سيرة العصفور
ما هَذا العُصفورُ؟
مِن أيْنَ أتى؟
مَاذا سَتقولُ لشُرطِيّ الدّرَكِ
إذا جَاءَ ليسْألهَا؟
مَاذا سَتقُولُ
إذا جَاءَ زبُونُ اللّيل
ليصْحبَها؟
كانَت واقِفة تحْتَ عَمُودِ النّور
كمَا اعتَادَتْ
كل مساءٍ تقِفُ،
تدخّنُ، تسْعلُ
أحْيانًا
تَتأمّلُ شَكْلَ الغَيم
وألوَانَ السّيارَاتِ
تشُمّ نَسِيمَ اللَيل
تُسَبّل جَفْنيْها
تَثّاءَبُ لو طالَ الوَقتُ
وتهْرشُ شَامَتها المَرسُومَة
بالقلمِ الأسودِ
وَتُطقْطقُ إصبعَهَا
وتَشُدّ الفُستَانَ قليلاً
كَي يَنسَكِبَ النّورُ الشَّاحبُ
فَوقَ حَرير الفَخْذِ الرّيّانِ الأبْيَض
***
مَا هذا العُصْفُورُ؟
مِنْ أيْنَ أتَى؟
عُصْفُورٌ حَطّ
عَلى مِصْباح عَمُودِ النّور
كانَتْ – ياللخَجَل – تَخَافُ
وتَرتَعِشُ
إذا لطّخَهَا برفيفِ الرّيش
ارتعَبَت أوّلَ مرّة
والعُصفورُ يُرفْرفُ
وَيحُطّ عَلى كتفَيهَا، انتفَضَتْ، فَرّ
لكنْ مَا أن غَفَلتْ حَتّى حَط عَلى كفّيْها
يَنقُر رَاحَة يَدهَا ويُزقزقُ
كانتْ تنْوي أن تَضربَه بحَقيبتِها
لكنْ يتَلطّخُ فُستَانُ اللّيلَةِ
بالدّمِ
والعُصفُورُ
علَى كتفَيْها
وعَلى كَفّيْها
ينقُر بَين أصَابعِها
ويُزقزق
***
مَاذا سَتقُولُ لشُرطيّ الدّرَكِ
إذا جَاءَ؟
مَاذا سَتقُولُ إذا جَاءَ زبُونُ اللّيل
ليصْحَبَها؟
مَاذا تَفعَلُ هَذي اللّيلَةَ
والعُصفُورُ عَلى كَفّيهَا ليْسَ يَفِرّ
وأنامِلُها العَشرُ
سَنَابلُ خضْرٌ
ينقُرُهَا العُصْفُور؟
_______________________________________________
قصيدة مدهشة للصديق محمد الصاوي راوي السير.


