نادي فكر للقراءة discussion

البوصلة القرآنية
This topic is about البوصلة القرآنية
666 views
الكتب المطروحة للنقاش > مناقشة كتاب : البوصلة القرآنية

Comments Showing 1-28 of 28 (28 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Saber Jan (last edited Aug 03, 2012 03:02PM) (new) - rated it 1 star

Saber Jan | 215 comments Mod
بسم الله الرحمن الرحيم
حصل كتاب "البوصلة القرآنية" على أغلبية الأصوات لذلك سيكون كتابنا المقرر للقراءة حتى يوم 1 سبتمبر

معلومات عن الكتاب
رابط التحميل
http://www.4shared.com/office/Q5-Whme...
عدد الصفحات
480 صفحة
متوسط القاءة في اليوم لمدة شهر: 16 صفحة

كيفية النقاش:
ليس شرطا أن نقرأ لنعرف الخير لكن نقرأ لنعرف الشر أيضا حتى نتقيه
بهذه الجملة سنتناول هذا الكتاب الذي أثار ضجة بين مؤيد ومعارض بين مادح وذام , سنحاول أن نناقشه مع الأعضاء الكرام بكل حيادية وموضوعية

- النقاش مفتوح حتى يوم 1 سبتمبر
نظرا لأهمية تركيز النقاش في نقاط محددة ستكون النقاط -التالية هي محاور النقاش :

1- الرأي العام في الكتاب
2- الرأي العام في المؤلف
3- أشد ما أعجبك في الكتاب
4- أشد مالم يعجبك في الكتاب
5- هل تنصح الغير بقراءة الكتاب؟

ثم أرجو إبداء رأيكم في المواضيع التالية:
1- التساؤل
2- البحث عن الأسباب
3- الإيجابية
4- الحس المقاصدي
5- الأمس المستمر
6- مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين

وأخيرا : لكم أن تضيفوا اقتباسات أعجبتكم

تمنياتنا لكم قراءة ممتعة


طَيْف معكم بإذن الله في قراءتي الثانية لهذا الكتاب

على بركة الله


مشاعر  | 33 comments أنا أيضاًً سبقت لي قراءته من قبل
حياك الله معنا في الجروب طيف

افتقدنا أرائك في مناقشة كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟


طَيْف سامحوني...لم يتسع لي الوقت
رغم أنني قرأت الكتاب وفي زمن قياسي

سأكون معكم في هذا الكتاب بإذن الله
منذ زمن أتطلع لإعادة قراءته

وفقتم


طَيْف أقترح قبل البدء الترتيب مع الدكتور أحمد خيري العمري لحضور النقاش أو على الأقل الإجابة على الأسئلة المطروحة من قبل الأعضاء
سيثري ذلك نقاشات المجموعة ويجيب على العديد من التساؤلات


مشاعر  | 33 comments فكرة رائعة
ولكن قبل تطبيقها لا بد من وجود عدد من الأعضاء الفاعلين


طَيْف أسعد الله مساءكم

من منكم بدأ بقراءة الكتاب؟


Saber Jan | 215 comments Mod
طَيْف wrote: "أسعد الله مساءكم

من منكم بدأ بقراءة الكتاب؟"


سأبدأ بعد رمضان


message 9: by Hiba (new) - added it

Hiba | 7 comments طَيْف wrote: "أسعد الله مساءكم

من منكم بدأ بقراءة الكتاب؟"


أهلاً يا طيف :)
أنا كنت مبلشة فيه من زمان وخالصة نصو بس ما بعرف ليش وقفت!
معكم بإذن الله سأعيد قراءته من الأول بس أخلص الطنطورية :)

وفكرة كون الدكتور أحمد هنا رااااائعة بل متميزة ;)


Roqaya | 6 comments بدأت بقراءة الكتاب وصلت صفحه 44 كتاب جدا رائع واختيار موفق

لي عودة بإذن الله


Saber Jan | 215 comments Mod
قرأت الموضوع الأول : التساؤل وكتبت تعليقة طويلة أجعلها منفردة عن باقي التعليق للفائدة


بسم الله الرحمن الرحيم
1- التساؤل
ذكر المؤلف موضوع التساؤل باستفاضة , وناقش الآيات والأحاديث التي تحث على التساؤل , وجعل من التساؤل ركيزة في الفكر الإسلامي وعامل أساسي لها.

ربما من يقرأ بصورة سطحية هذا الباب يجده بحثا يستحق الإعجاب , مدعما بالآيات والأحاديث , والردود على الأقوال المخالفة. لكن ليس كل ما يلمع ذهبا. وسأتناول فيما يلي هذا البحث باستفاضة ولا أحسب نفسي إلا طالب علم صغير , لا أدعي علما دينيا ولا غيره , إنما وجدت ما يلزم أن أنبه إليه إخواني المسلمين لعلهم أن ينتفعوا به , سائلا ربي الإخلاص والسداد , فأقول مستعينا بالله:

- لا شك أن السؤال هو أداة العلم الأساسية , والإسلام جاء مؤكدا لفطرة التساؤل التي أوجدها الله في الخلق , ودعانا أن نتفكر في خلق الله وفي خلق أنفسنا , ودعى الكفار إلى أن تساءلوا حول عبادتهم للأصنام وتركهم لعبادة الله تعالى.

- هذه الحقيقة لا يختلف فيها أحد أبدا , ولو وقف المؤلف عند هذا الحد لكان كلامه كله خير , لكنه اتكأ على هذا التساؤل المشروع المطلوب في الإسلام ليبرر التساؤل في كل الأمور والشؤون , ويجعل الطريق إلى الوصول إلى الله هو التساؤل. إذا أكرم الله العبد بالإيمان منذ صغره ونشأ على فطرته الإسلامية لماذا عليه أن يعود إلى ثوابته الإيمانية ويدكها بتساؤل واحد تلو الآخر. يظن أنه لا يبلغ الإيمان الكامل إلى إذا عاد خطوة إلى الوراء وشك في كل مبادئه الإيمانية –كما يدعي المؤلف- لأن التساؤل هو الطريق للإيمان الراسخ, بأي عقل أو منطق يكون هذا مبررا.

- يستدل المؤلف بآية سيدنا إبراهيم وحواره مع قومه ((فلما جن عليه الليل رأى كوكبا ...))الأنعام75 , ويؤكد أن سيدنا إبراهيم عليه السلام كان في حالة شك فعبد الكواكب ثم القمر ثم الشمس ثم اهتدى إلى رب العالمين. ويسند قوله بتفسير الطبري ورواية لابن عباس ترجح ما ذهب إليه المؤلف.
والجواب : أننا إذا رجعنا إلى العلماء الذين أمرنا الله أن نرجع إليهم "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وتتبعنا أقوالهم في تفسير هذا الآية نجد أنهم قد اختلفوا في تفسير هذه الآية , وخلاصة الاختلاف كما ذكر الإمام البغوي توفي 516 هـ في تفسيره : [القول الأول] وقالوا كان إبراهيم مسترشدا طالبا للتوحيد حتى وفقه الله وآتاه رشده فلم يضره ذلك في حال الاستدلال , وأيضا كان ذلك في حال طفولته قبل قيام الحجة عليه فلم يكن كفرا ,

وأنكر الآخرون هذا القول وقالوا [القول الثاني] : لا يجوز أن يكون لله رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله موحد وبه عارف , ومن كل معبود سواه بريء , وقال : "وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض" أفتراه أراه الملكوت ليوقن فلما أيقن رأي كوكبا قال : هذا ربي معتقدا. فهذا ما لا يكون أبدا.

فنرى أن [القول الثالث] الذي ذكره المؤلف وهو : أن إبراهيم عليه السلام عبد الكواكب بعد بلوغه وتكليفه , قول ضعيف ليس بشيء لم يأخذ به إلا الإمام الطبري مستدلا برواية عن ابن عباس.

راجع ترجيح كثير من كبار المفسرين –الذين أجمعت الأمة على علو كعبهم في التفسير- للقول الثاني أمثال:
- تفسير ابن كثير ت 747 هـ
- تفسير العلامة الآلوسي ت1270 هـ
- الفخر الرازي (وقد بسط الأدلة على بطلان القول الثالث باثني عشر وجها).ت 606هـ.
- تفسير الزمخشري ت 538 هـ
- البحر المحيط لأبي حيان ت 745 هـ
- تفسير الإمام النسفي ت 701 أو 710 هـ
- تفسير الجلالين للإمام السيوطي ت 911هـ

وأما اتهامك من لم يأخذ بقولك أنه من أصحاب الفكر الإسلامي "التقليدي" فأعظم بها من فرية وبهتان عظيم , فهؤلاء العلماء الذين أجمعت الأمة على علو كعبهم في التفسير لم يذكروا الرأي المخالف عن هوى , بل عن علم ودراية بعلوم القرآن ,و عليك أن تراجع كتبهم لتعرف حججهم في الاستدلال, فكيف تضرب بأقوالهم عرض الحائط لأنهم فقط كانوا في عصور الانحطاط؟!. أما علمت أن الفيصل أخي الكريم هو الحجة المبنية على الدليل والبرهان.

حتى الإمام الطبري الذي اعتبرته من المتقدمين –القرن الثالث !- وأصحاب الفكر التنويري الذي يدعو للتساؤل: قد ذكر الخلاف في تفسير هذه الآية ثم رجح القول الذي رآه. إذا فالخلاف موجود من قبل الإمام الطبري. وأما رواية ابن عباس فقد شكك في صحتها صاحب البحر المحيط وقال نحملها على وقت قبل البلوغ , ثم إن ثبت صحتها فهذا اجتهاد صحابي , واجتهاد الصحابي يتسع فيه الأمر للأخذ والرد , كيف وقد رد الفقهاء أحاديث صحيحة لعلة فيها مثل : النسخ ,ثم ما أدراك أن الأقوال الأخرى لم تكن من الصحابة وتناقلها العلماء.

فخلاصة الأمر : أن تفسير هذه الآية من المسائل التي اختلف فيها العلماء وأكثرهم رجح أن الأمر جرى مجرى المناظرة تماشيا مع قول الخصم ليثبت بطلانه. فكيف يجعل المؤلف من هذه المسألة المختلف فيها أساسا للفكر الإسلامي الصحيح بل و اتهام الفريق المخالف بأنهم أصحاب فكر إسلامي "تقليدي" مخالف للنهج الصحيح. سبحانك هذا بهتان عظيم.

- أما ما ذكرته غير هذه الآية من الأدلة : فكلها يحتاج إلى تروٍ ونظر قياسا على هذه الآية حتى يتبين الحق بعيدا عن العبارات الرنانة. ولا يتسع المقام إلى استعراضها فإن ذلك يطول , وأكتفي بتنبيه القارئ : بأن لا يكتفي بالسماع من طرف واحد بل يسمع من جميع الأطراف لتظهر له الحقيقة ناصعة واضحة.

- نعود إلى ما بدأنا منه , وهو التساؤل , كما ذكرت لا يستطيع أحد أن يقول : التساؤل محمود على إطلاقه , إنما يختلف حكمه باختلاف الأحوال , وهذا ما دلت عليه الآيات والأحاديث وأقوال السلف.

قال تعالى : (( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)) [المائدة:101[. وارجع إلى تفسير هذه الآية وسبب نزولها لتعلم أن السؤال ليس محمود بإطلاقه.

قال تعالى (( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )) (46) سورة هود

قال تعالى : (( لا يُسَْألُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسَْأُلون)) الأنبياء 23

قال صلى الله عليه وسلم ((.... فاتركوني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) رواه البخاري في صحيحه, ورواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا , و إذا ذكر النجوم فأمسكوا , و إذا ذكر القدر
فأمسكوا " .
(حديث حسن) رواه ابونعيم في حلية الاولياء (4/108) وتثببت الامامة (199 والبيهقي في القضاء القدر (1/401 والطبراني في المعجم الكبير (10448
"إذا ذكر القدر فأمسكوا" أي لا تخوضوا بكثرة السؤال عنه , وتفصيل هذه المسألة تجدها في كتب أهل العلم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال) رواه البخاري (1407) ومسلم (593

قال الإمام مالك بن أنس :"الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال بدعة" أي : لم يكلف الله تعالى البشر بالسؤال عن كيفية الاستواء وحقيقته, فلماذا السؤال؟!

وقد حذر العلماء -من السلف والخلف- كثيرا من خوض العامة في علم الكلام والمنطق , والانشغال بالنظريات الفلسفية , وذكروا أننا لا نعلمه إلا لمن كانت عنده شبهة في الدين لا تزول إلا من خلال العلم , فنعطيه بقدر حاجته ولا نزيد. راجع كلام الإمام الغزالي عن علم الكلام في كثير من كتبه.

وأكتفي بهذا القدر الذي هو غيض من فيض , وبعد هذه النصوص الواضحة نتبين أن السؤال ليس محمودا على إطلاقه , فما كان منه في سبيل طلب العلم وزيادة الإيمان فخير , وما كان في سبيل فتح باب الشك والحيرة لمن آتاه الله الإيمان ظنا منه أنه طريق للإيمان فهذا هو الشر بعينه. ولا أجد مبررا لما يدعو المؤلف من فتح باب التساؤل على مصرعيه وجعله ركيزة أساسية في الفكر الإسلامي "الغير تقليدي" , ربما يقول البعض : انظر لأمثال : مصطفى محمود وعبد الوهاب المسيري ونجيب الزامل وغيرهم الذين بدؤوا رحلتهم بالشك إلى أن وصلوا إلى اليقين بل وأصبحوا من كبار المفكرين الإسلاميين.

أقول له: هناك فرق من يجعل التساؤل هدفا له يطلبه دائما , وبين من ابتُلي بسيل من التساؤلات التي تهجم عليه دون حول له ولا قوة. والنوع الثاني : هو الذي كان عند هؤلاء المفكرين بسبب اطلاعهم وتعمقهم في الفلسفة والمنطق. نعم هؤلاء الأشخاص الذين تهجم عليهم التساؤلات الدينية لسبب أو لآخر : علينا أن نحتضنهم ونتقبل تساؤلاتهم بصدر رحب لنصلح اعوجاجهم. أما أن ندعو العامي (النجار والمزارع والخباز...) إلى التساؤل في الدين , ومن هو خالق الكون؟ وهل الإنسان مسير أم مخير؟ و هل الإنسان أصله قرد؟ ...الخ , ونشغل العوام بهذه التساؤلات والردورد عليها فهذا ظلم عظيم. فكم من ناس غرقوا في بحر الشكوك والتساؤلات ولم يستطيعوا النجاة, وبقوا على إلحادهم وأمثالهم في هذا الزمان كثير , ولن يتحمل أحد وزرهم إلا هؤلاء الذي يحثونهم إلى الشك في كل شيء ويزيون لهم التساؤل في الثوابت الإيمانية. ونسأل الله العفو العافية.

وعذرا على الإطالة


message 12: by أحمد (new)

أحمد رمضان (ahmadmbashir) | 32 comments وجهة نظر جيدة, وقد سمعتها من أناس كثيرين, ولكن أخي صابر ما رأيك لو كان المتسائل كافراً ألا يفيده بحثه و تساؤله و عدم اعتماده على ما ولد عليه؟ يقول الامام الغزالي رحمه الله: "ولو لم يكن في مجاري هذه الكلمات إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث، لتنتدب للطلب، فناهيك به نفعاً، إذ الشكوك هي الموصلة إلى الحق. فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر، بقي في العمى والضلال"
فلو كان المشكوك فيه حق لوجده صاحب الشكوك حقاً عند تساؤله و بحثه, وإن كان على عكس ذلك سيُهدى الى ما هو حق بتساؤلاته و بحثه أيضا. فما رأيك؟


Saber Jan | 215 comments Mod
Ahmad wrote: "وجهة نظر جيدة, وقد سمعتها من أناس كثيرين, ولكن أخي صابر ما رأيك لو كان المتسائل كافراً ألا يفيده بحثه و تساؤله و عدم اعتماده على ما ولد عليه؟ يقول الامام الغزالي رحمه الله: "ولو لم يكن في مجاري هذه..."

أهلا أخي أحمد
نعم , قد ذكرت أنني لست ضد التساؤل البناء الذي يقود للحق ويوصل إليه , فالكافر أو الضال عليه أن يتساؤل ويشك في معتقداته وهذا الشك هو الذي يقوده للهداية ومراجعة النفس
ولست ضد أن يبحث الإنسان الذي هجمت عليه الشكوك والتساؤلات عن أجوبة ويجتهد ليجد لها حلا

لكنني ضد أن يستعدي الإنسان المطمئن النفس الشكوك والتساؤلات ظنا منه أن هذا الطريق للإيمان القوي الصحيح
إنني ضد أن نفتح باب الشك على مصرعيه ونقول للناس عامة : الشك والتساؤل هو طريقكم للإيمان -كما يذكر المؤلف- فهذا هو الخطأ بعينه

لأن الناس فيهم العامي الذي لا يفقه من معتقدات الدين إلا ما فُطر عليه ونشأ عليه وفيهم نصف العالم وفيهم العالم , فعندما يبدأ العالم ويستجيب لكلامك ويبدأ رحلة الشك في كل ثوابته الإيمانية ربما بحكم علمه سيهتدي للحق ويزداد إيمانا به , أما العامي كمزارع مثلا عندما يستجيب لكلامك ويبدأ يشك في كل ثوابته الإيمانية ويقرأ في المدارس الفلسفية مثلا فغالب الظن أنه لن ينجو من ظلماتها فيضطر إلى أن يبحث عمن ينجده وليس أهل النجدة موجودون في كل مكان وزمان , فيتمنى أن يعود للحظة التي كان فيها إيمانه ثابتا راسخا ولكن هيهات هيهات.

أعرف شخصا عاميا اقترحت عليه أن يقرأ كتاب حوار مع صديقي الملحد لصطفى محمود فقرأه , ومع أن الكاتب غني عن التعريف وردوده على كانت قوية , إلا أنها لم تكن مقنعة لهذا الشخص , فقال لي : قد فتح علي المؤلف سيلا من الشكوك كنت في غنى عنها , ولم تقنعني أجوبته هذه عنها وليس من النوع الذي يهتم أن يبحث عن أجوبة لكل تلك الشكوك.
أنا الذي أتحمل وزر هذا الشخص الذي أقحمته في أمر كان في غنا عنه تماما , فإذا كان الله تعالى أكرم شخصا بأن زرع في قلبه إيمانا ثابتا راسخا منذ نعومة أظفاره لماذا نأتي وندك هذا البنيان الثابت بمعاول الشكوك والتساؤلات بدعوى أن علينا أن نعيد بناءه مرة أخرى بصلابة أكثر بعد هدمه , أليس هذا هو الجهل والظلم بعينه

أتمنى أن تكون فكرتي قد وصلت بوضوح


message 14: by Hala (new) - added it

Hala Mohammed (hala_alfaid) اليوم سأبدأ في قراءته بإذن الله =)


Roqaya | 6 comments احس الافكار غير مترابطة


message 16: by Saber Jan (last edited Aug 18, 2012 10:20PM) (new) - rated it 1 star

Saber Jan | 215 comments Mod
2- البحث عن الأسباب:

كنت أؤمل أن أجد في هذا الفصل كلاما رائعا يمحوا الشبهات والأخطاء التي وقع فيها المؤلف في الفصل السابق لكن للأسف فقد خاب ظني. فما أورده في هذا الفصل أعظم جُرما من الفصل السابق.

- يحاول معنا المؤلف هذه المرة بعد زرع مبدأ الشك في عقول الناس , أن يجرنا إلى هاوية الاعتقاد بوجود خواص وطبائع ثابتة للأسباب لا تنفك عنها , فيقول مثلا "أما الأسباب فهي مرتبطة بواقع مادي محدد وبظروف وتداخلات متسلسلة مادية دوماً.

يريد منا المؤلف أن نفصل الأسباب عن خلق الله تعالى لها لحظة بلحظة , بعد أن قدم لهذه المسألة آيات القرآن الكريم بدأ في تثبيت هذا المفهوم الخاطئ إلى أن وصل إلى الإمام الغزالي رضي الله عنه واتهمه أنه بآرائه الفلسفية كان حلقة من حلقات الانهيار الذي أصاب الفكر المسلم. وتعدى أن أنكر الحقائق التي عليها أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية ليضع مقابلهم الإمام ابن تيمية وابن رشد –والقلة الذين اتبعوهم-ويحكم أنهما كانا على الحق والصواب وأما البقية المتبقية (وهم جمهور أهل السنة والجماعة: من الأشاعرة والماتريدية والسلف الصالح وأتباع المذاهب الأربعة) فكانوا عاملا من عوامل انحطاط الفكر الإسلامي. سبحانك هذا بهتان عظيم , أي جرأة على أهل العلم وأهل السنة والجماعة بلغت بهذا المؤلف.

- باختصار أنقل كلام الدكتور محمد سعيد البوطي من كتابه كبرى اليقينات الكونية (ليس هذا قول الدكتور البوطي بل هو قول أهل السنة والجماعة عامة -إلا من شذ- واقتصرت على قوله للاختصار):

ملاحظة : الكتاب على هذا الرابط
http://www.4shared.com/office/xPVMZOh...

ص286 : بداية البحث : قانون السببية في الكون , وهو بحث رائع وفيه الجواب الشافي عن كل الشبهات المضللة التي أوردها المؤلف أقتصر على النقل التالي:

ص288 : لو قلنا إن الأسباب المبثوثة في الكون : أسباب حقيقية , أي ثبت لها التأثير بذاتها دون الاحتياج إلى من يثبت فيها التأثير. إلا أننا لا نقول ذلك , إذ من المستحيل بداهة أن تكون هذه الأسباب مؤثرة بذاتها مع ما نعلمه فيها من صفة الحدوث بعد العدم , فكيف يكون التأثير فيها نابعا من جوهرها الذاتي , وهذا الجوهر نفسه قد كان مفقودا قبل حين ثم اكتسب الوجود بتأثير سبب آخر؟ ويقال الكلام نفسه في حق هذا السبب الآخر وفي حق الأسباب الكثيرة المختلفة.
وإذا فما معنى كون هذه الأمور أسبابا؟ .. إن معنى ذلك محصور في أن الله عز وجل ربط بينها وبين أمور أخرى بمحض إرادته وقدرته فقط , فظهر استمرار هذا الارتباط أمامنا بمظهر السببية والتأثير , فاستعرنا له كلا من هاتين الكلمتين على سبيل المجاز. وأنت تعلم بأن طول الاقتران بين أمرين في الوجود والعدم قد يخيل إلى الذهن ارتباطا سببيا بينهما وإن لم تكن ثمة أي رابطة حتمية في واقع الأمر.اهـ

ثم انظر إلى تجربة بافلوف الذي يطعم الكلاب الجائعة عند قرع الجرس وكرر ذلك عدة أيام , ثم إنه قرع الجرس وحده بعد ذلك دون أن يقدم لها الطعام فظهر فيها الأثر ذاته الذي يظهر عند مرأى الطعام وهو سيل اللعاب. ولو قلنا أن الكلاب لها عقل على قدرها تفكر به لقلنا إنها ظنت من طول استمرار هذه المقارنة أن الجرس هو السبب المؤثر في ظهر الطعام وحضوره. وما قصة الإنسان أمام الوجود إلى كقصة هذه الكلاب أمام الجرس والطعام.

- ص296 : ولعلك قد علمت خلال ما ذكرناه , أن حكمة الله عز وجل اقتضت أن يكون الإنسان هو سيد هذا الكون وأن تكون مظاهر الكون المختلفة من حوله مسخرة لخدمته مسيرة لتحقيق مصالحه وأن يكون له من عقله - وهو حقيقة قدسية لم تمنح لغيره- ما يمكنه من بسط سلطانه على كثير من شؤون الكون والتصرف بها طبق إرادته ولقد أوضح كلام الخالق جل جلاله هذه الحقيقة بشكل لايدع فيها لبسا ولا خفاء : (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير)
فإذا أدركت هذه الحقيقة , فاعلم أنه لا يوجد أي خطر ديني كما قد يتوهم بعض الجهال من أن يرتقي الإنسان بالتأمل والفكر إلى معرفة الكثير من حقائق الكون المختلفة من حوله قريبا كان أو بعيدا . كما لا يوجد أي مانع ديني من أن يتوصل بعد ذلك إلى اكتشاف هذه الحقائق بالحس والمشاهدة كاجتياز طبقات الجو واكتشاف الكواكب القريبة أو البعيدة عن كثب , بل والصعود إليها إليها والإقامة فيها إن أمكن كما لا يوجد أي مانع من أن يصدق المسلم نبأ حدوث شيء من هذه الأمور.

ص293هـ : إن على المسلم أن يعتقد عقيدة جازمة أن لا تأثير في الكون لأي شيء إلا لله عز وجل وأن كل ما يتراءى لنا من مظاهر الأسباب والعلل إنما هو أسباب وعلل جعلية , جعلها الله عز وجل كذلك وأن ما قد يجده الباحث فيها مما يسميه العلم بالعوامل والمؤثرات وما إلى ذلك إنما هو كذلك من حيث الظاهر فقط . والعلم لا شأن له بالأشياء إلا أنه يصفها على ما هي عليه في أدق مظاهرها ثم يمارس هذا الوصف بالتجربة في مجالات متكررة وإذا كان العلم إنما يصف واقعا لا يزيد عليه فإن هذا الواقع لا يزيد على المقارنة المستمرة أما إمكان الانفصال فشيء آخر . وهيهات أن يتوصل العلم إلى أن مقارنة الأسباب بمسبباتها أمر حتمي لا مناص من تلازمهما ولا حيلة لانفكاكهما. وإذا ثبت الدليل القطعي على ما قلناه فقد كان جحود ذلك كفرا بإجماع المسلمين ولا معنى لإثبات ألوهية الله بعد هذا الجحود كما هو معلوم....الخ. اهـ.


- انظر كيف يدعونا المؤلف ويزين للقارئ هذا الكفر البواح بشعارات مضللة ونقول خاطئة.
فعندما نقل عن الإمام الغزالي هذه بعض الشبهات لم يذكر رد الإمام الغزالي عليها وموقف الإمام من الأسباب بل اكتفى بنقل الشبهات المضللة دون الرد عليها.

انظر كتاب تهافت الفلاسفة تحقق محمود بيجو والكتاب على الرابط التالي
http://www.ghazali.org/books/tahfut-b...

ص154 : عرض المسألة من أولها.

ص162-167: ذكر فيها الشبهات التي أوردها المؤلف والرد عليها الذي حذفه المؤلف. فارجع إلى نص الكلام حتى يزول عنك الإشكال.

- ص155 : بحث رائع بعنوان "الأسباب بين الغزالي وابن رشد" للأستاذ عباس العقاد
قال فيه : "إن الغزالي لأكبر عقلا من نظرائه حين يرد الأسباب كلها إلى سبب واحد وحين يفضل أن يكون مصدر هذا السبب الواجد من الله لا من المادة أو الجماد كما قال , فإن نظراءه يستصعبون هذا التفسير ...الخ

ثم يقول : "قال رينان : ( إن الفلسفة العربية لم تنجب عقلا مبتكرا كعقل الغزالي) ولو شاء رينان لقال ولم يعدُ الصواب: إن عقل الغزالي من أكبر العقول في ميادين التفكير كله لا في ميدان الفلسفة العربية وحدها لأنه يناقش مذاهب الفلسفة مناقشة العقل الذي يعلو عليها ويفهم ما فات أصحابها أن يفهموه وليست مناقشته لها كمناقشة القاصرين عن فهمها والنفاذ إلى براهينها والقدرة على استكنانها. فهو لم ينقض قط فكرة لأنه عاجز عن فهمها وغنما ينقضها لأنه قادر على فهمها ونقدها وتكميلها بالإضافة إليها أو التعقيب عليها....الخ.اهـ

ثم يأتي هذا المؤلف ليقول أن الغزالي كان حلقة من حلقات الانهيار الذي أصاب الفكر المسلم. سبحانك هذا بهتان عظيم!

أتمنى أن أكون قد أعطيت الموضوع حقه وتكون الفكرة قد وصلت بوضوح.ولمن أراد الاستزادة عليه بمراجعة المراجع التي ذكرتها.


Saber Jan | 215 comments Mod
بعد ما كتبت أرجو من القراء قراءة الكتاب بتمهل وحذر شديد لما فيه من شبهات وضلالات يندى لها الجبين


Saber Jan | 215 comments Mod
3- الإيجابية:

- بعد أن ثبت المؤلف في نفس القارئ مبدأ الشك ثم حاول أن يجره إلى هاوية الكفر والاعتقاد بأن بوجود خواص وطبائع ثابتة للأسباب لا تنفك عنها , أتى في هذا الفصل ليفتت مبادئ إسلامية راسخة بشبهات واهية وأدلة رخيصة. وسأذكر فيما يلي –مستعينا بالله- الشبهات العظمى التي ذكرها وسأتجاهل عن الصغائر حتى لا يطول البحث ويمل القارئ.


- المسألة الأولى: حديث "أبي وأباك في النار"والشبهة التي ذكرها المؤلف أن أب النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان بأن الماضي كله : الآباء والأجداد وأعمالهم وقيمهم مصيرهم جميعا النار.

هل جهل المؤلف أقوال أهل العلم في أهل الفترة أم تجاهل أقوالهم؟

قد ألف العلماء مؤلفات في أهل الفترة وفي نجاة والدي النبي صلى الله عليه وسلم تحديدا منها:

1. الانتصار لوالدي النبي المختار ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للسيد مرتضى الزبيدي .
2. إرشاد الغبي في إسلام آباء النبي تأليف أحد علماء الهند كما في كشف الظنون
3. تحقيق آمال الراجين في أن والدي المصطفى من الناجين لابن الجزاز .
4. التعظيم والمنة في أن أبوي المصطفى في الجنة للإمام السيوطي .
5. حديقة الصفا في والدي المصطفى للإمام السيد مرتضى الزبيدي .
6. الدرجة المنيفة في الآباء الشريفة للإمام السيوطي .
7. ذخائر العابدين في نجاة والد المكرم سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم للأسبيري .
8. مرشد الهدى في نجاة أبوي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم للرومي .
9. مسالك الحنفا في والدي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم للإمام السيوطي .
10. مطلع النيرين في إثبات نجاة أبوي سيد الكونين صلى الله عليه وآله وسلم للمنيني .
11. نشر العلمين المنيفين في إحياء الأبوين الشريفين للإمام السيوطي .
12. هدايا الكرام في تنزيه آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم للبديعي .
13. أمهات النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمدائني .
14. الأنوار النبوية في آباء خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم للرفيعي الأندلسي .
15. بلوغ المآرب في نجاة أبوي المصطفى وعمه أبي طالب للأزهري اللاذقي
16. بلوغ المرام في آباء النبي عليه الصلاة والسلام لإدريس بن محفوظ .
17. تأديب المتمردين في حق الأبوين لعبد الأحد بن مصطفى الكتاهي السيواسي.
18. الرد على من اقتحم القدح في الأبوين الكريمين للبخشي .
19. سداد الدين وسداد الدين في إثبات النجاة والدرجات للوالدين للبرزنجي .
20. قرة العين في إيمان الوالدين للدويخي
21. القول المختار فيما يتعلق بأبوي النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم للديربي .
22. المقامة السندسية في الآباء الشريفة المصطفوية للإمام السيوطي .
23. الجواهر المضية في حق أبوي خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم للتمرتاشي .
24. سبيل السلام في حكم آباء سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم لمحمد بن عمر بالي .
25. أخبار آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم للكوفي ذريعه .
26. أنباء الأصفيا في حق آباء المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم للرومي الأماسي .
27. تحفة الصفا فيما يتعلق بأبوي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم للغنيمي .
28. رسالة في أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم للفناري .
29. سبيل النجاة للسيوطي .
30. آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابن عمار .
31. السيف المسلول في القطع بنجاة أبوي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأحمد الشهرزوري .
32. خلاصة الوفا في طهارة أصول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من الشرك والجفا لمحمد بن يحي الطالب .
33. مباهج السنة في كون أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة لابن طولون.
34. سعادة الدارين بنجاة الأبوين محمد علي بن حسين المالكي .
35. القول المسدد في نجاة والدي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم محمد بن عبد الرحمن الأهدل .
36. نخبة الأفكار في تنجية والدي المختار صلى الله عليه وآله وسلم لمحمد بن السيد إسماعيل الحسني.
37. إيجاز الكلام في والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمحمد بن محمد التبريزي .
38. السبل الجليلة في الآباء العلية للإمام السيوطي .
39. كنى آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابن الكلبي .
40. أسماء أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم للبرماوي .
41. العقد المنظم في أمهات النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسيد مرتضى الزبيدي
42. أمهات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابن المديني .
وسأكتفي بنقل مختصر من كتاب "مسالك الحنفا في والدي المصطفى" للإمام السيوطي رحمه الله على الرابط
http://al-mostafa.info/data/arabic/de...

قال تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وهذه الآية هي التي أطبقت أئمة أهل السنة في الاستدلال بها في أنه لا تعذيب قبل البعثة وردوا بها على المعتزلة (الذين أخذ المؤلف بقولهم).
قوله تعالى (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا).
قوله تعالى ( وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين).

الأحاديث :
الحديث الأول:
أخرج الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية في مسنديهما والبيهقي في كتاب الاعتقاد وصححه عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعة يمتحنون يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما اسمع شيئا وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن أدخلوا النار فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها يسحب إليها.


فإن قلت بقيت عقدة واحدة وهي ما رواه مسلم عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار، وحديث مسلم وأبي داود عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم استأذن في الاستغفار لأمه فلم يؤذن له فاحلل هذه العقدة. قلت على الرأس والعين: الجواب أن هذه اللفظة وهي قوله أن أبي وأباك في النار لم يتفق على ذكرها الرواة وإنما ذكرها حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وهي الطريق التي رواه مسلم منها وقد خالفه معمر عن ثابت فلم يذكر أن أبي وأباك في النار ولكن قال له إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار.

وهذا اللفظ لا دلالة فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمر البتة وهو أثبت من حيث الرواية فإن معمر اثبت من حماد فإن حمادا تكلم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسها في كتبه وكان حماد لا يحفظ فحدث بها فوهم فيها ومن ثم لم يخرج له البخاري شيئا ولا خرج له مسلم في الأصول إلا من روايته عن ثابت قال الحاكم في المدخل ما خرج مسلم لحماد في الأصول إلا من حديثه عن ثابت وقد خرج له في الشواهد عن طائفة؟ وأما معمر فلم يتكلم في حفظه ولا استنكر شيء من حديثه واتفق على التخريج له الشيخان فكان لفظه أثبت، ثم وجدنا الحديث ورد من حديث سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ رواية معمر عن ثابت عن أنس فأخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أين أبي قال في النار قال فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار.

وهذا إسناد على شرط الشيخين فتعين الاعتماد على هذا اللفظ وتقديمه على غيره. وقد زاد الطبراني والبيهقي في آخره قال فاسلم الأعرابي بعد فقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار. وقد أخرج ابن ماجه من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان فأين هو قال في النار قال فكأنه وجد من ذلك فقال يا رسول الله فأين أبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث مررت بقبر مشرك فبشره بالنار قال فأسلم الأعرابي بعد قال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار. فهذه الزيادة أوضحت بلا شك أن هذا اللفظ العام هو الذي صدر منه صلى الله عليه وسلم ورآه الأعرابي بعد إسلامه أمرا مقتضيا للامتثال فلم يسعه إلا امتثاله ولو كان الجواب باللفظ الأول لم يكن فيه أمر بشيء البتة فعلم أن هذا اللفظ الأول من تصرف الراوي رواه بالمعنى على حسب فهمه.

وقد وقع في الصحيحين روايات كثيرة من هذا النمط فيها لفظ تصرف فيه الراوي وغيره أثبت منه كحديث مسلم عن أنس في نفي قراءة البسملة. وقد أعله الإمام الشافعي رضي الله عنه بذلك وقال إن الثابت من طريق آخر نفى سماعها ففهم منه الراوي نفي قراءتها فرواه بالمعنى على ما فهمه فأخطأ ونحن أجبنا عن حديث مسلم في هذا المقام بنظير ما أجاب به إمامنا الشافعي رضي الله عنه عن حديث مسلم في نفي قراءة البسملة. ثم لو فرض اتفاق الرواة على اللفظ الأول كان معارضا بما تقدم من الأدلة والحديث الصحيح إذا عارضه أدلة أخرى هي أرجح منه وجب تأويله وتقديم تلك الأدلة عليه كما هو مقرر في الأصول. وبهذا الجواب الأخير يجاب عن حديث عدم الأذن في الاستغفار لأمه على أنه يمكن فيه دعوى عدم الملازمة بدليل أنه كان في صدر الإسلام ممنوعا من الصلاة على من عليه دين وهو مسلم فلعله كانت عليها تبعات غير الكفر فمنع من الاستغفار لها بسببها. والجواب الأول اقعد وهذا تأويل في الجملة.

(تنبيه): قد استراح جماعة من هذه الأجوبة كلها وأجابوا عن الأحاديث الواردة فيها منسوخة كما أجابوا عن الأحاديث الواردة في أطفال المشركين أنهم في النار وقالوا الناسخ لأحاديث أطفال المشركين قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ولأحاديث الأبوين قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ومن اللطائف كون الجملتين في الفريقين مقترنتين في آية واحدة متعاطفتين متناسقتين في النظم، وهذا الجواب مختصر مفيد يغني عن كل جواب إلا أنه إنما يتأتى على المسلك الأول دون الثاني كما هو واضح فلهذا احتجنا إلى تحرير الأجوبة عنها على المسلك الثاني.

ولمن أراد التفصيل عليه بمراجعة الكتاب ففيه الجواب الشافي بإذن الله.

والتكملة قريبا إن شاء الله


Saber Jan | 215 comments Mod
- المسألة الثانية: مسألة بشرية النبي صلى الله عليه وسلم وقدره بين الإفراط والتفريط, وأن الرجل الخارق لا يكون قدوة:

- أولا : شبهة بشرية النبي صلى الله عليه وسلم

النبي صلى الله عليه وسلم بشر لا كالبشر , قال تعالى : (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ...) فانظر فلم ينتهِ المقال عند قوله بشر بل يُوحى إلي وهذا سر تميزه عن البشر. وهذا ليس كلامي بل هو كلام أهل السنة والجماعة.
وفي الخصائص النبوية ألف العلماء كتب منها : الخصائص الكبرى للإمام السيوطي رحمه الله والإنسان الكامل للسيد محمد علوي المالكي رحمه الله الذي سأقتبس منه بعض الفوائد, والكتاب موجود على الرابط التالي:

http://ia600606.us.archive.org/0/item...

انظر إلى الأحاديث التالية لتعرف اختصاصه صلى الله عليه وسلم عن البشر فهو بشر لا كالبشر:
-ص 152: "أنه صلى الله عليه وسلم يبيت جائعا ويصبح طاعما يطعمه ربه ويسقيه.
- أنه يرى من خلفه كما يرى من أمامه
- أنه كان يرى في الليل والظلمة كما يرى في النور والضوء
- أن ريقه كان يعذب الماء الملح
- أنه كان تنام عينه ولا ينام قلبه
- أنه ما تثاءب قط وما احتلم قط
- أن عرقه كان أطيب من المسك
- أنه إذا مشى مع الطويل طاله"
وغيرها من الخصائص النبوية التي لا يتسع المقام إلى ذكرها , فكيف بعد كل هذا نقول بكل سفاهة أنه بشر مثلنا.


ثانيا: شبهة محاولة تردي النبي صلى الله عليه وسلم من الجبل التي ذكرها المؤلف:
(لم تصح رواية همِّ النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بالانتحار لتأخر الوحي عليه أول أمر الرسالة ، والزيادة التي في البخاري ليست على شرطه فلا تنسب للصحيح ، وقد أثبتها البخاري رحمه الله أنها من قول الزهري لا غيره ، فهي بلاغ مقطوع الإسناد لا يصح ، وقد ذكرنا للحديث روايات أخرى كلها يؤكد عدم صحة القصة لا سنداً ولا متناً.) نقلا من موقع الشيخ صالح المنجد , راجعه على الرابط
http://islamqa.info/ar/ref/152611


ثالثا: تفضيله صلى الله عليه وسلم على الأنبياء :
انتقد المؤلف تفسير العلماء لحديث "لا يقولن أحدكم أني خير من يونس" ولم يعلم المؤلف أن أئمة أهل السنة والجماعة قالوا : بتفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء ولكن من باب التأدب لا نفضل النبي صلى الله عليه وسلم على نبي آخر بالتعيين. وهم أي أهل السنة والجماعة اتبعوا الأحاديث الصحيحة في إثبات أفضليته صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء ومنها:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُوْراً وَمَسْجِداً، وَأُرْسِلْتُ إلَى الخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». أخرجه مسلم.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَاناً فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ، قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ». متفق عليه.
3- قال صلى الله عليه وسلم (لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي)
وللتفصيل راجع الكتاب السابق ص159 في فصل : أفضليته على سائر الأنبياء.


رابعا: كمال عصمته صلى الله عليه وسلم من جميع الذنوب والآثام: وللاختصار راجع الكتاب السابق من ص 65 في كمال حفظ الله تعالى له. ورد الشبهات حول هذا الأمر.


خامسا: شبهة الرجل الخارق لا يمكن أن يكون قدوة ص247:
أقول للمؤلف إذا لم تستطع أن تصدق فلا تكذب , واعرف قدر نفسك.
قدوة الصالحين من عباد الله في العبادة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم , فانظر إلى كمال عبادته ومجاهداته صلى الله عليه وسلم في الكتاب السابق ص177
أقتصر منها على حديث واحد: سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها : كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم , هل كان يخص شيئا من الأيام –أي ويترك العمل في أيام- فقالت : لا , كان عمله ديمة وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع؟! (رواه أبو داود)
ومن مجاهدات الصحابة:
بإسناد رجاله ثقات عن محمد بن زيد: أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء , فيصلي فيه ما قدر له , ثم يصير إلى الفراش يغفي إغفاءة الطائر , ثم يقوم , فيتوضأ ويصلي , يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسة.
وعن نافع: كان ابن عمر لايصوم في السفر , ولايكاد يفطر في الحضر.

من مجاهدات السلف:
1- التابعي الجليل المجتهد الكبير : أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي عم الأسود .
روى الأعمش عن إبراهيم قال : كان علقمة يقرأ القرآن في خمس ، والأسود في ست ، وعبد الرحمن بن يزيد في سبع .
2- التابعي الإمام ، القدوة ، العلم ، أبو عائشة مسروق بن الأجدع الوادعي الهمداني .
روى أنس بن سيرين عن امرأة مسروق قالت : كان مسروق يصلي حتى تورم قدماه ، فربما جلست أبكي مما أراه يصنع بنفسه .
قال العجلي : تابعي ثقة ، كان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرئون القرآن ويفتون . وكان يصلي حتى ترم قدماه
روى شعبة عن أبي إسحاق ، قال : حج مسروق فلم ينم إلا ساجداً على وجهه حتى رجع .
وأكتفي بهذا النقل , ولمن أراد أن يستزيد عليه مراجعة كتاب التراجم , ليعلم كيف كانت مجاهدات الصحابة والتابعين والسلف رضوان الله عليهم.
فهل نعتبر هذه المجاهدات هي انحراف عن شرع الله تعالى وانتكاس في فطرة الإنسان , سبحانك هذا بهتان عظيم!
كان قدوتهم في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام الليل حتى تفطرت قدماه , فإذا جاء شخص ولم يستوعب أن في الناس من يستطيع أن يصلي الصبح بوضوء العشاء لضعف همته وانحطاط عزيمته : فهذه مشكلته هو , فالعاقل يطالب الناس بالصعود للأعلى لا الانحطاط للأدنى.

وأحب أن أنبه : أن بعض المجاهدات تكون أحوالا خاصة بذاك الرجل الصالح , لا يُقتدى بها ولا نطالب الناس بها , مثل الإمام بشر الحافي رحمه الله حين ترك الزواج , ومع هذا فهذا حال خاص به لا يُنكر عليه ولا يُقتدى به , قال الإمام أحمد بن حنبل حين بلغه موته: مات رحمه الله ولم يكن له نظير في هذه الأمة إلا عامر بن عبد القيس , ولو تزوج كان قد أتم أمره , وما ترك بعده مثله. ومثل هذه الأحوال ما يرد عن بعض الصالحين أنه : لم يكن يداعب أطفاله خشية أن يكتب في صحيفته أنه قد لها, والذي دخل مدينة فلم يأكل من طعام أهلها شيئا ولم يشرب إلا الماء خوفا أن يخالطه شيئا من الرياء ...الخ هذه الأمثلة.
وبالجملة فالإنسان مطالب أن يرفع همته لهمم أولئك الصالحين , فإن كان لا يستطيع فليلتزم الأدب معه , وأما من قل أدبه معهم واتهمهم في دينهم فوا لله ما اتهم إلا نفسه بالجهل والوضاعة.


سادسا: مقامه صلى الله عليه وسلم بين الإفراط والتفريط:
لنأتي أولا إلى حد الإفراط , قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تغلوا في دينكم...)الآية , ووضح النبي صلى الله عليه وسلم حد هذا الغلو في بقوله: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم وإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) أي : لا توصلوني إلى حد الربوبية كما أوصلت النصارى عيسى عليه والسلام إلى الربوبية. وأما ما دون ذلك من المديح والثناء والأدب فقد أوجبه الله علينا قال تعالى (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا) وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون)
وأدب أصحابه معه : أخرج أبو يعلى وصححه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمر فأؤخره سنتين من هيبته)
عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: ( لما نزل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: ((بأبي وأمي إني أكره أن أكون فوقك، وتكون أسفل مني))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أرفق بنا أن نكون في السُّفل لما يغشانا من الناس "، فلقد رأيت جرَّة لنا انكسرت، فأهريق ماؤها، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة - القطيفة: كساء له خمل- لنا، وما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء فـَرَقـَـًا- الفَرَق: الخوف- من أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منا شيء يؤذيه)الحديث.رواه مسلم (2053)، والطبراني في ((الكبير)) رقم (3855)، واللفظ
له.
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: ((.. وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عينيَّ منه، وما كنت أطيق أن أملأ عينيَّ منه إجلالاً له، ولو سُئلت أن أصفه ما أطقتُ، لأني لم أكن أملأ عينيَّ منه)).رواه مسلم.
والأحاديث كثيرة جدا, فهل هذا من الغلو في تعظيمه صلى الله عليه وسلم ؟! معاذ الله بل هو التعظيم والتوقير الذي أمرنا الله به في حق نبينا صلى الله عليه وسلم .

وقد أجاد الإمام البوصيري رحمه الله حين قال في البردة:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف *** وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له *** حد فيُعرب عنه ناطق بفم


المسألة الثالثة: شبهة الصبر التي أوردها المؤلف:
لا يختلف اثنان في معنى الصبر الذي أورده المؤلف وهو أن يكون يتحمل الإنسان المشقة ولا ييأس من حاله ويستمر في الصمود والصعود إلى الهدف المنشود. وبمعنى آخر: الصبر على شقين : الأول : الصبر على الواقع المر الذي يعيشه الإنسان وتحمله , والشق الثاني : عدم اليأس من هذا الواقع وبذل الأسباب للوصول إلى الهدف المنشود.
لا أدري إذا ما هي مشكلة المؤلف مع العلماء الذين أسماهم أصحاب إسلام تقليدي !
قال عمر رضي الله عنه : عليك بالصبر واعلم أن الصبر صبران أحدهما أفضل من الآخر الصبر في المصيبات حسن , وأفضل منه الصبر عما حرم الله تعالى واعلم أن الصبر ملاك الإيمان ...الخ.
قال صلى الله عليه وسلم : ( ...ولأن تصبروا على مثل ما أنتم عليه أحب إلي من أن يوافيني كل امرئ منكم بمثل عمل جميعكم , ولكني أخاف أن تفتح الدنيا بعدي...) الحديث من حديث شهر بن حوشب الأشعري عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعا.
قال صلى الله عليه وسلم : (اعبد الله على الرضا , فإن لم تستطع ففي الصبر على ما تكره خير كثير)
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (الإيمان نصفان : نصف صبر , ونصف شكر) وقد يُرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الصبر معناه كما قال الإمام الغزالي : ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوة.اهـ
ثم قال :" الصبر ضربان: ضرب بدني كتحمل المشاق بالبدن والثبات عليها ...الخ
والصبر النفسي : عن مشتهيات الطبع ومقتضيات الهوى."
وبعد هذه النقول : ترى اختلاف تعريف الصبر حسب حال القائل , فالصبر يشمل تحمل الحال التي يكرهها الإنسان بنص النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث , وأيضا النهوض والإيجابية تدخل في الصبر فتصبر على الطاعة وعدم اليأس من رحمة الله كما صبر النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش , ومعنى عدم اليأس أو الإيجابية تستطيع أن تُدخله في الصبر وتستطيع أن تسميه فألا أو شكرا أو حسن الظن بالله أو توكل على الله أو الرجاء بالله , ولا مشاحاة في الاصطلاح وانظر إلى تفصيل ذلك في كتاب الصبر والشكر في إحياء علوم الدين تفصيلا شافيا لغليل السائل. فإذا, تبين أنه لا توجد في الأصل مشكلة إلا عند من أراد أن يُحدث مشكلة.


Saber Jan | 215 comments Mod
المسألة الرابعة : شبهة المهن

انتقص المؤلف من مهنتي الرعي والتجارة بل واعتبرها مثالا للكسل والدعة , ولا أدري هل جهل أم تجاهل اشتغال خير الخلق صلى الله عليه وسلم بهذه المهنتين وغيره من الأنبياء. هذه من المهنتين هي من كسب اليد وهي من المهن التي شرفها الإسلام ومدحها وتفصيل ذلك فيما يلي:

أولا : مهنة الرعي:

قال ابن إسحاق: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : ما من نبي إلا وقد رعى الغنم، قيل: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا. وإنما أراد ابن إسحاق بهذا الحديث رعايته الغنم في بني سعد مع أخيه من الرضاعة، وقد ثبت في الصحيح أنه رعاها بمكة أيضاً على قراريط لأهل مكة. الروض 1/192.
وفي رواية البخاري قال - عليه الصلاة والسلام-: ما بعث الله نبياً إلا وقد رعى الغنم.
ومن فوائد مهنة الرعي:
1- يقظة الراعي: حتى لا يتفلت الغنم ويضيع منه.
2- حرصه على رعيته: لأنه لو تهاون بها لحظة ستكون فريسة سهلة للذئاب.
3- حسن السياسة : لأن مهنة الرعي تحتاج إلى سعة صدر وحسن إدارة للأمور
4- الأمانة.
فأين الكسل والخمول يا هذا في هذه المهنة التي هي من أشرف المهن والأعمال.
وللتفصيل راجع هذا الموقع:
http://www.islamprophet.ws/ref/219


ثانيا : التجارة:
التجارة من الكسب الطيب الذي حث عليه الإسلام وأمر به، فقد روى البزار والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ: أي الكسب أطيب؟ فقال: "عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور".
قال العلماء: والبيع المبرور ما ليس فيه غش ولا خداع ولا احتكار، ولا ما يخالف الشرع.
ومما يبين أهمية التجارة في الإسلام أن القرآن الكريم يسمى أرباحها فضل الله، ورد ذلك في قول الله تعالى: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [المزمل:20.
وقال تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة:198.
وقال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة:10
وجاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ما من مكان أحب إلى أن يأتيني فيه أجلي بعد الجهاد في سبيل الله إلا أن أكون في تجارة أبيع وأشتري، وقد أخذ هذا المعنى من قول الله تعالى: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [المزمل:20].
والتفصيل في هذا يطول , راجع الروابط التالية:
http://www.yemencsf.org/vb/showthread...
http://www.ibtesama.com/vb/showthread...
http://www.islamweb.net/fatwa/index.p...


أما الشبهة التي أوردها المؤلف أن التجارة كما كانت قريش ما هي إلا نقل سلعة من مكان إلى مكان وليست هناك إنتاجية وكسب باليد.

فاعلم أن الله وزع سبل الرزق بين الناس فهذا المزارع يحرث أرضه ليُخرج الزرع لكن ليس لديه ثوب , فيحتاج إلى الخياط حتى يخيط له ثوبه والخياط يحتاج للمزارع حتى يأكل وهكذا جرت حكمة الله. وينطبق هذا أيضا على البلدان فهذه البلدة اشتهرت بالمحاصيل الزراعية وبلدة أخرى اشتهرت بالتعدين وأخرى بالخياطة وهكذا فالبلدة التي اشتهرت بالزراعة تحتاج إلى تجار ينقلون البضائع التي لا توجد في بلدتهم كالمعادن إليهم والبلدة التي اشتهرت بصناعة المعادن تحتاج إلى تجار ينقلون إليها المحاصيل الزراعية من بلدة أخرى وهكذا.

ولما كانت جزيرة العرب عبارة عن قبائل متناثرة تفتقر إلى الصناعات الحضارية مثل التعدين والخياطة ...الخ وبيئة صحراوية تفتقر للزراعة في كثير من مناطقها , ازدهرت فيها مهنة التجارة , فيقوم التجار بنقل بضائع من البلدان الحضارية كالشام واليمن وغيرها إلى جزيرة العرب فيربحون من هذا النقل. فهل في هذا خطأ أو عيب؟! وأذكر القارئ أن السفر كما قال صلى الله عليه وسلم قطعة من العذاب , فليست التجارة بالأمر السهل الهين كما يصور لنا المؤلف.

وفي هذا الزمان عندما ينقل التجار من الصين مثلا بضائع رخيصة إلى البلدان العربية , ليس في هذا النقل عيب , فما المانع أن تقوم مصانع عربية تُنتج ما تنتجه تلك المصانع الصينية ؟ ليس العيب في التجارة المقيدة بأحكام الشرح , إنما العيب فينا الذين آثرنا الدعة والكسل ولم نستثمر الأموال ونسخر الجهود لإنشاء المصانع تنافس تلك الصناعات الغربية أو الصينية. واكتفينا بالاستيراد دون التصدير. فأصبحنا مجرد مجتمعات استهلاكية.


المسألة الخامسة : شبهة القدر

موضوع القدر أُلفت فيه المؤلفات والرسائل ونال جدلا واسعا بين الناس فضلا عن العلماء. ولا يتحمل هذا المقام ذلك التفصيل , فأُحيل القارئ على كتاب رائع جدا اسمه "الإنسان مسير أم مخير " للدكتور محمد سعيد البوطي
http://www.goodreads.com/book/show/80...
تجد فيه الرد الذي يشفي الغليل في هذا المسألة ومناقشة جميع الشبهات التي تدور في فلك القضاء والقدر , لذلك أنصح بقراءة هذا الكتاب.

للأسف الشديد عندما انتقد المؤلف أهل السنة والجماعة وضرب بآرائهم عُرض الحائط لم يأتنا بالقول الصحيح الذي تبناه بل ذكر فقط أن الإنسان هو مسير بشواهد آيات مثل (وهديناه النجدين) وغيرها من الآيات , ولم يتطرق أبدا إلى الآيات والأحاديث التي توهم الجبر أبدا, مثل قوله تعالى : ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) وقوله تعالى (ولكن الله يُضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) وقوله (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد)
والحديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ،ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ،ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ،وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ فَوَالله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُه إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَايَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا،. رواه البخاري ومسلم
وغيرها من الأحاديث والآثار


وأُحيل القراء للكتاب الذي ذكرته وسيجد القارئ فيه الجواب الشافي بإذن الله حول جميع الشبهات التي تتعلق بالقضاء والقدر.


أخيرا: عجبت جدا من جرأة هذا المؤلف على علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة حين يتهمهم أنهم قالوا ما قالوه في القضاء والقدر تأثرا بالسلطة السياسية آن ذاك وكلاما من هذا القبيل. فاعلم يا هذا أن علماء أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية هم الذين حفظوا لنا الإسلام وحفظوا لنا العقيدة صافية بعيدة عن لوثات الفلاسفة والمتكلمين. كان مذهب السلف المتقدمين أن يكفوا الحديث عن الشبهات حول القضاء والقدر ممتثلين في هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا , و إذا ذكر النجوم فأمسكوا , و إذا ذكر القدر فأمسكوا " .
(حديث حسن) رواه ابونعيم في حلية الاولياء (4/108) وتثببت الامامة (199 والبيهقي في القضاء القدر (1/401 والطبراني في المعجم الكبير (10448)
لكن هذا الصمت أصبح لا يُجدي نفعا بعد تأثر كثير من العوام والعلماء بالفلسفة اليونانية وأصبحوا يُترجمون كتبهم ويقتفون أثرهم. لذلك وجب على المسلمين أن يتناولوا هذه الشبهات بالتفصيل ويبحثوا المسألة, وكان على رأسهم الإمام الأشعري والإمام الماتريدي اللذين أصبحا يمثلان قول أهل السنة والجماعة وتناقلت الأمة إلى هذا العصر أقوالهم بالقبول والتقدير لمجهودهم العظيم في حفظ العقيدة والإسلام. إلا من شذ –أمثال المؤلف- فاتهم وشنع جهلا وظلما ولكن سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.


Saber Jan | 215 comments Mod
4- الحس المقاصدي:

كعادة المؤلف , يستمر في ضلاله وغيه , ويبدأ في هذا الفصل بالطعن بأئمة وأتباع المذاهب الأربعة التي تمثل أهل السنة والجماعة فقهيا, يدعي المؤلف أن غالبية الفقهاء كانوا يفتقرون لفهم وتطبيق مقاصد الشريعة في الأحكام الإسلامية ويكتفون بتجزئة النص دون أخذ مجملات المقاصد والأحكام من القرآن الكريم فيجعلون السنة فوق الكتاب. هذا ملخص لما ذكره المؤلف.
- أولا : مقاصد الشريعة الإسلامية : هو بحث نال اهتمام العلماء –لا كما يدعي المؤلف أنه مهمل- وفي هذا الرابط أحد الإخوة الكرام الذين قاموا بجمع بعض هذه الكتب وبلغت أكثر من 70 كتابا , وهؤلاء العلماء منهم المعاصرون ومنهم المتقدمون, إذا فلم يقتصر اهتمام العلماء بهذا البحث في عصر دون عصر .

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthr...

وهنا بحث رائع ومختصر أنصح بالاطلاع وهو:" مقاصد الشريعة والمعاملات الاقتصادية والمالية"
ﺇﻋﺩﺍﺩ وتقديم الدكتور عبد اللطيف ﺍﻟﺸﻴﺦ توفيق ﺍﻟﺼﺒﺎﻍ
على الرابط
http://islamiccenter.kau.edu.sa/arabi...

أضح بين يدي القارئ هذه الخلاصة الرائعة المقتبسة وهي قول الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني في بحثه الرائع عن (نشأة المقاصد الشرعية وتطورها ومستقبلها):

"وعندما يصبح القول في مقاصد الشريعة وتحديدها وتعيينها وترتيبها عملا دقيقا ومضبوطا له أصوله ومسالكه وقواعده يمكننا أن نتقدم بثبات وثقة في مزيد من الكشف عن مقاصد الأحكام. كما أن هذا سيغلق الباب على الطفيليين ودعاة التسيب باسم المقاصد والاجتهاد المقاصدي, أولئك الذين أصبح شعارهم (لا نص مع الاجتهاد) و(حيثما كان رأينا فتلك هي المصلحة وثم شرع الله), (حيثما اتجه تأويلنا وحكمنا فتلك هي مقاصد الشريعة)!!

إذا تبين أن مقاصد الشرعية : موضوع بحثه علماء الأصول قديما وحديثا ووضعوا له قواعده وثوابته المستمدة من الكتاب والسنة. ولا أدري هل جهل أم تجاهل المؤلف كل هذه المؤلفات والبحوث؟! ولا أقول غير : حسبي الله على كل جاهل ومتجاهل للحق الواضح.

- ثانيا : وضع علماء الأصول ضوابط وقواعد للمقاصد الشرعية حتى لا تكون كلمة مطاطة يستخدمها كل جاهل لتبرير حكما دينيا بناءا على مقصد شرعي, وهذا هو بالضبط الذي وقع فيه المؤلف عندما أورد مثالا وهو قتل المسلم بالكافر (الذمي) وكيف أن الفقهاء (وهم الشافعية والمالكية والحنابلة) اقتصروا على حديث (لا يقتل المسلم بالكافر) دون أن يأخذوا بمجمل مقاصد الشريعة الواردة في القرآن مثل آية (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) وآية (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) وغيرها من الآيات , وحكموا بعدم قتل المسلم بالذمي.

لكن لو أردنا أن نتبع المؤلف في طريقة استدلاله بالمقاصد الشرعية, سنجد مقصدا آخر في الشريعة يعارض هذا المقصد وهو أن الكافر لا يستوي بالمسلم أبدا, انظر قوله تعالى : ( لا يستوي أصحاب النار و أصحاب الجنة ) (2) ,و قوله : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين) وقوله: (و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) و من السنة النبوية حديث أبي جحيفة قال : قلت لعلي – رضي الله عنه – هل عندكم كتاب؟ قال : لا , إلا كتاب الله , أو فهم أعطيه رجل مسلم , أو ما في هذه الصحيفة قال قلت : فما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل , و فكاك الأسير , و لا يقتل مسلم بكافر (رواه البخاري) وحديث روى قيس بن عباد قال: " انطلقت أنا و الأشتر إلى علي – رضي الله عنه –فقلنا : هل عهد إليك رسول الله –صلى الله عليه و سلم – شيئا لم يعهده إلى الناس عامة ؟
فقال : لا , إلا ما في كتابي هذا . فأخرج كتابا من قراب سيفه فإذا فيه , المسلمون تتكافأ دماؤهم و هم يد على من سواهم و يسعى بذمتهم أدناهم ، ألا لا يقتل مسلم بكافر و لا ذو عهد في عهده ، من أحدث حدثا فعلى نفسه . و من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين .
فماذا يفعل المؤلف بعد هذه الأدلة : آيات تثبت أن المؤمن لا يستوي بالكافر , وآيات تنهى عن الظلم حتى عن الكفار. ألا يجب علينا أن نشكر هؤلاء العلماء الربانيين الذين وفقوا بين النصوص وعلموا متى يستخدمون تلك المقاصد في الحكم التشريعي, فأزالوا الإشكالات وحلوا المعضلات بسعة علمهم واطلاعهم على القرآن والسنة ؟ بدلا من شكرهم والثناء عليهم , قام المؤلف بالطعن فيهم واتهمهم بضيق النظر وتجزئة النصوص الإسلامية فكانوا من أسباب انحطاط المسلمين!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.


أنبه هنا : إلى أن السادة الحنفية قالوا : أن المسلم لا يُقتل بالكافر, لكن استدلالهم لهذا الحكم كان بعيدا كل البعد عن السذاجة الفكرية التي يدعو إليها المؤلف. بل كان حكمهم هذا مبني على فهم صحيح للكتاب والسنة , ولست هنا لأرجح قول أحد على أحد,- معاذ الله- فهذا المبحث تجده مبسوطا في كتب الفقه, لكن أتيت بهذا المثال لأبين الجهل الفكري الذي يدعو إليه المؤلف في طريقة الاستدلال هذه. وقس على هذا المثال باقي الأمثلة التي وضعها المؤلف فهي مجرد تدليس وتلبيس.


Saber Jan | 215 comments Mod
5- الأمس المستمر:

في هذا الباب نقف عند الطامة الكبرى والمصيبة الكبرى, فبعد أن غرس المؤلف مبدأ الشك في نفس القارئ وبدأ بترويج ضلالاته واحدة تلو الأخرى , وصل إلى تخوين العلماء المتقدمين والمتأخرين واتهمهم أنهم سبب انحطاط للأمة الإسلامية , لم يكتف بكل هذا , بل تعداه إلى الطعن في الصحابة وفي سيدنا معاوية رضي الله عنه خاصة. وليس هذا بمستغرب أبدا عند من جعل هوى النفس : المرجع في الأحكام , وضرب بأقوال الأئمة والعلماء عرض الحائط.


المسألة الأولى: مسألة الطعن في سيدنا معاوية رضي الله عنه:
مع أن هذه المسألة قد أكل عليها الدهر وشرب , والشبهات التي أوردها المؤلف قد قُتلت بحثا, إلا أن المؤلف يصر عليها بل ويبني نظريات واتهامات عليها. إذا أردت أن أفصل في الرد على من طعن في سيدنا معاوية رضي الله عنه وأنقح الأدلة والأقوال التي أتى بها المؤلف , فسيأخذ هذا صفحات بل ومجلدات. لذلك أكتفي أن أحيل القارئ إلى ما كتبه علماء أهل السنة والجماعة دفاعا عن سيدنا معاوية , ومن أراد الحق فليسمع للطرفين ولا يكتفي بسماع طرف واحد. وأنبه القارئ أن جميع ما ذُكر حول الفتنة التي حصلت بين الصحابة يحتاج إلى تثبت وتدقيق في صحة النقل والرواة, وجهل كثير من العوام بطرق التثبت من الرواية جعل المؤلف يأخذ راحته في بث سمومه ونقل الغث والسمين, الصحيح والموضوع. وفيما يلي بعضا من كتب أهل السنة والجماعة التي تمحص هذه الروايات وتدقق النقولات, أنصح بالاطلاع عليها قبل إصدار الأحكام.

كتاب موقف المعارضة في عهد يزيد بن معاوية (وهو بحث رائع)
http://ia700303.us.archive.org/28/ite...
مجموعة من الكتب على الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthr...
كتاب العواصم من القواصم للقاضي ابن العربي المالكي
http://ia600402.us.archive.org/3/item...
كتاب الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=6886
الدولة الأموية المفترى عليها لحمدي شاهين
http://www.mediafire.com/?rvvv4qypj83...
انظر الرد على من اتهم سيدنا معاوية بالجبر واتهمه بسب سيدنا علي رضي الله عنه
http://www.saaid.net/Warathah/Alkhara...
انظر الرد على اتهم سيدنا معاوية والشبهات التي أوردها المؤلف ووفقه فيها عدنان إبراهيم:
http://alesaba.wordpress.com/2011/09/...

أخيرا : فضل سيدنا معاوية رضي الله عنه (مقتبس من الرابط الأخير)

- عن أبي سعيد عن النّبي- عليه السّلام- قال: «لا تسبّوا أصحابي، فو الّذي نفسي بيده لو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه».
- عن عمير بن الأسود العنسي، حدثه – أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له، ومعه أم حرام – قال: عمير، فحدثتنا أم حرام: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا» ، قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: «أنت فيهم» ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم» ، فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: «لا».
- قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر.
عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر معاوية، وقال: ” اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به “.[11]
- عن العرباض بن سارية السلمي قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان: ” هلم إلى الغداء المبارك ” ثم سمعته يقول: (اللهم علِّم معاوية الكتاب والحساب، وقِهِ العذاب).[12]
- عن مجاهد، وعطاء، عن ابن عباس، أن معاوية، أخبره: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قصر من شعره بمشقص ” فقلت لابن عباس: ما بلغنا هذا الأمر إلا عن معاوية؟ فقال: ” ما كان معاوية، على رسول الله صلى الله عليه وسلم متهماً”.[13]
- حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا نافع بن عمر، حدثني ابن أبي مليكة، قيل لابن عباس: ” هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: «أصاب، إنه فقيه».[14]


ونسأل الله حسن الأدب مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يرزقنا السير على نهجهم ويحشرنا معهم.


Saber Jan | 215 comments Mod
المسألة الثانية: تخوين علماء الأمة الإسلامية و النظرية التي يحاول يثبتها المؤلف وهي : أن السلاطين كانوا هم الموجهين للعلماء بالسيوف, فانقاد العلماء لهم تدريجيا وأصبحوا لا يقولون إلا ما يوافق هوى هؤلاء السلاطين, وترتب على هذا تخلف المسلمين وانحطاطهم في مختلف المجالات.

بعد أن قدم المقدمات , فجر المؤلف قنبلته الأخيرة وهي هذه النظرية التي سنبحثها بتعقل وتدبر.

أولا: تعالوا معا نبحث هل حقا انقاد العلماء للسلاطين كما يقول المؤلف من خلال هذه الأمثلة: (نقلا بتصرف عن الرابط التالي:
http://www.saaid.net/alsafinh/21.htm

1- في الصحيح أن مروان بن الحكم جاء يوما؛ ليخطب أو ليصلي صلاة العيد ولكنه بدل أن يبدأ في صلاة العيد بدأ بالخطبة، فقام رجل وقال: الصلاة قبل الخطبة، ولكن مروان تركه، فقام أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وجذب مروان وقال له: يا مروان الصلاة قبل الخطبة. فقال له مروان: قد ترك ما هنالك يا أبا سعيد، وأصر مروان وبدأ بالخطبة قبل الصلاة، قام أبو سعيد وقال للرجل أو قال عن الرجل الذي أنكر على مروان قال كلمة آمل من كل واحد منكم أن يحفظها؛ لأن لها معنى عظيما في مدلولها قال لهذا الرجل الذي أنكر على مروان وهو أمير المدينة: أما هذا فقد قضى ما عليه.

2- موقف الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في قضية خلق القرآن , ولو كان العلماء يُدارون الحكام ولا يتفوهون إلا بما يرضيهم , كيف نفسر موقف الإمام أحمد رحمه الله أمام التعذيب والتنكيل ؟ كان رحمه الله يصلي وهو مكبل بالحديد , وكان يصلي والدماء في ثيابه من أثر الضرب، حتى إنه ما استطاع في بعض الأحيان أن يصلي واقفا وصلى جالسا -رحمه الله-.
وقف هذا العالم البطل وقفة كلها شجاعة وكلها إباء، ويأتيه بعض العلماء يشد من أزره ويؤيده؛ ولذلك ذكر العلماء عن قضية من حدثه ومن وقف معه من الأمة، حتى أنه جاءه بعض طلابه وقالوا له: ألا تتأول يا إمامنا؟ قال: كيف أتأول والناس خلف الباب يكتبون ما أقول؟، وصمد سنوات عدة في السجن، والأغلال، والتعذيب، لم يثنه ذلك عن ذكر الله جل وعلا.

3- سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله:
- موقفه من بيع الأمراء المماليك في عهد الصالح أيوب رحمه الله , حتى أصبح يعرف "ببائع الأمراء"
- طلع الشيخ عز الدين بن عبد السلام إلى السلطان في يوم العيد إلى القلعة فشاهد العساكر مصطفين بين يديه ومجلس المملكة فهنا وجد أن الناس يقبلون الأرض بين يدي السلطان، فقام العز بن عبد السلام ونهر السلطان نهرا شديدا، وأنكر هذا الفعل من عموم الناس، وقال له: يا سلطان كيف تسمح أن تباع الخمور في البلاد؟ وبدأ يعدد المنكرات، وهذا السلطان من السلاطين الغاشمين الظالمين، وتكلم بقسوة وشدة وتعجب الناس من شجاعته وقالوا: لا بد أن يحل به بلاء، فانتظروا إلى النتيجة، فقال له السلطان في النهاية: يا سيدي -اسمعوا السلطان يقول للعز بن عبد السلام يا سيدي-: هذا أنا ما عملته هذا عمله أبي قبلي، قال له السلطان العز بن عبد السلام -وهو السلطان الحقيقي-: أنت ممن يقول الله فيه: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)[14] فقام السلطان وأصدر أمرا في موقعه بإزالة جميع المنكرات التي تحدث عنها العز بن عبد السلام، أمر بإغلاق الحانات، وأمر بعدم الخضوع بين يديه، وأمر بإزالة المنكرات. يقول الباجي: فسألت الشيخ لما جاء من عند السلطان -وقد شاع الخبر- يا سيدي كيف الحال؟ فقال: يا بني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه؛ لئلا تكبر نفسه فتؤذيه.
العز بن عبد السلام يقول: قصدت لما رأيت أن الناس قد عظموه فعظمت نفسه في يوم العيد أن أهينه، يقول له هذا العالم فقلت له يا سيدي: أما خفته؟ قال: والله يا بني استحضرت هيبة الله فصار السلطان أمامي كالقط.

4- وجاء الإمام الحسن البصري، ووجد بعض طلاب العلم قد وقفوا عند باب أحد السلاطين فخاطبهم قائلا: ما يجالسكم هاهنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء؟ أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم. هذه الكلمة يقولها الحسن البصري لبعض طلاب العلم عندما رآهم قد وقفوا عند أحد أبواب السلاطين، قد فرطتم نعالكم، وشمرتم ثيابكم، وجررتم شعوركم، فضحتم القراء -فضحكم الله-، فضحتم طلاب العلم؛ لوقوفكم عند أبواب السلطان، فضحكم الله لو زهدتم - اسمعوا لهذه الكلمة من الحسن - لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم، أبعد الله من أبعد. هذه قصة عن الإمام الحسن البصري.

5- أقف مع موقف آخر لأحد العلماء، وهو لأبي الحسن الزاهد أو ابن أبي الحسن الزاهد: كان الملك ابن طولون ظالم من ظلمة الحكام، وقل أن يأتي إليه إنسان ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر إلا ويقطع رقبته، حتى إنه قتل ثمانية عشر ألف إنسان صبرا، والصبر هو أشد أنواع القتل يجوع حتى يموت، جاءه الإمام ابن أبي الحسن الزاهد وقال له: يا ابن طولون إنك قد ظلمت وفعلت، وفعلت وأنَّبه وتكلم عليه فاشتد ابن طولون وأمر بحبسه، لما حبسه أمر ابن طولون بتجويع أسد ثلاثة أيام، وعندما جوع الأسد اجتمع الناس وفي مقدمتهم ابن طولون ووضع، وجيء بأبي الحسن الزاهد، ووضع أمام الأسد في حلبة.
تصوروا إنسانا ضعيفا أعزل أمام أسد جائع له ثلاثة أيام لم يأكل، فلما رآه الأسد بدأ يزأر ويتقدم ويتأخر، والناس أيديهم على قلوبهم من المعركة غير المتكافئة، وأبو الحسن الزاهد قد أطرق مليا، لا يتحرك منه عضو في جسده كأنه لا يبالي، وبدأ يهدر هذا الأسد والناس بين خائف، ومكبر، ووجل، ووجدوا أن الأسد يتقدم ويتأخر، ثم جاء وطأطأ برأسه على أبي الحسن الزاهد وشمه ثم ذهب، وبدأ يفعل هذا برهة من الزمن، ثم طأطأ رأسه وانصرف في زاوية من المكان، وجلس ولم يمس أبا الحسن الزاهد بسوء، وكبر الناس وتعجبوا فقال أحمد بن طولون: ائتوني به، فجاءوا بالإمام الزاهد -قولا وفعلا- هذه هي الزهادة الحقيقية فسأله وقال: أريد أن أسألك سؤالا بماذا كنت تفكر والأسد يزأر ويصيح ويرفع صوته؟ بماذا كنت تفكر؟ تفكر في أولادك؟ تفكر في رواتبك؟ بماذا كنت تفكر؟ قال: إن الأسد عندما جاء وشمني ومس ثوبي جلست أتأمل هل لعاب الأسد طاهر أو نجس؟ هذه القضية التي تشغله. قال: أما خفت من الأسد؟ قال: أبدا؛ لأن الله سبحانه وتعالى يكفيني إياه.

6- من المعاصرين , انظر سيرة بديع الزمان النورسي وحياته في المنافي وثباته أمام المشانق, في عهد النظام العلماني الأتتاتوركي, قصص تُكتب بماء من ذهب.
وغيرها من القصص الكثيرة التي ملئت كتب تراجم العلماء. هؤلاء كانوا علماء الأمة الإسلامية , الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم , لكن كما يقول الإمام البوصيري رحمه الله:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد *** وينكر الفم طعم الماء من سقم

ثانيا: هل سبب انحطاط المسلمين هو الفهم الذي أسماه المؤلف تقليديا للدين؟

لا يخفى على العامي فضلا عن العالم أن سبب انحطاط المسلمين الأساسي هو البعد عن الدين, وإذا أخذنا الأندلس كمثال نجد هذا واضحا وضوح الشمس, امتدت فترة الأندلس ثمانية قرون من فتح العرب لأسبانيا 91هـ / ‏‏711م حتى سقوط غرناطة 897هـ/ 1492م. كانت الأندلس منارة العالم أجمع, كيف وصلوا لهذا التقدم والحضارة ثم كيف سقطت ؟

يقول المؤرخ النصراني كوندي: (العرب هووا عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات).

يقول الدكتور عبدالرحمن الحجي عن الفاتحين الأوائل للأندلس: (كانت غيرة هؤلاء المجاهدين شديدة على إسلامهم، فدوه بالنفس وهي عندهم له رخيصة، فهو أغلى من حياتهم أشربت نفوسهم حُبَّه، غدا تصورهم وفكرهم ونورهم وربيع حياتهم. وضاعت ممالك الأندلس من يدي المسلمين عندما كان نشيد أحفاد الفاتحين
دَوْزِنِ العودَ وهاتِ القَدَحا
راقتِ الخمرةُ والوَرْدُ صَحَا

وأنصح بقراءة كتاب الأندلس للدكتور طارق السويدان, ففيه التفصيل الرائع.

والحقيقة أن الحضارة الإسلامية ليست محصورة في الأندلس فقط, بل هي ممتدة من بداية عصر الخلفاء الراشدين ثم الحكم الأموي ثم الحكم العباسي إلى الحكم العثماني. ولا أنكر أنه كانت هناك فترات من الانحطاط والخذلان في أماكن وأوقات فهذا جلي واضح في كتب التاريخ.

أما العذر الذي ذكره المؤلف أن فترة النهوض عند الأمويين والعباسيين كانت بسبب الشعلة الإيمانية التي كانت في عصر الخلفاء الراشدين ثم بدأت تختفي تدريجيا إلى أن تلاشت , فما أبعد كلامه عن الصحة! أولا : استمرت الأندلس بعد الدولة العباسية ومع التفكك الحاصل فيها لكن كانت هناك مظاهر للحضارة والتقدم , راجع تاريخ بني الأحمر حكام غرناطة.
ثانيا: راجع تاريخ الدولة العثمانية في بدايتها, ستجد الحضارة والنهضة والقوة العسكرية والتنظيم , وتستطيع أن تقرأ تاريخ حكم العثمانيين الذي استمر من 1299-1923 م من أي مرجع تاريخي أو ويكيبيديا
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D...

ثالثا : الذي يحلل الواقع الذي نعيشه , سيجد أسباب كثيرة لا تتعلق بهذه المفاهيم المسمومة التي يحاول أن يزرعها المؤلف في نفوس الناس ويثبت أنها هي الأسباب الحقيقية, مثل : إهمال الناس للقراءة والعلم بشكل عام, أصبح الدين مجرد أحكام نظرية نُلقنها لأطفالنا دون أن نهتم بالجانب العملي لها, كثرة الغش والرشاوي والمحسوبيات في الأعمال الوظيفية وغيرها من الأسباب تجدها في كتاب "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ للعلامة أبو الحسن الندوي رحمه الله.


أصبحنا في حالة من اليأس جعلتنا نشكك في قيمنا الدينية الصحيحة الثابتة ونزرع الشك في قلوب الناس , وبدلا أن نواجه الحقيقة المرة , نلتف ونقول أن مفاهيمنا الدينية الخاطئة هي السبب في تخلفنا ونحن مجرد حلقة من حلقاتها التي بدأت من عهد سيدنا معاوية رضي الله عنه حين أُجبر الناس والعلماء على تلك المفاهيم. فالمشكلة بدأت من غيرنا ونحن ضعفاء ضحايا تلك المفاهيم الدينية ! هذا بالضبط ما يدعو له المؤلف, وبهذا يكون هذا الكتاب أحد أسباب انحطاط المسلمين وليس النهضة كما يدعي المؤلف, وللأسف.



6- مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين:
لن أسترسل في الكتابة عن هذا الفصل , هذا الفصل مجرد كلمات رنانة , شعارات فارغة , كلام ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب, أتمنى أن يتخيل القارئ لو أن شيعيا –ولا أتهم المؤلف بالتشيع- كتب أدلة المذهب الشيعي وفي آخر الكتاب وضع هذا الفصل, ألا ينطبق تماما عليه. ما أريد قوله: أن ما ذكره المؤلف كلمات عامة مطاطة يستطيع أي شخص أن يضعها لنظرياته التي يؤمن بها ويروجها بين العامة.


Saber Jan | 215 comments Mod
خاتمة:
أدعو القراء جميعا إلى أن يكونوا يقظين عند قراءة أي كتاب , ولا يتقبلوا كل ما يُكتب , حتى لو كان كلاما ظاهره مسنودا بالأدلة والبراهين حتى يسمعوا للطرف الآخر ثم لهم أن يحكموا بين الطرفين. وأسأل الله أن يرقنا التمسك بالفهم الصحيح لدينه القويم كما فهمه الصحابة والسلف الصالح, وأعرف جيدا أنني سوف أُتهم مسبقا من كل من آمن بفكر المؤلف أنني من أصحاب الفكر التقليدي الرجعي للدين وأن فكري من أسباب التخلف والانحطاط, أقول لهم: دعونا من الاتهامات والدعاوي وتعالوا إلى ساحة العلم المبني على الأدلة والبراهين, وقد بينت الشبهات والضلالات التي أوردها المؤلف بأدلة علمية وبراهين منطقية , فإن كان لديكم شيئا مقابلها فائتوا به بدلا من الاتهامات. والحمد لله أن وفقني لكتابة هذا التعليق وأسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين والحمد لله رب العالمين.


Saber Jan | 215 comments Mod
تتمة:

الاسم الصحيح للكتاب هو "البوصلة الشيطانية" اتبع فيه المؤلف أساليب في منتهى الخبث والتحايل, فبدأ أولا بتثبيت مبدأ الشك , فهذا هو مفتاحه لما سيأتي من ضلالات يندى لها الجبين , ينقلنا المؤلف من هاوية الإيمان بوجود طبائع وخواص ثابتة للأسباب لا تنفك عليها منفصلة عن قدرة الله وهذا هو الكفر بعينه –كما سأبين لاحقا-, إلى هاوية الطعن في علماء الأمة الإسلامية وأصحاب المذاهب الأربعة وادعاء أن فقههم كان سببا في أسباب تخلف المسلمين وانحطاطهم , وتخوينهم بأنهم ما كانوا إلا لسان للسلاطين منقادون لهم جبرا وكرها, وغيرها من الضلالات, وانتهى أخيرا بالطعن بسيدنا معاوية رضي الله عنه واتهامه له أنه كان بداية عصر التخلف للمسلمين الذي استمر إلى الآن. ثم أتى في الفصل الأخير ليروج لنظرياته بكلمات رنانة وشعارات زائفة , كلام ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب. الحقيقة أن الكتاب استحق بكل جدارة أن يكون –وليعذرني القارئ- "مزبلة فكرية" جمع فيها المؤلف كل الشبهات والضلالات التي حدثت في مختلف العصور ووضعها في مكان واحد وأضاف وعدل لتظهر في ثوب جديد "البوصلة القرآنية" وهي والله أبعد ما تكون عن القرآن ولا تمت له بصلة قريبة أو بعيدة.

ونسأل الله الهداية والثبات على الصراط المستقيم


Shoshi  | 2 comments حتى الأن الكتاب جيد الا في موضوع الأعمال اليدوية وامتهان الرعي والتجارة ما قدرت استوعبه ،،اما بالنسبه لعصمة النبي فهي من الذنوب وليس الشك ذنبا ولا العبوس ذنبا إن حصل ،،واما بالنسبه للقدوة برجل خارق فأنا أؤيد ذلك وديننا دين يسر ووسطية واعتدال وهذا ما كان يطمح إليه الكاتب في هذه الفقرة ~


message 27: by Niazi (last edited Feb 18, 2013 03:55AM) (new)

Niazi Darwish | 1 comments ما زلت في بداية قراءتي للبوصلة وهو بحق من أفضل وأجود ما قرأت منذ زمن وقد قادني القدر اليوم إلى هذا النقاش حول سلبيات الكتاب.

بدأت بقراءة تعليقات الأخ صابر حتى وصلت إلى كلمة لم أجد بعدها مبررا للإكمال.. البوطي هو كلمة السر في حملة الأخ صابر على العمري وهو معذور في ذلك لأن العمري متخصص في إحراق البوطي ومدرسته المتهالكة تحديدا ولا أدري كيف يجرؤ البعض في هذه الأيام على الاستمرار بذكر اسم البوطي واعتباره عالما يعتد بكلامه ويستدل بكتاباته!


message 28: by Hiba (new) - added it

Hiba | 7 comments الآن أقرأ البوصلة القرآنية وبالفعل وجدتها من أروع ما قرأت، جودة ومتانة لغوية مع إيضاح لكل المبهمات!
أما ما ذكر هنا من آراء فأجد أنه أبعد ما تكون عن الحقيقة ويبدو مع احترامي لآراء الجميع أنه تعصب أعمى!!


Niazi wrote: "ما زلت في بداية قراءتي للبوصلة وهو بحق من أفضل وأجود ما قرأت منذ زمن وقد قادني القدر اليوم إلى هذا النقاش حول سلبيات الكتاب.

بدأت بقراءة تعليقات الأخ صابر حتى وصلت إلى كلمة لم أجد بعدها مبررا للإك..."


أشاطرك الرأي تماماً

لي عودة لاحقة إن شاء الله بعد أن أكمل هذه التحفة :)


back to top