عمر أبو الخير's Blog

May 24, 2014

رفوف تتجمل بكتب البِت (bit)

في مقال لماريو فارغاس يوسا تحت عنوان لماذا نقرأ الأدب، يستنكر فكرة أن تُغني الشاشات عن الإحتياج للورق والقلم وبالتالي الكتب.

دعنا نمتطي ألة زمن افتراضية ونعود بضع الاف السنين مخلفين ورائنا الحاضر، نعود حيث أول قطعة من الورق باي شكل من اشكاله -بردي جلد مهما كانت- تحتضن أول أداة كتابة، لا يُخال لي أنه بمجرد ما تمت هذا العملية بنجاح، تم الإنتقال من عصر النقش علي الجدران إلي عصر الورق، بل كان هناك إحتياج لسهول الحصول علي خامات الكتابة، وأن تشوع الفكرة بين البشر حتى يتم الأنتقال الكامل من النقش علي الحجر إلى الأرشفة الورقية.

ومما دفع الإنسان للتوجه إلى الورق مخلفاً وراء ظهره الحجر، سلاسة الكتابة وسهولة الحفظ والنقل، فبني أدم يسعوا للعملية منذ قديم الأزل.

وكما اعرض الأجداد عن النقش علي الأحجار ارى أنه ليس من المستحيل علي إنسان هذا القرن أن يقطع العلاقة الحميمة بين الورقة والقلم من أجل المزيد من السلاسة والراحة مستعيناً بالشاشة، حين يستطيع العصر الرقمي احتواء وتذليل جميع العوائق أمامه، فيتم الإنتقال الكامل لعصر الشاشات.

وبوادر رقمنة الكتابة لتتحول من الورق إلى الشاشات قد بدأت منذ امد، بل تكاد تكون انجح المجالات التي تم رقمنتها، وتتوغل الرقمنة بداخلها يوماً بعد يوم.

فالرسائل الإلكترونية والنصية القصيرة هي محور اساسي من محاور يومنا هذة الأيام، لا يكاد يمر يوم حتي يتبادل سكان المعمورة مليارات منهم، وماذا تكون هذة الرسائل سوى رقمنة لعملية البريد المعتادة في القرون السابقة!

ناهيك عن شيوع الكتب الإلكترونية مؤخراً في العالم اجمع، والطفرة التكنولوجيا في عالم قارئ الكتب الإلكتروني، وانخفاض سعر الكتاب الإلكتروني عن نظيره الورقي بنسبة تقارب ال 30%، والتوفير في زماننا هذا من أكثر ما يشغل بال الإنسان.

حتى المكتبات في أيامنا هذة تتجه نحو الرقمنة هي الآخرى، ففي مكاتب الدول الأوربية تجد اجهزة قراءة الكتب الألكتروني تجتح رفوف المكتبة، وكل جهاز يحمل بجعبته ألاف الكتب، وجميع الأجهزة قابل للأستعارة، دون مقابل!

حتى أن مكتبة جامعتى المتواضعة يُبذل معظم مجهودها لتوفير قاعدة بيانات تشمل جميع الكتب التى قد يحتاج إليها الطالب، فبعد أن كانت توفر المناهج العلمية بالإطالية والبعض بالإنجليزية ايضاً، اصبحت قاعدتها البيانية الإلكترونية بالتعاون مع العديد من الجامعات علي مستوى العالم توفر تلك المناهج وبالعديد من اللغات، والتي استطيع تحمليها متى احتاجته إليها وفي اي مكان، حتى أيام العطلات.

بل ولم تتوقف عملية الرقمنة عند مجال الكتابة، فهى تسعى لتجتاح كل المجالات، علي سبيل المثال وليس الحصر التسوق، اصبح التسوق الإلكتروني هو منافس للتسوق المعتاد، فمواقع كأمازون وإيباي انتشرت سريعاً وسيطرت علي قطاع كبير من التجارة العالمية، ومتاجر السوبر ماركت الافتراضية والتي نجحت في دول عديدة دون افتتاح فرع واحد لتمثيلها في الاسواق.

ورقمنة قطاع كقطاع التسوق دليل علي نجاح رقمنة الورق والقلم واستخدماتها، فأرشفت البيانات وتبادلها بهذا اليسر لم يكن ليحدث دون الإنتقال من الأرشيف الورقي لنظيره الإلكتروني.

يعبر الأديب في مقاله معترضاً علي فكرة رقمنة الأدب قائلاً " لاأستطيع قبول فكرة أن تحقق القراءة غير الوظيفية، التي لانبحث بها عن معلومة أو تواصل سريع، توفر نفس تلك الأحلام ومتعة قراءة الكلمات مع نفس الإحساس بالحميمية، ومع نفس التركيز العقلي والعزلة الروحية التي يمنحها الكتاب"

رغم أن قارئ الكتاب الورقي وقارئ الإلكتروني يطلعوا علي نفس المحتوى، قد يكون الأختلاف الوحيد بين الأول والثاني هو ملمس الورق، رائحته وحفيفه، فإلى متى يستطيعوا تأجيل التنازل عن الورقة والقلم وعنهم في مقابل المزيد من الراحة؟

دعنا نعترف ايضاً أن حتى المشاعر والأحاسيس التي يستنكر أديبنا العريق وصولها عبر العالم الرقمي، قد اصابها شئ من الرقمنة هي الأخرى، فبعد أن باتت السعادة من كلمة "مع قبلاتي" علي أوراق رسالة بريدية رهن الماضى، اصبحت نفس الكلمة أو الكثير غيرها تسبر اغوارنا عبر الشاشات، القبلات في حالاتها الثلاث هدفها الأساسي بث البهجة في قلوبنا، مما لا شك في أنها تزداد جملاً وسحراً حينما تلتقي شفتي المقبل بجلودنا، ولكن لا هذا لا ينفي أن القبلة البريدية أو الرقمية تجعلنا نبتسم من اعماقنا.

وقد نجحت الوجوه الصفراء الفاقعة في التحكم ولو بجزء يسير من مشاعرنا، فرغم كونها رقمية في تحمل شئ من المعني الذي يتغللنا؛ فأحدهم يبث القلق في قلبك، وأخر يطلق العنان للهيام حباً، وغيره كفيل أن يقتل ارهاق يوم عمل شاق بهجتاً، إلى اخره إلى اخره، مع اعترافي أن مواجهة هذا الوجوه في الحقيقة قد تجعل ما يباغت المرء من احساس اعمق، ولكن الهدف الأساسي منها قد عوض غياب الحضور الواقعي.

كذلك الكتب، الورقة والقلمة الفائدة والهدف الأسمى منها يصل للمتلقي إلكترونية كانت أو ملموسة، فهل سيترك الإنسان الساعي خلف الراحة، راحته من أجل أن يستشعر بضع صفحات؟

اظن أن الإنسان الذي ضحى بـ ¾ المحاصيل الزراعية في قرن ونصف القرن من اجل زراعة المحصيل الأسهل زراعةً وحصداً*، رغم أن الطعام احب إليه من الورق، لن يبالي بهذة الفروق الطفيفة بين الورقة والشاشة، فعلي اي حال الهدف السامي مع كلاهما يحصد، والأيام كفيلة أن تنسينا الفروق الطفيفة بينهم، وتقتل معرفتنا بها -الفروق- ذات يوم.


لينك مقال الأديب الرائع

goo.gl/pi1PSO
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 24, 2014 10:58

December 5, 2013

مجرد سؤال #1

وإحنا أطفال كانت حياتنا مليانة أبطال وهمين،
وكل الأبطال فيها كانوا مثالين، من أول الأب
الي كنا كل ما نكلم حد ونقوله حاجة نستشهد
بكلامه، وشايفين إنه هو الصح وكل الناس غلط،
لحد أبطال الكارتون الي مكناش نعرف غيرهم طول اليوم.


واظن من الصعب ننكر أن نظرتنا للأب واحنا صغيرين
وأنه دايماً المُنتصر قاهر الشر وحامي الحمي،
وسهولة هزم الشر في الكارتون كل حلقة..
وحتي لو هزيمته اتأخرت الحلقة دي،
بنبقي واثقين جداً أنها كدا كدا جاية،
كانت من الحاجات ساعدتنا ناخد فكرة أن الحياة سهلة جداً.



يعني البنت هتبقي دكتورة، ولو عايزنها في البيت تعمل الغدا،
شايفة انها تقدر... لإنها عملت الفرخة البلاستك الي في لعبتها قبل كدا،
اما الولد مش محتاج يتعلم السواقة
هو اصلاً بيعرف وساق العربية بتاعة الملاهي قبل كدا،
اما شغلانته هتبقي حاجة من الاتنين يا مهندس
عشان يبني القصر الي هيعيشوا في مستقبلاً،
أو ظابط شرطة عشان يبقي شبه الأبطال الي في الكارتون ويقهر الشر،
واظن الحاجات دي كانت بتيجي في دماغ أطفال كتير منا،
من كتر ما احنا شايفين الحياة سهلة.



واحدة واحدة نكبر، وفجأة تحطنا الأيام في مواجهة الأب
نبتدي نعرف أن الحياة الي إحنا كنا فاكرنها دي وهم،
تستمر الصراعات في الزيادة والسبب كل حاجة إحنا مش حابنها
الحياة تجبرنا عليها وكل حاجة عايزنها الحياة تحجبها عنا،
وطبعاً بيتحول الأب من الوحيد الي بيفهم،
لـ هو بيفكر ازاي؟ هو ليه مش عايز يفهمنا؟



الكارتون واحدة واحدة يتنسي، يتبدل بكُرة في الشارع،
أو روچ مونيكير ومراية وممكن نقول اغاني محمد فؤاد،
وقمة احلمنا اننا نقدر نقتنص الأذن من الأب علي المُراد فعله،
وبيكون دا -الأذن- أكبر سبب في أن الحياة تفقد بريقها،
ونعرف إنها زاي ما فيها الربيع فيها الخريف.


تمر الأيام والهندسة تتشال من قائمة الأحلام
عشان مفيش أمل نجيب مجموع مش هنكدب علي نفسنا،
وغالباً الكلام دا بيفضل بين الإنسان ونفسه،
اما الطب مش لازم... اصل ايه الي هيدخلني طب سبع سنين؟
هي البنت في المستقبل ليها ايه غير بيتها وجوزها
–حتي لو مش مقتنعة بالكلام دا-،
والشرطة مش محتاج اقول أن مش دايماً بيبقي في وسطة.

اما بقي رخصة العربية في يا طلعت
يا علي وشك انها تطلع عشان حاملها يبقي سواق العيلة الرسمي،
وشغل المطبخ والبيت بصفة عامة بيبقي علي قفا من يشيل...
بس مين عنده النفس!



بانتهاء المرحلة دي تبدأ المواجهة الحقيقة للحياة،
ويمكن في الفترة دي ومن صُعبتها كتير منا حس أن الحياة خريف بس...
يعني حتي الربيع بيروح.

ولما تكترت في عيونا مشاهد الخريف،
بقايا الاحلام الي كانت موجودة بتنتحر،
يعني اظن معظمنا يعرف حد كان نفسه جداً يبقي أب،
وفجأة قرر أن ﻷ هو مش عايز!
ولما يتسئل ليه يا ابني،
إجابته تكاد تكون الإجابة الوحيدة المقنعة في الزمن دا...
اصل الحياة قرفانا خلقة لسه هنجيب إنسان تاني يعاني فيها؟
وغيرها امثال تانية كتير –عن بقايا الأحلام المُنتحرة-.


الخريف مهمته مبتنتهيش بغيومه الي بتحجب عنا الاحلام بس،
لا وكمان بيبعت رياح تاخد مننا المسكنات -باختلاف انوعها- الي بتصبرنا في الأيام.

يعني افتكر مرة من كذا سنة
جت فترة مات فيها أخه والدي وكام صديق له،
في مدة وجيزة جداً يمكن اقل من شهرين،
كان والدي اكتئب شوية وسمعته بيقول لأخويا الكبير
انا خلاص كبرت وقربت اموت،
بس فاكر برضه أن ساعتها والدي
كان فوق الخمسين وشعره أبيض وعنده أمراض السن،
واظن الصديق كاكتر مُسكن للروح،
أيامنا دي أكتر حاجة بتروح بين الرياح الخريفية.
وبنبقي في نفس الحالة بظبط من غير شيبة الشعر، لكن بشيبة روح.

هنا بقي نفسي اسأل سؤال،
هو احنا عيونا بتحتاج وقت كتير علي ما تكتسب القدرة علي رؤية الغيوم
فمبنشوفهاش وإحنا أطفال؟

ولا اصلاً العالم المثالي الي إحنا رسمنا أطفالاً أو اتعرفنا علي في طفولتنا بس هو غير موجود من اساسه؟
5 likes ·   •  2 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 05, 2013 10:52