Mounir’s Reviews > محاكمة جلجاميش - في عشر لوحات درامية > Status Update

أعلُ السور، تمشَ عليه
تَفَحّص صنعة آجره
والمس قاعدته
أوليس الحكماء السبعة
من أرسوا أسسه؟
هامش: يٌنسب إلى الحكماء السبعة أنهم وضعوا أسس الحضارة والمدن السومرية الكبرى. وربما يكون لتسميتهم وعددهم تأثير على الوجدان الشعبي في منطقة الشرق الأدنى كلها، بحيث امتد صداه إلى الحكايات التي رُويت عن الحكماء السبعة المشهورين عند الإغريق في القرن السادس ق.م. ( وهم طاليس وصولاون وزملاؤهما الذين اختلفت الروايات حول أسمائهم وأعدادهم)

أنا جلجاميش من بابل
لكن رغم ركام السنوات
ومر المحن عليكم والنكبات
فما زلت أعيش وأتنفس فيكم
ناري تتأجج تحت ثراكم
يمكن أن تحرق حاضركم، مستقبلكم
:والأمر يعود إليكم أنتم
أن أرجع كي أحكم بدويّ الطبل
وأجعل منكم جيش السُخرة والذَُل
أو أزرع زهرة أمل معكم
ونقيم سويا بيت الحرية والعدل

الشيوخ: قلنا يا جلجاميش
ليتك تنظر تحت القدمين
لتجد السر
ليتك تبحث في قلب الشعب
عن السر
ليتك لا تَدَع قطيعك
.في فك الذئب أو النمر
أغلَقَ باب السمع عليه
.وها هو يرجع كي يبكي العمر
آه، لو أخذ بيد أوروك
وداوى الجرح
.لَقلَّمَ أظفار الموت
لو بسط ظلال العدل على أوروك
لَقلََّمَ أظفار الموت
لو عرف بأن القهر
وأن الجوع وأن الذُّل هم الموت

الزوجة: وهل عرفت الآن ما هو الخلود الذي تسعى إليه يا جلجاميش؟ هل وجدتَ الحياة؟
جلجاميش: أهذا هو الخلود؟ أهذه هي الحياة؟ كيف أتحمل أبدية بلا حياة؟
الزوجة: ما دمتَ رفضتَ حياة بلا أبدية
جلجاميش: أبدية بلا حياة، حياة بلا أبدية. ما هذا اللغز؟ إني لا أفهم شيئا
الزوجة: ربما تفهم عندما ترجع إلى أوروك. وربما تجدهما معا
جلجاميش: أجدهما معا؟
الزوجة: نعم، نعم، الحياة والأبدية، عندما ترجع إلى أوروك

إنليل: كان أوتنابشتيم حتى الآن بشرا فانيا، منذ الآن سيصبح مثل الآلهة
الزوجة: أنا أيضا يا مولاي؟
إنليل: ستعيشان بعيدا عن البشر.. وحدكما في جزيرة الحياة
الزوجة: وحدي مع أوتنابشتيم؟
إنليل: في جزيرة الخلود
الزوجة: بعيدا عن البشر؟
إنليل: وعن الأحياء جميعا
!الزوجة: وتسمي هذا خلودا؟
إنليل: هيا يا أوتنابشتيم الخالد، عيشا في جنة ديلمون
.....
أوتنابشتيم: ومنذ ذلك اليوم ونحن ننعم بالخلود
الزوجة: نعم، نعم، ولا نفيق من لعنته

أوتنابشتيم: (غاضبا) قلت اذهب مطرودا من هذا الشاطيء. بل انتظر لترجع من حيث أتيت
أورشنابي: إلى شاطيء بحر الموت؟ قريبا من سيدوري؟ من بستان الآلهة
أوتنابشتيم: قلت انتظر أيها المطرود إلى الأبد
أورشنابي: (فرحا يرقص ويغني لنفسه) مطرودا وإلى الأبد!؟
من هذا السأم الأزلي بأرض الخلد؟
من خدمة أوتنابشتيم الخالد؟
من جنة هذا العدم الراكد؟
شكرا يا أوتنابشتيم الخالد
شكرا وانعم بخلودك وحدك

جلجاميش: .. فمتى يُكتب للفاني أن ينظر في عين الشمس؟ أليس من حقي أن أبحث عن الحياة وأن أجدها إلى الأبد؟ أم أن آخرة المطاف هي الرقاد في التراب؟
شَمَش: الحياة التي تريدها أمامك وحولك يا جلجاميش
جلجاميش: أريد الحياة الخالدة يا إلهي. الحياة التي لا تنتهي إلى تراب لا أصحو منه أبدا
شمش: هذه الحياة التي تسعى إليها لن تجدها. ألم أقل لك ذلك؟

الشيوخ: هل تبغي أن تنتقم من الموت؟
ليس الموت على صورة أسد أو ثور
لن تجد الموت بأي مكان
فهو دفين في نبض القلب وطيات الصدر
في جوف البذرة والثمرة وعروق الجذر
في الكلمة والصمت
...جلجاميش: بالحق نطقتم
أنَّى قلبتُ الطَرف وجدتُ الموت
يربض في فرشي
يسكن عينيَّ
يلازم خطوي أنَّى رحت وأنى جئت
أبغي أن أعرف سر حياتي
معنى العيش ومعنى الموت
في زمنٍ محدودٍ قاسي
ومكان يخنق أنفاسي
بين وجوه تنضح بالسأم القاتل والمقت
آه، إني أخشى الموت

ليبكِ عليك عجائز أوروك الفسيحة، وليبكِ علينا الشعب كله بعد أن نموت، ليبكِ عليك كل الرجال وكل الجبال في الفلاة، لتنُح عليكَ الحقول نواح أمك، وليبك عليك الدب والضبع والنمر والأيل والفهد والأسد والثور الوحشي والغزال والجدي، كل وحوش البرية فلتبك عليك. ليذرف عليك الدموع نهر "أولا" الذي تمشينا على ضفافه، وليبك عليك الفرات المقدس الذي ملأنا القرب من مياهه، ليبكيك رجال أوروك الفسيحة ذات المروج والأسواق. آه يا أخي وحبيبي

جلجاميش: هو الذي رأى
هو الذي انتصر
أصوات: أسد أوروك الجبار
البطل العائد للدار
الملك العادل
والراعي الكامل
حبيبنا الوسيم
أميرنا الحكيم
صوت (هامس من بعيد): هو الذي طغى
هو الذي قهر
جبار ظالم
طاغية آثم
صوت آخر (يعلو عليه): البطل العظيم
والملك الحكيم
الأسد الجبار
عاد إلى الديار
والمجد والفخار
للشعب والمدينة
الصوت الهامس (من بعيد): العار والشنّار
والذل والدمار
لأمنا الحزينة
لأمنا الحزينة