Dalia Nourelden’s Reviews > نزيف الحجر > Status Update

رأى عيني الوالد الحزينتين، الطيبتين اللتين لم تفهما لماذا يؤذي الإنسان أخاه الإنسان، ففر إلى الصحراء واختار أن يموت وحيداً في الجبال على أن يعود إليهم .
العينان اللتان اختارتا الحرية القاسية دون أن تعرفا لماذا .

عندما بلغ السابعة وقرر الأب أن يعلمه سورة الفاتحة سأله :
- هل تعرف أين الله ؟
أشار بإصبعه إلى الأعلى، وقال :
- في السماء.
ضحك الوالد حتى استلقي على قفاه، وقال مشيراً إلى صدره :
- الله هنا وليس في السماء.
ثم تمتم كأنه يخاطب نفسه:
- في القلب ، معنا ، فينا .

بدأت اطرافه تفقد الإحساس بالجروح، والدم الساخن الذي سال على أطرافه وجسمه أحس به يبرد ويتجمد على جسده. الألم إذا زاد عن الحد فقد الجسم الإحساس به. الأطراف تموت ، والألم يلتهم الألم. الألم يخفف من الألم.

"هل تظن أن الحيوان لا يفهم لمجرد أنه لا يقدر أن يتكلم مثلك ؟ إنه أذكى منك ومني !"

" يجدر بك أن تهتم بمهريك دائماً. إذا لم تحبه لن يحبك . إذا لم تفهمه لن يفهمك ولن ينقذك في اللحظة الحرجة .الحيوان أكثر وفاء من الإنسان ."

لم يجد لغة مناسبة للاحتجاج . كيف يحتج على ادعاءات البشر من لم يعاشر في حياته البشر ؟

(أجاور الجن ولا أجاور الناس. أعوذ بالله من شر الناس .)
وكثيرا ما سمعه يردد موالاً قال إنه سمعه من أفواه الصوفية في زوايا العوينات :
الصحراء كنز. مكافأة لمن أراد النجاة من استعباد العبد وأذى العباد.
فيها الهناء ، فيها الفناء ، فيها المراد.

القلب دليل من لم يعاشر الناس في فهم الناس.
القلب هو النار التي يهتدي بها البدوي في صحراء الدنيا كما يهتدي التائه في الخلاء بنجم ( ايدي). كل النجوم تتحول وتنتقل وتبدل مكانها وتغيب ، أما هو فيبقى ثابتاً حتى الصباح.