“ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى
أَنَّ الكَواكِبَ في التُرابِ تَغورُ
ما كُنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أَن أَرى
رَضوى عَلى أَيدي الرِجالِ تَسيرُ
خَرَجوا بِهِ وَلِكُلِّ باكٍ خَلفَهُ
صَعَقاتُ موسى يَومَ دُكَّ الطورُ
وَالشَمسُ في كَبِدِ السَماءِ مَريضَةٌ
وَالأَرضُ واجِفَةٌ تَكادُ تَمورُ
وَحَفيفُ أَجنِحَةِ المَلائِكِ حَولُهُ
وَعُيونُ أَهلِ اللاذِقِيَّةِ صورُ
حَتّى أَتَوا جَدَثاً كَأَنَّ ضَريحَهُ
في قَلبِ كُلِّ مُوَحِّدٍ مَحفورُ
بِمُزَوَّدٍ كَفَنَ البِلى مِن مُلكِهِ
مُغفٍ وَإِثمِدُ عَينِهِ الكافورُ
فيهِ الفَصاحَةُ وَالسَماحَةُ وَالتُقى
وَالبَأسُ أَجمَعُ وَالحِجى وَالخَيرُ
كَفَلَ الثَناءُ لَهُ بِرَدِّ حَياتِهِ
لَمّا اِنطَوى فَكَأَنَّهُ مَنشورُ
"المتنبي”
―
أحمد الهاشمي,
جواهر الأدب في أدبيات لغة العرب #2