حوار في مجلة الجوبة ..

[image error]


أجرى الحوار الشاعر عمر بوقاسم ..


-         “بنت الجبل 2007م”، “تقاطع عام 2009م”، “وادي إبراهيم،2012م”، ثلاث روايات، بالإضافة لمجموعتين قصصية “ثرثرة فوق الليل 2004م”، “أيام عام 2010م”، ما المساحة التي اختصرتها هذه الإصدارات من مشروعك الإبداعي؟


-         اعتقد أنها مجتمعة لا تشكل سوى مساحة صغيرة جدا مما أحلم بكتابته وبالتأكيد هناك دائما مسافة كبيرة بين مانحلم به وبين مانملك أن نحققه..تسألني ماهي المساحة التي اختصرتها تلك الإصدارات من مشروعك الإبداعي. ..ما أعرفه أنني أقضي وقتا جميلا في مرحلة الكتابة وفي كل ماسبق كنت أكتب للمتعة الشخصية قبل كل شي ..كما قلت أشعر بمتعة كبيرة إثناء الكتابة وعندما أمتلك فكرة لقصة أو رواية تكون سعادتي  غامرة وكل هذا بعيدا  عن أي تصورات لما يمكن أن يحققه المكتوب من نجاح وبعيدا عن مجرد الرغبة في الحضور الإعلامي والثقافي، لكن هل هناك ما يمكن تسميته بمشروع إبداعي ؟ لا أعرف سوى أن لدى الكثير من الأحلام والأفكار بعضها يتبخر أثناء الكتابة ويختفي ..لكنني مازلت أحلم وهذا أمر مهم كثيرا .



-         في روايتك الأخيرة “وادي إبراهيم” قمت بتحريك الزمن بأسلوب فني مع الاحتفاظ بطابع المكان “مكة” كأسماء للأمكنة والشخصيات داخل الذاكرة التاريخية من خلال حكاية هي الرمز الذي بنيت عليه روايتك، هل لنا أن نقترب من فكرة بناء هذا العمل؟


 -         في وادي إبراهيم هنالك تداخل بين التاريخي والمتخيل..لكن التاريخي هنا يكاد يكون مجرد اطار يغلف الصراع المكاني والزماني.. وكونك ترى أن الرواية استطاعت الاحتفاظ بطابع المكان فهذا أمر جيد في نظري….أما ما يخص فكرة الرواية فمن الصعب أن أتحدث عنها بشكل مختزل لأنني أرى أن فكرة أي رواية ما هي الرواية نفسها بمعنى أن الفكرة يحصل عليها القارئ بمطالعة الرواية لكن من جهة أخرى يمكن القول أو الإدعاء  أن وادي إبراهيم هي  محاولة للغوص في حياة الإنسان وعلاقته بالمكان …وللقارئ بعد ذلك أن يتماهى مع الرواية كما يرى ..سواء بالبقاء في إطار سطحها الحكائي أو بمحاولة إسقاطها على واقع الإنسان أو واقع المكان ..هذا أمر يتعلق بالقارئ تحديدا ..


 -         ما أدوات المغامرة  التي ترتكز عليها لكتابة أعمالك؟


 -         لا أعرف هل اسميها مغامرة .. إلا إذا اعتبرنا كتابة الرواية ” أي رواية ” هي مغامرة ..في مقابل هذا ربما يمكنني الحديث عن رؤية تتعلق بالطريقة التي أكتب  بها الرواية ..الطريقة التي تعجبني والتي أنا مؤمن بها ولك أن تسميها مغامرة  ..لا أميل مطلقا لعملية إغراق القارئ بالتفاصيل ..اعتقد دائما أن هنالك ما يجب أن يترك لخيال القارئ وذكاءه ..أكثر سؤال يطرح عليّ ممن طالعوا أعمالي هو لماذا لا تسهب ..لماذا لا تتعمق في  تفاصيل حياة الشخصيات ..لكنني أرى أن هذه الأسئلة هي بشكل أو أخر إطراء للعمل..أن يبحث القارئ عن مزيد من التفاصيل فهذا أمر جيد ..لكن أرى أن هنالك ما يجب أن يترك لخيال القارئ ..في هذه الحالة ربما يصبح القارئ شريكا في العمل وليس مجرد متلقيا .



 -         من الواضح توجه الكثير من الأسماء في السعودية لكتابة الرواية في السنوات الأخيرة، هل لهذا التوجه تفسيرا لديك؟


 -         الأمر له علاقة بالتطور الاجتماعي ..وجود الرواية بكثرة هو علامة جيدة جدا على أن المجتمع أصبح أكثر قبولا لفكرة المراجعة ومطالعة النفس في المرآة ..قديما قالوا أن الرواية لاتنمو في المجتمعات شديدة المحافظة ..لابد أن نتذكر أن المحاولات الأولى لكتابة رواية سعودية كانت أحيانا تغادر بإبطالها إلى خارج البلد لكي يمكن للروائي أن يخلق صراعا..يجب أيضا أن لاننس أن الروائيين الرواد كانوا يجدون حرجا في اسماء الشخصيات فيهربون من الأسماء الثلاثية خوفا من الحرج الاجتماعي..لكن رغم هذا كله فأنني أجد مبالغة كبيرة في الحديث عن الزخم الروائي المحلي..فالمسألة  إذا قيست بالعدد لا تختلف كثيرا عما لدى الآخرين ..المسألة هي أن قربنا من المشهد يجعلنا  نلاحظ الأمر بشكل مختلف.



-         هل لك أن تحدد موقع للرواية السعودية على الخارطة العربية؟


 -         لا أحب مطلقا الحديث عن أي رواية بشكل عام ..كالقول الرواية السعودية أو الرواية اللبنانية أو المصرية ..الكتابة هي شأن فردي في النهاية وكتاب بلد ما لا يعملون كفريق ,وحتى مسألة التأثير والتأثر لابمكن النظر إليها على مستوى إقليمي ..ولهذا اعتقد أن بعض التعميم الذي يمارس تجاه الرواية كالحديث عن رواية في بلد ما بشكل مجمل  هو استسهال كبير وبعيد عن الموضوعية كما أنه يدل أيضا على غياب الفرز نتيجة غياب القراءة ..المتابع الجيد للرواية المحلية والعربية سيصل إلى نتيجة واضحة هي أن لدينا كتاب رواية رائعون..ولدينا روايات رائعة..ولدينا في المقابل كتاب رواية سيئون وروايات سيئة ..والأمر لدى الآخرين لا يختلف  كثيرا عما لدينا  فهنالك دائما روايات رائعة في كل بلد عربي وهنالك أيضا روايات غاية في الضعف ..


 -         وأنت قارئ جيد للتراث من العصر الجاهلي والأموي والعباسي00الخ، كتَاب اليوم منهم من لم يقرأ وليس لديه أدوات لقراءة هذا الموروث، بقدر حرصهم على قراءة بعضهم وما هو مترجم، ماذا تقول في هذا؟


 -         أعتقد أن ثقافة الكاتب هي الوقود الذي يجعله يواصل ويستمر في الكتابة ..واتفق معك بخصوص أن البعض غير مطلع بشكل كبير حتى على الأعمال الروائية الأساسية ..لا أتصور أن يقبل إنسان على كتابة الرواية وهو لم يطالع أهم الأعمال الروائية في العالم بداية من مايسمى بكلاسيكيات الرواية ..وانتهاء بالرواية الحديثة.. في نهاية الأمر إذا كان هنالك كاتبين موهوبين أحدهما اطلع على الأدب المؤسس لفن الرواية والآخر لم يفعل ..فإنني اعتقد أن الأول سيبدو أكثر حضورا واستمرارية فيما سينطفئ الثاني .


 -         “هذا زمن الرواية”.. “هذا زمن الشعر”.. عبارتان تتكرران على ألسنة الروائيين والشعراء، أنت ماذا تقول؟


 -         هي عبارات صحافية استهلاكية ..لان الأدب تحديدا لا يتعامل مع الآني والوقتي  بقدر ما يتعامل مع مسألة البقاء أو حتى الخلود ..ولهذا فما فسيبقى هو الجيد سواء كان رواية أو شعر ..وما دام الأمر يتسع لمطالعة رواية جيدة ومطالعة مجموعة شعرية جيدة فليس ثمة مجال للحديث عن زمن للرواية أو زمن للشعر ..


 -         كيف ترى أثر التغيرات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم العربي، على شكل ومضمون الخطاب الإبداعي؟


 -         أرى أثرها كبير جدا ..لكنه وعلى مستوى الأعمال الأدبية المهمة لن يبرز مباشرة وكردة فعل فقط ..المسألة تحتاج بعض الوقت كما نحتاج الابتعاد قليلا  عن المشهد لتحقيق رؤية أفضل، لاتنس أننا ونتيجة لهذا التدفق الإعلامي أصبحنا ونحن في بيوتنا جزء من هذه المشاهد بل نحن داخلها تماما ,,الأمر الأخر والمهم أيضا هو أن التغيرات السياسية ستساهم بطريقة أو بأخرى في ارتفاع منسوب الحرية وعدم الخوف من مباشرة أكثر الموضوعات حساسية سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي وهذا له أثره الحتمي على الإبداع بكل تأكيد .


 


-          ” النقد في السعودية تفوق على النص الإبداعي”، هل هذا صحيح؟


 -         لا أعتقد هذا ..ربما حدث في مرحلة ما أن أصبح لدينا نقادا نجوما ..لكن لم يحدث في أي مرحلة أن كان لدينا نقد يمكن وصفه بالمتفوق ..ربما يصح القول أن لدينا نقادا بلا نقد..ويبدو لي أن سبب حضور بعض الأسماء وغياب الفعل النقدي هو أن النجومية التي حصلت عليها بعض الأسماء مستفيدة من مرحلة الصراع المثير حول الحداثة والمحافظة ..هذه النجومية جعلت أصحابها ينفصلون عن الإبداع محليا وعربيا وعالميا..تستطيع أن تقول أنهم توقفوا عن مطالعة الإبداع..   هل سبق أن وجدت اهتماما للناقد المحلي بقراءة أي منجز إبداعي؟ …لا أتحدث هنا عن الإبداع المحلي فقط ..هل تتذكر قراءة نقدية محلية لعمل أدبي عالمي سواء كان شعرا أو نثرا ..هل هناك تماس بين الأدب في العالم كله وبين مايسمى نقدا في مشهدنا المحلي..الحقيقة أن أكثر المعنيين بقراءة الإبداع هم المبدعين أنفسهم سواء كانوا كتاب قصة أو رواية أو كانوا شعراء .


 -         “الصحافة مقبرة المبدع”، هل لهذه المقولة أثر في عدم تعمق صلاح القرشي في الصحافة؟


 -         قد لا تكون هذه العبارة صحيحة بالمطلق ..فهناك الكثير من المبدعين الذين عملوا في الصحافة ولم تذهب بإبداعهم للمقبرة ..بالنسبة لي فعملي في الصحافة هو عمل بسيط ..لا يأخذ الكثير من وقتي ..ولهذا فأنا في مأمن من تلك العبارة لو صحت .


 -         انتشرت على النت مواقع، تدعي أنها الحاضنة للتجارب الإبداعية الشبابية، وكأنها تلزمهم بالحضور كبوابة لدخول عالم الأدب الموثق، هل تجد هذا الانتشار لمثل هذه المواقع، ظاهرة صحية للإبداع؟


 -         اعتقد أن الانترنت قدم الكثير للإبداع..والمواقع الثقافية على النت هي بلا شك ظاهرة صحية جدا ..وشخصيا استفدت كثيرا من بعض هذه المواقع وأحمل لها الكثير من الحب والعرفان والتقدير..ومواقع الانترنت الثقافية هي مثلها مثل الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات..لا يمكن الحكم عليها بشكل عام وإنما يجب الحديث عن كل موقع بشكل خاص..أعتقد أن  النشر من خلال الانترنت مهم وحيوي وكذلك النشر من خلال الصحافة جيد ومفيد للوصول إلى نوعيات أخرى من القراء كما أن النشر من خلال الكتب مهم جدا باعتبار  التوثيق وباعتبار أن أهمية الكتاب لن تزعزعها أهمية أخرى أبدا ..بل إن تطور وسائل الاتصال ساهم بقوة في انتشار الكتب والترويج لها وما نراه من تدافع الشباب في معارض الكتب يعود الجزء الأكبر منه إلى تأثير الانترنت ودوره الكبير في ترويج الكاتب والكتاب




-         هل لنا أن نتعرف على محتوى مكتبتك؟


 -         لا استطيع الادعاء أن لدي مكتبة بمعنى المكتبة المتكاملة .. أغلب الكتب الموجودة في مكتبتي المتواضعة هي أعمال روائية ..عالمية مترجمة وعربية ومحلية ..إضافة إلى مجموعات شعرية ..وأيضا أنا مولع بالتاريخ ولهذا فلدي بعض الكتب المتعلقة بالتاريخ ..إضافة إلى بعض الكتب ذات العلاقة بالفكر والفلسفة والسياسة والموسيقى .. التوجه الغالب على المكتبة هو  من كل بحر قطرة ..ربما لأن اهتماماتي القرائية تمرّ بما أسميه موجات ..تأتيني أحيانا رغبة في مطالعة كتب التاريخ فأشتري كتبا حول هذا الأمر ..بعد فترة يأتيني اهتمام غريب بالفلسفة ..فأشتري بعض الكتب المهتمة بهذا الشأن ..الفكر الإسلامي أيضا ..السياسة والتاريخ السياسي الحديث ..لكن الشيء الثابت في مطالعتي هو الروايات والمجموعات القصصية ودواوين الشعر .


 -         ماذا عن جديدك


 -         لا جديد الآن في الأفق القريب ..هنالك جمرات صغيرة لم تتحول بعد إلى لهب …وهناك أيضا مجموعة خاصة بالقصة القصيرة جدا جاهزة ومتكاملة لكنني متردد في نشرها ربما لأنني نشرت العام الماضي رواية وادي إبراهيم وبالتالي فلابد من مرور بعض الوقت لنشر كتاب جديد 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 11, 2013 01:17
No comments have been added yet.