هل بدأت أمريكا تراجع دعمها "الأعمى" لإسرائيل؟
أسئلةغير مسبوقة بدأت تظهر من قلب اليمين الأمريكي.. والإجابة قد تغيّر كل شيء.
منذمنتصف التسعينيات، سيطر خطاب اليمين الإسرائيلي على المشهد السياسي في تل أبيب،مدفوعاً بعناد نتنياهو وحكوماته المتعاقبة، وبتبنٍ صريح لمشروع تطهيري لا يكتفيبإقصاء الفلسطينيين، بل يسعى إلى محوهم من الوجود تماما.
وقدشكل الدعم الأمريكي، في عهد ترمب ثم بايدن، مظلة آمنة لهذا المشروع.
إدارةبايدن، رغم خطابها المختلف، حافظت على مبدأ "الدعم غير المشروط"، وأغمضتعينيها عن الجرائم اليومية، مُكرسة الغطرسة الإسرائيلية أمراً واقعا.
لكناللافت أن التململ بدأ يتسلل من قلب اليمين الأمريكي ذاته.
شخصياتمؤثرة مثل كانديس أوينز وتاكر كارلسون وجو روغان وغيرهم، صاروا يطرحون أسئلة كانتمن قبل من المحرمات:
لماذاتواصل أمريكا دعم كيان يمارس التطهير العرقي؟
كيفيمكن الحديث عن حقوق الإنسان، مع التغاضي عن إبادة جارية أمام الكاميرات؟
ولماذايتم تصدير صورة إسرائيل كضحية، بينما هي الجلاد؟
هذهالأسئلة ليست صادرة عن اليسار، بل من دوائر يمينية طالما شكلت عمقاً استراتيجياًلدعم إسرائيل.
وهوما يعيد إلى الأذهان إرهاصات التحول الذي بدأ مع حراك الجامعات ضد حرب فيتنام، حينانتقلت الأسئلة من الهامش إلى صميم الرأي العام.
الحراكالطلابي الأمريكي اعتصم تضامناً مع غزة، وجيل جديد بدأ يربط بين ما يجري هناك، وماعاشته أمريكا في تجاربها الإمبريالية الأخرى.
تلكالأسئلة لم تعد تهم الأخلاق فقط، بل تمس صورة أمريكا نفسها، وموقعها من التاريخ.
وقبلهذا التحول داخل اليمين، كان الحزب الديمقراطي قد شهد بوادر تغيير قادها جيل مثلإلهان عمر، وألكساندرا أوكاسيو كورتيز، وبيرني ساندرز، الذين وسّعوا حدود الخطابالسياسي، ورفضوا تسليع المعاناة الفلسطينية.
أماالصورة التي حاول نتنياهو ترسيخها، بأن إسرائيل تمثل داوود وأعداءها يمثلون جالوت،فقد انعكست تماما.
اليوم،يبدو أهل غزة، المحاصرون والمجوعون والمذبوحون، هم داوود الحقيقي، في حين تقفإسرائيل بكامل قوتها العسكرية والنووية في موقع جالوت الوحشي.
وهذهالمفارقة تحديدا، هي ما بدأ يقض مضجع العقل الأمريكي المحافظ.
فمواصلةرفض الحلول السياسية، وتغذية الحروب العبثية في الشرق الأوسط، لم يعد يقرأكـ"مصلحة"، بل كغباء سياسي لا يغتفر.
ماكان يعد سابقاً من المسلمات، صار اليوم مادة لنقاش جدي داخل اليمين الأمريكي نفسه.
وماكان يصدّر كـ"تحالف قيمي"، صار عبئاً أخلاقياً وسياسياً في نظر كثيرين.
محمد ولد إمام


