Mounir’s Reviews > كيركجور رائد الوجودية - الجزء الأول : حياته ومؤلفاته > Status Update

إحدى المشكلات التي واجهت هيجل.. زاعما أن مذهبه لن يبدأ من افتراضات سابقة لكنه يبدأ بداية مطلقة موضوعية خالصة هي ما أطلق عليه "الوجود الخالص"... إذا كان هيجل نفسه يعترف بأن الفكر حركة لامتناهية فكيف استطاع هو، فيما يقول كيركجور، أن يوقف هذه الحركة لكي يبدأ مذهبه؟ ليس ثمة شيء اسمه بداية بلا افتراضات سابقة، لأنه حتى إذا لم نفترض شيئا على الإطلاق فإن الفعل الذي أجرد فيه هذه البداية من جميع الافتراضات الأخرى هو نفسه مفترض

"حدث أن اندلعت النيران في أحد المسارح وظهر المهرج ليحذر الناس، فظنوا أنها دعابة وصفقوا له! فأعاد تحذيره لكنهم صاحوا فيه! وأنا بالمثل، أعتقد أن العالم سوف يصل إلى نهايته وسط تصفيق عام من جميع المفكرين الذين يعتقدون أنها مجرد نكتة أو دعابة!"0

القس يُنظَر إليه على أنه الرجل الذي يعرض المسيحية في أعلى صورها. وداخل هذه الحدود يكون الفرد مسيحيا، حتى أنه ليصبح من التجديف أن يحاول المرء أن يكون مسيحيا أفضل من القسيس! كلا! كل من يتخيل أنه أصبح مسيحيا داخل الحدود التي يرسمها القسيس في عظاته بحيث يسير مع الجماهير، ويندمج مع القطيع الذي يحدده القسيس، هو رجل يغش نفسه

لنجد مجتمعا مسيحيا تعيش فيه مجموعة من القساوسة يحلفون أغلظ الأيمان [أي عكس ما طلب المسيح "وأقول لكم لا تحلفوا البتة ..."]. ولمدة 3/4 ساعة فقط لا غير كل يوم أحد يتعلم الناس من هؤلاء القساوسة أن المسيحية هي نبذ العالم والإقلاع عن كل ما هو دنيوي - ثم بقية ساعات يوم الأحد وبقية أيام الأسبوع كلها، يتعلم هؤلاء القساوسة أنفسهم من هؤلاء الناس.. أن المسيحية، وكذلك حياة الإنسان الجادة، هي: الكفاح من أجل الدنيا!0

الإنسان ينبغي عليه أن يعرف نفسه أولا قبل أن يعرف أي شيء آخر، وبعد أن يفهم نفسه من الناحية الداخلية ويرى طريقه على هذا النحو، في هذه اللحظة وحدها سوف تنعم حياته بالسلام وسوف يكون لها معنى، في هذه الحالة وحدها سوف يتمكن من التخلص من تهكم الحياة الذي يتجلى أوضح ما يكون في ميدان الفهم والمعرفة. وسوف تكون البداية الحقيقية للفهم هي الجهل كما ذهب سقراط. تماما مثلما أن البداية الحقيقية للعالم هي أن الله خلق الأشياء من العدم

في جنس الحيوانات، لا يمكن للفرد أبدا أن يكون أعلى من الجنس؛ أما في الجنس البشري فقد خلق الإنسان على صورة الله، ومن ثم فإن الفرد هنا هو باستمرار أعلى من الجنس وأعلى من النوع.

إن الغالبية العظمى من الناس تنحرف عند النقطة التي ينبغي أن تبدأ عندها الحياة العليا بالنسبة لهم، إنهم يتحولون إلى أشخاص عمليين... فإن الغالبية العظمى من الناس لم تجرب قط الحياة الروحية ولم تمر بالمواجهة الكيفية مع الله، إن ما هو إلهي بالنسبة لهم لا معنى له، إنه لا يزيد عن كونه، لغويا، صيغة أفعل التفضيل لما هو بشري..

كيركجور إذن لا يدافع عن الفرد العادي الذي يكون وسط الجموع، لأن هذا الفرد "لاشيء"، لا قيمة له ولا يستحق الدفاع عنه؛ إنه يدافع عن "المستثنى"، عن "رجل المواهب" الخارق للعادة.. وسوف يشكل لنفسه مقولة بالغة الأهمية هي مقولة "الأوحد"
The Unique
التي ستعارض الفلسفة الهيجلية بأسرها [..] وكيركجور يتنبأ بمجيء "الأوحد" كما يتنبأ نيتشه بمجيء الإنسان الأعلى، وهو يعرف أن الأوحد غير موجود كما يعرف نيتشه أن الإنسان الأعلى غير موجود

ثلاث صور من اليأس تقابلها ثلاثة أنماط من البشر
- أدناها لا يشعر فيها المرء بأنه ذات، أنه موجود روحي وليس فقط موجودا ماديا، يفشل في التحقق من أن المرء قادر على التفكير: الافتقار إلى الروح
- يعرف المرء أنه ذات، لكنه لا يريد أن يكون ذاته، فالذات هنا تهرب من نفسها: يأس الضعف
- الثالثة: مستوى أعلى من اليأس، الذات تريد أن تؤكد نفسها وتثبت ذاتها بوصفها ذاتا بشرية..دون أن تعترف بارتباطها واعتمادها المطلق على الله: يأس التحدي

لا يمكن أن يكون دور المتدين المنفذ الخارجي لمجموعة من الأوامر أو الواجبات، إنما لا بد أن تتحول هذه المعتقدات إلى جزء منه.. إن المرء إذا صلى لصنم أو وثن، ومارس الصلاة بكل عاطفته اللامتناهية فإنه بذلك يستطيع أن يقترب من الحقيقة أكثر مما يصلي لله بطريقة موضوعية، أعني بلا عاطفة. ومن هنا يكون "كيف" العلاقةبالغ الأهمية. وصف كيركجور الموضوعية في الدين بأنها "إلحاد وكفر"، فالله ذات وهو لا يوجد إلا في الجوانية ومن أجل الذات