثقافتين: الغرب والشرق، وهي إذ تفعل ذلك فإنها تطرح سؤال الهوية، ومكوّنها الحقيقي، وسؤال الانتماء ومعناه.
روائية وقاصة سورية ـ كردية حصلت على ليسانس في الحقوق من جامعة حلب . بدأت بالنشر في مجلة الناقد - " عروس الأصابع " . نشرت رواية " اللامتناهي ـ سيرة الآخر " عام 1995 في دار الحوار ـ اللاذقية ، سوريا نشرت روايتها الثانية " لوحة الغلاف ـ جدران الخيبة أعلى " عام 2002 في سوريا تراتيل العدم ـ عن دار رياض الريِّس ـ 2009 حبل سـري ـ عن دار رياض الريس (ورشحت للقائمة الطويلة بوكر 2011)
شاركت في التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود حول حرية الصحافة في سوريا لعام 2004
لها رواية متسلسلة باللغة الفرنسية ، تنشر تباعا على موقع http://www.maisondesjournalistes.org/ حصلت على جائزة هيلمان/هامت التي تنظمها منظمة Human Writs Watch الأمريكية في عام 2005 تقيم حاليا في باريس ، وتتابع نشاطها الكتابية باللغتين العربية والفرنسية .
اول رواية اقراها لمها حسن ، والتي اكشتفتها مصادفةً على أحد رفوف جناح الإعارة ، ممسكًا بيدي الثانية رواية ممدوح عزام ارض الكلام ، مفاضلًا بينهما ، لأقرر أن أقرأ حبل سري أولًا لمعرفتي المسبقة بأن كتاب ممدوح عزام سيعجبني بالتأكيد ، فإن أتى هذا العمل سيئًا أصلح مزاجي بالعمل الآخر
أتى فوق كافة توقعاتي ، لغة غريبة وسلسة ، ترابط مبهر، الانتقال بالأحداث على فترات زمانية ومكانية متباعدة بشكل مدهش لا يستطيعه إلا الروائي الحريف
حلب في زمن ماقبل الثورة ، شارعي السريان القديم والحديث ، النقل الداخلي ، طعم الفلافل ، الاسواق ، الروائح والأهم من ذلك ذكر فلم إيميلي المحبب لقلبي كلها تفاصيل لا تُنسى..
تستحق النجوم الخمس ، ولكن لم أستسغ المشاهد الإباحية الزائدة والتي لا مُبرر لها في كثير من الأحيان ، هذه الاداة التي اعتبر كثرة استخدامها حيلةً من الكاتب لجذب القارئ لأطول فترة ممكنة عندما يعاني من متلازمة الصفحة البيضاء !!! وبالرغم من أنني ارى أنّ مها لم تعاني منها ، إلا أن مشاهدها هذه أتت من دون مبرر كما سبق وقلت
حين أنهت باولا عرض الليلة، توقعت أن تجد جوليان بانتظارها، إلا أنها شعرت بخيبة أمل، حين غادرت المسرح متلفتة حولها، ووصلت حيث تركن سيارتها، دون أن تلتقي بجوليان. تذكرت وهي تشغل المحرك، أن حنيفة تحتاج لتغيير ملابسها. أخرجت هاتفها من الحقيبة، وضغطت أرقام جوليان : - أزعجك ؟ - لا، هل أنهيت عرضك ؟ - نعم، أنت في البيت ؟ - أجل. - أستطيع الحضور، الجدة تحتاج لبعض أغراضها ؟ - أنتظرك. ابتلعت ريقها الجاف، وهي تدرك أنه يعرف أنها اخترعت سببا للذهاب إليه، وقالت مرتبكة : - وزوجتك ؟ - لديها مناوبة في المشفى هذه الليلة. هيا، تعالي! ارتجفت وهي تقفل الخط، بعد أن كاد يوجه لها دعوة إلى السرير، وهو يهمس بتواطؤ يتماشى من كذبتها” هيا، تعالي” .
إلى أن وصلت، كان قد أخذ حمامه، منتشيا، مغتبطا، ممتلئا بالإحساس بالفوز، فقد قاوم رغبته في الذهاب لرؤيتها في المسرح، وحين أخبرته باربارا على الغذاء، أنها ستحل الليلة محل دومنيك، لأن ابن الأخرى مريض، اعتبر جوليان أن القدر تواطأ معه، وأن باولا دون شك، ستتصل به بعد انتهاء العرض، وستقترح عليه أن يلتقيا. ولن يكون ممكنا الذهاب إلى منزلها، حيث جدته. إذن سوف يدعوها للمنزل. لذلك لم يفاجأ جوليان حين اتصلت به باولا، كان كل شيء مدبرا وواضحا بينهما، منذ اللحظة الأولى. كمراهقة نفذ صبرها في انتظار موعد حبيبها، لم تتمكن باولا من التحكم بقدميها المرتجفتين قلقا ونفاذ صبر وهي تنتظر وصول المصعد إلى الطابق الرابع، وقبل أن تضغط على الجرس، كان الباب قد انفتح، وجذبها جوليان بقوة، أغلق الباب، والتصق بها. كانت ترتجف، وهو أيضا. همست له : مستعجل ؟ رد هامسا : متشوق ! ظل ملتصقا بها، يشمها، ويترك لها تشممه، كما لو أنهما يتعارفان جسديا من خلال الرائحة فقط. - رائحة عطرك مثيرة. - وأنت تفيضين بالياسمين وال-... والشاي ؟ غريب ؟
تركها ملتصقة بالباب، وهو يضغط عليها، زارعا رأسه في عنقها. ثم بدأ يمرر لسانه على عنقها، ويهبط بتمهل وأناة نحو ثديها. تعالت أصوات لهاثه، وهو يلامس قبة صدرها بشفتيه، وارتجف صوته وهو يهمس : - ألا ندخل ؟
لم يترك لها الوقت لتجيبه، فقد وصل إلى ذلك الجرف العميق، الخط الفاصل بين قمتيها العلويتين، فتح قميصها، وأخرج ثديها الأيسر بلطف، وتلقف حلمتها بين شفتيه، ثم ضغط عليها برفق بأسنانه، فانتصبت حلمتها فوق لسانه، وأحست كما لو كل شرايينها تنبض بدم حار يكاد يندلق من حلمتها.
غرزت شفتيها في عنقه، وراحت تمرر لسانها على عنقه الأسمر، متنشقة رائحته الجديدة عليها، المثيرة، الواخزة. لم تشعر به، كيف رفع إحدى ساقيها، وهي لا تزال ترتدي تنورتها القصيرة، ثم رفع الأخرى، وحملها ودخل بها إلى الغرفة. همست به على باب الغرفة : - ليس في غرفة زوجتك ! - هذه غرفة جدتي... وضعها برفق على السرير، وراح يفكك ملابسها قطعة تلو الأخرى. كما لو أنه يعزف على جسدها، كما لو أنها أوتار تحت أصابعه، كان يمرر أصابعه في كل مكان من جسدها، ويسمع إيقاعاتها. كل آه تندّ منها، تختلف عن الأخرى، كلما مسّ موضعا فيها، نظراته مثبتة فيها، كما لو أن ثمة خيط لا مرئي بين نظراته وأصابعه، كما لو أن لأصابعه عيون، تنظر إليها بشبق. كما لو أنه كان يضاجعها بعينيه. وصلت إلى اللحظة التي تنتظرها، اللحظة التي ترغب في أن تصرخ به : هيا، أدخله ! ولكنها انتظرته بألم، ورأى هو ذلك الألم الجميل، الانكسار الذي يحول المرأة إلى ذئبة قوية بشهوتها الحارقة. كان يشتهيها ويؤجج شهوتها، ليمتعها أكثر، وليستمتع بمتعتها. همست له : - ماذا تنتظر ؟ - قوليها! - لا تكن لئيما، هيا! - هيا ماذا ؟ كان يهمس في أذنها، فتسري أنفاسه في أوصالها، تدفئها، فترتعش،، ندّت عنها صرخة ذئبة : Baise-moi -
لم تتوقع باولا استخدام تلك العبارة الفجة، ولكنها كانت مُثارة، فطلبتها بعجالة على تلك الشاكلة، بدلا من أن تقول : Fais moi l’amour تم الأمر بسرعة غمضة عين، بعد كل تلك المقدمات الهادئة، الطويلة... أخذها بلحظة خاطفة، رفع ساقها اليمنى وانزلق فيها.
كانت ندية، تنضح بالشهد، مما سهل دخوله بسرعة. شهقت من الدهشة وقالت له هامسة : Encore, refais-le - همس متسائلا : - كيف ؟ - أخرجه، وأدخله ثانية...
استمر اللعب بينهما، تدّعي أنها لم تنتبه لدخوله السريع، وأنها تحب أن يدخلها على مهل... وفي كل مرة تشجعه وهو يلجها على مهل : - ما أجمل هذا ! استمرا يكرران اللعبة إلى أن طلع الفجر، واقترب موعد عودة باربارا، قالت له وهي تقبله على شفتيه على الباب : - مسكينة زوجتك، لا بد أنك تفعل ذلك طويلا أثناء مناوباتها الليلية قبلها بشهوة وقال : - لا أعرف كيف تمضي هي لياليها حين أكون مناوبا. ضربها على مؤخرتها برفق وهي تغادر وهمس لها : - سنلتقي عن قريب، سأتصل بك. غمزها بتواطؤ لذيذ حين وصل المصعد ففتحت الباب وأرسلت له قبلة في الهواء قبل أن ينغلق باب المصعد.
أسرار صغيرة
لم تشعر حنيفة بالصغيرة، كما تسميها، حين عادت في الصباح. نامت باولا بعمق، وبدون أحلام، إلا أنها فكرت فقط بسيغولين للحظات، وقالت أنها ستتصل بها غدا، وتحدثها عن الشاب الوسيم الأسمر الذي ضاجعها بقضيب دون حشفة. كانت مغتبطة كما لو أن كل الظروف اجتمعت لإسعادها، ونامت بعمق. استيقظت في الساعة الواحدة بعد الظهر، على صوت ضجيج الأطباق المفتعل الذي يحدثه آلان، لإيقاظها لتناول الطعام معا. نهضت من السرير، فتفاجأت ببقعة دم كبيرة على الشرشف. لم يحن بعد أوان دورتها الشهرية، إلا أن ذلك الرجل النافذ إلى أعماقها، حرك بركها الهادئة، وأشاع الفوضى في هرموناتها، حتى تساقطت بيضتها قبل موعدها، وتمزقت أوردتها. لمّت الشرشف بنزق، وغيرت” كيلوتها” ، وارتدت بنطلونا أسود وكنزة خضراء فاتحة، واتجهت إلى الحمام. دست الشرشف والبيجامة في الغسالة، وأدارت قرص التشغيل على درجة الغليان. لمحها آلان تتجه إلى الحمام، دون أن تمر على المطبخ لتطبع قبلة الصباح، أو بالأحرى الظهيرة، على خد آلان. أدرك أنها في مزاج سيء، يستعد له شهريا، متوقعا منها كل أشكال الغضب والثورة والانفلات العاطفي، من بكاء وكآبة وانعزال في الغرفة. غسلت وجهها، دون أن تأخذ حمامها الصباحي، واتجهت إلى المطبخ، حيث تجلس حنيفة خلف الطاولة، قرب النافذة، وحيث آلان يتنقل بين الفرن والمجلى. - ماذا يعدّ لنا السيدة والسيد هذا الصباح ؟ محاولة ألا تظهر نزقها الشهري، قالت ممازحة، وهي تحتضن حنيفة، وتقبل آلان. ثمة أغراض سلطة على الطاولة، كوسا وملفوف وبندورة... - سأطهو للعمة الفارسي[1]“ المحشي” الفرنسي. - أممممممممم، الملفوف، أموت فيه. - والعمة تريد أن نتعرف على التبولة السورية. - التبولة، أعرفها ! قالت باولا، لكن آلان أوضح : - لا، نحن لا نعرفها على الطريقة السورية، الكثير من البقدونس والقليل من البرغل. - حسنا، أترككما تعملان، متى نأكل ؟ نظر آلان إلى ساعة الحائط : - ليس أقل من ساعة. دخلت باولا غرفتها مجددا، بعد أن صنعت كوبا كبيرا من الشاي، الذي تشربه في أوقات محددة من الشهر، بدلا من القهوة. أشعلت سيجارتها، وهي تبحث عن أغنية ما في الراديو، ثم فتحت درج الخزانة الصغيرة قرب سريرها، باحثة عن مبرد أظافرها، فوجدت ذلك المخطوط قابعا وسط الدرج. سحبته ونست المبرد، وراحت تفتح ذلك الدفتر الكبير،غير المنتهي، وقرأت بصوت مرتفع” الخيميائية”. كان ذلك مشروع صوفي الروائي، حيث قررت أن تكتب ردا على باولو كويللو، و قد خطت الإهداء في الصفحة الأولى :
تخللتها محطات ثقافية مفيدة كما أن التواتر التشويقي للرواية يتنقل في حيثياتها بشكل تدريجي مما أكسب الرواية وهجا ومتعة ... تحت الغطاء الروائي استطاعت الكاتبة أن تمرر قضية الوطن والهوية عند الأكراد بطريقة ذكية محاولةأن تجعل القارئ يتفاعل مع هذا الطرح عاطفيا ... أسلوب الرواية ممتع جعلني أتوق لقراْة ما كتبت سابقا
"كيف يمكن لشخص لا يزال كل من حوله يتدخل في قراراته، و مصيره، ان يتحدث عن حريته، اذا لم يكن حراً من الاخرين" "ليس الشرق هو الشمس دوماً، و لم تعد الشمس تشرق من أرض القسوة و الاسبداد، بل اصبح الشرق بارداً، و لا مبالياً، انانياً و انتهازياً"
منتصرة للمرأة.. ومقدمةُ معالجة خلاقة عن موضوع الهوية.. وبحث ابتكاري عن قضية الوطن..
بروايتها حبل سري تأخذنا الكاتبة السورية مها حسن عبر ثلاثة أجيال، منتقلة بين فرنسا وسوريا.. لنسمع قصص وهواجس مجموعة من الشخصيات السورية "الكردية والعربية"، والفرنسية.. خاصة النسائية منها..
عبر ثلاثة أجيال تتنقل الرواية، باحثة عن الانتماء والهوية والوطن عبر شخصياتها، ممزوجة بهموم المرأة العربية، التي تعاني التهميش والإقصاء..
في الفصل الأول قصتين لمرأتين في زمنين مختلفين، وبسرعة تحرك أحداث مختلف، الأول يمتد لسنوات والثاني لأشهر، لتندمجا معنا في نهايته.. لننتقل "مها" في الفصلين الثاني والثالث إلى سرد روائي مليء بالتفاصيل عن الجيلين الثاني والثالث لبطلات قصتها..
حبل سري رواية ممتعة جداً، وعتبي الوحيد على الكاتبة، أن كل فصل من الفصول الثلاثة يمكن أن يكون رواية مستقلة بما يحويه من زخم وأفكار..
الكتاب الثالث لي لقرائتي لمها حسن التي أحب رواياتها التي ترويها بأسلوب سلس وتتمحور حول قضية ما تركز عليها الكاتبة دوماً في كتاباتها وهي الهوية المتصارعة معها دوماً بناء حبل سري من المتانة جميل جداً خصوصاً وهي موجودة في سوريا لكنها تبهت كثيراً عندما تنتقل الى فرنسا ، ولا أعلم لذلك سبباً الا انه سيبقى رأي شخصي مني ولست بناقد على كل حال ، أنا اتمنى أن اكمل كل روايات مها لأني سأقع في غرامها يوماً :)
نادراً جداً ما أعيد قراءة كتاب، ونادراً ما أعثر على كاتب حافظ على إمتاعي بنفس الدرجة تقريباً في جميع أعماله. دائماً مؤشري الأول بالأخص في الروايات المتعة، عدم قدرة يدي على تركها، تُغلف جفوني وعقلي يريد المزيد... مها حسن بحبل سري هكذا... أعجبتني جداً جرأتها مع العلم أن الطبعة الأولى من الرواية صدرت قبل 2011 بزمن الخوف، وتصديها للظواهر الاجتماعية... شكراً مها
"لا تزال الكثير من النساء هنا يناضلن من اجل اشياء صغيرة ، والتي و ان حصلن عليها ،فهي تعتبر "منحاً"شبه استثنائية ،بينما نعتبرها في فرنسا بديهيات ، ونعتبر العكس تخلفا ووحشية" "كيف يمكن لشخص لا يزال كل من حوله يتدخلون في قراراته و مصيره،ان يتحدث عن حريته،اذا لم يكن حرًا من الآخرين ؟!"