“ها أنا أتسكّع منذ ساعات وسط سطور هذا الدفتر السّوداء.. أرسم بخُطى قلمي آثار مسلكي كيْ لا أتوه في ظلام أفكاري الرّهيب.. لا ضوء هنا ولا بصيص نور يهديني.. رجوتُ قلبي كثيرا أن يوقدَ لي شمعة ضئيلة.. شمعة واحدة تكفيني.. لكنّه قال بعد صمت.. لا تطلبي بعد اليوم شيئا من معذّبكِ المسكين.. كيف يوقد شمعةً رفيقُ القمر واللّيل الحزين؟
أشعر بالبرد.. بالعزلة.. بالوحشة.. بالضياع.. أشعر بأني جالسة منذ قرون بٱنتظار شيء أجهل كُنهه.. أشعر بأنّي جالسة على قارعة اليأس وأنوارُ الأمل تنطفئ من حولي مصباحا تلو المصباح.. أشعر بأنّي ملقاة وسط حيّ مظلم مهجور تقطع أزقّته بين الفينة والأخرى عصاباتُ الحيرة والقلق والشكّ الرّذيل..”