فايز غازي Fayez Ghazi’s Reviews > آخر الرعية > Status Update

لا تنسي أننا أمة تسيّرها العاطفة، نحب بعنف، ونكره بعنف. وفي غياب الاقتراع، بأتي الحاكم عقب انقلاب، فنرى فيه المنقذ الذي جاء ليرمم ما قوّضه سلفه.. فنحبه ثم نجلّه ثم نكبره ثم نؤلهه... فيتصرف في المصائر كما يهوى، وحينما نفيق من ذهول الحلم، نكتشف ان الوعود محض أوهام، وان الترميم لم يبرح نقطة البدء... وإذا نحن نذعن لطاغية جديد، صنعناه بأيدينا، نفخناه بأفواهنا وزودناه بالسيف والنطع اللذين سيتلقيان رقابنا.

فكا دواء المسعور إلا النهش بالأنياب.

فإن قُطع الرأس جفت العروق، وإن دُمر المئل دثر الشرّ، وإن نضب المنبع انقطع المدد وانزاحعن عواتقنا الكابوس، فما الجلادون في النهاية إلا توابع كالكلاب السلوقية المدربة، تكرّ على الطريدة بالإشارة، او هم مصابيح لا تتوقّد إلا بمولّد للطاقة، فإن عدمته انقطع عنها التيّار وآلت الى أشياء خرساء عديمة الجدوى يغلّفها الغبار ودرق الذباب

ثمّة جروح تكاد لا تلتئم حتى يعيد التذكّر وغرها، فإذا هي طريّة نازفة كأنها وليدة اللحظة.

عسكري لا يفقه من أمور العسكر غير القنص، كأن طريقه الى الخلود لا تنبسط الا اذا كانت معمّدة بدماء ضحاياه، ولا يرى في الحرية غير ضرب من الأفكار الغريبة المستوردة، ولا يفهم من الحكم اكثر من طاعة الشعب لأولي الامر، وأولو الامر عنده لا يتعدّون شخصه الكريم.

وفي خطبة الجمعة كان المفتي لا يني يذكّر الناس بأن طاعة السلطان من قواعد الشريعة المطهّرة، وانها فرض واجب على الرعيةة، تؤلف شمل الدين وتنظم امور المؤمنين، بها تقام الحدود وتؤدى الفروض وتُحقن الدماء وتؤمن السبل.. وأن الخارج عنها منقطع العصمة بريء من الذمة... وأن عصيان السلطان يهدم أركان الملًة، فمن غش السلطان ضل وزلّ.... فإذا الإذعان لظلمه، والسكوت عن جرمه، والرضى بعسفه وبطشه في رأيهم تمسّك بحبل الله المتين.

كنا قبله نعيش على هامش الحياة، فلما جاء ألغى الهامش وهفّن الحياة، وفي لحظة رعناء طائشة ألغاها، فإذا البلاد ركام أنقاض لا تنفع معها مرمّة.

وداخلني الحقد على هذا الغرب الذي اغدقنا عليه من خيراتنا ما لا يحصى عددا، وأودعنا في بنوكه قروشنا البيضاء لأيامنا السود، واشترينا منه كل أصناف الخردة التي تنتجها مصانعه، مصانع لو لم تجد في ربوعنا اسواقًا لترويج بضاعته لأفلست وهام أبناؤه جوعًا وذلًا يستجدون في الشوارع لقمة.

أنا لي الصدر او القبر. لن يشير إيّ الناس بقولهم: "هذا حاكم عربانيا السابق!" كلّا! لن يقولوا عني سوى: "هنا ضريح الكبير، سيد عربانيا!" وليذهب الحاقدون وديمقراطيتهم الى جهنم وبئس المصير