“العظماء المائة 15″.. “سليم الأول” منقذ قبر الرسول وموحد المسلمين
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
في عام 1845م ضرب مرض اللفحة المتأخرة محاصيل البطاطا في جزيرة ايرلندا هذا المرض
هذا المرض تسبب بدمار محصول البطاطا الذي كان اغلب الفقراء الايرلنديين يعتاشون عليه مما تسبب في اكبر مجاعة في تاريخ ايرلندا راح ضحيتها أكثر من مليون ايرلندي ما بين عامي 1845-1852م في حين انخفض عدد سكان ايرلندا بمعدل يقترب من ربع عدد السكان نتيجة للموت أو الهجرة هربا من المجاعة
وفي وسط المجاعة أمر خليفة المسلمين وقتها أمير المؤمنين السلطان عبد المجيد الأول بإنقاذ الفقراء الايرلنديين الذين استغاثوا بأمم الأرض لإنقاذهم فقرر دولة الخلافة الإسلامية العثمانية إرسال عشرة آلاف جنية إسترليني لنجدة فقراء ايرلندا الكاثوليكية وهذا مبلغ يقدر بالملايين في زمننا هذا
إلا أن بريطانيا البروتستانتية رفضت السماح للمسلمين التبرع بهذا المبلغ وذلك لان الملكة البريطانية فكتوريا تبرعت لايرلندا بألفي جنية إسترليني فقط ولم ترد أن يتفوق عليها احد فسمحت بريطانيا للعثمانيين بالتبرع بألف جنية إسترليني فقط فقرر أمير المؤمنين عبد المجيد الأول التبرع بذلك الألف نقدا إلى فلاحي ايرلندا ولكنه ببقية العشرة الآلف قام بشراء أنواع الأغذية لإرسالها سرا إلى ايرلندا عبر سفن الإغاثة الإسلامية المحملة بأنواع الأغذية والمساعدات لمسحي ايرلندا دون علم بريطانيا
فأبحرت سفر البحرية الإسلامية من عاصمة الخلافة اسطنبول باتجاه ايرلندا في عملية إغاثة إسلامية ولكن البحرية البريطانية علمت بالأمر فاعترضت طريق السفن الإسلام ومنعت رسوها في مينائي بلفاست وكورت ستي إلا أن بحرية دولة الإسلام استطاعت الالتفاف سرا في جنح الظلام لترسوا في ميناء ايرلندي صغير اسمه ميناء دروغيدا لتقدم النجدة الإسلامية إلى الفقراء الكاثوليك الذين تفاجئوا أن من أنقذهم من الموت المحقق لم يكونوا من أخوتهم المسحيين الذين منعوا المساعدة عنهم بل كانوا من أنقذهم رجال من الترك يتبعون نبي عربي اسمه محمد ابن عبد الله صل الله عليه وسلم ويعتنقون دينا علم الدنيا معنى الإنسانية هذا الدين اسمه الإسلام
مرحبا بكم
هذا جهاد الترباني يحيكم في الحلقة الخامس عشر من برنامج العظماء المائة
وفيها نستكمل قصة الخليفة القاطع سليم الأول ومهمته شبه المستحيلة لإنقاذ قبر الرسول صل الله عليه وسلم من قوى الظلام المتحالفة ودوره في توحيد امة الأسلم تحت راية واحدة قوية لمواجهة التحديات الخطيرة التي عصفت بالمسلمين في تلك الفترة في تلك الفترة الحرجة
وقد تعمدت في بداية هذه الحلقة ذكر قصة النجدة العثمانية الإسلامية لايرلندا لتذكير بفضل الخلافة العثمانية ليس فقط على المسلمين بل على الإنسانية بأسرها
وقد بعث لي بعض الأفاضل بأسئلة يستفسرون عن سبب تركيزي على عظماء الخلافة العثمانية الأتراك على الرغم من إنني لم اذكر حتى الآن سوى ثلاث عظماء من المسلمين من قومية الترك على مدار خمس عشرة حلقة
وفي واقع الأمر انه لو كان الأمر بيدي ولو كنت املك مزيدا من الوقت لأخرجت برنامجا كاملا عن عظماء امة الإسلام من امة الترك العظيمة هذه القومية التي ظلمت في مناهجنا الدراسية لأسباب سياسية في بعض الأحيان وعنصرية في بعضها الآخر في حين أن هذه القومية العظيمة قدمت للمسلمين الشيء الكثير ودفعت عن المسلمين والإسلام بدماء لا يعلم حجمها غير الله ويكفيك فقط أن تعرف بعض أسماء القادة الأتراك الذين دافعوا عن بيضة الإسلام مثل القائد التركي ألب أرسلان بطل معركة ملاذ كرد الباسلة التي أنقذت المسلمين من اكبر تحالف صليبي في التاريخ ظهر في ذلك الوقت وسنأتي على قصته قريبا إن شاء الله
الشيء الذي لا يعلمه الكثيرون منا أن قائد معركة عين جالوت المصيرية قطز الذي أنقذ المسلمين من التتار كان أيضا قائدا تركيا ورفيقه في الجهاد بيبرس كان أيضا تركيا الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن قلاوون الذي أنهى آخر جيب من جيوب الصليبيين في بلاد الشام كان أيضا تركيا نور الدين محمود الشهيد الذي اعتبره المؤرخون سادس الخلفاء الراشدين وهو بالمناسبة أستاذ القائد الكردي البطل صلاح الدين الأيوبي نور الدين الشهيد كان ملك تركيا وأبوه البطل عماد الدين زنكي كان رائد الجهاد ضد الصليبين كان من قومية الأتراك أيضا
حتى عمالقة الهند البارزين مثل العملاق محمود بن سبكتكين الشهير بمحمود الغزنوي وهو الملك الذي حفظ الإسلام في الهند وقهر جحافل الهندوس هذا الملك كان أيضا تركيا وأيضا سلطان الهند العظيم أورانج زيب عالم قير الذي قال عنه الشيخ الطنطاوي انه بقية من الخلفاء الراشدين هذا الملك كان تركيا ولا ننسى أيضا محمد الفاتح صاحب بشارة رسول الله صل الله عليه وسلم في فتح القسطنطينية وحفيده سليم الأول الذي أنقذ قبر الرسول صل الله عليه وسلم من النبش وينه سليمان وبقية أحفادهم العثمانيين حتى عبد الحميد الثاني الذي رفض بيع فلسطين للصهاينة هؤلاء جميعا كانوا من الأتراك المسلمين ولو أردت فقط ذكر أسماء عظماء الترك المسلمين في هذا البرنامج لما اتسعت هذه الحلقة لمجرد ذكر أسمائهم
وهذه هي روعة هذا الدين فهذا الدين دافع عنه جميع المسلمين دافعت عنه كل القوميات المسلمة باختلاف أجناسها وألوانها أما من كان يعتقد أن الإسلام فقط حكر علينا نحن العرب دون غيرنا فلعيه أن يترك هذه الأمة وليذهب إلى قبيلته لنظم هناك شعرا يسب فيه قبيلة أخرى وليبحث لنفسه عن امة أخرى غير امتنا العظيمة التي لا تعرف فيها مكان للعنصرية أو المرضى العنصريين
والحقيقة أننا عندما نذكر الخلافة العثمانية التي أسسها بطلنا سليم الأول رحمة الله لا نذكر دولة كان يحكمها ملائكة فلا العثمانيين كانوا ملائكة ولا المسلمين في وقتهم كانوا من الصحابة فالخلافة العثمانية التي درسونا إياها باسم الاحتلال التركي كانت دولة كغيرها من دول الإسلام لها ما لها وعليها وما عليها فمن سلبيات هذه الدولة مثلا أنها كانت ذات نزعة صوفية مبالغ بها إلى حد ما انتشرت من خلالها بدع لم تكن من هدي الرسول صل الله عليه وسلم ولكن هذا الأمر السلبي لم يكن بالطريقة الضخمة التي يراد لنا أن نتصورها للدرجة التي أصبح فيها بعض المغفلين يصفونها بالدولة الشركية والدولة القبوريه ولم علم هؤلاء المساكين انه لولا تقدير الله للعثمانيين لدفاع عن مقدسات هذه الأمة لما يزيد عن ستمائة عام لكان هؤلاء الذين يصفون هذه الدولة بتلك الأوصاف البشعة لربما كانوا هؤلاء الآن رعاة للخنازير لدى الصليبيين الذين كانوا ينون احتلال أرضهم وتحويل دين أجدادهم لدين الصليبي واغتصاب جداتهم ونبش قبر نبيهم محمد صل الله عليه وسلم
وعلى الرغم من كل السلبيات فقد كانت الدولة العثمانية الإسلامية دولة سنة عظيمة دافعت عن المسلمين لستمائة عام أي ما يقرب من نصف تاريخ هذه الأمة منذ بعثة الرسول صل الله عليه وسلم وحتى الآن
منها أربعمائة عام كخلافة إسلامية اجمع على صحتها علماء المسلمين في القديم والحديث
ويكفيك أن تقرءا ما تكبه الفقيه والمؤرخ الكبير ابن العماد الحنبلي في كتابة شذرات الذهب في أخبار من ذهب
ابن العماد رحمة الله قال عن العثمانيين أنهم من بيت رفع الله على قواعده فسطاط السلطنة الإسلامية ومن قوم ابرز الله تعالى لهم ما ادخره من الاستيلاء على المدائن الإيمانية رفعوا عماد الإسلام واعلوا منارة وتواصوا بإتباع السنة المطهرة وعرفوا لشرع الشريف مقداره
العثمانيون الذين يريد لنا غزاة التاريخ أن نكفر بهم لكي نكفر نحن بتاريخنا هؤلاء الأبطال هم الذين انهوا وجود إمبراطورية الروم التي حاربها الرسول صل الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون والأمويون و العباسيون حتى جاء العثمانيون ليزيلوها من على وجه التاريخ بعد أن تمكن عظيمهم محمد الفاتح رحمة الله من أن يكون صاحب بشارة رسول الله صل الله عليه وسلم في فتح عاصمة الروم
وبعد ذلك قام العثمانيون بإنشاء إمبراطورية إسلامية عظمى مترامية الأطراف امتد أراضيها على ثلاث قارات وامتد نفوذها في بحار الأرض كلها فوصلت فيها حدود نفوذهم البحري حتى أمريكا والقطب الجنوبي كما تابعنا في الحلقة العاشرة من هذا البرنامج
وأنقذ العثمانيون الأتراك الأوربيين المسلمين من معسكرات التعذيب في الأندلس وحرروا دول شمال أفريقيا الإسلامية من الغزاة الصليبيين وتحولت الجزائر في عهد العثمانيين إلى القاعدة البحرية الأولى في العالم وساعد العثمانيون أيضا إخوتهم المسلمين حتى في الأقاليم التي لم تنطوي تحت راية الخلافة العثمانية فساعدوا إخوتهم المجاهدين المغاربة في معركة وادي المخازن التاريخية على رغم بان المغرب لم تكن يوما ضمن حدود الخلافة العثمانية نفس الحال مع عمان عندما تعاون المجاهدون العثمانيون مع المجاهدين العمانيين في صد الحملات الصليبية البرتغالية والصفوية في أكثر من حادثة في التاريخ كانت فيها البحرية العمانية والعثمانية تعملان جنبا إلى جنب نصرة المسلمين حتى قاموا مجاهدو عمان اليعاربه في تحرير عمان بالكلية من آخر جيب صلبي برتغالي على ارض عمان وسنأتي على قصتهم قريبا إن شاء الله
وأرسل العثمانيون أساطيلهم العملاقة لنجدة إخوانهم الهنود و الاندنوسيين للدفاع عن أرضهم في وجه الغزاة بل وحتى غير المسلمين كانوا العثمانيون يساعدونهم عند الحاجة فقد أنقذ العثمانيون اليهود الذين كانوا يعذبون في الأندلس من قبل الإرهابيين الكاثوليك في محاكم التفتيش الصليبية
و وصلت عظمت الدولة الإسلامية في عهد العثمانيين لدرجة أن العثمانيين أنقذوا ايرلندا من خطر المجاعة الكبرى التي ضربتها كما ذكرنا في بداية هذه الحلقة
لذلك توجه وجهاء ايرلندا برسالة شكر إلى الخليفة المسلم السلطان العثماني عبد المجيد الأول هذه الرسالة مازالت محفوظة في الأرشيف العثماني إلى يوم الناس هذا وجاء في تلك الرسالة
“We the noblemen, gentlemen and inhabitants of Ireland want to express our thank and gratitude for the Ottoman Sultan’s munificent assistance due to the disaster of dearth. It is unavoidable for us to appeal the assistance of other countries in order to be saved from the enduring threat of death and famine. The Ottoman Sultan’s munificent response to this aid call displays an example to European States.
وملخص هذه الرسالة أن وجهاء وسادة ايرلندا يشكرون السلطان العثماني لما قدمه لهم لإنقاذهم من المجاعة وأنهم يرون انه ما قام به العثمانيون يعتبر قدوة لبقية الدول الأوروبية
الجميل في الأمر أن الايرلنديين على عكسنا لم ينسوا جميل صنع العثمانيين لهم وهذه في الحقيقة صفة متلازمة لدى الروم بشكل عام ونعني بالروم الأوربيين
فالروم كما ذكرنا في حلقة سليمان القانوني لا ينسون الأبطال بغض النظر عن دينهم وقومياتهم فايرلندا لا تزال حتى يومنا الناس هذا تحفظ للمسلمين العثمانيين جميلهم لدرجة تحول فيها فريق كرة القدم لنادي مدينة دروغيدا
ذلك الميناء الصغير الذي نزلت فيه المساعدات العثمانية تحول فيها شعار نادي كرة القدم لديهم إلى شعار دولة الخلافة العثمانية ومازال لاعبوا ذلك الفريق في ايرلندا حتى يوم الناس هذا يحملون على صدورهم شعار الدولة الإسلامية العثمانية في الوقت الذي يلبس فيه أبنائنا للأسف قمصان أندية أوربية عليها صلبان بدون أن يهتموا لذلك أو تهتم عائلاتهم بذلك
وبعد هذه المقدمة الطويلة التي رأيت أنها ضرورية حان الوقت لكي نستكمل قصة العظيم الإسلامي سليم الأول
التي وصلنا فيها الحلقة الماضية إلى الاستعدادات السليميه لمعركة جلديران المصيرية ولكن علينا أولا أن نأخذ لمحة بسيطة عن أوضاع العالم الإسلامي والعالم بأسرة في الفترة التي ظهر فيها سليم الأول لكي ندرك حجم المصاعب التي واجهها هذا العظيم الإسلامي العملاق
العالم الإسلامي كان مفرق ومشرذم لدرجة خطيرة في شرق العالم الإسلامي ظهرت شخصية من أخبث الشخصيات التي ظهرت على وجه التاريخ إسماعيل الصفوي اختلف المؤرخون في أصله ولكن من المرجح انه كان فارسيا شعبويا يحقد على العرب بشكل كبير إسماعيل الصفوي أسس دولة الصفويين التي تهدف إلى تدمير العقيدة الإسلامية
واحتل الصوفي بلاد فارس والعراق وشرق الجزيرة العربية وأذربيجان وقتل ما يزيد عن مليون مسلم ليجبر بقية المسلمين بقوة السيف على اعتناق الدين الصفوي المبني على الأساس على الحقد على العرب
وقرر إسماعيل الصفوي التعاون مع الصليبيين لضرب السلطنة العثمانية وتراسل فعلا مع الفونسو دي ألبوكيرك قائد بحرية البرتغاليين الصليبيين وكان الهدف المشرك هو نبش قبر رسول الله صل الله عليه وسلم
السلطنة العثمانية في شمال العالم الإسلامي وصلت إلى مرحلة من الضعف في أواخر عهد السلطان بايزيد الثاني بعد أن زرع الصفويون جواسيس في جميع أنحاء السلطنة وصلوا فيها إلى مراكز عليا في الدولة والجيش كان أشهرهم شخص يدعى شاه قولي هذا الجاسوس الصفوي أثار الفتنة في أرجاء الدولة العثمانية وصل نفوذ عملاء الصفويين إلى حد قتل الصدر الأعظم خادم علي باشا والصدر الأعظم بمثابة رئيس الوزراء للسلطنة العثمانية
وظهرت أيضا في السلطنة العثمانية بوادر تعاون سري بين الأمير احمد ابن بايزيد الثاني و الصفويين وصار الأمير احمد المرشح المفضل للصوفيين لتقلد منصب السلطان وصارت السلطنة العثمانية على وشك الانهيار والتفكك الأمر الذي شجع الصفويين على التحرش بالدولة العثمانية من حين إلى آخر والعمل على تدميرها لتغير دين المسلمين السنة إلى الدين الصفوي
القوة الثالثة التي كانت بالمنطقة هي قوة المماليك الذين كانوا يحكمون الشام ومصر والحجاز المماليك الذين كانوا من المسلمين السنة اتخذوا موقفا سلبيا مما كان يجري في الساحة الإسلامية فقرروا الوقوف على الحياد السلبي بين الصفويين وبين إخوتهم العثمانيين الأتراك المسلمين إلا أنهم للأسف كانوا يميلون أكثر لتعاون مع الكفار الصفويين خوفا من تعاظم قوة المسلمين العثمانيين الذين زادت شعبيتهم لدى الشعوب المسلمة خاصة مع فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح رحمة الله وفي آخر عهدهم تعاونوا ملكهم قنصوه الغورى كما سنرى لاحقا تعاون مع الصفويين لضرب المسلمين العثمانيين
إمارة ذي القدرية كانت إمارة مسلمة سنية تقع بين المماليك والعثمانيين وملوكها كانوا من الأتراك ولكنها كانت تتمتع بحكم ذاتي تحت حماية مملوكية وفي عام 913ه -1507م أراد المجرم إسماعيل الصفوي بكل وقاحة الزواج بالإكراه من إحدى بنات ملك إمارة ذي القدرية بوزقورد بك ولكن الفتاة وأبوها لم يرضوا القبول بذلك الصفوي فاجتازت قوات إسماعيل الصوفي الحدود العثمانية وغزت إمارة ذي القدرية ونبش المجرم إسماعيل الصفوي جميع قبور أمراء ذ ي القدرية المسلمين واحرق عظامهم مما اغضب سليم الأول الذي كان وقتها أميرا في إحدى ولايات السلطنة العثمانية التي كان يحكمها أبوه السلطان بايزيد الثاني فغضب سليم الأول لما حل بالمسلمين في ذي القدرية لاسيما أنهم أخواله حيث أن أمه عائشة خاتون هي إحدى أميرات ذي القدرية العجيب أن المماليك الذين كانت تقع على عاتقهم حماية المسلمين في ذي القدرية التي كانت تتبع لهم سياسيا لم يحركوا ساكنا وتركوها عرضا للإجرام الصفوي
موقف السلطان العثماني بايزيد كان أيضا ضعيفا إلا إن ابنه البطل سليم الأول تحرك بجنوده دون إذن أبيه وقاتل الصفويين وكان سليم يصطحب معه في تلك المعارك ولده الوحيد سليمان القانوني الذي كان يبلغ الثاني عشر من عمره لذلك لاستعجب أن يتحول سليمان فيما بعد إلى عملاق عظيم
المهم أن الأمير سليم استطاع في ذلك الوقت اسر قائد الجيش الصفوي واسمه إبراهيم ميرزا وهو احد أخوت إسماعيل الصفوي فبعث إسماعيل الصفوي إلي السلطان بايزيد رسالة يطلب منها فك اسر أخيه وللأسف أمر السلطان الضعيف بايزيد الثاني أطلاق سراح إبراهيم ميرزا الصفوي وعلى الرغم من غضب سليم من أمر أبيه إلا انه في نهاية الأمر أطاع أوامر السلطان ولكن إحساسا كبيرا بالغضب كان يملئه للهوان الذي وصل إلية حال المسلمين بسبب ملكهم الضعيف
إمارة بنو رمضان وهي إمارة صغيرة في الأناضول ظهرت أثناء انحلال دولة سلاجقة الروم وهم أيضا أتراك وكانت عاصمتهم أدانا
أما في غرب العالم الإسلامي تم القضاء على الوجود الإسلامي في الأندلس نهائيا وتعرض المسلمون فيها لمجاز بشعة فتعرضوا للقتل والتعذيب المرعب في محاكم التفتيش المخيفة التي كان يشرف عليها القساوسة الكاثوليك
وكانت دول شمال أفريقيا المسلمة تتعرض من حين إلى آخر لحملات صليبية تهدف بالأساس إلى تغير دينهم أما المغرب فقد كان الهدف الأول للغزو الصليبي بعد أن سيطروا على الأندلس بالكلية وأرادوا الانتقام من المجاهدين المغاربة الذين طالما لقنوا الصليبيين دروسا عديدة في الأندلس
كانت هذه لمحة بسيطة عن العالم الإسلامي في الوقت الذي ظهر فيه سليم الأول القاطع أما العالم الصليبي فقد كان على النحو التالي
الصليبيون في ذلك الوقت اتخذوا قرارا بإنهاء الدين الإسلامي من على وجه الأرض خاصة بعد أن اسقطوا الأندلس فتوحدوا في تلك الفترة في تحالف كبير قاده البابا يوليوس الثاني الذي عقد المجمع البابوي وشكل تحالف سمي بتحالف العصبة المقدسة 917ه-1511م تحالف العصبة المقدسة ضم البابا يوليوس الثاني(فيردنلدو) فرناندو ملك اسبانيا وهنري الثامن ملك الانجليز وكان هدفهم القادم هو تدمير القوة الناشئة التي باتت تشكل خطر عليهم قوة العثمانيين الأتراك
فتوحدت الأمارات الصليبية في جميع أنحاء أوروبا تحت رابطة العصبة المقدسة
إلا أن الله قدر أن ينشغل الصليبيين في حروب داخلية مع فرنسا فخف الضغط على المسلمين العثمانيين في حين قرر البرتغاليون الصليبيون ضرب قلب العالم الإسلامي في المدينة المنورة وسرقة قبر الرسول صل الله عليه وسلم حتى جاء عام 1513م وهو العام الذي تقلد فيه منصب البابوية البابا ليو العاشر فأرسل الملك القذر إسماعيل الصفوي الذي كان يدعي الإسلام ويبطن الكفر أرسل رسله إلى الفاتيكان لعقد تحالف جديد مع الصليبيين هذه المرة مع البابا ليو العاشر شخصيا
هذا التحالف الصفوصليبي كان يهدف إلى إنهاء الوجود العثماني الإسلامي إلى الأبد بخطة يطبق فيها الصفويون على العثمانيين من الشرق وتحالف العصبة المقدسة الصليبي من الغرب وفي نفس الوقت تراسل إسماعيل الصفوي مع الصليبي البرتغالي الحاقد الفونسو دي ألبوكيرك للانقضاض بهجوم موحد على مدينة رسول الله صل الله عليه وسلم
وفور تسلم القائد سليم الأول مقاليد الحكم في السلطنة العثمانية قام مباشرة بتوحيد الدولة والقضاء على المتمردين كما ذكرنا في الحلقة الماضية
توجه القائد سليم القاطع ليقطع رأس الحية الصفوية في عقر دارها وذلك على رأس جيش مكون من مئة ألف مقاتل عثماني المهم أن السلطان سليم الأول ركب على ظهر جواده وقرر أن يقود تلك المعركة بنفسه على الرغم من تحذيرات قادته له لان الطريق كان طويلة وشاقا من العاصمة اسطنبول إلى ميدان المعركة لاسيما تحت أشعة الشمس الملتهبة التي ظهر أن السلطان سليم الأول يتأثر بها ولكنه رفض كل النصائح وقرر أن يجاهد بنفسه على ظهر جواده
وزاد من صعوبة الطريق قيام الملك الخبيث إسماعيل الصفوي بحرق جميع المحاصيل الزراعية في طريق جيش المسلمين لكي تنعدم المؤونة عن الجيش المسلم الذي كان يتكون من مئة ألف مقاتل
في حين قام هذا الخبيث بمناورات هنا وهناك لكي يطيل أمد انتظار المسلمين للمعركة دون وجود مؤونة وبعد أن اطمئن الصفوي ان المسلمين قد نالهم التعب الشديد من قلة المؤونة والسفر الشاق قرر أخيرا ملاقاة المسلمين في وادي جلديران الذي اختاره هو بنفسه لكي يلتف على جيش المسلمين
فالتقى الجيش الصفوي بقيادة إسماعيل الصفوي مع الجيش المسلم بقيادة القائد العام للقوات العثمانية المجاهدة سليم الأول في وادي جلديران أحفظ جيدا معي هذا التاريخ الثاني من شهر رجب سنة تسعمائة وعشرين للهجرة (2من شهر رجب لسنة920ه) الثالث والعشرين من شهر آب أغسطس سنة ألف وخمسمائة وأربعة عشر (23 من شهر آب أغسطس سنة 1514م) أحفظ هذا التاريخ جيدا فهو تاريخ يوم من أيام الله الخالدة لتبدءا أحداث معركة مصير معركة الإسلام انه تاريخ معركة جلديران المصيرية
ومع انطلاق شرارة المعركة بداء الهجوم الإسلامي بشكل أدهش الصفويين فقد أمر القائد العام للقوات الإسلامية المجاهدة السلطان سليم الأول بفتح الجناحين على شكل هلال ثم أمر المدفعية العثمانية بفتح نيرانها على الصفويين لتبدءا جثث الصفويين بالتساقط في ميدان المعركة بعدها أمر القاطع بإغلاق الجناحين وقدم فرقة الاحتياط إلى الأمام وأمر بالهجوم على مركز الجناح الصفوي الأيمن للقضاء على الملك إسماعيل الصفوي الذي كان هناك جرحت يد الشاه ورجله ولكن الخبيث كعادته البس ثيابه لشبيه له من أتباعه بينما ولى هو هاربا كالجرذان من ميدان المعركة تاركا جيشه ورائه لكي يتساقطوا واحدا تلو الآخر أمام جيش المسلمين وماهية إلا لحظات حتى كان جيش الإسلام قد قضى على قادة الصفويين كلهم وصار عشرات الألف من الجنود الصفويين مابين قتيل أو أسير وتعالت صيحات الله اكبر في ميدان جلديران وسجد القائد سليم الأول شكرا لله على هذا النصر ولكنه وبالرغم من هذا النصر الكبير ركب على ظهر جوادة من جديد قاصدا عاصمة الصفويين فانطلق سليم الأول راكبا ظهر جوادة باتجاه تبريز عاصمة الصفويين ولما سمع إسماعيل الصفوي بقدوم المسلمين نحو عاصمته التي هرب إليها هرب منها هذا الجبان مسابقا الريح خوفا من أن يقطع القاطع رأسه ومن شدة خوفه ترك هذا الجبان زوجته خلفه ليختبئ في مدينة أخرى تسمى خوي
فحرر السلطان العثماني البطل سليم الأول مدينة تبريز من الاحتلال الصفوي فاستقبله الناس بالورود وقد كان سكان تبريز من المسلمين السنة الذين تعرضوا لألوان العذاب من قبل الصفوي
وفي يوم الجمعة الموافق 18 من شهر رجب من عام 920ه رفع المسلمون الأذان لصلاة الجمعة في مآذن مدينة تبريز الفارسية لأول مرة منذ احتلالها من قبل الصفويين وصلى البطل سليم الأول صلاة الجمعة فيها ودعا له المسلمون بالنصر والتمكين
سليم الأول كان شخصية عجيبة لم يكن يعرف معنى للراحة فركب على ظهر جوادة هذه المرة يريد مطاردة الصفوي وإكمال الفتوح الإسلامية
إلا أن قادة القوات الانكشارية رفضوا التحرك لشدة البرد في تلك المنطقة وانقطاع المؤونة عليهم العجيب أن السلطان سليم الأول طلب المعونة من أراضي السلطة العثمانية إلا انه تفاجئ أن تلك المؤونة لم تصل إلى قوات المسلمين وسنعرف لاحقا السبب الذي منع وصول تلك المؤونة
وبعد أن ظهرت بوادر للتمرد من قبل قادة قوات الانكشارية الذين ظنوا أن هذا السلطان الجديد كملكهم السابق الذي كان ضعيفا اضطر القائد سليم الأول إلى وقف الفتح في بلاد فارس ورجع بجيشه إلى العاصمة اسطنبول وما إن وصل إلى هناك حتى اعدم كل قائد عسكري لم يتسمع لأوامره الحازمة بضرورة القضاء على الصفويين فقضى على المتمردين بدون رحمة ليدرك بقية قادة الجيش أنهم أمام قائد حازم لا ينبغي العبث معه مرة أخرى
وما إن وصلت أنباء نصر جلديران المجيدة إلى أنحاء الأمة الإسلامية حتى انهالت الرسائل القادمة من الشام ومصر تطالب القائد سليم القاطع بتوحيد العالم الإسلامي فتوحدت إمارة ذي القدرية وبنو رمضان مع الخلافة العثمانية و أبقى سليم الأول اغلب الحكام في مناصبهم ثم توجه سليم الأول إلى دولة المماليك الضعيفة التي لم تعد قادرة على حماية المسلمين من الخطر الصليبي القادم خاصة انه علم أنهم قاموا بخيانته أثناء قتاله للصفويين فقد أورد المؤرخ الشيخ مرعي الحنبلي في كتابه نزه الناظرين أن سليم الأول اكتشف أن السلطان المماليك قنصوه الغورى كان يتحالف سرا مع الصفويين وذلك من خلال منع وصول المؤونة لجيش العثمانيين مما تسبب في تمرد قادة الانكشارية كما أسلفنا
فتقدم السلطان سليم الأول للقضاء على الخونة الذين تسببوا بوقف الفتوحات الإسلامية في بلاد فارس فقضى سليم الأول على قنصوه الغورى في معركة مرج دابق
فوحد القاطع سليم بلاد الشام ومصر مع بقية أرجاء الدولة العثمانية الممتدة من أوروبا وحتى تبريز ثم أرسل أشراف الحجاز رسائل الولاء لسلطان سليم الأول لينضم الحجاز إلى كنف الدولة الإسلامية الموحدة وفي نفس الوقت تنازل الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث الذي لم يكن له أي دور في دولة المماليك سوى منصب صوري ليتنازل هذا الخليفة العباسي عن الخلافة لسليم الأول ليتحول السلطان سليم الأول منذ ذلك اليوم الخليفة سليم الأول ويكون أول خليفة عثماني على الإطلاق فاختار الخليفة سليم الأول لقب خادم الحرمين الشريفين ليكون ضمن ألقابه الرسمية وعلى فكرة هذا اللقب أطلقه أيضا بعض مؤرخين على البطل الكردي صلاح الدين الأيوبي ولكن الخليفة سليم الأول هو أول من اختاره رسميا لقبا له
وما إن وحد الخليفة سليم الأول العالم الإسلامي حتى سارع إلى تنفيذ مهمته التي نذر نفسه لها إنقاذ قبر محمد صل الله عليه وسلم إنقاذ قبر رسول الله من التقدم الصليبي البرتغالي
وفعلا بعد توحيده للعالم الإسلامي أرسل أمير المؤمنين سليم الأول سف الخلافة العثمانية المجاهدة إلي البحر الأحمر والمحيط الهندي لمواجه الصليبيين فاستطاعت سفن الإسلام العثمانية الانتصار على سفن الغزاة الصليبيين البرتغاليين حتى وصلت بحرية آل عثمان إلى ارض الصومال المجاهدة فطهرت ميناء مقديشو من الاحتلال الصليبي البرتغالي بمعونة من المجاهدين الصوماليين ليحول سليم الأول الصومال إلى مركز الدفاع الأول المسئول عن تامين قبر رسول البشرية محمد صل الله عليه وسلم وفي نفس الوقت أدرك الخليفة سليم أهمية وجود أسطول إسلامي قوي للدفاع عن الإسلام في وجه التهديدات الجديدة لبحرية الغزاة
فأمر الخليفة القاطع بإنشاء أقوى أسطول بحري تعرفه بحار الدنيا في ذلك الوقت فبدأت موانئ دولة الإسلام بتجهيز ذلك الأسطول القوي وفعلا أصبحت البحرية الإسلامية رقم صعبا في بحار الدنيا
وانتشرت أخبار انتصارات هذا الخليفة القاطع في جميع أنحاء العالم الإسلامي فأرسل شعب الجزائر البطل رسالة عاجلة إلى الخليفة سليم الأول يطالبونه باسم الخطباء والفقهاء والعلماء والتجار والأعيان في الجزائر يطالبونه بالانضمام تحت راية الخلافة الإسلامية العثمانية ويطالبونه بنجدة الجزائر وشمال أفريقيا للوقوف في وجه أساطيل الغزو الصليبي الذي قادهم الأسبان والبرتغاليون وبذلك انضمت الجزائر إلى مشروع الوحدة الإسلامية الكبرى الذي نجح فيه الخليفة سليم الأول بتوحيد قوى الشعوب الإسلامية المختلفة لمواجهة الخطر الصليبي والصفوي
وعلى الفور أعلن الخليفة العثماني السلطان سليم الأول حالة النفير العام في أنحاء الخلافة لإنقاذ الجزائر وفتح الباب أمام المتطوعين لمشاركة مع مجاهدي الجزائر الذين سطروا وقتها أروع صور الصمود أمام الغزو الصليبي
وأرسل الخليفة إلى الجزائر فرقة المدفعية العثمانية الأكثر تطور في العالم بمعية ألفي جندي من جنود النخبة العثمانية قوات الانكشارية وفي ذلك الوقت سطع نجم حوتين مسلمين تناقلت بحرية أوروبا قصص بطولاتهما إنهما الأخوان بربروسا فأمر القاطع الأخوين بربروسا بالدفاع عن الجزائر التي تحولت اسمها فيما بعد إلى جزائر الجهاد ثم كلف الأخوين بربروسا بإنقاذ المسلمين الأوروبيين في الأندلس بعد أن وصلت لخليفة المسلمين سليم الأول رسائل استغاثة المسلمين الأوروبيين من أقبية الكنائس التي كان يعذبون بها
وحملات الإغاثة بدأت بالفعل منذ عهد أبيه بايزيد إلا أن عمليات الإنقاذ الإسلامي ازدادت بشكل كبير في عهد القاطع سليم فاستدعى سليم الأول القائد البحري الأسطوري عروج بربروسا رحمة الله وأعطاه التكليف السليمي لإنقاذ المسلمين الأوربيين في الأندلس في عملية اقل ما يقال عنها أنها عملية مستحيلة
ولكن عروج وخير الدين بربروسا ومن معهم من مجاهدي البحرية العثمانية استطاعوا إنقاذ آلف المسلمين الأوربيين ومن معهم من المستضعفين اليهود الذين كانوا أيضا يعذبون في نفس الكنائس عندما أنقذناهم نحن من الإرهاب الصليبي في سفن إسلامية عثمانية وقد فصلنا عن تلك العملية المستحيلة في الحلقة السادسة من هذا البرنامج لمن أراد أن يرجع لها
الأسرى المسلمون الذين تم تحريرهم من الأندلس قصوى على إخوتهم المسلمين قصص تعذيبهم المرعبة التي كانوا يواجهونها في أقبية الكنائس المظلمة تحت إشراف القساوسة الكاثوليك هذه القصص أغضبت سليم الأول غضبا شديدا خاصة بعد قيام بعض قادة الصليبيين الذين كانوا يعيشون داخل الدولة الإسلامية بالتعاون سرا مع الجيوش الصليبية وذلك لأثارت القلائل داخل ارض الخلافة الإسلامية
فقرر سليم الأول أن يخير المسيحيين الذين كانوا يعيشون في داخل الدولة الإسلامية قرر أن يخيرهم بين الإسلام أو الرحيل من بلاد المسلمين إلى البلدان الصليبية ولكن زمبيلي علي مالي أفندي وهو شيخ الإسلام أي مفتي الدولة العثمانية رفض ذلك الأمر وابلغ الخليفة سليم الأول بان ذلك أمر لا يجوز في الإسلام فالقاعدة في الإسلام هي انه لا إكراه في الدين
فوافق خليفة المسلمين سليم الأول على رأي العالم الجليل وترك المسيحيين ليعيشوا بأمان في دولة الخلافة الإسلامية في الوقت الذي يذبح فيه المسلمون في ارض الصليبيين هذا هو تاريخنا المشرف هذا هو ديننا العظيم
واستمر الخليفة القاطع سليم الأول في توحيد الأمة وقيادة الجيوش المجاهدة بنفسه من معركة إلى معركة حتى لاحظ المقربون منه أن مظاهر التعب والشحوب بدت بادية عليه
فأرسلوا الأطباء إليه ليكتشف الأطباء أن خليفتهم المجاهد قد أصيب بمرض سلطان الجلد نتيجة لتنقله بنفسه على ظهر جوادة من معركة إلى معركة تحت أشعة الشمس الملتهبة منذ أول يوم من أيام توليه السلطنة
وقيل أيضا انه أصيب بمرض نتيجة تنقله المستمر في ساحات الجهاد حيث تنتشر الأمراض و الأوبئة بالإضافة إلى سفره المستمر للجهاد إلى بلدنا ذات مناخان مختلفة ومتناقضة اشد التناقض وتعرضه لما في جوها من أمراض
فنصحوه الأطباء بالراحة إلا أن أمير المؤمنين المجاهد سليم الأول لم يكن يعرف معنى هذه الكلمة الراحة فرفض طلب الأطباء وقرر أن يخرج بنفسه رغم مرضه وتدهور صحته لكي يقود جيش متوجه إلى جزيرة رودس لقتال قراصنة القديس يوحنا الذين كانوا يعيثون الفساد في البحر المتوسط
وقراصنة القديس يوحنا مجموعة من أكثر الطوائف الصليبية الحاقدة على الإسلام اشتركوا في الحروب الصليبية في فلسطين قبل أن يطردهم منها القائد صلاح الدين الأيوبي رحمة الله ولقد فصلنا عن قراصنة القديس يوحنا في الحلقة السابعة
وبالمناسبة بدأت تلك المجموعة الصليبية في الآونة الأخيرة بالعودة إلى فلسطين من جديد هذه المرة تحت مسمى جمعيات خيرية ومستشفيات وقاموا فعلا ببناء مستشفى في القدس وهم يبنون الآن مستشفى للعيون في غزة وينتظر أن يضعوا شعارهم بشكل كبير في قلب غزة وهذه رسالة للمسئولين في غزة هذا الشعار لم يرفع في فلسطين منذ عهد صلاح الدين الأيوبي وانتم مسئولون أمام الله إذا ما تم ظهوره من جديد في غزة لا يغرنكم شعارات الجمعيات الخيرية هذا الشعار له دلالات صليبية عميقة ألا هل بلغت اللهم فاشهد
ورغم مرضه الشديد ركب فارسنا سليم الأول على ظهر جواده واستمر في طريقة للجهاد استعدادا لقتال قراصنة القديس يوحنا ورفض كل الدعوات التي طلبته بالعودة إلى العاصمة والراحة فيها
واستمر هذا الفارس بالسفر على ظهر جوادة تحت أشعة الشمس الملتهبة التي لم يكن يأبه لها في سبيل هدفه الأسمى والأنبل في سبيل إنقاذ قبر محمد صل الله عليه وسلم وإنقاذ الأمة الإسلامية من خطر الصفويين والصليبيين في سبيل توحيد هذه الأمة ولم شملها بعد سنوات طويلة من التفرق والتشرذم في كل تلك المعارك والحملات التي قام بها سبيل هذا الدين
لم يكن القاطع يشعر بلهيب الشمس الحارقة وهو على ظهر جوادة وربما كان يشعر بها ولكن لم يرد أن يعلم احد بما يعانيه من الم وتعب فهو سليم الشخصية العجيبة بالفعل التي تعلمت منها شخصيا الكثير وأنا اعد لهذه الحلقة فوالله مجرد اطلاعي لحجم المصاعب التي واجهته وعدد الأعداء الذين واجههم أصابني بالرعب
ولكنه سليم سليم القاطع الذي نجح في تخطي كل تلك العقبات دون كلل أو ملل ودون أن يشعر احد بالمتاعب و الأوجاع التي كان يشعر بها ربما كان الحمل الذي كان يحمله في قلبه ووجدانه اكبر من أن يتحمله جسده الذي أرهق بكثرة السفر والجهاد
حتى جاء يوم 9من شهر شوال سنة 926ه- 22من سبتمبر سنة 1520م في هذا اليوم حان الوقت لكي ينزل هذا الفارس وأخيرا من على ظهر جوادة حان الوقت لهذا الفارس أن يستريح بعد سنوات طويلة قضاها راكبا على ظهر جوادة ليجاهد في سبيل الله ليلقى ربه وبيده صحيفة مشرفة كلها جاهد في جهاد صحيفة يكفيها أنها مكتوب عليها انه أدى أعظم عملية إنقاذ في تاريخ الإنسانية عملية إنقاذ قبر رسول الله صل الله عليه وسلم
في هذا التاريخ انتقل إلى رحمة الله تعالى أمير المؤمنين الخليفة القاطع سليم الأول نتيجة لمرضه الذي أصابه في ساحات الجهاد
( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) )
– سورة آل عمران من الآية 169 إلى الآية 171
رحم الله أمير المؤمنين سليم الأول
لا تنسوا هذا البطل في صلاتكم من الدعاء يا أخوه
وان كانت الأمة الإسلامية فقدت بطل من أعظم أبطالها اسمه سليم الأول فان هذا البطل أهداها قبل موته بطل أخر رباه على يديه اسمه سليمان القانوني الذي أكمل مسيرة أبية في الجهاد وبناء الحضارة الإسلامية العظيمة فأمر الخليفة الجديد سليمان القانوني ببناء مدرسة وعمارة لإطعام الفقراء صدقة على روح والده على روح أستاذه الأستاذ سليم الأول
وربما لن يصدق الكثيرون أن كل هذه الانجازات التي قام بها سليم الأول من فتوح وانتصارات قام بها في تسع سنوات فقط هي مدة حكمة وربما يتعجب الكثيرون أيضا عند معرفتهم أن هذا الخليفة القاطع كان على الرغم من حزمة وصرامته كان شاعرا مرهف الإحساس
يكتب الشعر ويتقن ثلاث لغات التركية والعربية والفارسية ويروي عنه كبير مؤرخينا في هذا الزمان الأستاذ الدكتور علي الصلابي في كتابة الرائع الدولة العثمانية أن سليم الأول رحمة الله كان عالما فاضلا ذكيا حسن الطبع بعيد الغور صاحب رأي وتدبير وحزم وكان دائم الفكر في أحوال الرعية والمملكة وانه لما كان بمصر كتب على رخام في حائط القصر الذي سكن فيه بخط يده كتب الشاعر سليم الأول هذه الأبيات
الملك لله من يظفر بنيل غنى
يردده قسراً ويضمن عنده الدركا
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة
فوق التراب لكان الأمر مشتركا
ويروى انه نتيجة لحزم وحسن تدبير الخليفة سليم الأول وتنفيذه لأحكام رادعه على كل وزير يثبت عليه الفساد أو عدم قيامه بدوره في إدارة شؤون المسلمين بالشكل الأمثل انتعش الاقتصاد الإسلامي في عهده بشكل كبير حتى امتلأت خزينة الدولة الإسلامية بالأموال بشكل هائل فقام أمير المؤمنين سليم الأول بوضع ختمه السلطاني على تلك الخزنة وقال لمن حوله إذا استطاع شخص من بعدي أن يملئ الخزينة أكثر من ذلك فليقفلها هو بختمه
وفعلا لم يستطع احد من خلفاء سليم الأول فعل ذلك فبقي ختم سليم الأول على تلك الخزينة حتى انهيار دولة الخلافة العثمانية بعد حوالي أربعمائة عام
ولكن هل توقف الصفويون عن خيانتهم للأمة الإسلامية وهل فعلا قام البرتغالي فاسكو دي جاما باكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح لإغراض تجارية كما تعلمنا في مدارسنا أم هناك أهداف صليبية دفينة وراء ذلك الاكتشاف وما هو سر حقد الصفويين القدماء والصفويين الجدد على العرب بالتحديد
و ما هيا حكاية العرب منذ البداية …؟
ولماذا اختار الله خاتم أنبيائه من هذه القومية بالتحديد …؟
ولماذا كانت جزيرة العرب المكان الأمثل لخروج رسالة التوحيد للبشرية بأسرها…؟
للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها تابعوا معنا الحلقة القادمة لنروي حكاية ارض عربية إسلامية عظيمة اسمها عمان لنتابع هناك معا قصة بطل عظيم من أبطال العرب هذا البطل كان القائد الذي أشعل شرارة المقاومة العمانية الباسلة ضد تحالف قوى الظلام والرجعية المكون من الغزاة البرتغاليين الصليبيين والخونة من الفرس الصوفيين
كونوا في الموعد….,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ……
يتبع…,
سأتشرف بمتابعتكم لقناتنا على اليوتيوب لتصلكم حلقات البرنامج أول بأول القناة وصلت بفضل الله ثم بفضلكم إلى تسع ملايين مشاهده الحلقة الأولى من البرنامج تجاوزت لوحدها المليون مشاهده
شكرا لكل من نشر البرنامج…, برنامج العظماء المائة هو برنامجكم جميعا
على قناتنا في اليوتيوب ستجدون أيضا حلقات من البرنامج مترجمة إلى
الانجليزية والفرنسية والألمانية والاسبانية والتركية والاندونيسية والكردية
وجاري الآن العمل على الترجمة الروسية والهولندية والبرتغالية و الأمازيغية لغة البطل طارق ابن زياد
وسأتشرف أكثر بقراءة تعليقاتكم واستقبال صوركم لعرضها في الحلقات القادمة
وذلك من خلال صفحة البرنامج الرسمية والوحيدة على الفيس بوك اسم الصفحة مئة من عظماء امة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
يمكنكم أيضا التواصل معنا على حسابي الشخصي على تويتر وانستقرام ….جهاد الترباني….
وعلى انستقرام أيضا حساب …العظماء المائة….
أما الآن فتابعوا معي التعليقات والصور التالية بصحبة كلمات أمير الشعراء احمد شوقي رحمة الله
كان قد كتبها إلى كمال أتاتورك في بداية حياته قبل أن يكتشف شوقي حقيقة أتاتورك ويهجوه في قصيده أخرى كلمات هذه القصيدة اهديها بالنيابة عن أمير الشعراء احمد شوقي مع بعض التعديلات إلى كل أبطال امة الترك المسلمة وخاصة بطلنا سليم الأول رحمة الله
اللَهُ أَكبَرُ كَم في الفَتحِ مِن عَجَبٍ يا خالِدَ التُركِ جَدِّد خالِدَ العَرَبِ
اللَهُ أَكبَرُ كَم في الفَتحِ مِن عَجَبٍ يا خالِدَ التُركِ جَدِّد خالِدَ العَرَبِ
نصر عَزيزٌ عَلى حَربٍ مُظَفَّرَةٍ فَالسَيفُ في غِمدِهِ وَالحَقُّ في النُصُبِ
يا حُسنَ أُمنِيَّةٍ في العدل ما كَذَبَتْ وَطيبَ أُمنِيَّةٍ في الحكم لَم تَخِبِ
خُطاكَ في الحَقِّ كانَت كُلُّها كَرَمًا وَأَنتَ أَكرَمُ في حَقنِ الدَمِ السَرِبِ
حَذَوتَ حَربَ الصَلاحِيّينَ في زَمَنٍ فيهِ القِتالُ بِلا شَرعٍ وَلا أَدَبِ
سُئِلتَ حكما عَلى عدل فَجُدتَ بِها وَلَو سُئِلتَ بِغَيرِ العدل لَم تُجِبِ
وَلا أَزيدُكَ بِالإِسلامِ مَعرِفَةً كُلُّ المُروءَةِ في الإِسلامِ وَالحَسَبِ
فَقُل لِبانٍ بِقَولٍ رُكنَ مَملَكَةٍ عَلى الكَتائِبِ يُبنى المُلكُ لا الكُتُبِ
لا تَلتَمِس غَلَبًا لِلحَقِّ في أُمَمٍ الحَقُّ عِندَهُمُ مَعنىً مِنَ الغَلَبِ
لا خَيرَ في مِنبَرٍ حَتّى يَكونَ لَهُ عودٌ مِنَ السُمرِ أَو عودٌ مِنَ القُضُبِ
وَما السِلاحُ لِقَومٍ كُلُّ عُدَّتِهِمْ حَتّى يكونوا مِنَ الأَخلاقِ في أُهُبِ
لَو كانَ في النابِ دونَ الخُلقِ مَنبَهَةٌ تَساوَتِ الأُسدُ وَالذُؤبانُ في الرُتَبِ
لَم يُغنِ عَن قادَةِ الأعداء ما حَشَدوا مِنَ السِلاحِ وَما ساقوا مِنَ العُصَبِ
لَمّا انبَرَت نارُها تَبغيهُمُ حَطَبًا كانَت قِيادَتُهُم حَمّالَةَ الحَطَبِ
لِلتُركِ ساعاتُ صَبرٍ يَومَ نَكبَتِهِمْ كُتِبنَ في صُحُفِ الأَخلاقِ بِالذَهَبِ
مَغارِمٌ وَضَحايا ما صَرَخنَ وَلا كُدِّرنَ بِالمَنِّ أَو أُفسِدنَ بِالكَذِبِ
تَلَمَّسَ التُركُ أَسبابًا فَما وَجَدوا كَالدين مِن سُلَّمٍ لِلعِزِّ أَو سَبَبِ
سَفينَةُ اللَهِ لَم تُقهَر عَلى دُسُرٍ في العاصِفاتِ وَلَم تُغلَب عَلى خُشُبِ
قَد أَمَّنَ اللَهُ مَجراها وَأَبدَلَها بِحُسنِ عاقِبَةٍ مِن سوءِ مُنقَلَبِ
وَاختارَ رُبّانَها مِن أَهلِها فَنَجَتْ مِن كَيدِ حامٍ وَمِن تَضليلِ مُنتَدَبِ
وَالصَبرُ فيها وَفي فُرسانِها خُلُقٌ تَوارَثوهُ أَبًا في الرَوعِ بَعدَ أَبِ
الصابِرينَ إِذا حَلَّ البَلاءُ بِهِمْ كَاللَيثِ عَضَّ عَلى نابَيهِ في النُوَبِ
وَالجاعِلينَ سُيوفَ الحق أَلسِنَهُمْ وَالكاتِبينَ بِأَطرافِ القَنا السُلُبُ
لا الصَعبُ عِندَهُمُ بِالصَعبِ مَركَبُهُ وَلا المُحالُ بِمُستَعصٍ عَلى الطَلَبِ
وَلا المَصائِبُ إِذ يَرمي الرِجالُ بِها بِقاتِلاتٍ إِذا الأَخلاقُ لَم تُصَبِ
قُوّادُ مَعرَكَةٍ وُرّادُ مَهلَكَةٍ أَوتادُ مَملَكَةٍ آسادُ مُحتَرَبِ
مِن فَلِّ جَيشٍ وَمِن أَنقاضِ مَملَكَةٍ وَمِن بَقِيَّةِ قَومٍ جِئتَ بِالعَجَبِ
أَخرَجتَ لِلناسِ مِن ذُلٍّ وَمِن فَشَلٍ شَعبًا وَراءَ العَوالي غَيرَ مُنشَعِبِ
تَحِيَّةً أَيُّها الغازي وَتَهنِئَةً بِآيَةِ الفَتحِ تَبقى آيَةُ الحِقَبِ
هَزَّت دِمَشقُ بَني أَيّوبَ فَانتَبِهوا يَهنَئونَ بَني التوحيد في حَلَبِ
مَمالِكٌ ضَمَّها الإِسلامُ في رَحِمٍ وَشيجَةٍ وَحَواها الشَرقُ في نَسَبِ
اللَهُ أَكبَرُ كَم في الفَتحِ مِن عَجَبٍ يا خالِدَ التُركِ جَدِّد خالِدَ العَرَبِ
كلمات الرئيس رجب طيب أردوغان”
نحن من بحّت أصواتهم يا إلهي
فلا تدع المآذن من دون آذان
فنادي بالنحل كي ينتج العسل
ولا تجعلها محرومة من خلاياها يا إلهي..
مآذننا من غير نور الإيمان كسماء بلا نجوم
فلا تحرمنا منها يا إلهي..
ولا تدع بلاداً جبلت على الإسلام
من دون مسلمين يا إلهي..
أعطنا القوة
ولا تدع ساحة الجهاد بلا مجاهدين شجعان يا إلهي..
ولا تدع حشوداً تنتظر بطلها
من دون بطل يا إلهي..
أعطنا اليقين في مواجهة خصومنا
ولا تحرمنا قوتنا يا إلهي…
في طرقات الغد سنين قادمة
لا تجعلها من دون رمضان يا إلهي..
فإما أن تُهلك قطيعا من غير راع
وإلا فلا تدعه من دون راع يا إلهي..
ولا تجعلنا من دون محبة، عطشى، دون هواء
أو دون وطن يا إلهي..
ولا تدع بلاداً جبلت على الإسلام
من دون مسلمين يا إلهي..
آمين
آمين .. إلى ما لا نهاية
فلتجمع القوة ولتقُل آمين ..
الله أكبر، ولينزل الشهداء من السماء ..
آمين
آمين
الله أكبر ..
لمشاهدة حلقة “العظماء المائة 15″.. “سليم الأول” منقذ قبر الرسول وموحد المسلمين:
التدوينة “العظماء المائة 15″.. “سليم الأول” منقذ قبر الرسول وموحد المسلمين ظهرت أولاً على العظماء المائة.
جهاد الترباني's Blog
- جهاد الترباني's profile
- 1696 followers
