(?)
Quotes are added by the Goodreads community and are not verified by Goodreads. (Learn more)
إبراهيم عمر السكران

“في أوائل سورة الذاريات لما ذكر الله أهوال يوم القيامة، توقف السياق القرآني، ثم بدأت الآيات تلوح بذكر فريق حصد السعادة الأبدية، واستطاع الوصول إلى (جنات وعيون) ، ولكن ما السبب الذي أوصلهم إلى تلك السعادة بين مجاهل تلك الأهوال ؟
إنه ( السهر المجهول ) .
تأمل كيف تشرح الآيات سبب وصول ذلك الفريق
إلى الجنات والعيون: ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
اخِذِينَ مَا ءَانَهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا
قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ))
أرأيت، هل استحوذ عليك المشهد ؟ لا عليك، شعور طبيعي جداً، تأمل كيف كان سبب سعادتهم أن نومهم .
بالليل قليل !
إذن أين يذهب بقية ليلهم؟
إنه يذهب بالسهر مع الله جل وعلا، ذلك السهر
المجهول .
ذكر الله، وتضرع وابتهال بين يديه، وتعظيم له سبحانه،
وافتقار أمام غناه المطلق جل وعلا، وركوع وسجود وقنوت، هذا غالب الليل ، أما القليل منه فيذهب للنوم، القليل فقط بنص الآية : (( كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)).
وفي سورة الزمر لما ذكر الله عدداً من الآيات الكونية
عرض هذا السهر الإيماني بصيغة أخرى، لكن فيها من
التشريف ما تتضعضع له النفوس، لقد جعل الله هذا
السهر الإيماني أحد معايير (العلم)!
نعم، قيام الليل أحد معايير العلم بنص القرآن، وهذا
أمر لا تستطيع بتاتا أن تستوعبه العقول المادية والمستغربة، لأنها لم تتزك بعد بشكل تام، ولم تتخلص من رواسب الجاهلية الغربية.
لاحظ كيف دلت خاتمة الآية على التشريف العلمي
لهذا السهر الإيماني، إذ يقول الله تعالى: ((أَمَنْ هُوَ قانت آناء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمَا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ))
فلاحظ في هذه الخاتمة كيف جعل الله عدم القنوت
آناء الليل مؤشراً على جهل صاحبه، وجعل القنوت أناء
الليل مؤشرا على علم القانت.
وقد يقول قائل : لكن كثيراً ممن لا يقنت آناء الليل
نرى بالمقاييس المادية المباشرة أن لديه علماً؟
فالجواب: أن القرآن اعتبر العلم بثمرته لا بآلته فقط،
وثمرة العلم العبودية لله، فمن ضيع الثمرة لم تنفعه الآلة.
ثم لاحظ كيف وصفت الآيات تنوع العبادة :
((سَاجِدًا وَقَائِمًا))
بل وصفت الآية أحاسيس ومشاعر ذلك الساهر،
فهو من جهة قد اعتراه الوجل من يوم الآخرة، ومن جهة أخرى قد دفعه رجاء رحمة الله : ((يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رحمة ربه)) ، تمتزج هذه المشاعر الإيمانية طوال الليل البهيم بينما الناس حوله هاجعون.
هذا الوصف لأحاسيس المتنسك أناء الليل توحي
بالسكينة الداخلية التي يعيشها، والمعالي التي يفكر فيها، ولذة المناجاة التي يتذوقها ...
هل ترى الله تعالى بعظمته وقدسيته سبحانه يصور
هذا المشهد الإيماني الليلي بلا رسالة يريد إيصالها لنا ؟
أليس من الواضح أن الله يريدنا كذلك ؟
يريدنا أن نكون قانتين أناء الليل ساجدين وقائمين
نحذر الآخرة ونرجو رحمة ربنا ..؟
وتذكر أن الله جعل ذلك معياراً من معايير (العلم)، ألا يشوقنا هذا أن نكون في معيار الله من (أهل العلم)؟”

إبراهيم عمر السكران, رقائق القرآن
Read more quotes from إبراهيم عمر السكران


Share this quote:
Share on Twitter

Friends Who Liked This Quote

To see what your friends thought of this quote, please sign up!

0 likes
All Members Who Liked This Quote

None yet!


This Quote Is From

رقائق القرآن رقائق القرآن by إبراهيم عمر السكران
11,406 ratings, average rating, 1,802 reviews

Browse By Tag