أحلام يحيى جحاف's Blog
October 7, 2025
المجلد الثاني من رواية الأخوة كارامازوف لدوستويفسكي ترجمة سامي الدروبي:
تبدأ الأحداث في هذا المجلد بالوضوح...العلاقات الاجتماعية بين الناس من طبقات مختلفة ...معضلة الخير والشر واختلاف الناس في الفهم حتى بين الأخوة ...شخصية الأخوة إيفان الذي يعاني من التمزق وهو يبحث عن إجابات لأسئلته الوجودية ...يبحث عن تبرير لكل تلك القسوة في العالم ...خاصة عندما يدفع الثمن طفل بريء أو حيوان لا حول له ولا قوة....أي حكمة تبرر هذا؟ " يزعم بعضهم أن الوجود على هذه الأرض لا يمكن تصوره خاليا من الألم ومن الظلم اللذين يستطيعان وحدهما أن يهبا للإنسان معرفة الخير والشر! ألا بئست تلك المعرفة إذا كان ثمنها هذا الثمن! إن كل ما في العالم من علم لا يكفي للتفكير عن دموع تلك الطفلة التي تتوسل إلى الرب الرحيم أن ينجدها" ويفاجئ أليوشا بصراحة والده وحديثه الجرئ معه:"جميع الناس يعيبون الخلاعة، ولكنهم جميعا يتعاطونها. كل ما هنالك أنهم يتعاطونها سرا على حين أنني أتعاطاها علانية. إن صراحتي وسذاجتي هما اللتان تعرضاني لهجوم ونقد تلك العصبة الفاسقة من الواعظين بالأخلاق" أليوشا الابن الأصغر الذي يمثل شخصية البريء والنقي سينتقل بين الشخصيات ليسمع تلك الحوارات والتصريحات حتى من الراهب زوسيما الذي سيتحدث قبل موته عن جزء من تاريخه ٠ "ما من أحد يستطيع أن يجعل نفسه قاضيا على مجرم قبل أن يدرك أنه، وهو القاضي، لا يقل إجراما عن الجاني الماثل أمامه، وأنه ربما كان هو المسؤول عن الخطأ الذي ارتكبه هذا الرجل" في الرواية يظهر حجم الدين وأثره في حياة الناس في ذلك الزمن بروسيا ومكانة رجال الدين ...وفي المشهد الذي يظهر فيه أليوشا مع ذلك الصبي الذي يتعرض للضرب من رفاقه في المدرسة ويعض إصبع أليوشا بقسوة ليكتشف حكايته ومأساة أسرته ...يسرد الراوي حكاية عائلة ذلك الصبي التي تعيش معاناة الفقر والحاجة ويصور حجم الألم الذي يعاني منه الصبي لأن والده تعرض لموقف أهينت فيه كرامته أمام الناس من قبل ديمتري كارامازوف ولن تفلح محاولات أليوشا لإصلاح الأمر ...وكأن الكاتب يأخذ القارئ إلى داخل عالم الفقراء والمنبوذين ليرينا حجم المعاناة التي يعيشونها...عبر أكثر من 300 صفحة يعيش القارئ مع أسئلة فلسفية عميقة ومواقف تدعو للتفكير في حقيقة الحياة والخلق والعدالة والاخلاق...والفروق بين الناس حسب شخصياتهم
October 1, 2025
الجزء الأول من رواية الأخوة كارامازوف لدوستويفسكي ترجمة: سامي الدروبي
 
الرواية من كلاسيكيات الأدب الروسي...
يخاطب الراوي القارئ معرفا بأبطال الرواية ...
عبر هذه الرواية يعيش القارئ مع شخصياتها الرئيسية:
الأب القاسي الذي بدأ حياته من الصفر ويعيش على مائدة الناس لم يكن أبا حقيقيا لأنه قاسي مدمن للخمر شهواني 
وله ثلاثة من الأبناء تربوا بعيدا عن حنان الأب وعطفه 
ولا دور للأمهات هنا الابن الأول امه رمت نفسها من أعلى شاطئ وعر والأم للابنين الاخرين هجرت البيت وفرت مع رجل آخر ...
بتلك الخلفيات المأساوية تبدأ قصة أسرة كارامازوف
لكل أخ من الأخوة الثلاثة شخصيته التي يتميز بها وعلاقاتهم الغريبة مع الأب الذي لا يهتم بغير نفسه ...
يذهب الكاتب بنا في أعماق كل شخصية من الشخصيات التي تمثل عالم قائم بذاته ...
فليست الرواية مجرد سرد لحكاية الأخوة كارامازوف لكنها سرد للبيئة والزمن والثقافة وأثر كل ذلك على كل شخصية من الشخصيات...
فهم خلفيات الشخصيات وبيئاتها مهم لنعرف سبب تلك التصرفات ودوافعها...
وهذا ما جعل روايات دوستويفسكي تذهب عميقا داخل النفس البشرية ...
اقتباسات: 
-إن في البشر - وحتى في أعتى المجرمين - من السذاجة والطيبة فوق ما قد نتخيل. 
 - قال لنفسه على نحو طبيعي تماما:
" إنني أريد أن أعيش للخلود، وإنني أرفض التسويات وأنصاف الحلول"
ولو قد انتهى إلى نتيجة أخرى فاقتنع بأنه لا وجود لله ولا وجود للخلود لما اختلف الأمر، ولأصبح على الفور ملحدا واشتراكيا ( لأن الاشتراكية ليست مسألة الطبقة العاملة فحسب أو ما يطلق عليه اسم الفئة الرابعة، وإنما هي قبل كل شيء نظرة إلحادية وتجسيد حديث للكفر بالدين. إنها مسألة برج بابل التي يحاول البشر أن يشيدوه بلا إله بالضبط، لا ليرتفعوا من الأرض إلى السماوات، بل لينزلوا السماء إلى الأرض). 
-إن من يكذب على نفسه ، ويرضى أن تنطلي أكاذيبه، يصل من ذلك إلى أن يصبح عاجزا عن رؤية الحقيقة في أي موضع، فلا يعود يراها لا في نفسه ولا فيما حوله، وهو ينتهي أخيرا، لهذا السبب، إلى فقد احترامه لنفسه واحترامه لغيره. 
September 26, 2025
الحب تحت المطر لنجيب محفوظ
تدور الرواية في فترة الانكسار بعد الهزيمة ...من خلال شخصياتها المتعددة يرسم نجيب محفوظ ذلك الانكسار الداخلي وارتباط العلاقات العاطفية والاجتماعية لجيل كامل يعاني من الخذلان و يبحث عن المعنى ...أحداث الرواية ترصد حالة اليأس والضياع بعد هزيمة يونيو 1967....يرصد الزلزال الذي أصاب القيم عندما تاهت الحقيقة وعاش الناس فيما يشبه التيه في ظل غياب الحقيقة ... شخصيات الرواية من أوساط متباينة تجمعهم علاقات ومصالح ولكل شخصية هدف ... هناك شيء من الرمز في الأحداث كما يتضح من شخصية الجندي الذي يفقد بصره في المعركة ...فهل هي رمزية لما أصاب المجتمع من عجز في رؤية الحقيقة والأسباب التي أدت للهزيمة...المدهش في الرواية أن القارئ لا يتوه مع الشخصيات رغم كثرة عددها ...فكل شخصية في مكانها المناسب وتحظى باهتمام ومتابعة القارئ وتعاطفه.... وكما يحدث في واقع الناس تتداول مصائر الشخصيات التي تتلاعب بها الأقدار وتكشف بصراعها خفايا النفس البشرية ببساطتها وقسوتها وكيف تترك الحرب ظلالها على الناس وآثار الفقر التدمرية على القيم ومصائر الناس... وكيف يكون البعض ضحايا لآخرين..كانت العلاقات التي تجمع الشخصيات وسيلة لرسم جزء من واقع المجتمع في فترة التناقضات عندما يسمع الناس عن المنجزات والمشاريع الضخمة في الوقت التي تقيد فيه الحريات وتكمم فيه الأفواه وتغيب فيه الحقائق عن الناس فيعيشون في حالة من القلق والترقب وعدم اليقين... السرد في الرواية ينقل أحداث الرواية بسلاسة وهدوء وكعادة روايات نجيب محفوظ الشخصيات رسمت بدقة وكأن القارئ يراها أمامه ...فهل يحق لنا أن ندين الشخصيات وهي تعيش واقع غير طبيعي!!!!الحوارات رائعة وتحمل عمق فلسفي ينفذ لأعماق المجتمع ...نعم كيف يتوقع مجتمع النصر على العدو الخارجي قبل أن ينتصر على المعيقات الداخلية ...التي تعيق حياة تحافظ على كرامة المواطن وعزته على أرض بلده...في الرواية تحاول بعض الشخصيات الفرار من كل شيء والهجرة خارج البلاد !! اقتباس:القلب يعرف أكثر ممّا يتصور العقل!"
September 15, 2025
يوميات طبيب من بغداد - اسراء محمد جواد:
اليوميات أدب متميز في قيمته الوصفية والتسجيلية والسرية....هي سجل للتجربة اليومية... هناك من يملك ثقافة كتابة اليوميات كطقس يومي، يكتب كل ما يحدث له في يومه ويسجل مشاعره وأفكاره الحرة حول ما يحدث...وبالطبع، هناك فرق بين المجتمعات التي يمتلك الفرد فيها سقف حرية مرتفع؛ فيعبر عن مشاعره وأحلامه ومخاوفه بحرية دون خوف مما يكتب وما يترتب عليه من إحراج للأهل والأصدقاء وما هو موقف الجهات الرسمية مما كتب!!!!في ثقافتنا العربية هناك ثقافة الستر...استروا ما ستر اللهلدرجة التستر حتى على الجاني والجلاد والطاغية والمغتصب والقاتل... غياب الحرية ووجود تلك التابوهات الشهيرة...تساعد على التكتم وتقييد الفكر والقلم...سلطة المجتمع قوية ويتعرض الكاتب للسخرية والاستهزاء بعدد الحروف التي كتبها...ناهيك عن القراءة المتربصة لما يكتبه العربي وتلك الاسئلة خاصة عندما تكتب الأنثى...فيخلط القارئ غالبا حتى بين شخوص الرواية وشخصية الكاتب...ولا يفرق بين الأجناس الأدبية ...وهناك من يقولها صراحة بأن المناخ في مجتمعاتنا غير مهيأ بعد لكتابة أدب اليوميات...خطر كل هذا ببالي قبل أن اقرأ الكتاب ... وعندما وجدت بأول صفحة تحت عنوان تنويه: " أي تطابق في أسماء شخصيات الرواية، أو أماكن وقوعها مع الواقع، هو -بالتأكيد- مصادفة غير مقصودة"الكتاب يمر سريعا بالقارئ ليعيش مشاعر الخوف التي تدفع المواطن العراقي المحب لبلده ليغادر البلاد ...لا نعيش كثيرا مع اليوميات ...لأن الكاتبة انتقت من يومياتها صفحات محددة ترسم صورة البلد بعد الغزو الأمريكي والاغتيالات اليومية للأطباء وغيرهم الأمر الذي دفع كثير منهم للمغادرة ... نعرف كيف تتحول الأوطان العربية لمسرح للفوضى التي يبدو أنها مرسومة بدقة ...فتتحول الأوطان لحسرة في القلوب ...لفت انتباهي تشابه بعض التعبيرات اللغوية في اللهجة العراقية مع ما نستخدمه في اليمن خاصة بصنعاء مثل مناداة أم الزوج بالعمة...واستخدام لفظ باغة للمواد البلاستيكية ووجود أصحاب العربات أو العربيات التي يقودها فتية صغار في السوق..وتناول خبز التنور الحار والبسطة في السوق... وحقيقة تولي صدام حسين الحكم في عام 1979... واندلاع الحرب مع إيران في عام 1980، وبداية تأزم الحالة الاقتصادية في العراق وكأن صدام حسين جاء لدور محدد...وتشير الكاتبة كيف تغلغلت الطائفية في المجتمع العراقي واستنكار الناس لذلك:"حتى انتخابات النقابة ما سلمت من الطائفية يا أميرة. هناك تلگون قوائم بألوان مختلفة، تميز المرشحين، مؤهلاتهم العلمية، خلفياتهم السياسية والأحزاب المنتمين ألها، وبعدين تجي أسئلة غبية عن الاتجاه الديني والطائفي الهم وإلنا، شنو علاقة الاتجاه الطائفي بشغل النقابة. كافي بعد ما إلنا عيشة بهذا البلد" يشعر القارئ بالحزن لأنه يقرأ واقع يعرفه ويعيشه، فالموضوع ليس قصة خيالية بل واقع محزن ومخيف...ويبدو أن كثير من تفاصيله تتشابه في البلدان العربية.... اقتباس من الكتاب:-يقول جيفارا "كنت أتصور أن الحزن يمكن أن يكون صديقًا. لكني لم أكن أتصور أن الحزن يمكن أن يكون وطنًا نسكنه، ونتكلم لغته ونحمل جنسيته"، وهكذا نحن، وهكذا أنا أصبح وطني منبع حزني...
June 11, 2025
الجزء الثالث من الرواية بعنوان : ثورة النمل للكاتب الفرنسي برنار فيربير
تتوالى أحداث الرواية عبر خطين سرديين متوازيين أحدهما للشخصيات من البشر والآخر للشخصيات من النمل ... وتتداخل مع السرد مقاطع قصيرة من الموسوعة التي تحوي مقالات علمية لتوضيح أو إلقاء المزيد من الضوء على الأحداث ...
ما لفت انتباهي في الرواية :
- تحويل النمل لشخصيات في رواية يتفاعل معها القارئ ويتابع ما تقوم به ...
تحويل ما يعرفه الكاتب عن النمل وتجسيده على هيئة شخصيات مميزة لها أسماء وأهداف ورغبات يعد عمل مبدع ...
فالنملة 103 المكتشفة والمغامرة وهناك النملة الساذجة التي تضيع طريقها أغلب الوقت...حوارات النمل بخيال مدهش ليتعرف القارئ على عالم النمل وأسلوب حياته...
- تعج الرواية بالأسئلة الوجودية...عن الحياة والموت وحقيقة الدين ...
كيف نشأ الدين ولماذا ينقسم الناس لمؤمنين وربوبيين ومنكرين للدين ومتشككين!!!!
_ حقيقة أن الإنسان ليس المخلوق الوحيد على هذا الكوكب ...
هناك مخلوقات اخرى تتشارك معه في الوجود على هذا الكوكب الذي يتسع للجميع، لكن الإنسان يتعامل كأن الكون له وحده دون منازع فيقتل ويدمر ويخل بالتوازن البيئي للأرض..
- تعج الرواية بكثير من القضايا التي تستحق الوقوف عندها مثل مبدأ الاحتجاجات وحقيقة ثورة بلا عنف ...
وتعامل السلطات مع الناس ومصداقية وسائل الإعلام وإهدار الاطعمة ورميها في الوقت الذي يعاني فيه كثير من الناس من الجوع والحاجة لذلك الطعام الذي يهدر.... وهل يحق للبشر سحق وقتل أغلب المخلوقات والحشرات وهل تحقق المحاكمات العدالة فعلا أم أنها تخضع لمزاج القاضي أو غيره من أصحاب السلطة والتأثير !!! 
May 9, 2025
كتاب لست سوى امرأة للكاتبة أحلام يحيى على منصة كتبنا
  
May 2, 2025
قراءة نقدية: رفيق الرضي
ما بين وخارج أسوار مدينة صنعاء القديمة، ترتسم على الحجارة قصصًا عريقة تتحدث عن تاريخ اليمن الموغل في القدم، وفي ظلال بساتين العنب وخضرة “وادي ظهر”، يتربع “دار الحجر” شاهدًا على حضارة متجذرة، يتجلى سحر العنب اليمني بألوانه ونكهاته الفريدة التي ضرب فيها المثل لمن يلازمه سوء الحظ في الاختيار بين أمرين فيخسر كليهما (بلح الشام وعنب اليمن). هكذا أخذت الكاتبة أحلام جحاف القارئ في سردها وروايتها لأحداث وقصص وشخصيات ليتداخل الواقع بالخيال، فيرسما صورة جميلة في كل مرة، وتنقل القارئ في جنبات حارات صنعاء وأزقة شوارعها، ليعيش مع شخصيات القصص الواردة في جنبات الكتاب الصادر عن دار “كُتبنا للنشر”، واختارت الكاتبة أن تظهر المجموعة القصصية أمثلة وقصصًا من التراث اليمني، في رسالة تسعى من خلالها لإتاحة الفرصة لخيال الكاتب لتلقي تلك الرسائل، وتحفز لديه التفكير النقدي حول تناقضات المجتمع، في محاولة فك طلاسم التعقيدات الكثيرة والأحكام المسبقة حول المرأة وكذلك حول أغلب قضايا المجتمع. لم تقدم الكاتبة صورة واحدة للمرأة، بل تركت الأمر للقارئ للتعرف إلى نماذج مختلفة من الواقع اليمني، حيث تعيش المرأة الواقع بكل تعقيداته وتناقضاته وتحدياته، كما تتعرض للتهميش والإقصاء، في تراجع لما وصلت له المرأة اليمنية من مكانة تاريخية، فقد عرف اليمنيون المرأة قائدة وحاكمة ومشاركة للرجل في المسؤوليات والمهام. ومن خلال ما أوردته الكاتبة، فإن القصص لا تُظهر المرأة دومًا ضحية للرجل، بل تظهر في بعضها قدرتها على القسوة والتسبب بالألم للآخرين، فيكون الرجل الضحية في أحيان وفي غيرها تجد قسوة المرأة طريقها للتسلط على من حولها، ولم تقدم الكاتبة حلولًا لمشاكل وتعقيدات المجتمع، بل حاولت تقديم الواقع كما هو، وقبل ذلك حاولت فهم المجتمع، والكشف عن مشاكله عميقة الجذور بهدف الدفع للخروج من هذا الواقع بعد فهمه. توضح الكاتبة توظيفها بعض كلمات اللهجة المحلية اليمنية لمنح النصوص نكهة خاصة، تنقل القارئ لشوارع وحارات صنعاء والتعرف إلى ثقافة وتاريخ اليمن، وبما يسمح للقارئ أن يقترب من الشخصيات والدخول إلى عالمها بكل ما فيه من متاهات وتساؤلات،كما تؤكد الكاتبة أن اللغة العربية ثرية وغنية بمصطلحاتها واللغة المحلية جزء من هذا الثراء، والأدب فقط قادر على تحطيم الحواجز وتغيير الصور النمطية عن الآخر المجهول،و أشارت كذلك إلى تناولها لقضايا اجتماعية كثيرة منها التناقض في نظرة المجتمع للمرأة الذي يردد أنه يكرم المرأة، لكنه يردد في مناسبات مختلفة يعمل على تحجيمها ومصادرة رأيها وفكرها حتى لا تخرج عن الدور المرسوم لها، و تناولت الكاتبة تعقيدات العلاقات بين الرجل والمرأة وباقي أفراد الأسرة بما فيها من حب وكراهية وتسلط وخيانة، إضافة إلى تمكن العادات والتقاليد من تفاصيل الحياة اليومية للأسرة اليمنية، وكيف تتحول لقيود تعيق الحركة والنمو والتغيير. توجز الكاتبة حديثها عن مجموعتها القصصية أنها تعرض فسيفساء معقدة من حياة المرأة في مجتمع هو في أشد الحاجة للتعرف على ذاته وفتح أبواب النقاش حول قضايا أساسية تتعلق بالعدالة والمساواة والحرية الإنسانية، في مسعى لإضاءة الطريق، والبناء على الحوار. في سعي الكاتبة أحلام جحاف إلى إثارة تساؤلات تترك للقارئ الإجابة عليها. يتساءل القارئ إذا كانت هناك إجابات محددة في فكر الكاتبة أحلام جحاف، لترد على ذلك بقولها: “من الجميل ان يتساءل القارئ، فالأدب يسعى لإثارة الوعي وتقديم وجهات نظر مختلفة ولا يقدم إجابات جاهزة، بل يدعو القارئ للتفكير وتكوين آرائه الخاصة. واقعنا معقد ومشاكلنا كثيرة ومن الصعب تقديم إجابات، هذا سيكون تبسيط مخل لأن العلاقات الإنسانية معقدة ومتعددة الأوجه، المهم أن نعترف بوجودها ونؤمن بضرورة التغيير”. https://albodalmaftooh.com/2025/05/02/%D9%D8%B3%D8%AA%D9-%D8%B3%D9%D9-%D8%A7%D9%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D9%D8%AC%D9%D9%D8%B9%D8%A9-%D8%A3%D8%AD%D9%D8%A7%D9-%D8%AC%D8%AD%D8%A7%D9-%D8%A7%D9%D9%D8%B5/
قراءة نقدية للمجموعة القصصية: لستِ سوى امرأة
لسْتِ سوى امرأة
"لستِ سوى امرأة" عنوان كتاب الجلسة الرابعة من جلسات "مسيرة كتاب" التي تنظّمها مجموعة "سياق"، والتي حدّثتكم سابقاً عن أوّل جلستين لها... يحتضن بيت الحكمة في الشارقة هذه الجلسات الثقافيّة المميّزة، ويقدّمها مختصّ المكتبات فيه الأستاذ هاني صبري، لذلك لا عجب أن تكون هذه الجلسة جلسة ثقافيّة أدبيّة راقية، بدأ الحوار فيها بمقدّمة جميلة مميّزة أبدع فيها الأستاذ هاني بتقديم الكتاب وكاتبته وفحواه، ثمّ انتقل إلى بعض الأسئلة عن الكتاب وعن الكتابة بشكل عامّ لينتقل الحوار بعد ذلك إلى مناقشة الكثير من الهموم والآلام والأمال في مجتمعاتنا العربيّة، حوار غنيّ ثريّ هادف مفيد شارك به كلّ من حضر الجلسة بطريقة وديّة محبّبة... أعود إلى الحديث عن الكتاب "لستٍ سوى امرأة"، فهو مجموعة قصصيّة تتألّف من ثلاث وعشرين قصّة قصيرة اسمحوا لي أوّلاً أن أعرّفكم بالكاتبة ثمّ أنتقل للحديث عن الكتاب...الأستاذة أحلام جحاف مدرّسة وكاتبة من اليمن الشقيق، لها رواية بعنوان "إضرام النيران"، وقصّة للأطفال بعنوان "الخاتم العجيب"، إذن هي كاتبة كتبت أكثر من نوع أدبيّ لكنّها تشترك كلّها في أنّها تتحدّث عن هموم مجتمعها وآلامه لعلّها تكون صوت من لا صوت له... ما أراها إلّا قد طبّقت المقولة التي أردّدها دائماً لأديبتنا الكبيرة كوليت الخوري: "لا أُحبّ الصراخ بحنجرتي، فصرخت بأصابعي وأصبحتُ كاتبة"... لكنّ صرخة الأستاذة أحلام هي صرخة هامسة أو همسة صارخة، لا فرق، فهي صرخة وعي واتّزان، صرخة في وجه الفساد والتخلّف والجهل والعادات والخرافات والموروثات البالية، نُسجت بشكل قصص من واقع حياتنا اليوميّ حتّى إنّ من يقرأ هذه المجموعة يقول لنفسه مع كلّ قصّة "هذه تشبه قصّة فلانة"... تنتقد الأستاذة أحلام في قصصها الواقعيّة العديد من الممارسات الخاطئة التي بليت بها مجتمعاتنا فأدّت إلى تخلّفها وتأخرّها عن ركب الحضارة والتقدّم، فهي مثلاً تتحدّث عن التمسّك بعادات بالية لا صحّة لها سوى أنّها موروثة عن الأجداد كما في قصّة بقرة الليل التي يخيفون بها الصغار، والزنيحيّة التي تسرق حليب الأمّ إن خلدت للنوم، وغصن الشذاب الذي ينبغي على الوالدة حديثاً أن تضعه... هذه كلّها عادات يمنيّة لزمتها النساء دون تفكير، لكنّكم ستجدون بالتأكيد عادات تماثلها في كلّ البلدان العربيّة، وإن تجرّأت إحدى النساء وسألت عن جدواها، كما فعلت بطلات القصص هنا، كان الجواب "هذا شيء لا بدّ منه، هو هكذا وحسب"... زواج القاصرات كان من الأمور السلبيّة التي انتقدتها الأستاذة أحلام من خلال الطفلة "نورية" التي خسرت حياتها في ريعان الشباب بعد أن زُوّجت في التاسعة من عمرها، فالمرأة ما زالت لا رأي لها ولا قيمة، بل وتتّهم بالغدر أيضاً كما جاء في قصّتها "داوية وهدار"، وفي قصّة "لستِ سوى امرأة"، التي منحت اسمها للمجموعة كاملة، تتحدّث عن الانتقاص من شأن المرأة وحصر دورها في الحياة في البيت فقط، إذ تقول على لسان أحدهم بعد أن رأى بطلة القصّة تقود سيّارتها: "تركت التنّور وخرجت تزاحم الناس"...أمّا علاقة الحماة بالكنّة فأفردت لها قصّة محزنة بعنوان: "القرقوش في الطاقة"، إذ يبدو أنّ العلاقة المتوّترة دائماً بين الحماة والكنّة أمر يغلب على معظم مجتمعاتنا، ويؤكّد ذلك المثل الشاميّ القائل: "مكتوب على باب الجنّة، الحماية ما بتحبّ الكنّة"... بطلة القصّة عانت من تعسّف حماتها ووقوف الزوج دائماً إلى جانب أمّه، فقالت: "الزواج برجل له والدة مزعجة كوالدة زوجي هو نوع من الدخول إلى أعماق الجحيم"... ثمّ تساءلت: "ولا أدري لماذا تحوّل إحداهن حياة ابنها وزوجته إلى جحيم مستمرّ؟ أين مشاعر الأمومة التي تحملها تجاه ابنها؟ لماذا تتعامل معي كأنني عدوّة لها؟"... تناولت أيضاً العلاقة بين الزوجين بأشكالها المختلفة، فتارة يكون الزوج هو الطرف المخطئ والظالم كما في قصّة "مكالمة"، وطوراً تكون الزوجة هي المخطئة والظالمة، كما في قصّة "زوجة ثانية"، و"قصّة زواج" حيث يؤدّي إهمال الزوجة لبيتها وزوجها إلى هروبه ليجد الراحة الاستقرار في زواج ثانٍ... تتساءل أحلام أيضاً في عنوان إحدى قصصها "من يدفع الثمن"؟، من يدفع ثمن علاقة بين زوجين غير متحابّين تنتهي بالطلاق، والجواب الأكيد هو: "الأطفال الفارّين من جحيم الأهل ليتلقّفهم الشارع بكلّ ما فيه من مخاطر وأهوال يرونها أهون بكثير ممّا هربوا منه"...للفساد الإداريّ أيضاً نصيب في هذه المجموعة القصصيّة الجميلة، وذلك في ثلاث قصص: "توقيع الشيك"، و"حرم الوزير"، و"ضربوا المدير وأسعدوا الموظّفين"... جوانب سيّئة أخرى تناولتها في قصص معبّرة مثل إدمان القات في قصّة "دردشة مع صديقة مخزّنة"، وظاهرة العظات الدينيّة التي اجتاحت مجالس العزاء، إذ "أصبح من المعتاد أن يكون هناك من تلقي موعظة عن الموت في بيوت العزاء"، ولكنّ هذه الموعظة قد تتحوّل إلى نقاش عقيم إذا كان هناك من يعارض رأي الواعظة ويخالف مذهبها الفقهيّ، وليس من النادر تبادل الاتّهامات ووصف الرأي الآخر بالبدعة... رغم كلّ تلك الجوانب السيّئة والسلبيّات في مجتمعاتنا لم تتركنا الأستاذة أحلام دون شمعات تضيء لنا هذه العتمة، إذ كانت بعض القصص هي تلك الشمعات المضيئة، فها نحن نستعيد عادات رمضان الجميلة، ويغمرنا الحنين إلى زمن تولّى عشنا فيه أحلى لحظاتنا وذلك في قصّتها "وعاد رمضان"، لتنهي مجموعتها بقصّة مؤثّرة عن حبّ قلّ مثيله، حبّ لا يطلب من المحبوب إلّا يكون بخير، حبّ لا يشترط مبادلته بحبّ أو بمنفعة أو أيّ أمر آخر... حبّ صادق شفّاف يعيد ثقتنا بوجود قيم الخير والعطاء بغير حدود... قلم الأستاذة أحلام كان أيضاً صادقاً وشفّافاً في نقل ما حملته على عاتقها من هموم مجتمعها وآلامه لعلّها تصل به إلى نبذ كلّ ما يعيق تقدّمه من أفكار متخلّفة وعادات بالية وموروثات لا صحّة لها... وكان ذكيّاً مبدعاً في طرحه، بسيطاً سلساً في سرده، هادئاً راقياً في نقاشه...كم أسعدتني هذه الرحلة القصيرة إلى أرض اليمن السعيد على متن هذه المجموعة القصصيّة الجميلة، حيث تعرّفت على بعض عاداتها وأمثالها الشعبيّة بأسلوب شائق ممتع جذّاب!..(شذى حريب)
April 27, 2025
برنامج مسيرة كتاب
مرحباً بكم في حلقة جديدة من بودكاست رحلة كتاب، حيث نلتقي مع الكتب التي لا تُقرأ فقط، بل تُحس وتُعاش.
في هذه الحلقة، نستضيف كتاباً يُشبه اعترافاً طويل المدى، كتاب "لستُ سوى امرأة" للكاتبة أحلام جحاف، التي حملت قضايا المرأة العربية بين سطورها، لا لتشتكي، بل لتبوح، لتفتح نافذة على الداخل، حيث الصمت أثقل من الكلمات.
أحلام جحاف، الكاتبة اليمنية، تكتب بحبرٍ من التجربة والملاحظة، تكتب عن المرأة كما تراها في مرآة الواقع العربي: قوية لكنها مُقيدة، حاضرة لكنها مُتجاهَلة، تنبض بالحياة وسط مجتمعٍ يُصرّ أحياناً على تقليصها إلى دورٍ واحد أو عنوانٍ ثابت.
لستُ سوى امرأة هو عمل أدبي ينبض بالصدق، يطرح أسئلة أكثر مما يقدّم إجابات، ويجعل القارئ يتأمل في المعاني العميقة للأنوثة، للحرية، وللصوت الذي يُراد له أن يبقى خافتاً.
الكتاب لا ينفصل عن السياق الاجتماعي، بل يتشابك معه، يفضح التناقضات، ويكشف هشاشة بعض المفاهيم المتوارثة حول دور المرأة. هو كتاب يهمس، لكنه يهزّ، يتحدث عن المرأة لا كرمز، بل ككائن كامل يستحق أن يُرى ويُسمَع ويُحترم.
في زمنٍ تتغير فيه المجتمعات العربية ببطء، يأتي صوت أحلام جحاف ليذكّرنا بأن الأدب يمكن أن يكون أيضاً أداة وعي، وأن الكتابة النسائية ليست هامشاً، بل صُلب الحكاية.
خليكم معنا، لنغوص في هذا النص الذي يلامس الخاص والعام، الذاتي والجمعي، ولنمنح هذه "المرأة" المساحة التي تستحقها في النقاش والاهتمام.
كتاب "لستُ سوى امرأة" للكاتبة أحلام جحاف، كاتبة وشاعرة يمنية، عرفها القارئ العربي بصوتها الصادق، وكتاباتها التي تنبع من الواقع وتفيض شعراً وإحساساً. في نصوصها، تمتزج التجربة الشخصية بالهمّ الجمعي، وتُصبح الكتابة وسيلة للبوح، والمقاومة، والتوثيق.
في هذا الكتاب، تفتح جحاف نافذة على عالم المرأة العربية، لا لتصرخ باسمها، بل لتكتبها بحروف من ألم وأمل. هذا الكتاب الذي يتنقل بين الواقع والحلم، بين القيد والرغبة في التحرر، بين الهوية الفردية والضغط المجتمعي
لستُ سوى امرأة ليس فقط كتاباً أدبياً، بل هو مرآة اجتماعية، تعكس حال المرأة في مجتمعاتنا، تلك التي كثيراً ما تطالبها بالصمت حين يكون الكلام ضرورة، وبالتضحية حين تكون الحياة حقاً مشروعا
في هذه الحلقة، سنتوقف عند محطات مهمة من الكتاب، ونتأمل كيف تُسهم الكلمة في إعادة تشكيل الوعي، وكيف يمكن للأدب أن يُعبّر عن قضايا اجتماعية ملحّة، خاصة حين تكون المرأة هي المحور والملهمة
بهذه الكلمات بدأت حلقة النقاش لبرنامج مسيرة كتاب الحلقة الرابعة في قاعة الرشيد ببيت الحكمة بالشارقة....
بعد اسئلة الحوار حول المجموعة القصصية: لست سوى امرأة ، شارك الحضور بالاسئلة والمداخلات...
وانتهى اللقاء بالتوقيع على الكتاب...
April 6, 2025
كفاحي الكتاب الثاني 1- رجل عاشق لكامل أوفه كناوسغارد:
الجزء الأول من الكتاب الثاني بعنوان رجل عاشق ...كتاب سيرة ذاتية مميزة لأنها لا تشبه غيرها ...بها شبه برواية بحثا عن الزمن المفقود يعيش القارئ مع تفاصيل حياة الكاتب الدقيقة والصادمة في بعض الأحيان.... ويركز بشكل خاص على فترة انتقاله إلى ستوكهولم بعد انفصاله عن زوجته الأولى، وعلاقته الجديدة بالشاعرة ليندا بوستروم التي ستصبح زوجته وأم أطفاله. أسلوب كناوسغارد في الكتابة مميز ... يجمع بين السرد الواقعي اليومي والتأملات الفلسفية العميقة....فيتيح للقارئ أن ينغمس في تفاصيل حياته الروتينية في ستوكهولم،....بدء من البحث عن شقة....مرورا بعلاقته بصديقه النيتشوي المهووس بالملاكمة غير....وهو نرويجي يعيش بالسويد....نعيش تفاصيل تطور علاقته بليندا وصعوبات الأبوة المبكرة والتي يكتب كثير من تفاصيلها ومشاعره تجاهها....يستعرض كناوسغارد مشاعره وأفكاره بصراحة مؤلمة في بعض الأحيان لدرجة يشعر القارئ بأنه يعيش الحدث معه ...ولا يتردد في الكشف عن جوانبه الضعيفة والمتناقضة. يتحدث عن وحدته... وشكوكه الذاتية ككاتب وأب...وصراعه مع فكرة الحب والالتزام....كما يقدم وصفا حيا وصريحا لتجربة الأبوة.... بكل ما فيها من فرح وتعب وإحباط وغرابة...يستمر الكاتب في دمج مقاطع مطولة تتناول مواضيع متنوعة مثل: الفن والأدب والفلسفة.... مما يثري النص ويضيف إليه طبقات من العمق الفكري وهو ما يذكر القارئ بكتابات مرسيل بروست..هناك الكثير من الاسهاب والتطويل ويبدو واضحا انه يكتب مذكرات يومية ...لأن الحوارات التي يدرجها بكل تلك التفاصيل يصعب أن تكون استدعيت من الذاكرة ... ببساطة هو كتاب يهتم بسرد تفاصيل دقيقة تتسم بالصراحة والعمق ويقدم نظرة عميقة لرجل يصارع مشاعر الحب والأبوة والكتابة...ولا يجد حرج من ذكر تفاصيل كثيرة ...وهنا يكمن الفرق بين الكاتب الغربي والعربي والذي يصعب عليه أن يكون بهذا القدر من الشفافية والصراحة والعمق...في مجتمعاتنا عادة من يكتب سيرة ذاتية يحتاج أن يلغي كل السلبيات والأخطاء والسقطات ويبدو شخصية مثالية من نوع الملائكة لا البشر ... الكتاب ممتع لمن يستمتعون بأدب السيرة الذاتية والأدب الواقعي ....ومن يهتم باستكشاف أعماق النفس البشرية وتحديات العلاقات في الحياة المعاصرة ...وبالأخص من لا يشعرون بالملل من الكتابات الطويلة ...لكنه بشكل عام كتاب يستحق القراءة ويقدم فعلا تجربة قراءة مختلفة...أتذكر الكتاب كلما رأيت شخص يسحب حقيبة لأنه قال أنه يفضل حمل الحقيبة ذات العجلات لا سحبها... لأن سحب الحقيبة ذات العجلات خاص بالنساء
ويعرف القارئ الفرق بين النرويجي والسويدي... 
  


