حميد المختار كثرت في الآونة الأخيرة الاصدارات الروائية التي يكتبها شباب غير معروفين داخل وخارج العراق، وهي فرصة طيبة لمعرفة الاتجاهات الفكرية والإنسانية التي يمكنها أن تعطينا فكرة واضحة لما يفكر فيه هؤلاء الشباب. ومن بين هذه الإصدارات قرأت رواية بعنوان (ساعة بغداد) لكاتبة شابة اسمها شهد الراوي، ويبدو لي من أول وهلة أن هناك اتجاهاً جدياً في صناعة النجوم الروائية من قبل دور النشر المستحدثة التي بدأت تنتشرهي الأخرى في شارع المتنبي. فهناك مثلاً حفل توقيع لهذه الرواية أقيم في نادي الصيد وثمة بوسترات تعلن عن هذه الرواية موزعة في بعض مكتبات شارع المتنبي، والحقيقة هي أيضاً من الأمور التي تفرح القلب، لأنها تحاول أن تساعد هؤلاء الكتاب على اقتحام الوسط الثقافي وتقديمهم بالشكل اللائق شريطة ان يكون النص الروائي متساوقاً مع هذا الاهتمام الكبير. ورواية ( ساعة بغداد ) كما أشرت، هي واحدة من الروايات العراقية الجديدة التي حظيت بكل هذا الاحتفاء والترحيب، وهي برأيي تستحق ذلك لأنها تجربة غضة وتلقائية وصادقة وتكاد تكون حقيقية بمعنى أنها قدمت نفسها (كرواية سيرة) او (سيرة روائية) إن جاز التعبير. حملت هذه الرواية هموم الوطن (السفينة) التي تقاذفتها الأمواج الصاخبة والغاضبة عبر حروب وحصارات ومجاعات وموت وهجرات، وهي تحكي قصة فتاتين عراقيتين من محلة واحدة تسرد البطلة الراوية هذه السيرة من نعومة أظافر القص الطفولي حين كانت قطة عمياء ووصولا الى مرحلة الجامعة. والكاتبة شهد الراوي مقدرة روائية شابة محملة بعبق البلاد وهم العباد ولها قدرة على فهم الواقع واستيعابه وتمثله وسرده عبر نص ممتلئ بالحماسة والحب والحميمية. وبما أنها خطوة أولى في وسط يعج بالتجارب الجديدة حد الفوضى والاستهلاك ومن هنا تأتي صعوبة هذه الخطوة، إذ كيف يمكنها أن تصمد امام هذا السيل من الروايات والاسماء الجديدة. المهم في الأمر هذه الرواية تعدت المرحلة الخطرة وأثبتت شهد مقدرتها على صياغة نص روائي متماسك بسيط يعطي نفسه منذ الوهلة الأولى للمتلقي ببناء غير مترهل ولغة سليمة ومقدرة على صياغة الجملة الروائية بلا إرباك أو تكلف والكاتبة بعد هذه الرواية أمام خيارات صعبة، عليها أن تقتحمها الهمة والثبات ذاتهما، لتعطي للآخر فرصة التقييم الكامل لعموم التجربة.
27/11/2016 2:00 صباحا
حميد المختار
كثرت في الآونة الأخيرة الاصدارات الروائية التي يكتبها شباب غير معروفين داخل وخارج العراق، وهي فرصة طيبة لمعرفة الاتجاهات الفكرية والإنسانية التي يمكنها أن تعطينا فكرة واضحة لما يفكر فيه هؤلاء الشباب.
ومن بين هذه الإصدارات قرأت رواية بعنوان (ساعة بغداد) لكاتبة شابة اسمها شهد الراوي، ويبدو لي من أول وهلة أن هناك اتجاهاً جدياً في صناعة النجوم الروائية من قبل دور النشر المستحدثة التي بدأت تنتشرهي الأخرى في شارع
المتنبي.
فهناك مثلاً حفل توقيع لهذه الرواية أقيم في نادي الصيد وثمة بوسترات تعلن عن هذه الرواية موزعة في بعض مكتبات شارع المتنبي، والحقيقة هي أيضاً من الأمور التي تفرح القلب، لأنها تحاول أن تساعد هؤلاء الكتاب على اقتحام الوسط الثقافي وتقديمهم بالشكل اللائق شريطة ان يكون النص الروائي متساوقاً مع هذا الاهتمام الكبير.
ورواية ( ساعة بغداد ) كما أشرت، هي واحدة من الروايات العراقية الجديدة التي حظيت بكل هذا الاحتفاء والترحيب، وهي برأيي تستحق ذلك لأنها تجربة غضة وتلقائية وصادقة وتكاد تكون حقيقية بمعنى أنها قدمت نفسها (كرواية سيرة) او (سيرة روائية) إن جاز
التعبير.
حملت هذه الرواية هموم الوطن (السفينة) التي تقاذفتها الأمواج الصاخبة والغاضبة عبر حروب وحصارات ومجاعات وموت وهجرات، وهي تحكي قصة فتاتين عراقيتين من محلة واحدة تسرد البطلة الراوية هذه السيرة من نعومة أظافر القص الطفولي حين كانت قطة عمياء ووصولا الى مرحلة
الجامعة.
والكاتبة شهد الراوي مقدرة روائية شابة محملة بعبق البلاد وهم العباد ولها قدرة على فهم الواقع واستيعابه وتمثله وسرده عبر نص ممتلئ بالحماسة والحب
والحميمية.
وبما أنها خطوة أولى في وسط يعج بالتجارب الجديدة حد الفوضى والاستهلاك ومن هنا تأتي صعوبة هذه الخطوة، إذ كيف يمكنها أن تصمد امام هذا السيل من الروايات والاسماء الجديدة.
المهم في الأمر هذه الرواية تعدت المرحلة الخطرة وأثبتت شهد مقدرتها على صياغة نص روائي متماسك بسيط يعطي نفسه منذ الوهلة الأولى للمتلقي ببناء غير مترهل ولغة سليمة ومقدرة على صياغة الجملة الروائية بلا إرباك أو تكلف والكاتبة بعد هذه الرواية أمام خيارات صعبة، عليها أن تقتحمها الهمة والثبات ذاتهما، لتعطي للآخر فرصة التقييم الكامل لعموم
التجربة.