Yazan Haddadin

“اعتدت أن أجلس وحدي في بقعة من بقاع هذا الكون التعيس ... وحدي في الفضاء البعيد الخالي ... أحيانا أكلم أرواحا هجرت هذا العالم دون إنذار مسبق، أحيانا أكلم نفسي، وأحيانا أخرى أكلم طيفا اختلقه خيالي من العدم ...
اعتدت أن أخلع ملابسي وسط العاصفة في كل شتاء ... أن أهدي جسدي العاري للرياح، تلطمه، تجلده كما تشاء ... أتألم وأصرخ فيغدو صوتي أحد من صفير الرياح ...
اعتدت أن أغرق وسط محيطات لا أبعاد لها ... أرى في الأعماق الطفل الغارق الذي كنته ... الذكريات الغارقة التي عشتها وتركتني ... تنقطع الحواس حين تنقطع الأنفاس، وتشق روحي المياه نصفين ... وأحيا من جديد حين تجف المحيطات ...
اعتدت أن أتجرد من كل شيء ... فأنا أنتمي إلى اللاشيء ... إلى اللااسم واللامكان واللاهوية ... أن أتجرد من الدماء والجسد ... أن أتجرد من واقع الوجود ... أن أتجرد من نفسي ...
اعتدت أن أرى كل شيء بوضوح ... أن أرى العوالم الكامنة بين جزيئات الضباب ... أن أرى الوقت والزمن ... أن أرى الكلمات الصامتة في عيون المخلوقات ... وأن أرى قلب أمي في كل زاوية غفوت فيها وحيدا ...

اعتدت الكثير ...
بداية ...
اعتدت أن لا أعتاد ...”
― يزن حدادين