Status Updates From كلمات الحق القوية

والمرء يستطيع أن يعتبر ( الشيطان ) مسؤولاً عن هذه اللعبة المحزنة ، ولكنه سيبدو أكثر واقعية إذا ترك الشيطان جانباً وقال بهدوء ان الصدام يحدث في الواقع نتيجة عجز الفلسفة السياسية عن ايجاد الحد الفاصل بين ( الحرية ) وبين ( الفوضى ) .

البنادق هي محاريث الفكر السياسي .
والصدام المسلح لابد منه على أي حال مادامت الفلسفة عاجزة عن احتواء أبعاد الفكر الانساني ، تلك الكارثة المزمنة التي تميزت على الدوام بالعنف ووسائل القهر العقلي وادماج المجموعة في فكرة الفرد بطريقة خالية من أبسط مبادىء العدل .

وهذا ليس بمكافاة من أي نوع ، إنه في الواقع أسوأ طريقة للتعذيب ، فالمرء لا يستمتع بالحياة إلا إذا رواها بعرقه يوماً بعد يوم ، أعني رواها بعرقه وليس ببرميل الزيت .

واذا ظل في وسعنا أن نمنح كل مواطن ليبي تذكرة دخول مجانية إلى الجنة ونمنحه بيتاً وعشر عربات ورصيداً في البنك وقارباً شراعياً وأربع زوجات فإننا في نهاية المطاف لن نجعل منه شيئاً سوى وريث عاطل يتسكع بلا هدف على هامش العالم ريثما يموت بالسكتة القلبية .

واذا كان الله لا يخلق شيئاً عبثاً ، فلا بدّ أنه صنع العرق لكي نروي به حقولنا .

وتخبطه امرأته على راسه بإناء القهوة وتقول له انه خنزير قبيح السلوك إلى حد لايطاق وإن عليه أن يتركني وشأني. ثم تقف في شرفة المقهى وتصرخ بأعلى صوتها : انتظري ياسيدتي الشمس دعيه يذهب معك .

عندما تزحف الظلال فوق جدران هلسنكي ويسقط المساء عبر مواشير الثلج أقول لسيدتي الشمس : دعيني أذهب معك أنا لاأريد أن أبقى هنا.
ويضحك يوري يناسكين بياع الحشيش ويسقط لعابه فوق وجهي ويقول بلهجته البذيئة : الشمس ليست عربة أتوبيس أعني ليست عربة لجمع القمامة. ألم تقرأ ذلك في أي كتاب.

إن المشكلة لايمكن حلها إلا من الداخل .
وذلك يبدأ بأن نرفض أولاً البديهية المضحكة القائلة بأن ( الأمية هي العجز عن القراءة ) لأن ذلك يفتح الباب أمام قطيع غير محدود من ( الأميين القارئين) لكي ينصّبوا أنفسهم قادة مجّانيين لمسيرتنا الفكرية ، ولأنه أيضاً تشخيص خاطىء للمرض الذي نعاني منه في بلدنا بالذات ، وجميع البلدان المتخلفة بوجه عام .

الأمية العلمية التي تأخذ بخناق مجتمعنا في ليبيا ليست ذات علاقة حقيقية بنسبة ( العاجزين عن القراءة) ولكنها ذات علاقة مباشرة - ووطيدة للغاية - بنسبة العلم المغلوط في معارفنا الكلية . واذا كان ثمة من يعتقد أن نشر التعليم يستطيع أن يحل المشكلة المعقدة - بغض النظر عن نوع الفكر نفسه - فإنها بكلمة واحدة مغالطة علمية .

المشكلة أن معظم الرجال يعبرون الأرض ورؤوسهم في السماء باحثين بإرهاق عن نجمة بيضاء تجلب لهم الحظ الحسن ..
والتاريخ مثل سجلات. البلدية لايسجل برج الميلاد ولا يهتم بالحظ .
فانظروا إلى أسفل إذا ولدتم مرة أخرى ..

[ التاريخ لايهتم بالحظ

الجوع مرّ أيها السادة ومن يده في الماء لايعرف لدغ النار .. وقد جاءنا موسوليني لأننا لم نذهب إليه .

دعونا نتذكر دائما أن العلم لادليل عليه سوى العلم نفسه .. أما الشهادات وأقلام الحبر والصدور المنتفخة وباقي الأشياء الأخرى فهي مجرد لعبة مملة من لعب عصر الإقطاع .
أيام كان الانسان يتسوّل احترام الآخرين عن طريق سيف من الذهب وسرج فضي فوق ظهر بغلته .
أيام كان الانسان يولد حاملاً سرجاً .

المرأة النصف تحمل ليبيا فوق رأسها ، وتربي الأجيال بيد ، وتعجن الخبز باليد الأخرى . .

صديقي .
هل نمت الآن ؟ وهل غابت الشمس عندكم؟ فإنها ماتزال موقدة هنا مثل شمعة عجوز، وما تزال الغربان تحلم بالنهر والمطر يغتسل بالمطر ومازلت أواصل المشي في اتجاه أنفي مثل قوقعة متعبة مثل أحد الكراكي في اتجاه أنفي دائماً.
ومادامت الأرض مدوّرة فليس ثمة طريق مستقيم .

خسائر طفيفة .. أنا مازلت قادراً على المشي ..
وما زلت أحسن العدو مثل كل قطط إفريقيا ..
واذا كنت أتهالك أحياناً عبر لحظات اليأس المفرغة .. فقد ظللت دائماً أؤمن بالشمس الطالعة في اليوم التالي .. وظللت قادراً على الانتظار ..
والشمس تطلع دائماً ..
حتى هنا - في أقصى الشمال - تطلع الشمس دائماً .. وكل ما أحتاجه أن أنتظر انقشاع السحب الكريهة ..

إنهم ليسوا في حاجة الى الأكل .. ولكنهم في حاجة إلى الاحساس بالكرامة .. في حاجة إلى مدرسة .. إلى كتاب .. الى انسان يشعرهم بالقيمة الى تاجر يعرف معنى الصدقة

كل كلمة .. كل شيء مصاب بالحزن .
والمطر يهطل بلا انقطاع ، والعالم محارة معبأة بالماء ، فأين يذهب الفقير يا سيدي الشيطان ؟
إن الفلسفة لا جدوى فيها .
فالعالم ملك المرابين وحدهم ، وكسرة الخبز يزرعها الفلاح ثم يأكلها سيده مدهونة بالعسل ، ويعده بالذهاب إلى الجنة في نهاية المطاف .

مرة أخرى .. ثلج

ومقهى صغير معتم مصنوع من جذوع البوند في ((آنا فاتن)) بحذاء النهر ، وطفل يلعب بزجلاته فوق النهر نفسه .. لقد اكتمل الشتاء ، وتجمّد المحيط منذ الاسبوع الماضي ، وعبرته العربات بأقصى سرعتها ،. وبالت فوقه الكلاب .