فايز غازي Fayez Ghazi’s Reviews > حكمة الغرب الجزء الأول: عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الإجتماعي والسياسي > Status Update

فلنتأمل مثلًا عمر الكوكب الذي نعيش فيه: ان العهد القديم يحسبه بحوالي خمسة آلاف عام وثلاثة ارباع الألف، ومن يتمسك بحرفية العقيدة فعليه ان يؤمن بذلك. ولكن الجيولوجيين يقدمون لنا أدلة تقنعنا بأن عمر الأرض يزيد عن أربعة آلاف مليون سنة. وهكذا ينبغي تعديل احد هذين الاعتقادين ما لم يكن الباحث المتدين على استعداد لأن يؤمن بأحد الرأيين يوم الأحد وبالرأي الآخر بقية الأسبوع

عندما انكر المفكرون الفرنسسكان هذا الاحتمال ورأوا ان العقل والإيمان لا صلة لأحدهما بالآخر، أصبح المسرح مهيئًا لإضمحلال تدريجي لوجهة نظر العصور الوسطى. ولم تعد للفلسفة وظيفة تمارسها في الميدان اللاهوتي. وهكذا فإن أوكام، بتحريره للإيمان من كل ارتباط ممكن بالبحث العقلي، وضع الفلسفة على الطريق المؤدي ثانية الى العلمانية. ومنذ القرن السادس عشر لم تعد الكنيسة هي المسيطرة في هذا الميدان

هناك قدرًا من التأثير المتبادل بين التراث الاجتماعي والتراث الفلسفي، فالتراث الذي تسوده الخرافة لا ينتج مفكرين متحررين من الخرافة

منذ ان اصبحت المسيحية عقيدة الدولة في عهد قسطنطين، استحوذت الكنيسة على جميع المسائل المتعلقة بالله والعقيدة..ز وظلت سلطة الكنيسة قائمة لا ينازعها من حيث المبدأ شيء، حتى قضت حركة الاصلاح الديني على سيطرتها عندما أكدت ان علاقات الإنسان بالله ذات طابع شخصي، ومنذ ذلك الحين أصبحت الكنائس أدوات في يد الدول القومية الناشئة

بطبيعة الحال فإن من غير المستحب ان يجري المرء مقارنات بين ثقافات مختلفة، ولكن المرء لو شاء ان يلخّص الحضارة الغربية في جملة واحدة.. لأمكن القول انها مبنية على نزوع أخلاقي الى بذل الجهد العقلي، وهو نزوع يوناني في المحل الأول

الغرب يدين للعرب بقدر كبير من معرفته باليونانيي، وهي المعرفة التي نقلها الى اوروبا مفكرون مسلمون، وخاصة عن طريق اسبانيا

عندما كنت شابًا، كان التنجيم مقتصرًا على قلّة من المختلين المهووسيت، أما اليوم فإن هذا المرض قد أصبح له من القوة ما يكفي لإقناع المهيمنين على الصحافة الشعبية بأن يخصصوا أعمدة لما تضمره النجوم

على حين ان ارسطو كان عالمًا موموقًا للأحياء، حتى لو تسامحنا مع بعض الأخطاء التي تبدو غريبة الى حد ما، فإن آراءه في الفيزياء والفلك كانت مضطربة الى حد ميئوس منه، والواقع ان افلاطون الذي جمع بين تراث المدرستين الملطية والفيثاغورية، كان في هذه الناحية أفضل منه بكثير.

بينما كان قلم أفلاطون يتدفق بمحاورات حية نابضة، كان ارسطو ينتج ابحاثًا منهجية

ان تأثير افلاطون في الفلسفة هو على الأرجح أعظم من تأثير اي شخص آخر، فأفلاطون، الذي كان وريثًا لسقراط والفلاسفة السابقين له، وكان مؤسس الأكاديمية ومعلم أرسطو، يحتل موقعًا مركزيًا في الفكر الفلسفي