محمد حلمي مخلوف's Blog

January 21, 2014

المدينة التائهة, الفصل الأول

(1)
حطت رحال قبائل (المالفيو) في بلاد ما وراء الجبل ما بين سنتي 1650 و 1667.. كان (مالدينو) زعيم قبائل (المالفيو) يملك أصابع ذهبية في تدليك الأجساد، يمررها برفق، تسترخي الأعصاب وتعود لسيرتها الأولى.. فاقت شهرة (مالدينو) الآفاق، استولى الأمراء على أصابعه..تردد اسمه في بلاط الإمبراطور (خاقان) كاسح الجيوش، صاحب الجسد الضخم، المبارز المحنك، لم يستطع أحدٌ هزيمته.
"كم تحتاج يا (خاقان) ليد تزيل عن كاهلك وعثاء الحُكم والمبارزة"
أمر (خاقان) بإحضار (مالدينو).. جربه. أدمنه. عينه مدلكه الخاص.
- لن تمتد يدك لغيري بعد اليوم يا (مالدينو).
يدخل (مالدينو) مع الأمبراطور الحمام الكبير المكسو بالرخام بعدما يقوم الحرس بتفتيشه جيدًا، سيعطيه الإمبراطور ظهره وهو لا يأمن أحدًا عليه، يجرده من ملابسه، وينام الإمبراطور في المغطس، ويبدأ (مالدينو) التدليك، لتسترخي أعصابه...ينسى جميع المشاكل، ويصفو ذهنه...بخوف قص (مالدينو) حكايات ونوادر رآها في ترحاله، يضحك (خاقان)، أقتحم (مالدينو)قلبه بحلاوة لسانه وطلاوة حديثه...بعد كل جلسة يتمكن (مالدينو) من زرع أحد أقاربه داخل القصر حتى تمكن من زرعهم جميعًا, أخبر (مالدينو) الإمبراطور عن مؤامرات تحاك ضده للاستيلاء علي العرش، دغدغت الثقة عقل (خاقان) فأصابته بالشلل..طلب مشورة (مالدينو) فأخبره بضرورة التخلص من (قادل)قائد الجيوش.
- (قادل) أوشك علي الاستيلاء علي العرش...يجند الجند لحسابه, وأصبح الجيش جزيرة منعزلة داخل المملكة.
أتسعت عين (خاقان) ذعرا, ثم قطب حاجبيه في غضب.
***
بعدما انتهى (خاقان) من مبارزة(قادل) قائد الجيوش.. لا يقتل غدرًا، عند شعوره بضرورة التخلص من أحدهم يعلن المبارزة، لا يجرؤ أحد على الرفض.. هذه المرة كانت مرهقة، فالقائد مبارز محنك، ولكن شأوه لم يصل له، تمكن من فصل رأسه عن جسده بعدما أثخنه بالجراح.. استدعى (مالدينو) ليزيل عن كاهله عبء السنوات الطويلة التي قضاها في صداقة (قادل)، كالمعتاد رفع( مالدينو) ذراعيه أمام الحرس. فتشوه.
- لاشيء. ادخل.
أعطاه (خاقان) ظهره، وفرد ذراعيه بجانبه، جرده (مالدينو) من ملابسه...نام (خاقان) في المغطس.. شمر (مالدينو) عن ذراعيه وبدأ التدليك..استرخى (خاقان)، أغلق عينيه... بقبضته هوى (مالدينو) على حنجرة (خاقان) بقوة فكسرها، اتسعت عينا (خاقان) عن آخرهما، أمسك برقبته، وضغط عليها، حاول أن يصنع فرجة ضئيلة يغزو منها الهواء جسده.
حشرجة .
ارتعاشه.
تشنج.
ثم سكن الجسد.
اندفع (مالدينو) خارجً الحمام...ولول, لطم خديه، شق جيبه.. اقتحم الحارسان الحمام. بخوف تفحصوا جسد الإمبراطور..تبادلا نظرة زائغة .
- مات.
تفشى الهرج والمرج داخل أروقة القصر.. يعدو الجميع في كل اتجاه زائغي العيون متخبطين.. يقطعون الدهاليز ويعودون دون أن ينجزوا شيئًا..أشهر رجال قبائل(المالفيو)السيوف والخناجر المخبأة بين ثنايا ملابسهم، أعمدوا القتل والذبح في الجميع، استدعوا الأمراء:
"الإمبراطور مات"
"يجب أن يترك الجميع أسلحتهم بالخارج"
أجلسوهم في أكبر قاعات القصر، تركوهم ساعات،حتى كلت نفوسهم....فُتحت جميع أبواب القاعة، حاصر رجال قبائل (المالفيو) الأمراء العزل، وقتلوهم بدون مقاومة تذكر.. نظفوا المكان، ثم اعتلى (مالدينو) العرش.
***
ماذا ستفعل بهذا الصبي يا (زارونكي)؟ تخلعه؟ وتُؤلب الأمراء والناس عليك؟.. آه يا (زارونكي).. صبي في الرابعة عشرة من عمره بعد أن ترسخ قدماه في حكمه يعطيك الأوامر.. اخلعه وتحمل العواقب، ولكن المسئولية ستتعلق بعنقك ولن تستطيع التنصل منها، صبي نبت عضوه البارحة يقلب رأسك وحياتك رأسًا على عقب، بالأمس وأنا أحدثه عن أحوالِ الرعية حدَّق في نهد الخادمة التي أتت لنا بالشراب وتابع أفخاذها الرجراجتين عند انصرافها وكأني لا أجلس معه.. آه وجدت الحل، أغرقه في اللذة، أُوحي له أن السلطة تعني التفرغ لمضاجعة النساء.. استدعى (زارونكي) الحراس.
- ائتوني بـ(بركات ) في التو والحال.
ابتسم عند رؤيته لـ(بركات)، وفتح ذراعيه، واحتضنه.
- أفتنا يا (بركات) في رجلٍ يريد أن يصبح فحلاً ولا يكلُّ من مضاجعة النساء.
انتشى (بركات).. آه منكم أيها الأمراء! تحملون أعضاءكم على أكتافكم، جميعهم يتمنون رضاك يا (بركات)، لو أمرتهم بتقبيل قدميك لفعلوا.. أمال عمامته للوراء:
- قضيب الضبع يجفف ويسحق ويستف منه قدر دانقين، فإنه يهيج شهوة الوقائع بحيث لا يمل النساء ولو أتى عشرين امرأة، أما خصية الذئب تؤكل مشوية تهيج الباه، ومن أخذها معه يأتي النساء كثيرًا، وعليه بالسذاب والسمسم المقلي والشلجم المطبوخ، وجلد الضب يتخذه طرفًا للعسل ويلعقه ويطلي قضيبه بدم فأر، ويعلق في عنقه قضيب كلب جاف وقلادة من حجر الباءة.
انفرجت أسارير (زارونكي).. وألقى بصرر النقود لـ(بركات).
- أفتنا في طريقة سحرية للقتل.
أطرق (بركات) مفكرا.. ابتسم.. قال بثقة.
- بيش، نبات ينبت بالهند، الدانق منه سم قاتل، تُربى الفتاة من طفولتها به، وذلك أن يفرش تحت مهدها مدة، ثم فراشها مدة، ثم ثيابها مدة، إلى أن تأكل منه ولا يضرها، ثم ابعثوها لمن تريدون قتله فإذا واقعها مات.
***
ربت (زارونكي) على كتف (أنتروفك)، وأعاد لمسامعه قصة جده السادس (مالدينو) وكيفية استيلائه على العرش، لم يكن مثله، لم يستطع تجاوز الاثنتين، أما هو فيضاجع خمسة.. ابتسم:
- الفضل كله يعود لوصفاتك.
في قرارة نفسه أقسم على جعلهن ستة؛ ليصبح أعظم إمبراطور في العالم وتعلق ذكراه بالأذهان، استأذنه (زارونكي).. حدَّق (أنتروفك) في النهد النافر، أمر الحراس بالخروج، ابتسموا، فابتسمت الخادمة لمعرفتها بما يدور في خلد (أنتروفك).
- اسمك.
- (نجوى).
أمرها بالاقتراب...اعتصر ثدييها، حلب شفتيها، افترشا أرض القاعة وغابا عن الوعي ينهلان من اللذة دون كلل.
***
ماذا ستفعل يا (زارونكي) بهاتين الحبلتين؟ تقتلهما وتُؤلب الأحمق (أنتروفك) عليك..؟ لا تستطيع تركهما حتى يلدا، يكفيك أحمق واحد ولتكن ولاية العهد لولدك..العاهرتان تكتما الأمر، أصبح إسقاطهما عسيرًا , وقتلهما مستحيلا لن يدعك (أنتروفك) تنجو بفعلتك، يجب احتواء الأمر قبل أن يصل للفتى، أقنعه بضرورة إبعادهما لمصلحته حتى لا يغضب العامة من أمر انجابه من أختين بدون رابطة زواج...ومصلحتهما لكيلا يفتك العامة بهما, وأذا أراد لقائهما يأمر بأحضارهما وسيحضرا صاغرتين، ثم أزوجهما خادمين وأهديهما الخمسة عشر آلاف فدان الواقعة وراء الجبل مناصفة؛ فأنا غير قادر على السيطرة عليها.. ينهبها النائب...لم ينتبه (زارونكي) لدخول أحد الحراس عليه وهو شارد.
- سيدي، تعاظمت ثروة (سمعان) التاجر.
ببطء عاد (زارونكي) لعالمه...حدق في وجه الحارس مليا...ثم قال ببطء.
- أرسل له بيشة ثم صفِّ ثروته وأدخلها الخزانة.. أسرع في طلب (بركات).
انصرف الحارس لتنفيذ الأمر, ورحل (زارونكي) مرة أخري عن عالمه, وقف وحيدا في باحة حكم (انتروفك) الموحولة.. عند وصول بركات... نزل(زارونكي) من مقعده المرصع بالتوتيا والبسنذ والسامور والشياطين والعاج الذي صنعه خصيصا ليكون أشبه بكرسي العرش، واحتضن (بركات).
- مالي أرى الحزن في وجه سيدي؟
- آه يا (بركات).. الهموم . الهموم.
- عليك بالقرنفل، فرائحته تقوي الدماغ البارد وتقوي القلب وتفرحه.
- (بركات) أيها الحبيب، أفتنا في رجلٍ يريد امرأته إذا جومعت لا تحبل.
أمسك (بركات) طرف ردائه في زهو، وشد قامته في اعتداد، ابتسم، وقال بثقة:
- فلفل، شجرة تنبت بمليار بالهند، وهي شجرة عالية لا يزال الماء تحتها وهي عناقيد، إذا حميت عليها الشمس انطبقت على كل عنقود منها أوراق حتى لا تحترق، وهي مثل شجرة الرمان، وبين الورقتين عنقودان منظومان بالفلفل، وعنقوده في طول الإصبع، وهو يخفف المني ويبرزه، إذا احتملته المرأة بعد الجماع منع الحمل، أما القنبيط إذا احتملته المرأة بعد الجماع أفسد المني، ودم الأرنب إذا شربته لا تحبل أبدًا.
***
تهشمت الزروع تحت وطأة اقدام الجماهير الغاضبة .. لم يتمكن الحراس من السيطرة عليهم كالمعتاد.. قتلوا جميع أفراد الأسرة الحاكمة، لم يتبق إلا الإمبراطور، اقتحموا القصر، حطموا كل شيء، اقتحموا الغرف، بقي القليل من الغرف، داهمهم اليأس.
- هرب.
فتحوا أحد الأبواب، وجدوا الإمبراطور يضاجع إحداهن، غائب تمامًا عن الوعي. هوى السيف على وسطه فشقهما.
***
- يجب أن نسترد جميع الأراضي التي بعثرها هؤلاء الرمم.
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 21, 2014 07:29

December 10, 2013

بين عربات القطار999

تخرج من منزلها عند السابعة صباحا حاملة فوق رأسها بقجتها الضخمة المليئة بالملابس الداخلية الحريمى، والدبابيس والبنس ،تسير بتؤدة ...كثيرون حذروها من الغضروف ..هو آت لا ريب, آه لو تأخر قليلا حتى تنتهي (رندا) من الكلية ... تصل محطة الجيزة عند الثامنة والنصف..الكمسرية لا يسألون، توفر ثمن المواصلات...تقف بين العربات وتنزل بقجتها ...جلست أمام الوابور ،استعدت لوضع الطاسة على عينه، طرقات عنيفة، أطل صديق (باسم)بعينين زائغتين ليعلن غرقه، ألجمتها الصدمة...دعت عليه البارحة فشل في التعليم وفى الشغل، لم تكن تعلم أن أبواب السماء مفتوحة تلك الليلة ...آه لو قطع لسانها قبل الدعاء ...أحست بالدوار واستندت على الوابور لم تشعر بلسعات النار وهى تبتر خمسة من أصابعها ...كم تتمنى لو ترتدى لباسا جديدا بدلا من المهلهل الذي ترتديه ، تأخذ واحدا من القابعين في البقجة، ولكن يجب أن تجمع باقي المبلغ لشراء الجيبة والبلوزة لـ(رندا) قبل ذهابها للكلية لكيلا يعيرها أصدقائها ، متى تنتهي من الكلية وترفع عنها هذا الحمل ...توقف القطار ،ساعدها أحدهم على حمل البقجة .. لا تشكر أحدا تخلى الجميع عنها عند وفاة زوجها ، أوشكت على بيع نفسها اكثر من مرة لولا ستر الله ...خرجت ، نزلت الأنفاق ،نظرت بطرف عينها للمرأة المنقبة الواقفة على عكاز التي تمد يدها أكملت طريقها لمكانها أمام بائعي الكتب عند سور الأزبكية .

18/2/2007
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 10, 2013 00:42

محمد حلمي مخلوف's Blog

محمد حلمي مخلوف
محمد حلمي مخلوف isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow محمد حلمي مخلوف's blog with rss.