صورة الإسلاميين على الشاشة Quotes

Rate this book
Clear rating
صورة الإسلاميين على الشاشة صورة الإسلاميين على الشاشة by أحمد سالم المصري
151 ratings, 4.04 average rating, 35 reviews
صورة الإسلاميين على الشاشة Quotes Showing 1-5 of 5
“والإسلاميون الذين يصرون على أن يبقوا إسلاميين ولا ينتقلون للتماهي المطلوب= يختلف منهج التعامل معهم بحسب الموازنات النفعية. وطبيعي جداً ألا تتساوى درجة التعامل والمواجهة مع كل تيار من تيارات الإسلاميين، وطبيعي جداً أن المتغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية سوف تتحكم في درجة ومنهجية التعامل، خاصة مع المرونة الشديدة التي تتيحها السياسة الحديثة وفق أسسها البراجماتية.

فالقوى المهيمنة غربياً، والحكومات المركزية بشبكات علاقاتها= قد تقرب هذا الإسلامي وتباعد ذاك الإسلامي، في خطوات محسوبة بدقة وفق المقتضيات المصلحية لإدارة الصراع؛ فسترى التيارات القتالية وقد تم تقريبها في ثمانينات الأفغان، والتيارات السياسية وقد تم تقريبها في ألفية الأتراك، وعقب ثورة تونس ومصر، والتيارات الدعوية المجتمعية يتم تقريبها في أوقات متفرقة لمنع تمدد التيارات السياسية مجتمعياً، ولمواجهة تيارات العنف فكرياً= إلا أن الجميع بالنسبة لهم يمثل خطراً، سواء كان الإسلامي الذي يمثل خطراً؛ لأنه مسلح وعنيف، أو كان الإسلامي الذي يمثل خطراً؛ لأنه يصارعهم على السلطة بأدواتها، ويزاحم شرعيتهم السياسية، أو كان الإسلامي الذي يمثل خطراً؛ لانشغاله بسؤال المجتمع بصورة تهدد التجانس الثقافي المجتمعي الذي تدير الدولة خيوطه حتى لا يشكل المجتمع وثقافته تهديداً لمصالحها.

. هناك ثابت واحد خلف مظاهر التغير في سياسات التعامل والمواجهة، هذا الثابت الواحد هو: ليس ثمة إسلامي يمكن الرضى عنه إلا حين يكف تماماً عن أن يكون إسلامياً.”
أحمد سالم, صورة الإسلاميين على الشاشة
“الكذب والاختزال هما المفهومان المركزيان اللذان ترتكز عليهما عملية التغطية التزييفية للإسلاميين من أجل الوصول إلى تنميط هذا الإسلامي في صورة تساعد على قيام الجدار العازل بين الإسلاميين وبين المجتمعات والشعوب، وتساعد في الوقت نفسه على تكوين رأي عام يتماهى مع السياسات والإجراءات التي ستستعملها الحكومات في تعاملها مع الإسلاميين.

الحداثة والهيمنة هما المفهومان المركزيان اللذان يقفان خلف عملية التغطية التزييفية للإسلاميين، ووفق هذين المفهومين وما يقتضيانه من مواقف وتوجهات وصياغات= يتم التعامل مع الإسلاميين سياسياً واجتماعياً وإعلامياً، ووفقاً لهما يتم صياغة الصورة بما يخدم مقتضياتهما والتفاعلات المتعلقة بهما.
والإسلامي الذي يستجيب لمقتضيات هذين المفهومين، ويتماهى مع صانعي الصورة في مرتكزاتهم القيمية، ورغباتهم المصلحية ويستوفي القدر اللازم من قابلية التحديث وقابلية الهيمنة= هو وحده المرضي عنه.”
أحمد سالم, صورة الإسلاميين على الشاشة
“ونحن نجد في التضخيم والتركيز على بعض الأحداث والنماذج المشوهة، واخفاء واستبعاد ما عداها= رغبة واضحة في تصوير الأمور كما يراد لها أن تكون لا وفق ما هو كائن بالفعل، وهو ما يكشف بطبيعة الحال، عن المصالح القوية وشبكات العلاقات التي تخدمها هذه الأجهزة الإعلامية.

ووفق نفس الرغبة في التضخيم نجد التنميط المتعمد لصورة الإسلامي واختزاله في صورة بعينها تكاد تكون حاصرة للإسلامي في صورة العدو، وفق ثنائية العدو الفعلي والعدو المحتمل، وهو ما يخدم مصالح صانعي الصورة.
وقريب من فكرة توجيه الإدراك ما يسمى بتكوين الانطباعات الأولية (Priming) من خلال أجهزة الإعلام. فالارتباط الشرطي بين الإسلاميين رغم تنوع تياراتهم، وبين عمليات عنف معينة، والربط بين الإسلاميين وبين إهدار حقوق المرأة، وبين الإسلاميين وبين الانتهازية السياسية، أو الرياء وعدم الإخلاص للقضية، وبين الإسلاميين وبين الشهوانية النسائية، وبين الإسلاميين وبين سوء الأخلاق وخلل التعاملات المالية،كل ذلك يترك مجموعة من الانطباعات عند المُشاهِد، هي التي تُشكِّل بعد ذلك طبيعة تلقيه وتعامله مع هذا التيار.
ومثل ذلك الربط بين الحداثة والطبقات الاجتماعية الراقية، وبين الإسلاميين كظاهرة ريفية تهدد مَدَنية الدولة ومَدِينِيتها يستلهم نفس العلاقة بين دول المركز ودول الأطراف / المدينة والريف، وبالتالي يحصر الإسلاميين في نمط معين ويربطهم ببقعة معينة بجهلها وفقرها ومرضها؛ لتجسد كافة المبررات للتمسك بالنموذج الحداثي ونمط الحياة الغربي والقتال دونه.

ومثل ذلك أيضاً الربط بين رفض الحداثة العلمانية وبين التخلف العمراني والتقني كما في فيلم (المملكة)، وكذلك في فيلم (الإرهابي)، وكذلك في فيلم دم الغزال لوحيد حامد حين تم توظيف مصطلح جمهورية إمبابة والذي أطلق على هذا الحي الشعبي في القاهرة لسطوة الإسلاميين فيه مطلع التسعينات، ؛ ليعطي نموذجاً تمثيلياً عن دولة البلطجة والفقر والهمجية، ودولة قطع الأيادي لا للسرقة وإنما لتخليص حسابات قديمة، وحينها تكون جمهورية إمبابة برعاية الشيخ جابر هي نموذج الدولة الذي يعدك به الإسلاميون عزيزي المشاهد.”
أحمد سالم, صورة الإسلاميين على الشاشة
“وفي مقابل الاختزال الجائر الذي تتعرض له صورة الإسلاميين على الشاشة تجد التنوع الزائف في أعمال نقدية تؤكد على ضرورة التمسك بالنظام، وإعادة اللُحمة إلى الصف الوطني في مقابل عدو مشترك هو أخطر من بعض الانحرافات الفردية والهامشية الناتجة عن مخالفة النظام أيضاً، ويقدر النظام على إصلاحها وتجاوزها. وهذه الأعمال تمثل هامشاً نقدياً وظيفته أن يبتلع النقد الذي من خارج الإطار ويحاصره، كما أنها في الوقت نفسه تظهر جانباً من التنوع يبقى مهماً للحفاظ على التوازن الإعلامي، مع كون هذا النقد أيضاً هو واحد من أسلحة مراكز القوى في صنع القرار الأمريكي؛ مما يؤدي لتوظيف هذا النقد أحياناً لخدمة اتجاه داخل الإدارة الأمريكية في مقابل اتجاهات أخرى.”
أحمد سالم, صورة الإسلاميين على الشاشة
“((هل سمعت من قبل بساحرٍ يُدعى (هَاري هُوديني)؟
عموماً؛ لم يكن هاري مثل سحرة اليوم لا يشغلهم إلا نِسَب المشاهدة فحسب؛ لقد كان محترفاً بمعنى الكلمة. كان بإمكانه أن يُخفي ((فيلاً ضخماً)) على مسرحه أمام الآلاف من المشاهدين؛ هل تدري كيف؟!
توجيه الإدراك: ما تراه العين وتسمعه الأذن= يصدقه العقل)).

لعل تلك الكلمات التي أوردها كاتب السيناريو الأمريكي وأحد المساهمين في شركة (Wetwork Tactical) للسلاح والخدمات الأمنية (سكيب وودز - Skip Woods) على لسان (ج. ترافولتا - جابريال) في فيلمه الشهير والقريب من موضوع بحثنا (Swordfish) والذي تم عرضه قبيل أحداث سبتمبر بشهور = مدخلاً نسعى من خلاله جمع ما تفرق في ثنايا البحث والتأكيد على أهم الأفكار التي وردت فيه.

فمن السهل الميسور أن نتفهم إخفاء ((فيل ضخم)) على خشبة المسرح إذا ما قارناه بقدرة صانعي الرأي العام على إخفاء ((الطيف الإسلامي)) بتاريخه وتنوعاته، واختزالها في نمط وحيد ثم الزيادة في تشويه هذا النمط، وتقديم المقابل له بصورة تخلو حتى من المحافظة الدينية، ويوم يتم اختيار مقابل ديني يتم اختياره متصوفاً منسحباً من أية مسؤولية أو فاعلية اجتماعية.

وما كان للأمر أن يتم لولا الرؤية مجهريةِ العدسة، وانتقائيةِ الزاوية، التي فرضتها أجهزة الإعلام على المشاهد، أو النظر من ثقب الورقة كما سماه ل.كوليشكوف. تلك الرؤية المجهرية التي تُضخم جزءاً من الصورة بقدر ما تعزل أجزاء أخرى. فكما تُبرَز صور ضحايا العمليات الإرهابية والقتلى من النساء والأطفال= تعزل مُبرِّرات العداء والصراع، وسياقه التاريخي الحديث، ودوافع توتره، خاصَّة من ناحية الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن خلال التضخيم والاستبعاد والعزل تتم عملية توجيه الإدراك، ومن هنا نفهم العلاقة بين سحر الشاشة وحيل (هَاري هُوديني) السحرية.
ومن هنا نفهم أيضاً سبب الحرص على الـ (political priming)، أو السيطرة التامة على مصادر تشكيل الانطباعات الأولى من خلال شبكات من المحللين والبرامج، والانفرادات والتسريبات الصحفية المبكرة والملغمة.
مُشاهِد السينما يرى الشارع امتداداً للمشهد الذي يتركه للتو، الإنتاج بواسطة تقنياته يترك الانطباع بأن العالم الخارجي ليس إلا امتداداً لما يُصار إلى اكتشافه في الأفلام، وما تريه السينما للجمهور وتُسمعه لهم هو ما يشكل عقولهم ويوجه تصرفاتهم.

وهكذا نجد أن عزل واستبعاد السياقات التاريخية ودوافع الصراع بل وتشويه وتزييف الحقائق إنما يهدف بشكل أساسي لإعادة إنتاج الواقع؛ ليكون الواقع بالنسبة للمشاهد هو ما يراه على الشاشة، وتكون النتيجة النهائية هي: عزل الإسلاميين مجتمعياً، واستمرار التجانس الثقافي متناسقاً على النحو الذي يخدم الدولة الحديثة وصانعي القرار وحماة المصالح فيها.”
أحمد سالم, صورة الإسلاميين على الشاشة