محمد السباعي's Blog: يكتب

أصابها الاصفرار كالأوراق اليابسة... لا أقصد أوراق الشجر بل أوراق الدفاتر المهملة... أصابها الاصفرار الذي يصيب التاريخ... ولا اقصد الاصفرار العشوائي بل المستهدف طويل الأجل... يأكل الأطراف ويمتد بحدود بنية إلى القلب فيأكل الحروف والعلامات حتى يكون الترميم الوحيد هو الدفن بسلام... فلا الماء يروي ولا الطين يهري.

ضي ابتسامة وشبكة صيد ومسبحة... خيط رفيع ما بين أخشاب العود وبتلات القرنفل... عقدة تصنع مشنقتين... لابتسامتها والقمر.

قافية هي لكل البحور، هي صدر وعجز لكل القصائد... هي المبتدأ لكل الأخبار... هي استفهام وتعجب.... هي النفي والإثبات... هي التردد... وهي الثبات... هي الخمر والرقص وأوراد المساء... هي نقطة في نهاية المقال.

سطر آخر لم يتحمل المزيد من الكلمات فانتحر بنقطة في آخره... فقال الشاعر لن يدفن بين أبيات القصيدة... فالنقطة قد كسرت وزنه... أما الناقد فأقسم بأن السطر قد عاش مكسورًا وقد مات كافرًا... سأل الرواي باندهاش.... كافرًا؟؟؟ فأخرج الناقد هويته بوجه عابس... "أنا الناقد المتحدث بلسان اللغة... أمنح وأمنع... السطر قد كفر... " فلعن الجميع رجعية الحداثة في صمت ولم تستخدم النقطة بعدها إلا في الأحاديث غير "الرسمية" فالناقد أعلم

هي قطرة عرقٍ بعد يوم شاق... هي ماء الصنبور الغير صالح للشرب... صالحةٌ فقط للاستحمام... هي الوسادة التي تسد أذن وعين وأنف ونصف فم... هي نصف قمر ونصف ليل ونصف حلم وسجن كبير... وحرية... هي قلم ومحبرة وصفحة بيضاء... هي ممحاة خشنة... تمزق الصفحات... تمحي كل شيء إلا آثارها... هي ذاك الخدر... وآلام الإفاقة... هي النبيذ وقيء الخمر... هي تنورة رقص وشاهد قبر... هي قهوة العزاء... وقهوة الصباح... وقهوة المقابلات الرسمية... هي رباط العنق وأزرار الأكمام... وساعة اليد... هي الدقات... هي العقرب والثعبان... هي اللدغة القاتلة... هي الموت... وهي كل الحياة.
---------------
هي...