رمضان عبد التواب
Born
in Egypt
February 21, 1930
Died
August 27, 2001
More books by رمضان عبد التواب…
“6. بل إن دراسة اللغات السامية، قد تفسر لنا ظواهر في العامية العربية، كظاهرة ضياع صيغة المبني للمجهول في العامية، وهي صيغة: "فُعِلَ" و "يُفْعَلُ"؛ إذ نابت عنها في العامية: (انْفَعَل) مثل: انكتب، وانفهم، وينفلق، وينعمل، بدلا من: كُتِبَ، وفُهِمَ، ويُفْلَقُ، ويُعْمَلُ، أو صيغة: (اتْفَعَل)؛ مثل: اتقتل، واترمى، بدلا من: قُتِلَ، ورُمِيَ؛ ففي اللغة العبرية توجد الصيغة الأولى، وهي هناك على وزن: (نِفْعَلْ) مثل: نِقْتَل، بمعنى: قُتِلَ، وفي الآرامية توجد الصيغة الثانية، وهي هناك على وزن: (اتْفْعِلْ) مثل: اتْقْتِلْ، بمعنى: قُتِلَ.”
― فصول في فقه العربية
― فصول في فقه العربية
“لا شك أن هناك فوائد كثيرة، تعود على الدرس اللغوي، من معرفة الدارس باللغات السامية؛ [...]. ونفسر بهذا الأمر سرّ تقدم المستشرقين، في دراستهم للغة العربية، ووصولهم فيها إلى أحكام لم يسبقوا إليها؛ لأنهم لا يدرسون العربية، في داخل العربية وحدها، بل يدرسونها في إطار اللغات السامية. وفيما يلي بعض الأمثلة، التي تبين لنا قيمة هذه الدراسات بالنسبة للعربية:
1. قال الله تعالى: "فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا". وقرأ ابن مسعود: "وثومها وعدسها"، وروى ذلك عن ابن عباس أيضا. فهل أصل الكلمة في العربية بالثاء أم بالفاء؟ إن في معرفتنا باللغات السامية الإجابة على ذلك؛ فإن الشين العبرية، التي تقابل تاء في الآرامية، تقابل ثاء في العربية، وتلك قاعدة مطردة، في مقارنات أصوات اللغات السامية *؛ فمثلا: كلمة: (شُورْ) في العبرية، تقابل: (تَوْرَا) في الآرامية، وتقابل كلمة: (ثَوْر) في العربية. وكذلك كلمة: (شُومْ) في العبرية، هي: (تَوْمَا) في الآرامية، و(ثُوم) في العربية.
ومعنى هذا أن أصل هذه الكلمة في العربية بالثاء، وأما الفاء فهي تطوّر عنها. [....] وإذا طبقنا القاعدة السابقة، على الفعل: (ثاب) بمعنى: رجع، نعرف أن الفعل الآخر: (تاب) بمعنى: رجع عن الذنب، ليس أصيلا في العربية، وإنما هو مستعار من الآرامية، من النصوص الدينية، التي استعمل فيها هذا الفعل بكثرة، في هذا المعنى الخاص، فالفعل في العبرية: (شَابْ)، والآرامية (تَابْ) بمعنى: (رجع) مطلقا، كالفعل: (ثَابَ) في العربية.
ــــــــــ
* انظر: أصوات اللغات السامية، في كتابنا: اللغة العبرية 122 - 127”
― فصول في فقه العربية
1. قال الله تعالى: "فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا". وقرأ ابن مسعود: "وثومها وعدسها"، وروى ذلك عن ابن عباس أيضا. فهل أصل الكلمة في العربية بالثاء أم بالفاء؟ إن في معرفتنا باللغات السامية الإجابة على ذلك؛ فإن الشين العبرية، التي تقابل تاء في الآرامية، تقابل ثاء في العربية، وتلك قاعدة مطردة، في مقارنات أصوات اللغات السامية *؛ فمثلا: كلمة: (شُورْ) في العبرية، تقابل: (تَوْرَا) في الآرامية، وتقابل كلمة: (ثَوْر) في العربية. وكذلك كلمة: (شُومْ) في العبرية، هي: (تَوْمَا) في الآرامية، و(ثُوم) في العربية.
ومعنى هذا أن أصل هذه الكلمة في العربية بالثاء، وأما الفاء فهي تطوّر عنها. [....] وإذا طبقنا القاعدة السابقة، على الفعل: (ثاب) بمعنى: رجع، نعرف أن الفعل الآخر: (تاب) بمعنى: رجع عن الذنب، ليس أصيلا في العربية، وإنما هو مستعار من الآرامية، من النصوص الدينية، التي استعمل فيها هذا الفعل بكثرة، في هذا المعنى الخاص، فالفعل في العبرية: (شَابْ)، والآرامية (تَابْ) بمعنى: (رجع) مطلقا، كالفعل: (ثَابَ) في العربية.
ــــــــــ
* انظر: أصوات اللغات السامية، في كتابنا: اللغة العبرية 122 - 127”
― فصول في فقه العربية
“[...] وكذلك أدرك ابن حزم الأندلسي (المتوفي سنة 456 هـ) علاقة القربى بين العربية والعبرية والسريانية؛ فقال: "إن الذي وقفنا عليه، وعلمناه يقينا، أن السريانية والعبرانية والعربية، التي هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير، واحدة تبدلّت بتبدل مساكن أهلها، فحدث فيها جرس، كالذي يحدث من الأندلسي، إذا رام نغمة أهل القيروان، ومن القيرواني إذا رام لغة الأندلس، ومن الخراساني إذا رام نغمتها. ونحن نجد مَنْ سمع لغة أهل (فَحْص البَلُّوط) وهي على ليلة واحدة من قرطبة، كاد يقول: إنها لغة أخرى، غير لغة أهل قرطبة. وهكذا في كثير من البلاد، فإنه بمجاورة أهل البلدة لأمة أخرى، تتبدل لغتها تبدُّلًا لا يخفى على من تأمله. ونحن نجد العامة قد بدّلت الألفاظ في اللغة العربية تبديلا، وهو في البعد عن أصل تلك الكلمة، كلغة أخرى ولا فرق؛ فنجدهم يقولون في (العِنَب) : (العِينَب)، وفي (السَّوْط) : (اسْطَوْط)، وفي (ثلاثة دنانير) : (ثلثدَّا). وإذا تعرَّب البربري، فأراد أن يقول: (الشجرة) قال: (السجرة)، وإذا تعرّب الجِلِّيقي، أبدل من العين والحاء: هاء؛ فيقول: (مهمّدا)، إذا أراد أن يقول: (محمّدا). ومثل هذا كثير. فمن تدبر العربية والعبرانية والسريانية، أيقن أن اختلافهما إنما هو من نحو ما ذكرنا، من تبديل ألفاظ الناس، على طول الأزمان، واختلاف البلدان، ومجاورة الأمم، وأنها لغة واحدة في الأصل". *
ــــــــــ
* الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم 1/30”
― فصول في فقه العربية
ــــــــــ
* الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم 1/30”
― فصول في فقه العربية