محسن عبد العزيز
Goodreads Author
Member Since
August 2012
محسن عبد العزيز hasn't written any blog posts yet.
![]() |
الاستبداد من الخلافة للرئاسة
2 editions
—
published
2007
—
|
|
![]() |
رجال حول الوطن
|
|
![]() |
ولد عفريت تؤرقه البلاد
|
|
* Note: these are all the books on Goodreads for this author. To add more, click here.
محسن
is currently reading
read in April 2016

أوراق شاب عاش ألف عام
رحلة محسن عبد العزيز مع كتاب الاستبداد العربي
بقلم سعد هجرس
لكل حاكم مستبد.. سيف وشيخ وشاعر.ب
سيف يقطع الرقاب، وشيخ يكفر أصحابها ، وشاعر يمدح شجاعته.. حتي يتحول الشعب إلي قطيع يعلمهم الشيخ فض ...more "
Comments (showing 1-3)
post a comment »
date
newest »


بقلم كمال القاضي
القاهرة-«القدس العربي»: عنوان عريض لكتاب ربما يكون الأهم بين ما صدر خلال الفترة الماضية، فقد نفدت منة طبعتان سابقتان وأوشكت الثالثة على النفاد .. «الاستبداد من الخلافة للرئاسة.. أيام للحضارة وسنوات للسقوط»، ذلك هو عنوان الكتاب الذي أثار ضجة وقت صدوره، إبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان غريباً ألا يُصادر كونه يمثل إسقاطاً سياسياً على مطامع التوريث ومحاولات تجهيز الوريث، إلى حين توافر الفرصة للصعود إلى العرش، ولأن قضية التوريث كانت هي القضية الأبرز فقد رأى النظام آن ذاك أن تجاهل الكتاب هو الطريقة المثلى لإبطال مفعولة واستثمار أصدائه على نحو يوهم الرأي العام بوجود ديمقراطية تسمح بالرأي الآخر، وتترك للفكر المعارض حرية النقد والشجب.
تلك كانت فلسفة نظام مبارك في التعامل مع الطبعة الأولى من الكتاب في عام 2007، وبالفعل نجحت هذه السياسة وتبددت الأصداء إلى أن جاء عام 2010 وصدرت الطبعة الثانية من الكتاب ذاته، فتجدد الانزعاج، ولكن أشياءً من وسائل المصادرة أو التنكيل بالكاتب لم تحدث، ومرت ردود الأفعال بين مقال هنا وآخر هناك مرور الكرام، وبات الأثر الباقي هو الجرأة والجسارة والتحدي، وهي دلالات صدور الطبعة الثانية، من دون تهيب أو خوف وثبات الكاتب محسن عبد العزيز، الشاب الذي لا تبدو عليه أي علامات تشي بشجاعة مفرطة من هذا النوع، حيث الوداعة والرقة هي السمة الغالبة على طبيعته وشخصيته.
وتمر العاصفة الثانية في هدوء كسابقتها وتندلع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 فيتحول الجميع شطر السياسة، ويصبح الحديث فيها حديثاً يومياً دائماً غير منقطع، فالشعب مشغول بما سوف تؤول إليه مجريات الأحداث، بعد أن وضعت مصر كلها فوق صفيح ساخن.
وتنقضي سنوات الغليان والحراك الثوري وتبدأ مرحلة التنظير السياسي وتشتبك القوى السياسية في نقاشات محتدمة على خلفيات متعددة تمثل ثورتي 25 يناير و30 يونيو/حزيران بؤرتها الأساسية، وهنا يرى الكاتب الصحافي محسن عبد العزيز مرة أخرى ضرورة صدور الطبعة الثالثة من كتابة، كي يتبين القارئ أوجه التشابه بين ما كان يحدث في أزمنة الخلافة والأزمنة التي تلتها، وما جرى ويجري في الأنظمة الرئاسية لجمهوريات العصر الحديث، مشيراً إلى ما يهدف إليه من رصد لأشكال الديكتاتورية والاستبداد في كل مرحلة برموزها وشخصياتها، ولم يتورع عن أن يجعل البداية من تاريخ قيام ثورة يناير، إذ يقول في مقدمة الطبعة الثالثة: عندما قامت ثورة 25 يناير قلت ليذهب الاستبداد حُكماً وكتاباً إلى ذمة التاريخ، كان الظن والأمل أن الاستبداد ذهب إلى غير رجعة، لكن ما حدث كان غير ذلك تماماً، والكلام للمؤلف الذي أعاد، على حد قوله ترتيب فصول كتابه وفق كل مرحلة، فإذا كانت بيعة يزيد ابن معاوية «توريث الحكم»، هي البطل في الطبعتين السابقتين، إذ بدأ التاريخ بغير التسلسل الزمني، فإن الطبعة الثالثة من الكتاب نفسه قد بدأت بفصل الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) فهو أول حكم إسلامي لصالح الأهل والعشيرة على حساب الأمة، كان من نتيجته مقتل الخليفة نفسه في أول ثورة ضد الاستبداد في الإسلام.
وتحت عنوان «للأكاذيب عندنا دولة وسلطان» يطرح الكاتب أيضاً سؤالاً: ما الذي يمكن أن نفعله لصنع ثورة على قدر أحلامنا، التي لامست السماء ثم هوت تحت أقدام المستبدين الجدد؟ ويردف قائلاً: نعم كان الفرح طاغياً بسقوط الاستبداد في مصر وتونس وليبيا واليمن، لكننا فوجئنا بأن سعادتنا تشبهنا حين نضحك كثيراً فنقول: «خيرا اللهم اجعله خيرا». ولكن بعد الفرح بثورات «الربيع العربي» مباشرة استيقظنا على كابوس شديد الوطأة كأن شعوبنا خُلقت للاستبداد ولا يصلح لها إلا البطش.
يشير الكاتب في هذه السطور إلى الفترة غير المستقرة التي عاشتها الشعوب العربية وعاشها الشعب المصري، حين قفزت قوى أخرى إلى سُدة الحكم تريد الهيمنة تحت شعارات براقة تدغدغ المشاعر الدينية للجماهير، عوداً إلى ما كان يحدث في الماضي إبان بيعة يزيد بن معاوية، أطول بيعة في التاريخ العربي، وهو الأمر الذي جاء على عكس فترتي حُكم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب التي عاشها المسلمون في ظل العدل والحرية.
في الكتاب الذي يقع في 317 صفحة من القطع الكبير يعقد الكاتب الكثير من المقارنات، ففي الفصل الرابع، على سبيل المثال، يمعن التحليل في فترة حُكم علي بن أبي طالب التي سقطت فيها أخلاق الخصوم في معركة السياسة، وكذلك في الفصل الخامس يُسقط القناع عن وجه معاوية بن أبي سفيان، الذي وضع قواعد الاستبداد السياسي وأقام حجر الأساس، ولم يتوقف الكاتب عند هذا الحد، ولكنه يشير إلى صراع العصبيات والمذاهب والأفكار، وفي مواضع أخرى ذات صلة يتحدث عن اجتهادات فقهاء قصف العقول وثلاثية التخريب والانفتاح والنهب وفساد الكبار.
لم يفلت أيضاً أي من رموز الأنظمة السابقة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من النقد، إذ طالت ألسنة اللهب الرئيس عبد الناصر ورجاله، حيث وصف محسن عبد العزيز الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، بأنه كان المثقف الذي برر ديكتاتورية ناصر وزينها وقارنه في هذا السياق بالمتنبي شاعر السُلطة والسُلطان، ولمح إلى معركة هيكل مع مصطفى أمين، الذي خرج فيها الأول منتصراً، وكذلك لم يعفِ الرئيس السادات من مبدأ الديكتاتورية ولا من البطش بالخصوم في تأكيد على غياب الديمقراطية في المرحلتين المهمتين من حُكم مصر المحروسة.
ليس ثمة تحيز يشوب الكتابة ولا نزوع إلى فكر أو اتجاه أو انتماء لتيار سياسي نستطيع القطع بأنه يقود صاحب الكتاب الوثائقي نحو تغليظ عقوبة النقد في شهاداته إزاء كل العصور التي تطرق إليها في كتابه الذي نختلف حول بعض ما ورد فيه لكننا لا نُخفي إعجابنا به.
http://www.alquds.co.uk/?p=505291
كمال القاضي

في العمق
كتب . محمد الحسن
في 2003 احتلت القوات الأمريكية بغداد، ومثَّل سقوط المدينة العربية التاريخية صدمة للمثقفين العرب وللجماهير العربية، التي كانت تعاني تحت وطأة الاستبداد في الداخل، والحكام منشغلون بتجهيز مسرحيات التوريث.
وقتها، استفزَّ هذا الوصع ضمير الصحفي محسن عبد العزيز، فألًّف الكتاب المهم: "الاستبداد من الخلافة للرئاسة.. أيام للحضارة وسنوات للسقوط".
يقع الكتاب فيما يزيد عن 300 صفحة من القطع الكبير، صادر عن "الدار للنشر والتوزيع" عام 2006. وقيمته الأهم في أنه يوثِّق بين دفتيه لمظاهر وتاريخ الاستبداد منذ بُكورة الحكم الإسلامي حتى فترات من عصرنا الحديث.
يقول عبد العزيز: "بعد سقوط بغداد بكيت.. وقلت لماذا كل هذا السقوط في تاريخنا ولماذا كُتب علينا، بدأت في الكتاب وكان بمثابة رسالة موجهة ضد التوريث في مصر أيضًا".
ومع أن عبد العزيز سأل نفسه في البداية "لماذا"؟ إلا أن الكتاب يبدو جديرًا بالإجابة عن سؤال "كيف"، لأن رحلة شاقة قام بها عبد العزيز وضعت بين أيدينا عملًا جامعًا لمظاهر الاستبداد في أربعة عشر قرنًا من تاريخنا، حتى وإن لم يعط للتحليل بُعدًا أعمق أو منهجًا علميًا، ولأهمية هذا الكتاب، بدت ضرورة حوار مع عبد العزيز، جرى في مكتبه الهادئ بـ"الأهرام"...
غلاف الطبعة الثانية
غلاف الطبعة الثانية
على عكس المتوقع، بدأ الحوار من الحاضر عارجًا على الماضي، يرى عبد العزيز أن الدعوة لما يسمى "تجديد الخطاب الديني" غير ضرورية: "لدينا قاعدة اسمها المواطنة إذا فعلناها صار كل شيء بشكل سليم، لأن هذه الدعوة لا تحمل علاجًا جذريًا للمرض، إنها مُسكِن فقط".
المهم في رأي عبد العزيز هو النجاح في فصل الدين عن الدولة، فـ"لدينا خلط بين الاثنين، وصبغ السياسة بالدين يضفي على الحاكم قداسة لا تستطيع أن تسأله بعدها عما يفعل، كما أن المجتمع يبدو أسهل في الرضوخ للاستبداد مع هذا اللبس"، ولا يفوت الكاتب أن يؤكد أن فصل الدين عن الدولة معركة طويلة تبدأ بالتعليم.
يجذب الحديث طرف الجرائم الإرهابية التي نعاني منها، فيقول عبد العزيز إن هناك مظاهر لتأجيج الإرهاب أمام أعيننا لكننا لا نلتفت إليها: "بنجري ورا الإرهاب هنا وهناك، وفيه كتب تكفر وتشجع على العنف معروضة على الأرصفة وبين أيدي الناس في المواصلات وسايبينها".
وينتقد عبد العزيز عدم تدريس مناهج علم النفس والفلسفة لطلاب الكليات العملية: "هؤلاء الطلاب تحديدًا فرصة سهلة للجماعات المتشددة، لأنهم تعودوا على الطاعة والالتزام من أجل التفوق، وتدريس مناهج كالفلسفة سيقينا من شر تحولهم إلى التشدد".
يرى كذلك أن معركة الدولة مع السلفيين ستكون أسهل من مواجهة الإخوان: "السلفيون لا يملكون تنظيمًا قويًا مثل الجماعة، لكن على ما يبدو فإن النظام لا يريد أن يواجههم رغم علمه بخطورتهم"، وضع السلفيين الحالي فيه خطأ كبير، وفقًا لعبد العزيز، لأن "الدستور ينص على عدم جواز تأسيس حزب ديني ومع ذلك لدينا حزب النور وهو حزب ديني في الأساس".
الطبعة الثالثة
الطبعة الثالثة
على ذكر الدستور الحالي، يشير الكتاب في فصله الثاني إلى أن خطبة أبو بكر الصديق، أول خليفة للمسلمين، بعد بيعة السقيفة كانت بمثابة "دستور موجز".
(كان الصديق عظيمًا ورائعًا وهو يتحدث إلى الناس بلغتهم كواحد منهم "أيها الناس لقد وُليت عليكم ولست بخيركم، إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه").
يرى عبد العزيز أن عثمان بن عفان هو أول من مارس الاستبداد: "عين أقاربه على حساب الآخرين ولم يحاسبهم حتى"، يتابع: "كان رجلًا أخلاقيًا، ليس له في السياسة". المفارقة التي ذكرها عبد العزيز هي أن "عثمان أول من فتح باب الاستبداد رغم أنه الوحيد تقريبًا الذي جاء بالديمقراطية"، في إشارة لإجراءات البيعة "الشورية" التي حكم بها بن عفان بعد وفاة الخطاب.
يبدي عبد العزيز إعجابه بشخص عمر بن الخطاب، ويصفه في الكتاب بـ"العظيم"، ليس من منطلق قوة إيمانه ونزاهته فحسب لكن "عمر كان سياسيًا بمعنى الكلمة، في مرة حدث خلاف مع معاوية فأشار بترك غنائم معركة له، وكان يضبط حسابات تعيين الولاة بحسب الصراعات أحيانًا، لكنه كان يحاسب الكل أيًا كان منصبه". يوضح عبد العزيز: "عمر كانت له قواعده الخاصة، لا أحد يسير عكسها، يعين من يريد لكنه يجبره على النزاهة وإن خالف فالعزل".
في ذيل الكتاب ستطالع في 8 صفحات كاملة قائمة طويلة من المراجع بلغت 170 مرجعًا، ويشير عبد العزيز على رأس القائمة إلى أنه "لا توجد كلمة في الكتاب إلا وهي موجودة في هذه الكتب بالنص أو بالمعنى"، وهو مجهود ضخم يعزز من قيمة العمل.
اعتمادًا على هذه القراءات الواسعة، يؤكد عبد العزيز أن نظرة المتشددين لـ"الخلافة" التي يدعون إليها تنطلق من دافع المصلحة: "هم لا يريدون نموذج عمر بن الخطاب، إنما يحلمون بالخليفة الذي يعفو ويصفح ويتكئ على العرش في بلاطة ومن حوله الأتباع".
لا يمكن الخروج من الحديث عن الخلافة دون المرور على "داعش"، وهو التنظيم الذي نشأ وتوسع فجأة ونصَّب "خليفة" يدعى أبو بكر البغدادي. يقول عبد العزيز: "أعتقد أن التنظيم صناعة المخابرات الغربية، المنطقة العربية تعوم على بركة بترول الذي يعتمد عليه الغرب، وداعش عندما سيطر على حقول النفط في المناطق التي يحتلها خفَّض أسعاره، من المستفيد إذًا غير أمريكا والغرب؟".
(كانت الدولة الإسلامية يرتع في جنباتها الظلم.. فأهل مصر حلب أسامة بن زيد درهم حتى انقطع، ودمهم حتى انصرم، وكان الخليفة سليمان يمدحه على ذلك.. والكوفة والبصرة أهلكهم الحجاج ومحا ملامحهم ولم يختلف الأمر في بقية الأمصار).
تعتبر الطبعة الثالثة من الكتاب مهمة نظرًا إلى عدم استقرار الأمور في مصر بعد يناير 2011، فالإخوان الذين يرى عبد العزيز أنهم أعادوا "بغبائهم" وجوه نظام مبارك للواجهة مرة أخرى لم يلتزموا بما قطعوه على أنفسهم من وعود في فندق "فيرمونت"، وهي الواقعة التي يشبهها عبد العزيز بقولة معاوية بعد أن استقر فوق كرسي الخلافة "كل ما أخذته من عهود ووعود موضوع تحت قدمي".
استنادًا على ما ذكره الكاتب من أنه لا تقدم حقيقي في قضية الفصل بين الدين والسياسة، يتوقع أن يمثل سقوط الإخوان المسلمين عن الحكم ضربة "موقتة" للمشروع الاستبدادي المتشدد، لكنها لا تبدو القاضية.
(قتل المنصور خلقًا كثيرًا حتى استقام له الملك.. وقيل له: لما تهجم بالعقوبة كأنك لم تسمع بالعفو.. قال: بنو مروان لم تبل رماحهم، وآل أبي طالب لم تغمد سيوفهم.. القوم رأونا أمس سوقة واليوم خلفاء فلا تزيد هيبتنا في صدورهم إلا نسيان العفو واستخدام السيف).
تبدو وجهة نظر عبد العزيز عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الحوار أكثر وجاهة مما ورد في الكتاب الذي ألَّفه منذ 9 سنوات، فالكاتب مرَّ على شخصية بهذا الحجم مرورًا "نمطيًا" ساوى بين فترته وبين باقي الفترات، بل وشبه حكم ثورة 23 يوليو بحكم المماليك، وهي نقاط تفتح باب الخلاف الواسع مع كثيرين يعتقدون أن النظرة العابرة على فترة عبد الناصر باعتبار أنها حقبة "استبداد" فيها مجافاة للوجدان الشعبي الذي يضع عبد الناصر في مرتبة ثورية وجماهيرية عالية.
يقول عبد العزيز في الحوار وليس في الكتاب: "عبد الناصر قائد ثورة حقيقي، كان لديه مشروعًا مختلفًا، أقام مؤسسات وقلاعًا صناعية، وبنى الجيش الذي حارب في 73"، لكن عبد العزيز لا يبرئ عبد الناصر من نكسة 1967 ويرى أن نقطة ضعفه كانت في رجاله، ويعدد ما يسميه مظاهر استبداده في "زوار الفجر واعتقالاته لليساريين الذين خرجوا بعد ذلك ومدحوا ناصر".
(الاستبداد أن يتحول الدين إلى مجرد مانع للصواعق الاجتماعية.. قوة من قوات الأمن تستخدمها الدولة لحفظ الاستقرار ولا تختلف عن البوليس والجيش في طبيعتها ولكنها أفعل منهما أثرا وأوسع مدى وربما أقل تكلفة).
محسن عبد العزيز من مواليد المنيا، ويعمل في جريدة الأهرام. صدر له أيضًا مجموعتين قصصيتين: "ولد عفريت تؤرقه البلاد" عام 1999 و"مروة تقول إنها تحبني" عام 2004، ومؤخرًا كتاب "عبد الناصر والسادات.. عواصف الحرب والسلام".
- See more at: http://elyomnew.com/news/reports/2015...
الاستبداد من الخلافة للرئاسة
يقلم د. مصطفى الفقى ;
وقع فى يدى كتاب مثير لمؤلف مصرى واعد هو الأستاذ محسن عبد العزيز الكاتب الصحفى وعنوانه الاستبداد من الخلافة للرئاسة (أيام للحضارة وسنوات للسقوط) وقد قدم للكتاب فى طبعته الأولى الكاتب الكبير الراحل سعد هجرس، وتكمن أهمية ذلك الكتاب الرائع فى أنه يتبنى نظرية واضحة ويمضى وراء تطبيقاتها على امتداد عصور الحضارة العربية الإسلامية فى سنوات ازدهارها وانكسارها لكى يتتبع تلك الظاهرة المثيرة التى جعلت الاستبداد قاسمًا مشتركًا بين معظم الحكام فى التاريخ العربى الإسلامى، ولكى نعرف قيمة ما كتب محسن عبد العزيز فإننا نقرأ هذه السطور المنتقاة من كتابه عندما يفصح صراحة: «لكل حاكم مستبد سيف وشيخ وشاعر، سيف يقطع الرقاب، وشيخ يكفر أصحابها، وشاعر يمدح شجاعته! حتى يتحول الشعب إلى قطيع، يعلمهم الشيخ فضيلة الرضا والخضوع، ويعلمهم الشاعر فن المدح، ولا يكون هناك علم، ولا تفكير، ولا أسئلة، ولا بحث، ولا جدل، فيموت العقل ويذبل الفكر وتسير البلاد إلى النهاية واثقة من خطاها، ويكون المدح، ويكون الشيخ، ويكون السيف، ولا شىء آخر، وكلما اقتربت البلاد من نهايتها خطوة برق السيف وكلما اقتربت خطوة أخرى كان المدح الأعظم، وقام الشيخ يغرى الناس بالصبر والجنان حتى تسقط دولة المستبد» ولقد حشد المؤلف لكتابه عددًا من المراجع بدءًا من الكتب والمخطوطات وصولًا إلى الدوريات والمقالات وهو أمر أكسب الكتاب ثراءً وقيمة، ولكن القيمة الحقيقية لهذا الكتاب إنما تكمن فى كل سطر من سطوره خصوصًا عندما يوقت الكاتب للاستبداد فى الحضارة الإسلامية باللحظة التى طلب فيها معاوية بن أبى سفيان البيعة لابنه يزيد، ونتذكر مع الكاتب وهو يسجل رأى الأحنف بن قيس فى بيعته ليزيد عندما قال: «نخاف الله إن كذبنا ونخافكم إن صدقنا» وهى أيضًا لغة الاستبداد التى جعلت يزيد بن المقفع العذرى يقول: «هذا أمير المؤمنين ـ وأشار إلى معاوية ـ فإن هلك ـ وأشار إلى يزيد ـ ومن أبى فهذا ـ وأشار إلى سيفه» وعندما يدقق الباحث فى ميلاد الاستبداد فى إطار الحضارة العربية الإسلامية فلابد أن يدرك الفارق بين عصر الخلفاء الراشدين عندما قامت الخلافة على مبدأ الشورى الذى يجسده اجتماع (سقيفة بنى ساعدة) بعد أن توفى نبى الإسلام وكيف جاءت البيعة لأبى بكر بعده من قدامى المسلمين وخلصاء الصحابة، بينما جاءت البيعة الوراثية فى العصر الأموى من أول خليفة لابنه نموذجًا للاستبداد فتحول مفهوم الخلافة باعتبارها رمزًا دينيًا إلى ملك عضوض لم يتوقف حتى اليوم، وكتب المؤلف عن بيعة يزيد: «تعد بيعة يزيد وما جرى فيها دستورًا جامعًا مانعًا للمستبدين وأعوانهم.. الأدوار موزعة على الجميع بالعدل.. هناك من يقدم النصيحة ويقبض ثمنها الاستمرار فى الحكم .. ومن يقوم بالدعاية الدبلوماسية .. ومن يكشف للناس فضائل يزيد ـــ السكير ـــ ومن ينذر بالسيف ومن يوزع على الناس العطايا» كما يتطرق الكاتب إلى تنظير نظم الحكم وعلاقتها بالاستبداد فيرى أن «عماد الحكم المطلق هو النظرية الأبوية البطريركية التى بلغت ذروتها على يد جون لوك، فالحكومة يرأسها ملك وعلاقة الملك بالرعية مثل علاقة الأب بأولاده وتقوم هذه العلاقة على الخضوع والطاعة وهى تعتمد كعادة المستبدين على العواطف وليس القدرة المنطقية عند من يرتضونها وأحيانًا يدعى الطاغية أن السلام والأمن الداخلى يكون مقابل تنازل الرعية عن حرياتهم ثم يبدأ فى السطو على كرامة الناس وأموالهم وتنكمش الدولة لا الحكومة وتصبح هناك دولة أخرى من أعضاء حكومة الطاغية وحدهم ويتحول الحاكم إلى ما يشبه صاحب عصابة يهاجم الناس ليغتصب أمتعتهم والشعب مسلوب الإرادة ضعيف لا يستطيع المقاومة أبدًا والفقر على رءوس الجميع يذل أعناقهم للقتات من أجل الأطفال أو المرضى بينما الأغنياء إما فاسدين أو ليس لهم شأن بالسياسة»، ويقارن الكاتب فى براعة بين دولة الاستبداد والدولة الديمقراطية فيقول: «دولة الاستبداد تبرع فى إضفاء صفات العظمة على الطغاة مثل الزعيم والقائد والحكيم، بطل الحرب، صانع السلام، شاهنشاه ملك الملوك، السلطان المعظم.. وقد كان لكل خليفة عباسى لقب مثل الهادى، الرشيد، الأمين، المأمون وعندما ضعفت وأصبحت على وشك الانهيار أصبح بها المستنجد، القاهر، الظافر، المستعصم، وفى الخلافة الفاطمية كان المعز لدين الله والحاكم بأمر الله والعادل والكامل وحتى المماليك العبيد سموا المظفر والظاهر» ويتطرق المؤلف إلى علم السياسة وعلاقته بكاريزما القائد: «فى البلاد الديمقراطية ليس هناك من لا يمكن استبداله بغيره ومهما يكن الإعجاب بقائد معين فلابد أن يكون فى مقدورنا الاستغناء عنه وإلا جعل نفسه سيدًا مستبدًا يتحول من قائد منتصر إلى طاغية مثلما فعل الشعب البريطانى عندما أسقط تشرشل بعد انتصاره فى الحرب العالمية الثانية والفرنسيون مع ديجول أيضًا خوفًا من أن يتحول القائد الظافر إلى طاغية كما يحدث فى بلادنا.. يبدأ الحاكم قائدًا منتصرًا مدافعًا عن حقوق الفقراء ثم يتحول سيدًا مستبدًا وطاغية لا يشبع من السطو على أموال شعبه فى كثير من الأحيان».
تحية للمؤلف، المثقف مع أمل فى أن تتحول الدول العربية والإسلامية نحو مناخ الحريات الحقيقية والاستقرار الذى يقوم على العدالة الاجتماعية وإعمال مبدأ المواطنة بين الجميع.