date
newest »


هيدير المناقشة الصحفي أ. سيد محمود، و هيقوم بالمناقشة الناقد د. محمد سليم شوشة، و الشاعرة والمترجمة العراقية د. نداء عادل.
وجودكم هيسعدني ويشرفني.



في صحيفة الصباح العراقية
عن رواية "خداع واحد ممكن"
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٢
السرد الشاعري المفعم بالعاطفة في رواية "خداع واحد ممكن"
تتمحور رواية "خداع واحد ممكن" للروائية "رضوى الأسود " حول المرأة واهتمامتها بالحب من داخل السرد العاطفي، وبتماسك فعلي للشخصية، بتركيز ذي أنواع مختلفة من شخصيات أخرى استثنائية، ولدت بعناية منطقية وفق خلفيات رسمتها من وجهة نظرها دون الخوف من التاريخ الذي يتناساه الإنسان، ليكمل الحياة براحة رغم جهله بالمقربين منه "كم يجهل المرء أقرب الناس إليه
فالاهتمام بالحب في روايتها هو مقنع بدرجات متفاوتة" تُظهر من خلاله القدرة على التغيير في مسارات الحياة الشبيهة بلعبة بلاي ستيشن التي تقول عنها في روايتها " مخيفة، مليئة بالوحوش التي يتوجب علينا قتلها والانتصار عليها، لكنها لعبة سرمدية " تتغلب على الأعراف الإجتماعية من خلال المرأة التي تنتقد الكثير من المفاهيم الإجتماعية وعبثيتها في الحياة بسخرية مبطنة، وانتقاد مغلف بسرد أنثوي حيث أمكنها ذلك من أن تلعب دوراً انعكاسيا على الرجل أو الشخصية المقيدة نفسيا بمفاهيم المجتمع العربي ، والأعراف بسماتها الجنسانية المعينة. لتخلق نوعا من الإستنكارات الجندرية .
حيث تقدم تحليلات ذات طابع نسوي بمفارقات جوهرية لأنثى تشدد على رؤيتها وفق ممارسات المرأة التي تسعى لاسترضاء نفسها من خلال الحب لكسب محبة حبيبها الذي يتعارض سلوكه مع رؤيتها الخاصة بحياة المرأة . فهل حاولت "رضوى الأسود" تقديم رؤية ثنائية لبناء العلاقات الاجتماعية بين الذكر والأنثى ؟ أم أن الذكورة ترتبط بالقيم الاجتماعية العربية تحديداً، وبتورية روائية قائمة على الشاعرية والحلم بتغيرات المجتمعات العربية ؟
امرأة وتعدد زواج وبناء عائلي مبني على التفاضل بين
الأبناء وبين الرجل والمرأة، والمقبول والمرفوض بلذة معارضة كل شىء يتم فرضه تحت شتى الذرائع غير المنطقية . لكنها ترتبط فعليا بشخصية تعاني نفسيا ، وبضعف غير مباشر .اذ يحتكم لأعراف تنتقدها دون أن تزعزع استقرار السرد الشاعري المفعم بالعاطفة الجياشة، وبأهمية معطاة للمرأة وقوة حبها للآخر الذي يستنكر سلوكياتها كامرأة رغم الحب الذي يكنه لها أو حتى للمشاعر المخفية في جيوب الذكورة، وبعبارة أخرى تبرير علاقات القوة ين الجنسين المرأة والرجل ، من خلال الهويات التي قدمتها روائيا ضمن النظم العائلية الامومة والأبوية والزوج والزوجة واستحقاقات النساء في مجالات العمل، وما الى ذلك من اعراف وتقاليد او حتى مفاهيم ما زالت تحكم المجتمع العربي
الذي تقدمه "رضوى الأسود" في روايتها التي بنت فيها المجتمع غير المتكافىء من حيث مسألة القوة والضعف بين الرجل والمرأة . فهل قوة الحب والارتباط العاطفي للمرأة بالرجل يمنعها من التحرر ؟ أم أن تحرر المرأة يسبب لها خسارات حسية وعملية مع الرجل والمجتمع ؟ وهل تسلط الضوء على عيوب حب المرأة القوي للرجل والتسلط الذكوري حتى وان كانت الشخصية الذكورية هي الطبيب النفسي بحد ذاته ؟
يلمس القارىء بحث أحلام عن الإسئلة الصعبة التي
تطرحها المرأة كثيراً في الحياة، وبشكل خاص المرأة التي تخوض عالم الكتابة أو الاصح عالم الأدب،
وهي التي تقاسي اجتماعيا من اجل تحقيق ذاتها رغم خسارتها لمن تحب ، وبشكل رمزي هي خسارة المرأة التي تسعى الى تحقيق ذاتها في مجتمعات تحكمها الأعراف الاجتماعية ، وكأنها تحلم بواقع تتماثل فيه المرأة مع الرجل، والشقيقة احلام هي المرأة تلو المرأة تلو المرأة التي تحكي حكايتها مع الرجل ومع ذلك تحبه، وتنتهي قصتها معه بالأمنيات.
ليعيش بوئام وهناء مع المرأة التي يريدها الرجل بعيداً عن التنافس معه. بل من خلال تلك التي تعيش في ظله . فهل قبل البدء بالرواية لزم التنويه فعلا ؟ وهل تحرر المرأة من القيود حتى قيود الحب تكلفتها باهظة في الحياة ؟ أم أن النماذج الأبوية تفاضلية منذ الطفولة؟ وهل هذه حكاية عاشقة تناضل لتبقى حرة لكنها تخسر حبيبها أو الرجل بشكل أصح؟
خداع واحد ممكن
رضوى الأسود

إنه يحملها بداخله، فيتوه عن ذاته الأصيلة. ينتمي لما لا تنتمي له روحه، فيعيش ويموت مدافعا عن أفكار وفلسفات وعقائد الآخرين، وليس فكره أو فلسفته أو عقيدته. يعيش ويموت نكره، مثل ملايين تشبهه.
لن تترك بصمة في الحياة إذا كنت مستنسخًا من غيرك.. دمية يحركها غيرك.. يقرر لها المجتمع كيف تفكر وتعيش، كيف تأكل وتلبس وتتناسل.
الخروج عن القطيع هو الدخول لعالمك أنت، هو بوابة الروح الأصيلة المتصلة بالطبيعة والأرض والخالق.
هنا فقط توجد الحقيقة.. هنا فقط توجد أنت.
رضوى الأسود

في الأحلام، لا مجال للأكاذيب، ليس هناك تهويمات أو تخييلات، كلها حقائق مهما كان الظاهر غرائبيًا؛ فالأحداث تمَّت بالفعل، وحديث النفس هو صورتها الحقيقية، رغباتها الدفينة، التي إن وجدت منفذًا، فستنسرب الأمنية مُجسِّدة حقيقة واقعة.
لكن "أحلام"، وإن كانت تحلم بحقيقة، فقد جاءت مُرَتَّبة كما حَدَثَت في الواقع تمامًا، بالتوقيت الخطيّ نفسه، والأشخاص أنفسهم، والأماكن ذاتها. إنه رجوع للوراء، تكرار لحظة بعينها، مجابهتها مرتين، استعادة أحداث لعيش ماضٍ وكأنه حاضر. الذاكرة هنا كهاتف جوال يجري عملية "آبديت" لكن ليس بالتحديث والعصرنه، ولكن باتباع القديم، إنها لعنة الذاكرة المهووسة بالتكرار، كدائرة الوقت التي لا تكف عن الدوران على شاشة الكمبيوتر حين تَضْعَف شبكة الانترنت. مع تلك الذاكرة، الوقت ليس خطًا مستقيمًا، بل دائري؛ حيث العودة -دائمًا وأبدًا- إلى نقطة البداية".
من رواية خداع واحد ممكن
رضوى الأسود
خداع واحد ممكن


قاومت في البداية، لكن ثمّ شيئًا جعلها تستسلم وتسكتين! كان فيها الكثير من قبلة حازم؛ ملمس الشفاه، طعم اللعاب، النَفَس الملتهب اللاهث، البراعة في ضبط التنفّس وفي عدم اصطكاك الأسنان ببعضها .. كانت ترادفها في الجنون والحنو واللهج بشفتيها.
استدعت القبلة حازم .. كان هو من يقف أمامها ويُقبّلها، وكأن هناك أشياء تستدعي أصحابها الأصليين.
استسلمت لقبلة رأفت/حازم، وتمادت معه!
بكت طويلًا في طريق العودة، يحسبها رأفت حانقة من مباغتته إياها بهذا الشكل، و أحيانًا أخرى يحسبها خجلى من نفسها ومن درجة تجاوبها .. لكنه لم يعلم قط السبب الحقيقي للبكاء .. لقد خانت ذكرى حازم لأول مرة بعد اثني عشر عامًا من الفراق!"
من رواية خداع واحد ممكن
خداع واحد ممكن
رضوى الأسود

من رواية خداع واحد ممكن
رضوى الأسود
خداع واحد ممكن

"هل يعلم الرجل مقدار الجُرح الذي يتسبب به حينما
يقرر بدم بارد التخلي عن فتاته؟
يحيا الرجل ليحب، أما المرأة، فتحب لتحيا. هكذا يكون الفارق الجوهريّ بين الإثنين. تذبل المرأة دونما حب، لأنه بالنسبة لها أوكسجين الحياة الذي من دونه لا تستطع العيش. من هنا، يجب النظر لحبها على أنه الخيط الذي يربطها بالحياة. لذا، حبها ليس كأي حبٍ، ورجلها ليس كأي رجلٍ.
تُنير المرأة بجوار من تحب كالعنصر الكيميائيّ النشط، ومع غيره تُظلِم كسطح قمر معتم. تفاعلها الكيميائيّ لا يحدث
سوى معه، أما الباقون، فعناصر خاملة.
- من رواية [ خداع واحد ممكن ] للكاتبة رضوى الأسود

رضوى الأسود
#دار_الشروق
#رضوى_الأسود
#خداع_واحد_ممكن

الآن، يمر كل شيء أمام عينيها. تبدأ من الماضي البعيد. تتساءل لماذا نعود دائمًا من حيث بدأنا وكأننا نُنكر كل جديد؟!
نُنكر اللحظة الآنية، فلا نشعر بقيمة الحاضر، ونتوجس من نوايا القادم، فنود لو لا يأتِ المستقبل. دائمًا الماضي هو الأفضل والأضمن، إنه المكان والزمان البعيدان اللذان نذهب إليهما أحيانًا بكامل إرادتنا، وأحايين دون وعي منا، حيث الذكريات العالقة بهما والتي تسكننا رغم الأنوف. لا نعلم من منا يقتات على الآخر؟
أهي التي تتغذى على الأجساد والأعصاب، أم نحن من نقتات عليها كضمان وحيد للعيش، وكخط دفاع ضد قسوة الحياة؟
رضوى الأسود

#رضوى_الأسود
#خداع_واحد_ممكن
#دار_الشروق

للكاتبة والروائية "رضوى الأسود" ❤️
متوفرة بجميع فروع مكتبات الشروق بالقاهرة الكبري وجميع المحافظات
مواعيد العمل من ١٠ ص حتي ١٠ م 🕙
فرع سيتى ستارز
العنوان: سيتى ستارز مول - الدور الأول - مدخل 7
فرع طلعت حرب
العنوان: 1 ميدان طلعت حرب
فرع داندى مول
العنوان: داندي مول - الكيلو 28 طريق القاهرة الأسكندرية الصحراوى
فرع أمريكانا بلازا
العنوان: أمريكانا بلازا، الشيخ زايد - 6 أكتوبر - الجيزة
فرع فيستيفال سيتى
العنوان: كايرو فيستيفال سيتى مول - التجمع الخامس
فرع مول مصر
العنوان: مول مصر، طريق الواحات، مدينة 6 أكتوبر، أمام مدينة الإنتاج الإعلامى
فرع المهندسين
العنوان: ٣ شارع عبد الحميد لطفي، متفرع من البطل أحمد عبد العزيز - بجوار ألفا ماركت
فرع سيتى سنتر - ألماظة
العنوان: مول سيتى سنتر ألماظة - الدور الثاني

كتاب "سيد قطب - رحلة بين ضفاف أسطورة التناقضات"

و رواية "خداع واحد ممكن"

معرض الرياض الدولي للكتاب، جناح دار الشروق H2012، من 29 سبتمر إلي 10 أكتوبر 2022
رضوى الأسود

نص الحوار ..
1- لماذا لا نجد مبدعة في أهمية رضوى الأسود، مدعوة في كل هذه الفعاليات الثقافية التي تقيمها وزارة الثقافة بشكل دائم؟ هل هو ازدحام الساحة الثقافية، أم انشغالك بمسئولياتك؟
في الحقيقة أنا لست مدعوة لا في فعليات وزارة الثقافة ولا في غيرها، ويعود ذلك إلى مشكلة أعاني منها بشكل شخصيّ، وتكمن في الخجل الشديد الذي يصل أحيانًا إلى حد الانطواء والتقوقع، بالإضافة إلى تحسسي من الأضواء والمقابلات وغيرها، أعلم أن هذا قد يتعارض تمامًا مع شخصيتي الفيسبوكية، لكنها الحقيقة. لذا حبستني هذه الشخصية في دائرة مغلقة لا أخرج عنها، ولذا ليس لدي "شلة" ولا شبكة علاقات تساهم وتدعم ظهوري و"تدعوني" لتلك الفعاليات.
أعلم أن هذا قد يكون ضد مستجدات المرحلة الآنية التي تتطلب التواجد الإعلامي المكثَّف للكاتب، والإلحاح الدائم على القارىء بتكرار الظهور في الفعاليات الثقافية والمناقشات والتوقيعات وغيرها. لكنني أعمل في الظل، بلا ضجيج، وأؤمن بأن العمل الجيد هو ما سيفرض نفسه على المشهد الثقافي، وأن الكاتب الجيد هو الأبقى في تاريخ الأدب. أرى أن ما أقدمه هو ما يهم، وليس تواجدي في تلك الاحتفاليات. نصوصي وأبحاثي وفلسفتي هي ما ستبقى في النهاية، وهي ما ستتحدث عني.
كما أن هناك نقطة أخرى مهمة، هي أنني أتجنب الحديث عن أعمالي وتفنيدها وشرحها، وأفضل تركها للتأويلات المتعددة، فليس كل ما نكتبه قابل لحديثنا عنه، فهناك ما يُحَس ولا يقال، وهناك ما هو وليد لحظته، وهناك ما هو نتاج اللا وعي الذي لا ندري نحن ككتاب عنه شيئًا. كما أن الحَجْر على مُخيلة القارىء هو في الواقع أكبر إهانة له ولذكائه.
2- تبدين حريصة بشدة على إبداء آراء نقدية في الكثير من القضايا والأعمال الدرامية، هل تنوين كتابة السيناريو أو تقديم كتاب نقدي متخصص في السينما؟
أنا متأثرة جدًا بالسينما، حد أنني أكتب رواياتي بحس سينمائي واضح، من انتقاء للكادرات وتقطيع المشاهد (المونتاج)، والفلاش باك، وغيرها. وقد ورثت حب السينما من أبي الباحث والسيناريست د. فاضل الأسود رحمه الله الذي كان يصطحبني معه لحضور عروض الأفلام، وخاصة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والتعرف إلى سينما مغايرة ومختلفة وإنسانية، سينما لا تنتمي إلى العم سام.
كتابة السيناريو حلم يراودني منذ سنوات، ولا أعلم ما يوقفني عن ممارسته حتى الآن. ربما لم يحن الأوان بعد. أما بالنسبة للآراء النقدية الخاصة بالأعمال السينمائية والدرامية، فأنا لم أمارس الكتابة النقدية السينمائية سوى في فيلم "رسائل البحر" وقد لاقى المقال نجاح غير مسبوق، لكنني لم أكرر التجربة لسبب مجهول، وبدلًا منها مارست الكتابة النقدية الأدبية (للروايات تحديدًا)، وأنشرها في أخبار الأدب وغيرها.
3- مع كل هذا الإهتمام والشغف بالتاريخ، وخاصة تاريخ مصر، لماذا لم تكتبي رواية تاريخية حتى الآن؟
التاريخ لديّ له مكانة ترادف العشق، وأنا هنا أتحدث عن التاريخ بكل أنواعه وحقباته، والتاريخ المصري القديم بشكل خاص له نصيب الأسد من ذلك العشق، قد يكون السبب هو هُيامي بمصر ذاتها.
ولقد كتبت بالفعل روايتان تاريخيتان، واحدة عام 2013، بعنوان "تشابُك"، صادرة عن "دار الكتاب العربي - بيروت" وهي عن التاريخ المصري القديم، وقد كتبت في الإهداء: "إلى مصر .. الأرض السوداء .. كيميت .. محبوبة الإله بتاح .. كم أنا مُلتعنة بعشقك". والثانية صدرت عام 2020، وهي بعنوان "بالأمس كنت ميتًا"، وتتحدث عن مذابح الأرمن عام 1915. وللأسف رواية "تشابك" ظُلِمَت ظلمًا شديدًا، إذ لم يكن لها وجود فعلي منذ بداية نشرها، لا في مصر ولا في أي من معارض الكتاب العربية، لذا لم يقرأها أو حتى يسمع بها أحد، وأحد أحلامي هو أن أعيد طباعتها.
4- أعرف أنك ممن لا يهتمون بالكم وتتأني في الكتابة ولكن ألا تصابين بالغيرة أحيانًا من غزارة إنتاج بعض ممن يدَّعون الكتابة؟
يقولون أن المرأة تغار من المرأة، وأنا حتى على المستوى الشخصي وبرغم كوني امرأة لم أمسك نفسي -ولو لمرة واحدة- متلبسة بهذا الشعور، وقد انسحب ذلك على مستوى العمل؛ فواحدة لا تعير للظهور الإعلامي -برغم تأثيره الشديد- اهتمامًا، هل سيشغلها نجاحات الآخرين أو غزارة إنتاجهم؟! في الحقيقة، وبطول عمري كله، لا أنشغل سوى بذاتي، بتنمية وعيي وقراءاتي ومهاراتي الإبداعية. القراءة بالنسبة للكاتب الحقيقي أهم بكثير من فعل الكتابة، التي يجب أن تأتي لاحقة، متأنية، مُحكمة، مُفارِقة، مُغايرة للسائد والمألوف، كي لا تُنسى ولا تمر مرور كثير من الأعمال التي ما إن ينتهي منها القارىء، حتى لا يعد يذكر اسمها أو عن أي شيء تتحدث! فهناك ما يطلق عليها مجازًا "روايات"، وهي لا تعدو كونها خواطر. وهناك من الروايات ما تُحدِث "فرقعة" وقتية سرعان ما يزول أثرها، تلك النوعية في رأيي تولد ميته، لأنها تشبه جسد بلا روح، والروح هي الباقية. وهناك روايات "الموضة" وما يطلبه القراء، وكل تلك الأنواع -مع كامل الإحترام لها- ليست هدفي وليست ما أطمح إليه بكل تأكيد.
5- ما رأيك في بعض المقولات التي تؤكد تراجع الاهتمام بالرواية، وعودة القصة القصيرة للمشهد الإبداعي؟
القصة القصيرة فن من أذكى وأجمل الفنون، وأنا استمتع به كثيرًا، وأتوق للممارسته يومًا ما. لكن لا أعتقد في تلك المقولة، فنحن في زمن الرواية كما قال د. جابر عصفور رحمه الله. المقروئية ومؤشرات البيع والتناول النقدي هم ما يُقرونُّ بذلك، وليس أنا. الرواية وجبة دسمة يذهب إليها القارىء بكل توق وشغف ورغبة حرة، لعلمه المسبق بأنه سيشاهد بداخلها أفلامًا، وسيقرأ شعرًا ونقدًا، وسيتعرف على فلسفات، وسيتأمل لوحات تشكيلية، وسينطلق في رحلات وأسفار، وسيعيش تجارب وأعمار تفوقه بكثير، والأهم ستجعله يفكر في العديد من الأشياء، وقد يعثر على حلول لمشاكله بتعديل طريقة تفكيره وتوسعة أفقه. إنها -في رأيي- المتعة الكاملة.
أعتقد أن الرواية امتلكت منذ البداية آليات تطوير ذاتية جعلت من الصعب أن ينافسها لون أدبي آخر. أما القصة القصيرة فهي نوع من الإبداع يعتمد على ذكاء وحرفية وسرعة بديهة الكاتب وقدرته على الاختزال والتكثيف، وفي المقابل يعتمد على متلقي ذكي ولمَّاح، فالقاص في عدة أسطر وربما عدة كلمات مُفتَرَض أن ينقل للقارىء في دفقة واحدة كتلة من المشاعر، أن يبدأ وينهي حكاية طويلة ومعقدة بعبارات أقرب للفلسفة والرمزية، هو بارع بلا شك كونه ناجحًا في قدرته على فعل ذلك. لكننا نحن الروائيون، ثرثارون، والقارىء لأنه في النهاية من نسل آدم، فهو ينتمي تمامًا لتلك الثرثرة، يُناِسب طبيعته السرد المطوَّل عن الأحداث والمشاعر والأشخاص. القارىء يتطلع للقراءة عن الخيبات، كي يشعر أنه ليس وحيدًا، يريد من يشاركه الحزن والإخفاقات، ربما ليقول لنفسه أنا أوفر حظًا من البطل!
6- كيف استطعت التوفيق بين كتابتك وجموح المبدعين، وحياتك الأسرية؟
أمارس الكتابة في تلك الأوقات التي لا تستوجب ملازمتي لطفليّ، أقوم بها بعد أن أكون قد أنجزت كل المهام المفروضة عليّ، فأنا في النهاية أم تمارس مهام سيدة المنزل العادية من تنظيف وطهي وخلافه، أعتقد أنني لم أقصِّر في جانبي الأمومي أو الإبداعي، وإن كان هناك ثمَّ تقصير، فسيكون في الجانب الثاني وليس الأول. أحيانًا أهرب من مشكلاتي وأعبائي الأسرية بالكتابة، وأحيانًا كثيرة تنجح تلك الأعباء في توقيفي عن الكتابة.
7- ما الذي ينقص المؤسسات والجماعات الثقافية للوصول لكل الناس بالتنوير اللازم؟
المؤسسات والمثقفون بشكل عام يحدثون أنفسهم في غرف مغلقة، منهمكون في صراعات الشهرة والجوائز ولقمة العيش. ليس هناك مشاركة حقيقية وفاعلة في معالجة المشاكل المجتمعية أو صد الردة الثقافية والرجعية الدينية، ليس هناك تواجد أو حتى محاولة لحل تلك التحديات التي إن تفاقمت أكثر من ذلك، فسيكونون هم شخصيًّا في مرمى النيران، إن لم يكونوا أول الناس.
لكنني أجد في تجاهل الدولة لهم وتهميش دورهم كل العذر.
8- هل على المبدع أن يبذل جهدًا للوصول إلى القارىء أو للناس بشكل عام؟
المبدع لا يجب عليه سوى الاستمرار في دوره ومهمته التي خُلِقَ من أجلها. يستطيع أن يصل للناس بخطاب بلا تعقيد، وبإتاحة أعماله بعدة وسائط ؛ منها المسموعة، ومنها المقروءة إلكترونيًّا بأثمان زهيدة مثل تطبيق أبجد، ومنها -في مرحلة لاحقة ومتقدمة ربما- أن تكون متوافرة على النت بلا أي مقابل.
9- هل هناك هدف تسعين لتحقيقه من خلال الكتابة، أم أن الكتابة هي الهدف في حد ذاته؟
مشروعي و همي الوحيد هو التنوير، هو فتح آفاق رحبة للقارىء وتعويده الفكر النقدي. أحاول أن أمنحه حريته المسلوبة في متعة التخلي عن أفكار وموروثات واعتناق أخرى دون فرض وجهة نظر بعينها، فقط ما أفعله هو محاولة تفنيد الأمور ووضع كل الاحتمالات أمامه، وهو من يختار. أقول له أن للحقيقة عدة أوجه وكلها صحيحة. أقول له تحرر من الدوجما وكل ما تم وضعه بداخل رأسك، وأعد ضبط بوصلتك بما يناسبك أنت وليس بما يناسب المجتمع.
مشروعي ليس مشروع خاص بكتابة بعينها، كالكتابة التاريخية أو الصوفية أو الغرائبية، فأنا ليس لديّ رواية تشبه الأخرى، كل رواية بمثابة تجربة جديدة على كل المستويات: البناء، السرد، الموضوع، اللغة. استمتع بكتابتها وأتحدى قدراتي في كل مرة، وأراهن نفسي أن عملية الاستمتاع ستكون متبادلة بيني وبين القارىء. كتبت روايات تاريخية، ورومانسية، ونفسية، وديستوبية. كنت طفلة شقية تحب اللعب ومشاكسة زميلاتها، والآن أنا كاتبة لا زالت تلعب وتشاكس القارىء وتنصب له الفخاخ بقلمها. وروايتي الأخيرة "خداع واحد ممكن" الصادرة عن دار الشروق كانت بالنسبة لي أكبر لعبة ومغامرة وتجريب قمت به، إذ أنها في المقام الأول رواية نفسية، ولكنها قائمة على قصة رومانسية، وقد استخدمت فيها أدب الرحلات والحبكة البوليسية.
منذ بدايتي تمامًا، أشعر أن تعشيقي وربطي لكل الفنون والاتجاهات والفلسفات والتاريخ في الرواية الواحدة، ما هو إلا إنعكاسًا لتعدد وتشابك الأسئلة التي أطرحها والتي تمور بداخلي، وهي أيضًا بقدر تعقيد الحياة ومفاجآتها التي لا تنتهي.
وكما قلت في حوار سابق، أننا نكتب من أجل عالم أفضل، مع يقين تام بأن هذا لن يحدث. لكننا نظل نكتب لنهرب من واقع بغيض، لنتحايل على الأرق والقلق الوجودي، وعلى حقيقة الموت، نكتب ربما لنشفي جروحنا .. وليتها تبرأ، ولنفهم أنفسنا .. وعسانا نفهم!

حول رواية "خداع واحد ممكن".
نص الحوار ..
1- ناقشت ظاهرة الطلاق والعلاقة بين الرجل والمرأة بطريقة احترافية في روايتك الأحدث "خداع واحد ممكن" . ما الجديد الذي أضافته الرواية لهذه الفكرة التي تناولها الأدب مرارًا؟
في الحقيقة لم أتناول الطلاق كفكرة أساسية أو محورية في الرواية. ربما في البداية تمامًا، راودتني وألحت علي فكرة كتابة رواية عن الطلاق، ليس كظاهرة ولكن كواقع مجتمعي يفرض نفسه، ونلمس بأنفسنا كل يوم الآثار المترتبة عليه في كل ما حولنا من شواهد عدم استقرار وتدمير نفسي للأجيال الجديدة.
لكن حينما بدأت بالكتابة، وحتى أنتهيت منها، كان هناك أكثر من فكرة نستطيع أن نقول أن الرواية تنطلق منها أو تنتمي إليها، ولا أرى الطلاق من ضمنها إطلاقًا؛ فأنا أتحدث مثلًا عن التطرف الديني، وعن الاضطرابات النفسية وعلاقتها بالإبداع، وعن الحب كقيمة إنسانية أساسية لا غنى عنها، وعن الخوف من الوحدة، والذي يدفع المرء لاقتراف أخطاء جسيمة بحق نفسه.
2- ما مغزى القول بأن "أحلام" ولدت قبل "حازم" بأسبوعين واربع ساعات وخمس وعشرين دقيقة وثلاث عشرة ثانية؟
أعتقد أن هناك أكثر من سبب دفعني لذلك، أشياء قصدتها بوعي، وأخرى كان اللا وعي هو المحرض الرئيسي فيها. أولًا أنا مغرمة بتعدد الأصوات، وهنا تحديدًا لم يكن صوت الراوي العليم، الذي يمثله في الرواية "شقيقة أحلام"، وهو ليس صوت "أحلام" الذي يظهر بين فينة وأخرى، لكنه صوت يشبه صوت سماوي، إلهي، صوت وكأنه يأتي من بُعد آخر.
أردت أيضًا أن أشير إلى العصر الأمومي، الذي كانت فيه المرأة إلهة مبجلة، يُنظر إليها كخالقة مسئولة عن إنتاج البشر، وكان الرجل يعمل لخدمتها وإسعادها. ذلك العصر الذي كان يتميز بالرخاء والسلام، حتى أتى الرجل، فصنع الحروب والدمار (تحدثت عن هذا العصر في كتابي أديان وطوائف مجهولة).
وثالث أمر، أردت أن أكسر ذلك التابو الذي يتعلق بالسن الخاص بالحب والزواج، وبأن الرجل يجب أن يكون الأكبر عمرًا، وأن تصغره المرأة لأنها تشيب قبله. ذلك أن النضج ليس له عمر محدد، ولا يرتبط بسن، وكذلك السعادة والتفاهم، التي لم يلتفت إليها من سنُّوا تلك الأعراف المجتمعية، حتى أضحت قانونًا يُلزِم الجميع.
3- يبدو أن هناك جزء حقيقي بالرواية. ما حدود الواقع والخيال بالضبط؟
الواقع محرك ودافع أساسي للخيال. منه نُلهَم ونستمد بداية خيط، نستكمله بخيال نصنعه بالتحليق عاليًا. الواقع صورة غير مفهومة، نفككها ونعيد ترتيبها بالإبداع النابع من ذواتنا.
كما أن الواقع أحيانًا كثيرة يُمثل بحد ذاته خيالًا جموحًا من فرط جنونه ومن كثرة ما يستعرضه من عبث يصل حد اللا معقول وغير المُصَدَّق.
أما بالنسبة للجزء الحقيقي، فكان هو فقط الخاص بتجربة الآياهواسكا، وقد مرَّت بها صديقة لي.
4- كتبت عددًا من الجمل العميقة ببنط مختلف. هل تستعرضين عضلاتك الأدبية ككاتبة تحمل فكرًا؟
وما العيب في ذلك؟ ولو أنني أتحفَّظ على العبارة! هل حينما يتحدث الفيلسوف، نقول له أنت تستعرض عضلاتك الفلسفية؟ أو حين يتحدث عالِم النفس، نقول له أنت تستعرض معلوماتك النفسية؟ أنا أديبة، ومن الطبيعي أن أقوم باستعراض عضلاتي الأدبية.
لكنها ليست عضلات كما تقول. إنها أنماط سردية. بمعنى أن تلك الفقرات التي أتت ببنط عريض (بولد) كانت تنتمي لـ"أحلام". وبما أننا بصدد رواية نفسية، فتكون أحداثها مسجلة على نحو ذاتي في ذهنها. إنه نوع من السرد الواعي الذي كانت تتقاطع به مع سرد شقيقتها (الراوي العليم).
5- استقيت العنوان من مقولة "سورين كريجور"، وهو موفق تمامًا. لو اخترت عنوانًا آخر، ماذا يكون؟
هنا سأكون شوفينية تمامًا بحيث لن أرى عنوان أكثر ملائمة للرواية سواه، فأي من المقولات التي استعنت بها في الرواية، وهي كثيرة، ستكون أحادية الجانب، أي سوف تكشف عن جزء، وليس كل.
أعلم أنه من الممكن ألا يكشِف العنوان المتن بالكامل أو يلخص جزء منه، ولكن من وجهة نظري أرى أن خداع النفس هو الفخ الذي وقع فيه بطلي الرواية الأساسيين، وهو ما نتج عنه كل الأخطاء المروعة والأحداث الخطيرة التي مرا بها. إنه يمثل روح الرواية وفكرتها الرئيسية.
6- ناقشت ظاهرة الأسلفة التي استشرت في المجتمع أثناء حقبة معينة. هل ترين خطرها مازال موجودًا؟
تحدثت عن سطوة التيار الديني الرجعي في بداية ومنتصف التسعينات في الجامعات، وهو ما شاهدته وعاصرته بنفسي. كانوا كُثُر ولا يعترضهم أحد، كانوا يستقطبون الجميع، وهناك الكثيرون الذين وقعوا في شراكهم. أذكر شبابًا وفتيات تغيرن في فكرهن وملبسهن بين عشية وضحاها، أذكر وجوه كانت ممتلئة بالحيوية والبهجة، أضحت متجهمة، يابسة. وقد تعرضت أنا شخصيًّا لضغوط مشابهة (لكنها للحقيقة كانت خارج أسوار الجامعة)، لكنني كنت قوية بما يكفي لئلا أدع هذا يحدث لي، وبألا أنجرف في تيار انجرف فيه الغالبية من الزميلات والصديقات. كنت حزينة مما يحدث حولي، ولا أفهم كيف يتم غسيل العقول بهذه السرعة، واستبدال أشخاص كانت هنا للتو، قريبة، بأخرى، بعيدة، وكأنني لم أعرفها من قبل.
أرى أنه طالما ليس هناك إرادة حقيقية لدحر ذلك الخطر الذي يتهددنا جميعًا، والذي نجحت فيه دول أخرى بقوانين أقِرَّت ليلًا ونُفِذت صباحًا، فستظل موجودة ومسيطرة، وكل يوم يمر سيزيد من ذلك الخطر، والدليل ما نراه من هوى سلفي عام طال المجتمع كله، من القمة إلى القاع، ومن المتعلم إلى الجاهل.
7- ما الذي فعله المثقفون لمواجهة خطر التيار الديني؟ هل مجرد الاعتراض عليه فكريًّا يكفي؟
للأسف الدور المجتمعي للمثقف باهت جدًا وغير ملموس، فالمثقفين منشغلين بمعاركهم الشخصية وعراكهم اليومي مع الحياة مثل أي شخص آخر.
أعتقد أن هذا الدور الذي يكاد يكون معدومًا والذي لا يلمسه الشارع يعود للمكانة الضئيلة للمثقف في المجتمع وتهميش الدولة لدوره ومُنجزه وأهمية وجوده وما يُمثله من قيمة من شأنها تغيير الأوضاع القائمة، وربما يكون هذا الدور الخطير هو السبب الرئيسي في عملية تحييد وطمس دوره.
عن نفسي، أنبه لهذا الخطر وأحذر من نتائجه في كل أعمالي التي تبلغ حتى الآن 6 روايات و كتابين، وألتمس العذر لمن لا يشغله هذا الأمر من قريب أو بعيد، فالمثقف إن لم يكن متحققًا، إن لم يكن مُقَدَرًا، إن كان رأيه وإبداعه مقيدان، فمن أين له حتى بحق الاعتراض الذي تتحدث عنه؟!
8- الحالة النفسية التي أصابت "كامل الحلواني"، و حولته من روائي ناجح إلى قاتل. هل يمكن أن يحدث هذا فعليًّا؟
ولم لا؟ هل المبدع بمنأى عن المرض النفسي؟ إنه الأكثر عرضة من غيره للإضطرابات النفسية والعقلية نظرًا لحساسيته المفرطة تجاه كل شيء من حوله.
أذكر أن هذه الفكرة تناولها فيلم أمريكي بعنوان Gone Girl، والذي كان يحكي عن الحياة الشخصية لإبنة لكاتبين كانا يكتبان قصصًا للأطفال، وقد كانت هي شخصيًا مُلهِمة لكُتَّاب هذه النوعية من الكتابات نظرًا لكونها الشخصية الروائية التي أبدعها أبويها في قصصهم، وقد وصلت لقاعدة جماهيرية كبيرة من الأطفال والكبار، نكتشف مع تسلسل الأحداث أنها قاتلة محترفة، وقد انتقى المخرج ممثلة بملامح جميلة ورقيقة للقيام بهذا الدور، وهذا مقصود لذاته، ففي الرواية مثلًا أتحدث عن أن الشكل الخارجي للشخصية لا يعبر بالضرورة عن مضمونها. وأن هناك عقد تكونت في الطفولة هي المسئولة بشكل أساسي عما يمكن أن نصل إليه لاحقًا، فهذه المرأة سُلِّطَت عليها الأضواء منذ طفولتها، وفُرِضَت عليها عيش حياة بعينها، وسلوك لا يجب أن تحيد عنه، فكانت في العلن تَظهر زيفًا بشخصية ملائكية لا تمت بصلة لجوهر شيطاني كان هو حقيقتها. الفكرة هنا هي كيف ننظر إلى بعضنا البعض، كيف نخلق هالات زائفة لأنفسنا ولغيرنا، وكيف نعيش في عالم (عالمنا الحالي تحديدًا، والذي يتحكم فيه وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي) قائم على الزيف والخداع، على صورة غير حقيقية تُقَدَّم لنا على أنها الحقيقة الأكيدة.
9- الجو البوليسي التشويقي الجديد على كتابتك .. ما الذي دفعك إليه؟
الشعف بالجديد هو ما دفعني لهذا النوع من الكتابة. لكن بالمناسبة، عنصر التشويق ستجده قاسمًا مشتركًا في جميع رواياتي. وأنا أتبعه كي يظل القارىء في حالة لهاث دائم حتى يصل لآخر صفحات الكتاب. قد يكون الجو البوليسي هو الشيء الجديد هذه المرة، وإن كنت أراه عنوانًا فرعيًّا ينرج تحت التصنيف الأساسي للرواية كرواية نفسية في المقام الأول.
10- تختلف أعمالك كل رواية عن الأخرى. هل تحرصين على أن تكون كل فكرة جديدة تمامًا؟
نعم، أحرص وبشدة. أنا مثل الممثل الذي يحب لعب كل الأدوار، يبتعد عن التنميط ويحرضه شغف عجيب على أن يقوم كل مرة بأداء مختلف، ذلك أنني في الأساس أتحدى نفسي وأشاغبها، قبل حرصي على مفاجأة القارىء. منذ طفولتي كنت أختار الأصعب لأقوم بحله، لا أحب تكرار الأفكار والبناء ولغة السرد. أنا في حياتي العادية أهوى الاكتشاف، تجربة الأشياء، اكتشاف الأماكن، والإنصات لحساسيتي لذبذباتها السالبة أو الموجبة (وهنا تحديدًا يتضح أهمية المكان كبطل أساسي في رواياتي)، أهوى سماع حكايات الناس والبحث ورائها، وكذلك الاقتراب من كل ما هو مختلف عني. كل هذا يثريني ويقدم لي الجديد باستمرار، ويمثِّل وقودًا لأفكار مختلفة ربما لم يتطرق إليها أحد من قبل.
11- "ما الأنقياء سوى أغبياء يرفضون التعلم بإصرار عجيب. رأفت وكامل ضحايا أم جناة؟
الإثنان معًا. كلنا جناة في مواقف بعينها، وضحايا في أخرى. نحن من الممكن أن نكون ضحايا لظلم وعقد الآخرين، وكذلك لظروفنا الشخصية وطفولتنا البائسة، وفي المقابل، وربما بنفس المقدار، نحن من الممكن أن نُنتِج ضحايا للأسباب نفسها.
"رأفت" كان ضحية ظروف وفاة والده وحرمانه منه، وتحمله لمسئولية ضخمة في سن مبكرة. أما "كامل" فضحية عقله الذي يعمل طوال الوقت بلا توقف، فكره الذي لا يهدأ، والذي نتج عنه تلفًا ما، جعله يرى ويسمع ضلالات ويتخيل أشياء لا تحدث سوى في مخيلته، حتى انتهى به الأمر لأن يكون مريض وسواس قهري، وقاتل اقترف جريمتين.
12- "ستظلين طفلتي حتى وأنتِ عجوز متهالكة". من أين أتت هذه الرومانسية المفرطة رغم الجو النفسي والمأساوي الذي يحيط بالشخصيات؟
لا تقل أنك لم تقرأ في هذه الرواية عبارات رومانسية تضاهيها، إن لم تكن أكثر جمالًا منها! فعلى الرغم مما قلته، وهو حقيقي، إلا ان النص مكتظ بعبارات شبيهة وبمواقف قمة في الحب والاحتواء. في الواقع لم تكن تلك الجمل تخفيفًا للواقع المأساوي، بقدر ما كانت تستعرض شخصية "حازم" وتوضح كم كان رومانسيًّا في زمن سابق، وكيف عادت إليه رومانسيته وشخصيته الحقيقية يوم استرد وعيه بنفسه، و كذلك منطِقه ووجدانه وعافيته البدنية والروحية، فأنا أرى أن حازم كان مريضًا بشكل ما حين ارتضى أن يتم تشويه فكره، وحين سلَّم عقله، وهو الطبيب المثقف، لمن يقوم بالتفكير نيابة عنه، فيمسح ويضع ويستبدل ما شاء له أن يفعل!

"حليم بين الماء وبين النار" - سيرة روائية
دار كتوبيا - جناح A42 - صالة 1
معرض القاهرة الدولي للكتاب
"ترى نفسها تدندن بأغنياته بينما تأكل، بينما تشرب، بينما تجلس في مُدرَّج الكلية، وبينما تتحسس بيدها عظام كانت يومًا هيكلًا لجسدٍ حي. تتعمد أداء أغنياته أمام الطالبات. "هذه هديته لي" .. تقولها بفخر وعيناها تحتضنه بداخلهما. باتت الفتيات لا تصدقنها، تتشككن في حكاياها التي ختمتها بأن زواجهما مسألة وقت! مؤخرًا، بات كل ما تقوله لا يدور سوى في مخيلتها فقط! مخيلتها وعقلها وقلبها الذين لا يسكنهم سواه .. هو فقط الذي لم تعرف ولم تحب رجلًا غيره!
تقترب من الشرفة، تراه يثني رأسه وجسده إلى الوراء وكأنه قوسًا، تراه يسقط من البناية، فتقفز خلفه لتسقط على الأرض جثة هامدة، بينما تمر جنازته المهيبة من تحت المنزل تهتف: "لا إله إلا الله .. عبد الحليم حبيب الله"!
#رضوى_الأسود
#حليمرضوى الأسود

يوم الأربعاء ٢٨ سبتمبر
الساعة 7 في مبني قنصلية بوسط البلد
سيدير الندوة الصحفي أ. سيد محمود
و الناقد د. محمد سليم شوشة
والشاعرة والمترجمة العراقية نداء عادل
خداع واحد ممكن