الخروج من الصدمة

عشت شهورا من العذاب لا يقوى شخص على تحمله. لم يتوقف عقلي عن التفكير ليلا أو نهارا وكانت الإجابات تأتيني الواحدة تلو الأخرى كاشفة حقيقة الوهم الذي كنت أعيشه. كل إجابة تحمل في طياتها صدمة تهدم أساس جديد من أساساتي. بدأ البناء يتصدع ثم رأيته ينهار أمام عيني طابقا تلو الآخر، لم يبق منه إلا الأطلال، مخلفات حرب ضارية، عدوها مجهول، غير مرئي ولكن آثار هجماته بادية، واضحة للأعين. وعلى الرغم من ذلك لم يظهر أثر الدمار لشخص غيري وكأن الناس جميعا أصيبوا بالعمى أو لعلي زودت بأعين تنظر إلى نفسي من الخارج، تخترق نظراتها طبقات جسدي الخارجية وتطل على روحي من الداخل …رأيت روحي تتيبس يوما من بعد يوم وبدأت حياتي تنطفيء وشمعتي يخبو ضوئها حتى كدت انطفىء كلية…رأيت حياتي تتبدد أمام ناظري، الكآبة تتسلل إلى عقلي وجسدي تحتل مكانهما، تسيطر عليهما وتسعى لاقصائهما تماما. أحسست بالوهن يتخلل إلى جسدي، ازددت هزالا وأصبح عقلي قليل النشاط، معدوم التوهج …رأيت أياد تمتد خلسة إلى روحي ساعية لتقبض عليها وتنهي وجودي.


ثم في ظلمة الأحداث كانت طاقة نور، سؤال منجي لا أعرف من أين أتاني؛ لعلها الفطرة التي فطرنا عليها الله تعالى، فطرة المقاومة، التشبث بالحياة وعدم الانجراف خلف اليأس والموت بهذه البساطة. كان سؤالا بسيطا، بديهيا: هل تستسلم بهذه السهولة؟ هل تيأس لمجرد أنك تعثرت؟


اتقد عقلي فجأة وبحثت في نفسي عن مكامن قوتي وصلابتي، رأيت كل المظلومين الذين يحبسون ويعذبون ويهانون ورغم كل ذلك لا يستسلمون ولا يخبو نورهم بل يزدادون وهجا وتألقا، يزدادون قوة ومتانة، صبرا وعزيمة… فهل أنا بأقل منهم؟ بالطبع لا


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 16, 2014 00:41
No comments have been added yet.