جزء من حياتي discussion

9 views
Matlagaituway > بين مشرط العقل ومناعة العاطفة

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Afraa (new)

Afraa | 596 comments Mod
تخيل رجلاً فد انتشرت في جسده الأورام ما بين صغير وكبير بحيث أنها أضحت تهدد حياته…
ثم تخيل من يأتي بمشرط جراح ليزيل هذه الأورام من الجسد المريض، فكيف ستكون ردة فعل الرجل وجسده تجاه هذا الجهد المشكور لإنقاذ هذا المريض مما به من أورام؟
إن أول ما سيحدث هو أن الرجل المريض سينتفض مبتعداً عن هذا المشرط وعن الجراح وهو يسب ويشتم ويلعن هذا الذي تقدم ليجرحه ويسيل دمه. ثم بعد ذلك إن أسلم الرجل المريض نفسه ليد الجراح، فإن الجسد سينتفض مبتعداً عند أول وخزة ألم في حركة غير إرادية حتى رغم معرفة الرجل بضرورة هذه العملية ورضاه عنها.
آخراً، إن تم تقييد المريض أو حتى تخديره لإزالة الأورام فإن الجسد سيستنفر كافة أجهزته المناعية ليقاوم آثار هذه الجـِراح الناتجة عن إزالة الأورام فيتعامل مع عملية إزالة الورم مثلما يتعامل مع أي جرح في الأعضاء الأساسية من الجسد دون أي تفريق بين اقتطاع عضو نافع وأساسي أو استئصال ورم خبيث.
كذلك هي المجتمعات في ردود أفعالها و تعاملها مع عمليات التصحيح والتقويم تتعامل بالضبط مثلما يتعامل الجسد مع عمليات استئصال الأورام.
إن أي مجتمع أو جماعة ما هما إلا عبارة عن “نظام” ، مع مرور الوقت، يتعرض للانحراف التدريجي عن الغرض الأساس أو أنه بسبب مرور الوقت يصبح في حاجة للتخلص من الأجزاء البالية أو تلك التي فقدت قيمتها ليحل مكانها أجزاء عصرية حتى يستمر في أداء مهمته بكفاءة و فاعلية. مثلهما في ذلك مثل “الجسد” الذي يجدد خلاياه ليحافظ على قوته وحيويته فإذا ما عجز عن مواكبة الحاجة في تجديد الخلايا الضعيفة فإنه يهرم ويضعف حتى يموت.
لكن للأسف فمع مرور الأيام تصبح الإضافات الطارئة وكذلك الأجزاء الزائدة، في ضمير المجتمع وعاطفته، مثلها مثل الأعضاء الأساس والضرورية. لذا فإن المجتمع يقاوم تحت تأثير العاطفة كل محاولات العقل لتخليصه مما علق به على مدى الأيام و القرون من شوائب أو فروع كانت مهمة في يوم ما ولم يعد لها أي فائدة سوى أنها عبء يعوق المجتمع عن بلوغ أهدافه وغاياته الرئيسة.
هذه السنة الاجتماعية من الضروري مراعاتها ووضعها نصب العينين من قبل كل من يريد أن يتصدى لمشاريع الإصلاح في أي جانب من مكونات المجتمع الاجتماعية والثقافية والدينية والاقتصادية والسياسية على حد سواء.
كذلك معرفة هذه السنة التي تعتبر من خصائص الأنظمة ( والمجتمع هو نظام كما بينا) تقتضي إدراك أن المطالبة بالتغيير دون أي ألم أو ممانعة تعتبر ضرباً من ضروب المستحيل.
نعم، ربما يمكن في بعض الأحايين تخفيف الألم و المقاومة مثلما مفعول التخدير في عمليات الاستئصال ولكنه لن يصل أبداً للصفر بل وليس قريباً من ذلك.
النقطة الأهم من هذا العرض التشبيهي، هي ضرورة إدراك أن تأخير عمليات استئصال الأورام لن تزيد الأورام إلا تضخماً وتغلغلاً مما يزيد من آلام استئصالها.


back to top