Status Updates From حديث نفس

الحُبُّ: مِفْتاحُ القلبِ الأعظمُ، والقلبُ إذا أَحبَّ رَقَّ، وإذا رَقَّ دبَّتْ فيهِ الحياةُ .. فإذا أحبَبْتَ بذلتَ، وخِفْتَ على محبُوبِكَ، وانشغَلْتَ به، فكانَ في بَذْلِكَ وانشغالِكَ خروجٌ عَن أنانِيَّتِكَ وإنصاتٌ لقلبِ محبوبِكَ.

‫ستُفَكِّرُ فيما يحتاجُ إليهِ، وستشعرُ بحديثِ عينيهِ، ستفهَمُ اللغةَ الصامتةَ التي تتحدثُ بها القلوبُ.

فلا شيءَ عندَ المُحِبِّ الصادقِ أكملُ من بريقِ السعادةِ في عينَيْ محبوبِهِ، ولا شيءَ أثقلُ عليهِ من انطفاءِ عينيهِ بسحائبِ الحزنِ.

ولكن الدنيا حجاب لك عن مراده، فلا تدري على وجه اليقين أكانت مصيبتك ابتلاءً مبتدأً أم عقابًا على ذنبٍ سبق؟ ... ‫نعم، إرادته خفيت في أفعاله، وأفعاله عسرَ على الفهم الوقوف على سر مراده، إلا أنه أظهر لك ما أراده منك في شرعِه، وطوى عنك ما أراده بك في قضائه وقدره، فإن امتثلت بما أراده منك فقد سلمت ما عليك، وإن أدمت التفتيش عما أراده بك فقد انشغلت بما هو له. فتهت في صحراء الوهم وعصفت بك رياح الظن، فسَلِّمْ تَسْلَمْ.

من العطاءِ المواساةُ بالجاهِ والوقتِ والمشاعرِ، فعندما تسعى لإنسانٍ في حاجتِه أو تساعدُه بعلاقاتِك أو تستمعُ له في إنصاتٍ حقيقيٍّ أو تمنحُه بعضَ الاهتمامِ أو التفهُّمِ؛ فإنَّك تُعطِي مِنْ نعمِ اللِه عليك؛ فهو الذي ألْقى المحبةَ والرحمةَ في قلبِك لتستمِعَ لهُ، وهوَ الذي ألقَى المحبَّةَ في قلوبِ الخلقِ ليكونَ لك وجاهةٌ ومنزلةٌ في نفوسِهم.

فَشَتَّانَ بَيْنَ مَنْ يَتَأَلَّمُ لِإِنْسَانٍ؛ لِأَنَّهُ مَرَّ بِهَذَا الْأَلَمِ مِنْ قَبْلُ، وَبَيْنَ مَنْ يَتَأَلَّمُ لِإِنْسَانٍ؛ لِشِدَّةِ إِحْسَاسِهِ بِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَ مَشَاعِرِهِ، وَيُبْصِرُ آلَامَهُ!

يَقُولُونَ: «إِنَّ الشَّفِيقَ بِسُوءِ الظن مُولَعٌ»، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ زَادَتْ مَحَبَّتُهُ زَادَتْ شَفَقَتُهُ، وَمَنْ زَادَتْ شَفَقَتُهُ دَائِمًا يَفْتَرِضُ أَسْوَأَ الاحتمالات، فالتأخير لَعَلَّهُ لِحَادِثٍ وَقَعَ، [..] وَالتَّأَلُّمُ لَعَلَّهُ لمرض شَدِيدٍ! وَكَأَنَّ الحب يَقْتَرِنُ بِخَوْفِ الْفَقْدِ. وَلَكِنَّ خَوْفَ الْفَقْدِ هَذَا يَسْتَتِرُ فِي أَعْمَاقِ النَّفْسِ؛ فَلَا يَظْهَرُ إلا في لحظات تغير العادة.

أجِدُنِي في يومٍ كطفلٍ ينتظرُ هديةً مِن أبيهِ، ينتظرُ تشجيعَ أصحابِه ليَشْعُرَ بفخرٍ عارضٍ، وفي يومٍ أجِدُنِي ذلكَ الخَجُولَ الذِي يخجَلُ مِن أدنَى مديحٍ، يَتَلَعْثَمُ عندَما يشعُرُ بالمودَّةِ الصادقةِ والحبِّ المخلِصِ حتَّى تختلِطَ الكلماتُ، ويتكلَّمَ بالهذيانِ، فتَتُوهَ الكلماتُ، وتتقطَّعَ الجُمَلُ.

فحماسةُ أوَّلِ الشبابِ وتوَقُّدُهَ ليسَتْ أفضلَ مِن رزانةِ منتصفِ العمرِ وتمهُّلِه، وليستْ تلك بالضرورةِ أيضًا أكْملَ مِن الحماسةِ، فلكلِّ زمانٍ طبعُهُ الذي يليقُ بِه، وفضلُه الذي يحسُنُ بهِ.

فلا تَظُنَّنَ أنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بمُصيِبَةٍ فجزعَ قَدْ كُلِّفَ مَا لا يُطَاقُ، بَلْ ما أظهرَتْ المُصيبَةُ إلا قِلَّةَ استعدَادِهِ، وكَثْرَةَ ركُونِهِ لأسبابٍ تَزُولُ، فالامتحَانُ لا يأتي إلَّا بَعْدَ وَقْتِ المُذَاكَرَةِ! ‫

ولَكِنَّ لُطْفَ اللهِ أنْ أبْقَاكَ حَيًّا، وسَاقَ إليكَ كَاشِفًا عَنْ استعدَادِكَ لِلِقَائِهِ أو غَفْلَتِكَ عَنْ نَفْسِكَ.
.........
"ما أظهرَتْ المُصيبَةُ إلا قِلَّةَ استعدَادِهِ"

نَفْسِي صَاحِبَتي في دُنيَاي؛ إنْ أحسَنْتُ صُحبتَهَا وسِياستَهَا، أحسَنَتْ صُحْبَتي في رِحْلَتِي، فبلغنا سويًّا غايةً أرجُوها وأطلُبُهَا.

‫وإنْ جَهِلْتُ بِهَا جَهِلتُ عَليْهَا، فتعَارَكْنَا في الطَّريقِ وأهلَكَتْنَا المُشاكَسةُ، وضاعَتْ أعمَارُنا في النِّزَاعِ والتَّخَاصُمِ، فلَا أدْرَكْنَا السَّيرَ، ولا بلغنا الوجهة.

المُقدِّمَةُ


‫هذا كتابٌ يَسقِيكَ ولا يَروِيكَ، ولَكِنَّ السَّائِرَ في الصَّحراءَ يَقْنَعُ بِبَلِّ الشِّفَاهِ، والظَّمآنُ يَفْرَحُ بِيَسيرِ المياهِ. 


‫ورُبَّ شَرْبةٍ أحيَتْ نفْسًا، ورُبَّ قليلٍ شَوَّق إلى كَثيرٍ، والعاقِلُ مَنْ ابتدأَ بِالكَلِمَةِ ليَقْرَأَ كِتابًا، وبالخيطِ ليَنْسِجَ ثيابًا.

.......

من أحلى المقدمات اللي قرأتها وفيها تشبيه جميل لطلب العلم.

70