أحمد’s
Comments
(group member since Apr 25, 2009)
أحمد’s
comments
from the كتاب : نادماً خرج القط - قصص group.
Showing 1-3 of 3
نادماً خرج القط ! لم أكن مخطئا حين طالعت هذه المجموعة القصصية عندما جذبنى عنوانها من أول وهلة..وربما _اعترافا بالحقيقة_ دار بذهنى أن هذه المجموعة هى واحدة من المجموعات لأحد الكتاب الشباب الذين يسعدهم كثيرا أن يقدموا الحال على الفعل فى العنوان إمعانا للرمزية وطلبا للتعقيد !!
ولكننى أعلنها _ووشى فى الأرض_ أننى كنت مخطئا بالفعل.. فهذه المجموعة لا تحتاج إلى عنوان معقد ولا رمزية سطحية لكى تشف عن مهارة وإبداع كاتبها.. وإنما يكفيك فقط أن تغوص داخلها متجاوزا غلافها لكى تصل لنهايتها دون أن تدرى..
(نادما خرج القط) مجموعة قصصية للمبدع الشاب أحمد صبرى غباشى صدرت عن دار ليلى وكانت ضيفا عزيزا على معرض الكتاب الماضى .. وقدمها الكاتب الشهير وقدوة جيل الشباب المبدع أحمد خالد توفيق.. ليضفى بتعليقه على المجموعة _والذى ظهر على غلاف الكتاب الأخير_ لمعانا وبريقا خاصا ..خاصة إذا تنبأ بكلماته لهذا الكاتب المبدع بمزيد من الشهرة والمجد.. وإضافة إلى جيل الشباب المبدع الذى تنبأ به من قبل أحمد خالد توفيق ومنهم أحمد العايدى مثلا على حد قول الكاتب الشهير..
فى البداية ينبغى أن تحذف من خيالك أن الكاتب شاب لم يبلغ العشرين بعد..وهذا لأنك ستصطدم بلا شك بفيض غزير من الثقافة الكامنة بين طيات الكلمات.. وستكتشف وأنت تتنقل بين قصة وأخرى أن الكاتب الشاب قد هضم الكثير من الأجيال السابقة سواء داخل مصر أو خارجها من الأدب العالمى..وستجد بكل بساطة الكثير من احمد خالد توفيق والكثير من يوسف إدريس والكثير من غيرهما لتصل فى النهاية إلى أنك لا تقرأ لأى منهم بل تقرأ لأحمد صبرى غباشى الذى مزج كل الأساليب ليصنع لنفسه عالما خاصا بكلماته البسيطة وثقافته الجمة وتشبيهاته الرائعة..
وإذا طالعت الكتاب فربما تبدأ فى انتقاد بعض القصص ومبديا نقدا انطباعيا على أن بعض القصص خارجة عن الإطار العام للقصة القصيرة وغير مكثفة وخلافه.. ولكن لأن أحمد صبرى كاتب ذكى فقد قطع على الجميع خط الرجعة حيث كتب على غلاف المجموعة (نادما خرج القط.. قصص وخواطر)..أراد أن يهمس فى أذن كل قارئ وناقد: أنا باكتب اللى باحس بيه..سواء قصص أو خواطر.. وفاهم الفرق بين كل نوع كويس!!
المجموعة تحتوى على عدد من القصص أعجبنى فى كثير منها طرافة الفكرة وبساطتها وحسن تناولها وإن وقع الكاتب فى عدد من القصص فى خندق العنوان التقليدى وأسلوب القصص الروائية المسلسلة.. ولكنه استطاع رويدا رويدا أن يجذبنا منها إلى عالمه الخاص..
مثلا فى قصته الأولى ..(وداعا)..وهى من أجمل قصص المجموعة..حيث تدور القصة كلها على لسان بطلها الراوى فى خلال عشر ثوان هى كل المدة التى يستغرقها فى رحلة الانتحار من نافذة بيته حتى ارتطامه بالأرض..فكرة مبتكرة وإذا أضفنا إليها جمال التناول وكيف أن البطل أسهب كثيرا وعرفنا منه قصة حياته كاملة..فإننا لابد أن نصفق بعد قراءة القصة لكاتبها..
وهناك أيضا قصة (المتحضر) الذى يتمنى أن يتعامل المجتمع جميعا بصفة متحضرة ويعارضه البطل الذى يعيش حياته الهوجاء كبطل طبيعى من المجتمع.. والجميل أن تدور الدائرة ويقابل البطل الرجل المتحضر مرة أخرى ولكنه لا يتذكره جيدا ويترك لنا الكاتب ببساطة ورمزية مباشرة مقصودة الأمر.. لنستنتج أنه هو المتحضر بنفسه!!
إن الكاتب فى مجموعته لا يستعمل معنا أسلوب العرض فقط.. وأن يتلو علينا ما جادت به قريحة الأبطال ولكنه يريد أن نشاركه الحدث وأن ننفعل معه.. نثور ونحب.. نسخط ونغفر.. ننتحر ونرجو الحياة.. ولهذا تجد أسلوب الحوار المباشر المخاطب هو الغالب على طبيعة المجموعة..
ولكى تتواصل الأجيال نظريا وعمليا .. فقد أكمل الكاتب الشاب أحمد صبرى غباشى قصة قصيرة لأستاذه ومقدم كتابه الدكتور أحمد خالد توفيق وهى قصة (يوم واحد).. لتصبح قصة على أحسن ما يكون وبتعليق الدكتور أحمد..
إن (نادما خرج القط) .. مجموعة قصصية جيدة لكاتب شاب.. تنبأ له الجميع وأنا منهم بمستقبل باهر فى القريب العاجل.. ومن يدرى ربما قريبا يصبح أحمد صبرى غباشى هو صاحب التعليق فى الغلاف الأخير لكتاب جديد لكاتب شاب جديد!!
أشرف توفيق
ليس حسدًا (تقديم للمجموعة القصصية : نادماً خرج القط! )
بقلم : د. أحمد خالد توفيق
ليس من المعتاد أن يقدم كاتب قصصي مجموعة قصصية لكاتب قصصي آخر، وإنما الأقرب للعرف أن يقدمها ناقد أدبي، غير أنني أعتبر (أحمد صبري غباشي) بمثابة ابن لي لا أقدر على رفض طلب له. وهذا لا يعني قطعًا أن هذه (الأبوة) أثرت على رأيي في هذه المجموعة القصصية، فهناك أعمال أدبية لأبناء أعزاء آخرين، لكني لا أجد القدرة على استكمالها ولا يمكن أن تقنعني قوة على وجه الأرض بكتابة مقدمة لها. فقط أبتسم وأقول متظاهرًا بالحكمة: "دعنا نر العمل التالي لك .. ". لكني مع أحمد وجدت نفسي أنهي المجموعة بسرعة البرق ثم أعيد قراءتها مرتين. إخراج القصص وعناوينها احترافي للغاية حتى أنه بوسعك أن تنسى كاتبها وتشعر بأنك تقرأ مجموعة قصصية لأديب راسخ من الستينات. كل قصة تحوي مغامرة تجريبية ما حتى تشعر بأنه ينهي القصة وقد خارت قواه تمامًا. من السهل والممتع على المرء أن يكون قاسيًا وأن يتصيد الأخطاء على غرار (لماذا نادمًا خرج القط ، وليس خرج القط نادمًا ؟.. إن هذا تحذلق .. الخ).. لكن من الصعب أن تتجرد وأن تنظر لهذه المجموعة كما هي فعلاً: مجموعة من القصص الممتعة المهمومة بالبشر ولا يكف صاحبها عن التجريب.
أحمد صبري لا يخفي إعجابه الشديد بيوسف إدريس، وفي هذا أجد أنه وضع إعجابه في المكان الصحيح تمامًا. ومن الغريب أنني ما زلت مصرًا على أنه يشبه يوسف إدريس في شبابه فعلاً حتى على مستوى ملامح الوجه. هل تأثر به حتى صار يشبهه أم تأثر به لأنه يشبهه ؟.. لا أعرف حقًا.
إن هذا الأديب الشاب يلعب بعدة أوراق رابحة لا شك فيها: الورقة الأولى هي حبه الشديد للأدب والكلمة المكتوبة. هذا الحب أوشك أن يصير هاجسًا وقد أقلقني عليه في فترة من الفترات. تأمل عنوان المجموعة (نادمًا خرج القط).. هذه التركيبة اللغوية التي تضع الحال في بداية الكلام، مع الغموض المتعمد في المعنى. إنها تحمل تلك الرائحة التي لا توصف ولا يمكن التعبير عنها بكلمات والتي تجعل الأدب يختلف عن كلام الصحف والمحاورات اليومية. الورقة الثانية هي سنه الصغيرة جدًا والتي تثير ذهول كل من يقرأ عملاً من أعماله. إن في انتظاره رصيدًا هائلاً من الأعوام والخبرات والوجوه التي سيقابلها.. سوف يصطدم بكثيرين ويحب كثيرين، ويسافر لأماكن لم نرها ويقرأ كتبًا لم نسمع عنها. هذا يعني أن الحكم عليه لم يكتمل بعد. الورقة الثالثة هي كمية هائلة من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات في خلاياه .. أي أنه يملك الكثير من الحماس والاندفاع والطاقة وهي طاقة قادرة على تحريك الجبال لو خرجت كاملة. يبدو أنني أردد مقاطع كاملة من قصيدة (حسد) للشاعر السوفييتي العظيم (إيفتوشنكو)، لكني أحاول أن أضعك في الصورة لا أكثر.
في هذه المجموعة يلعب أحمد على السلم الموسيقي من أوله إلى آخره .. هناك خواطر منتحر في (وداعًا) وهناك مصير الرجل المتحضر في مجتمع غوغائي بطبعه.. ذلك الرجل الذي سوف ينتظر إلى الأبد في قصة (متحضر).. هناك اللعبة العبثية السيزيفية في (مسرح كبير)، وهناك الرعب الميتافيزيقي الذي أثار رجفتي أنا نفسي في (نادمًا خرج القط)، وهناك الجو الأسطوري الملحمي في (زنوبيا)، وهناك القصة القصيرة المدرسية محكمة التكوين مثل (أبيع الملابس). بل إن هناك قصة بدأتها أنا على سبيل المسابقة هي (يوم خاص) وتركتها مفتوحة على سبيل التحدي الصعب الذي لا أعرف أنا نفسي كيف استكمله، لكنه استكملها لتكون قصة جيدة جدًا. عامة سوف نجد أن الحياة تثير حيرة أحمد ورعبه.. أبطاله غرباء متفردون يعانون وحدة قاتلة وسط مجتمع لا يمكن فهمه ولغز كوني مفجع.
برغم صغر سنه فإن قراءاته العديدة منحته عمق تجربة لا بأس به، ولسوف تتدخل السنون لتعميق هذه التجربة أكثر فأكثر. أقول هذا وأعرف أن اسمه سيسطع بقوة في الحياة الأدبية بعد أعوام. لم أطلق هذه النبوءة من قبل إلا مع اثنين هما أحمد العايدي – ونجاحه لا يحتاج إلى كلمات - وأحمد عبد المولى الذي اختفى تمامًا فلا أعرف أرضًا له، والذنب ذنبه طبعًا وليس ذنب نبوءتي !
أرجو أن يبرهن أحمد صبري بعد أعوام على أنني بعيد النظر، وأن يحفظ ماء وجهي أمام من يقرءون هذه السطور الآن، وهو قادر على ذلك بالتأكيد !
د. أحمد خالد توفيق
