Suha Star ☆’s Reviews > يورو > Status Update

أخبرتني كم تمنت طوال تلك السنين التي مرت عليها بعد انتهاء الحرب أن تجد من يحدثها عن السلم، عن حياة من لم يحملوا السلاح يوماً، عن أطفالهم، عن شكل بيوتهم من الداخل، عن مدارسهم ومصانعهم وشكل موائدهم، عن ممارسة الغرام.. عن تلك الأشياء الجميلة التي رأت جنوداً أشداء يبكون كلما تذكروها.

وأنكِ لا تدركين ما معنى أن يحاول المرء جاهداً تذكر ملامح أبيه فلا يستطيع.. يحاول ثانية وثالثة وعاشرة.. يحاول ألف مرة دون جدوى.. يستحث ذاكرته.. يستدعي إليها كل المشاهد التي جمعتهما فيراها بوضوح كأنها تحدث من جديد أمام عينيه لكن وجه أبيه يظل مشوهاً بغير ملامح.. وهكذا إلى أن يستبد به التعب.. فيحيل أباه بداخله إلى عدم كي يستريح ثم بعد أن يصدق كذبته.. تطل عليه من البعيد يد تلوح كاليقين: أنا والدك.. لستُ عدماً.

تخيلتُ نفسي جالساً على كتفي أبي، لم أستطع لحظتها تذكر وجهه، فرأيتني محمولاً على كتفي رجل بلا وجه.

إنها أشباح البرد التي انبعثت بموت من كنا نتدفأ بما يحضره من حطب.

ربما لأن الشك أحياناً يكون شعوراً معدياً كما الإيمان والتصديق.

لا شيء أقسى في هذه الدنيا من فقد عزيز.. لا شيء أكثر إيلاماً من تمني عودته إلى الحياة كل يوم دون جدوى، فتغدو روحك معلقة بين عتمتين.. عتمة قبره وحزنك.