لين ..أنا بخير، إلى أن أصبح وحيداً ..ومؤخراً ..لم أعرف غير الوحدة
كل شيء كنت تعرفينه عنّي تمزق ..حتى أنا لم أعد أذكر شيئا ..بت أتذكر بصعوبة أيام الصبى، أتذكرينها؟
تزحف نحو ذهني لثوان قليلة ثمّ تختفي كما اختفى كلّ شيء ..
كنّا سعداء ..الآن أيقنت أنّنا امتلكنا السعادة المطلقة حينما كنّا بطول شجيرة الذرة ..لم يكن يفصلنا عن
الحقيقة شيء.الآن ..تطاولنا وامتدت عقولنا لتلامس الذكاء الموعود ولكن طالنا الحزن بعد ذلك ..
لين ..ألا تلاحظين أن كتاباتي باتت حزينة ، كئيبة وشاحبة؟ ..لم تكن كذلك حينما أرهقت نفسي في
كتابة بطاقة المعايدة لك ونحن في الصف السادس
الآن صارت قوانين البالغين تطوقني ..لقد أكتشفت شيئا فشيئاً عالم الرجال وعرفت لمَ لم تردّي على
معظم رسائلي ..
كل شيء مجرد كذبة ..لين ، صدقيني..لايوجد من البشر من يستطيع أن يكون باردا كالحجر ..لا يوجد
من لا تحكمه العواطف ..
لين ..غرفتي تغيرت كذلك ، أحيانا أظن أنها تشيخ معي..قد لا أرى خصلات شعرها الأبيض ولكنها
صارت باردة بلاروح ..أحتاج لأغطية كثيرة كي أشعر بالدفء.
غادرت شلتي منذ وقت طويل أو أظنها من نبذتني بعد أن اكتشفتُ أن الصداقة مجرد خرافة هامت بها
قلوب الحالمين ..فضح الآخرين لا يعني أنك صريح ؟؟
لم أعد أذكر كم ورقة سقطت من أنفاسي بسبب هبات الخريف ..كم شتاءاً مر ..كم ربيعاً مغيما تابع
خطواتي نحو سقف المعاناة ..كم صيفا يا لين؟..
بات تمضية الوقت دون تفكير هاجسي ..بت أخشى أن أجلس وحيدا ، أيعقل هذا ؟
في الماضي كنت أتوق للجلوس برفقتك تحت شجرة البلوط ..كنا نجلس لساعات من دون أن نقول
حرف واحداً ..كنا دوماً نؤمن بتأمل جمال أغصان الشجرة التي تمدنا بظل هادئ ..
بت أكره الظلال ..لين ..صرت أفعل ؟
عندما يجنو الليل أشعر بحد سيف ظله تستهلكني ..قد لا أصيح طالبا العون ولكن جراح سيفه كانت مؤلمة ..
لين ..كل شخص في هذا الكون مجرد كابت للهم ..منّا من يصرخ ومنّا من يتحمّل ومنّا المُدعي
للشجاعة ..ولكنه ينهار في النهاية ولو في ظلمة ليل يستر شهامته ..
ربما يجدر بي فعل شيء ما ..ولكنني لا أعلم ما هو ؟
أحيانا لا أجرؤ على الحركة ..أشعر بجمود منعش ورغبة في النوم ..أرغب في غيبوبة مريحة ..لم نكن
كذلك يوما ..
كان شروق الشمس يعني لقاءا سعيدا ..لُعبٌ كثيرة ..كنا نرغب في توقيف عقارب الساعة لكي نحتسي
جرعات مخدر المتعة الطاهرة داخل قلوب أطفال ..
لين ..لا أدري إلى أي مدى غدّتك تجارب الزمن ولكن هناك شيء واحد أرجوه بعنف ..
لا أريد رؤيتك تسيرين بانتظام وسط جموع البشر التي أعياها الإقدام ففضلت المشي متخفية وسط
التقليد والمراء..
أراهم كل يوم يخطون بسكون ..رائحة البرودة تنفر من وجوههم ..تنبض في عروقهم ..تجلعلهم مواتا
وقت الزهر وشهد الانفاس ..
لم أرغب يوما في حدود وضعها البشر ..لم أجد يوما الرغبة في التفكير بها ..
ولكنكِ رسمتي حدوداً أرغمتني على التفكير ؟
لين .. أعرف أن رسالتي لن تصلك أبداً كما لم تفعل سابقاتها ..لقد صرت بعيدة جداً
أبعد من أن تسمعي نحيبها أو غناءها وهي تخرج من أصابعي تريد الحياة داخل أذنيك ..في عقلك
ووسط أكمام قلبك ..
أعلم أنها لن تصل ..لين
ها أنا كعهدي ..أجلس بجوار قبرك ..أحمل قلمي ودفتري ..أكتب رسائلي إليك ..لا أجد ساع يمنحها
وجهة لتزور بيتك ولكنني ..أكتب!
لين ..نامي بهدوء
وإلى أن يحين وقتي ..سأظل أكتب مراسيل التعب نحو أرضك ..لأستريح
Published on March 22, 2015 04:54
الحقيقة شيء...
جميل ما كتبت يا أحمد