“فعندما يتعلق الأمر بالإيمان، غالبًا ما ينقسم الناس إلى مؤمنين وغير مؤمنين. ونحن نرى أن هذا التقسيم سطحي واختزالي للغاية، فهو يُغفِل قسمًا ثالثًا له الغلبة بين الناس، وهم الذين يعدون أنفسهم مؤمنين، ويصرحون بذلك، ولكنهم في الحقيقة بعيدون عن الإيمان. إنهم يؤدون بعض الشعائر الدينية، ويحتفلون بالأعياد، ويتمسكون ببعض "العادات" والرموز الدينية، ولكنهم هم أنفسهم أول مَن يفر جبنًا من ساحة الوغى، ويغشّون في التجارة بلا ورع، ويعيشون على حساب الآخرين دون تأنيب من ضمير، ويغرقون في الملذات وفي معاقرة الخمر، ويحرصون خائفين على أموالهم وحيواتهم ومناصبهم كأنهم سيعيشون ألف عام، ويتزلفون إلى ذوي السلطة تزلف العبيد. والخوف هو الشعور المهيمن على هذا النوع من الناس؛ الخوف على الحياة، والخوف على المال أو المنصب أو المكانة، والخوف على رضا السلطان وأصحاب النفوذ. ومِن بين جميع ألوان الخوف العديدة التي تستبد بهم، لا يغيب عن حياتهم إلا لون واحد هو الخوف من الله.”