حكايات بعد النوم Quotes

Rate this book
Clear rating
حكايات بعد النوم حكايات بعد النوم by أحمد الديب
1,102 ratings, 3.47 average rating, 314 reviews
حكايات بعد النوم Quotes Showing 1-24 of 24
“قال الفتى: ولكنني لا أريد ذلك أيضا. في الحقيقة يا والدي أنا لا أريد أن أكون حدادا. سأله الأب بدهشة بالغة: إذاً ماذا تريد أن تكون وقد وُلدت في قرية الحدادين؟! أجابه الفتى: لستُ أعرف الآن. لم أكتشف ذلك بعد. لكنني كلما أغمضتُ عينيَّ رأيتُ شجرة عملاقة لها أزهار بيضاء.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“تهدَّج صوت الإمام وهو يتلو: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر..."
لم يتحمل قلبه العجوز وقع الكلمات. خرجت دمعتان رغما عنه. سكت في خشوع.
سارع الرجل الضخم الواقف في الصف الأول مكملا في ثبات: الذنوب جميعا...”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“كان صديقه الأقرب، فقط لأنه كان موجودا لفترة طويلة. انطفأت صداقتهما مع الوقت، فقط لأن الفترة صارت أطول.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“قالت وردة حمراء كانت قد تفتحت منذ يومين: يا للياسمينة الساذجة! تبتسم في تفاؤل من لا يعرف شيئا عن هذه الدنيا!”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“لا أحب الشاي بالنعناع، وأعرف أن كثيرا ممن يقولون إنهم يحبونه لا يفعلون في الحقيقة. الشاي بالنعناع عندي مثل "فنجان القهوة في الصباح" و"فيروز" و"زياد الرحباني" و"منير" و"محمود درويش" و"جيفارا": هي أشياء قد لا تحبها، لكنك تخجل من نفسك عندما تعرف أن كل المثقفين مرهفي المشاعر يهيمون بها حبا.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“سعة البحر مخيفة أحيانا، وبرودة قاعِه مزعجة دائما، وزرقة أعماقه تبعث الرهبة في أشجع النفوس.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“وحيدا كان في القطار المتجه جنوبا. لم يرَ سواها حين مر قطار الشمال العتيق المزدحم. أغمض جفنيه على صورة وجهها المبتسم.
يقول مَن شهد الحكاية إنه لم يفتحهما حتى توقف القطار.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“رقَّ قلبه عندما رأى جارته العجوز تحمل في كل يد حقيبتين. مضى مسرعا ليحمل عنها اثنتين. رأى ابنتها الشابة قادمة فمدَّ يده ليحمل الحقيبة الثالثة.
ابتسم الشيطان طويلا قبل أن يمضي إلى مكان آخر.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“حتى اليوم، يزعم من يدقق الإنصات أن سنابل القمح الصفراء تتمايل – عندما تداعبها النسمات – هامسةً: أصـ.. ـفر.. أصـ.. ـفر..”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“نظرت الشجرة – كأنما تذكرت شيئا – إلى الأرض، حيث رقدت الوريقات البنية الذابلة التي لم تكن تعرف على وجه اليقين إن كانت من الياسمين الأبيض أم من الورد الأحمر.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“هي تكره البُدناء كما تكره اللون البُني. تفكر الآن في حظها السيء وهي تنظر إلى الخاتم الفضي العريض الذي طوَّق إصبعه المكتنز منذ لحظات.
تنتظر – في صمت كالعادة – انتهاء الليلة الصاخبة وهي تتأمل تجاعيد فستان خطوبتها البني الذي تم الاتفاق عليه.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“عيون الأطفال لا تضحك تحت الأسقف.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“منذ متى – يا ترى – ترقد حبات الرمال ها هنا؟ وهل كانت دوما على هذا الشكل؟ وهل ستصير كذلك إلى الأبد؟ لماذا لا تتقدم الرمال في العمر مثلنا؟ وهل ستظل هذه الحبات هنا إلى أن أصير عجوزا كالرجل في الحكاية؟”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“كان عقرب الساعات هو الأكبر، ربما لذلك كان يعتقد أنه أكثر العقارب حكمة.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“لم يكن سُكّان الغابة يتهامسون عن جنون السنجاب قبل ذلك اليوم الذي رأى فيه الفراشة لأول مرة.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“في الحقيقة لم ينجح أحد قط في الوصول إلى الجنوب. نحن أيضا لن نصل إلى الجنوب أبدا. أفضل ما يمكننا عمله الآن هو الاستمرار في الاتجاه جنوبا.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“إلى الله. الأول والآخر.
وإلى أول من رأى هذه الحكايات، حتى قبل الكتابة.
وإلى آخر من يراها، حتى بعد الرحيل.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“بعد أيام كانت الشجرة في مكانها تنظر إلى البدر الذي اكتمل تماما. لم تنتظر الشجرة أبدا أن يكلمها. طالما بدا منهمكا في توزيع فضته على الموجودات. اعتقدت أنه مشغول حتى أنه لن يهتم كثيرا عندما يأتي اليوم الذي لن يراها فيه في مكانها المعتاد.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“تقترب اللحظة. بحزم أشد – هذه المرة – يردد: ثلاثة. إثنان. واحد. صفر.
لم يطل الصمت قبل أن يغمغم: سالب واحد. سالب إثنين. سالب ثلا...”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“إذا أردتَ أن ترى لمحة من مستقبل مدينتي هذه، فاذهب إلى أقرب محطة للترام. سيارة الأجرة تخبرك بالثقافة الشعبية، والحافلة تخبرك بمستوى الرضا عن الحياة. القطار يخبرك بأخلاق الناس، والميكروباص يخبرك بوقاحة بكل تفاصيل الواقع. لكن المستقبل لا يخبرك به إلا الترام العجوز.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“إنها ليست قصصاً. إنها شذرات من أحلام.
تدور على حافة واقع من أثير يتشكل ليصبح رمزاً أو أمثولة أو وخزة تدخل القلب دون أن تدميه.
ومن خلال تلك الأمثولات البالغة القصر يبدو أحمد الديب مثل بحار عجوز يغوص في بحر بلا قرار.
يبحث عن حكمة ضائعة، يسعى خلف سراب، يجمع أصدافاً فارغة، ولكن موهبته في القص تجعله يعود وجرابه مليء بحكايات هذا الكتاب.”
محمد المنسي قنديل, حكايات بعد النوم
“طاغور السكندري
من أي بهاء تولد أغنياته؟

حين رأيته أول مرة أثار ارتباكي. فهو بالنسبة لي عملاق أسمر، يوحي بما يرتبط بالعماليق من عنفوان ومداهمة، ثم إنه صيدلي بالدراسة، مما يوحي أيضا بحدة العقل العلمي وحوافه القاطعة، لكنني ما إن جالسته حتى أحسست برفيف فراشة يَدُفُّ في المكان، وألق ملون يشع قريبا مني، ولم يكن هناك في المكان وبالقرب مني سوى هذا الصيدلي الشاب الأسمر العملاق، القادم من الإسكندرية العذبة، أحمد الديب، الذي تتناقض كنيته أيضا مع حقيقته الإنسانية والروحية والثقافية، مخلوق أبعد ما يكون عن بطش الافتراس، وإن كان شجاعا ونقيا في صدقه، وهو إلى كل ذلك بالغ الرقة، وكيان ثقافي مفعم بالجمال ومشع به، فهل لكل ذلك علاقة بكتابته؟

قطعا لذلك كله علاقة بكتابته، طبقا لقناعة أومن بها هي أن "حياة الكاتب هي أفضل تعليق على كتابته، وكتابته هي أفضل تعليق على حياته."، وما حياتنا إلا نتاج تكويننا الماثل في الأعماق، والمُتجلي في تفاعلاتنا مع العالم من حولنا، حياتنا، هذه هي حياتنا. ومخلوق مثل أحمد الديب من المنطقي جدا أن يتجلى بكتابة قوية ورقيقة وجميلة وصادقة حتما، بل استثنائية، فاجأتني بعد أن تعرفت عليها تباعا نَصا من بعد نَص، على مدى شهور طوال، ثم كانت المفاجأة وأنا أعيد قراءتها دفعة واحدة، فقد راحت تعبر بذاتها وبي إلى الامتحان الأهم لأي كتابة، وهي قدرتها على تجديد إدهاش قارئها كلما جدد قراءتها، وقد اندهشت، وأرجح أنني سأظل أندهش كلما عاودت قراءة هذه النصوص. فأي سر فيها؟

هذا السؤال أزعجني كثيرا وأنا أعيد قراءة هذه النصوص البديعة لأكتب كلمتين عنها، بل وعطلني طويلا عن هذه الكتابة، فكلما عاودت القراءة أجدني عازفا عن أن أخط كلمة، لسبب وضح لي مع الوقت، هو أنك عندما تصادف الجمال تحب أن تعيشه وتمتزج به، لا أن تحلل مكوناته لتصل إلى سر تركيبه، وهذه نصوص فائقة الجمال كلما عاودت قراءتها تغمرني النشوة، وأخرج من زحام وضوضاء العالم الفظ الذي يُثقلنا، خاصة في الفترة الأخيرة، وأحلق وأدور نشوان في فلك عالم من البهاء والنقاء والرحمة، وهو عالم حقيقي تماما لا اختلاق رومانسي فيه، بل تعقب واقعي لعاشق متسام يكافئه إخلاصه برؤية الحقائق البهية الخافية عن مبتذل العيون، فيما هو يقتفي أثر ما يشغفه من الكون والكائنات. فأي سحر في هذه الكتابة؟

سؤال ما كنت أود أن أتحمل وزره، في رحلة قراءة تحملني إلى الذهاب بعيدا وعميقا في الإحساس بالعالم لا مجرد فهمه، وأظن أن الإحساس ينطوي على حدس هو أعلى من كل فهم، ومع ذلك، ومطاوعة أليمة للسائر من أمور المقدمات، دون استسلام كثير لتراثها، سأحاول الإجابة على السؤال دون أن أضيع حقي في الانتشاء بهذه النصوص كلما عاودت قراءتها، وهي مغرية بمعاودة القراءة، لماذا هي مغرية بمعاودة القراءة؟ وجدتني أوجه لنفسي السؤال فلا أسعى للإجابة عنه، بل أذهب بخاطري إلى نصوص أخرى أحب معاودة قراءتها كلما ضاق بي هذا العالم مزدحم الصخب والخشونة والقسوة، وتوالت الأسماء والأصداء والكتب، وإذ بي أتوقف عند طاغور، وبالتحديد أغنياته، فأعاود قراءتها، وإذ بوميض السحر في أغنيات طاغور يضيء لي كُنه السحر في نصوص أحمد الديب القصصية، التي هي أيضا أغنيات، ليست كأي أغنيات.

يقول طاغور في أغنية محورية من أغنياته:

"سماء ملأى بالنجوم والشمس
وهذي الأرض تنبض بالحياة
وبين كل هذا، أنا أيضا لقيت مكاني
من هذا البهاء تولد أغنيتي"

ظل هذا المقطع "من هذا البهاء تولد أغنيتي" يتردد في أغنية طاغور وتترجع أصداؤه في نفسي، فأُلامس عَبْرَه كُنه السحر في نصوص أحمد الديب القصصية، التي لا تقل أبدا في رقيها وتحليقها وعبقها عن أغنيات طاغور، وتوازي بدقة النثر ونصوعه علو السبك الشعري عند شاعر الهند الكبير، ثم يأتي المشترك الأعظم بين طاغور الهندي، وطاغورنا السكندري، والذي أحدس أن فيه سر السحر. إنه إدراك روح الكون والكائنات.

من هذا الانجذاب بالروح إلى روح الكون والكائنات يولد سحر أغنيات طاغور الهندي، وسحر نصوص أحمد الديب، فأحمد الجميل يقدم لنا كل ما يكتب عنه شفيفا فنرى وميض روحه، للون عنده روح، وللفراشة، ولنجمة البحر، ومروق القطار، وابن الحداد، واللافتات، والحجر، وللخطوات، ولليل والفجر، ولكل ما كتب عنه طاغورنا السكندري روح. وأرجح أنه من هذا المدى وصل إلى سر السحر الذي يعيد به تقديم مفردات الوجود المادي لنا. فنكتشف أننا أحياء نحلق في مدارات أفلاك حية، فنحب الحياة، ونحِنُّ إلى الحياة.

مرحبا بأحمد الديب، طاغور السكندري، قيثارة إبداع جميل، تحلق مع شدوها أرواحنا، فنستعيد بعضا مما يسرقه هذا العالم من أرواحنا. ونصير أفضل وأكثر استعدادا للأجمل.

محمد المخزنجي
القاهرة في 12/12/2012”
محمد المخزنجي, حكايات بعد النوم
“وكانت الأعوام تمضي وزهور الأشجار الأخرى تولد وتموت وتُبعث من جديد، وأغصان (ساكورا) لا تحمل غير القليل من الأوراق والكثير من الخوف. وكان السؤال الصامت يتمكَّن من قلبها يوماً بعد يوم: "متى يُزهر الكرز؟”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم
“وزهور الكرز -مثل الجبال- تُولد مرة واحدة وتعيش طويلًا جدا، لكنها -غير الجبال- لا تعيش في المكان الذي وُلدت فيه إلا قليلا.”
أحمد الديب, حكايات بعد النوم