إسماعيل راجي الفاروقي > Quotes > Quote > Ahmed liked it

“وبذا نأتي للتشريعات المتعلقة بإشباع الآخرين لاحتياجاتهم الجسدية، أي دور الإنسان المكلف في إشباع الآخرين لاحتياجاتهم المادية. وهنا نجد أنفسنا، مرة أخرى، أمام بيان قرآني كلي، يمتلك على الإنسان كيانه كله. يقول الله تعالى: " أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين، فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، ويمنعون الماعون."
فهذه السورة الكريمة تعلن التسوية بين الدين كله، وبين معاملة مادية لصنف من الغير، تدور حول الجفاء في معاملة اليتيم، والتقاعس عن إطعام المسكين المحتاج. وتختتم هذه السورة القصيرة بإدانة من يزعمون الإسلام، بينما هم يقفون في طريق تقديم العون المادي للمحتاجين، كما لو كان معيار الدين كله، مرة أخرى، مكافيء لسعي المسلم في سد الاحتياجات المادية لغيره من البشر.

وقدم لنا صدر الإسلام نموذجا تطبيقيا مرموقا لهذه الرؤية الإسلامية، يتمثل في إعلان الصدّيق أبي بكر الحرب على القبائل التي توقفت عن دفع الزكاة لبيت مال المسلمين، عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. واللافت للنظر هو مسمى التهمة التي وجهت للمانعين للزكاة. فلقد اتهموا بالرّدة، كما لو كان ما أنكروه هو الدين ذاته. فما فهمه أبو بكر - رضي الله عنه - متأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، أن الدين وإشباع الاحتياجات المادية للآخرين مترادفان.”
إسماعيل راجي الفاروقي, التوحيد: مضامينه على الفكر والحياة

No comments have been added yet.